كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
هزت تانيا رأسها وابتسمت بارتياح,قائلة:
-مرة اخرى.
هل جعله عدم وضوح رغبتها فى تناول الغداء معه يشك بوجود حافز اسمه باتريك؟لا,لا يمكن ذلك.سيضع اللوم على ترددها فى مقابلته على انفراد.
اراد جزء منها ان يؤكد له عكس ذلك,وان يشرح له بالتفصيل اسباب اللقاء مع باتريك.ولكن صوتا باردا ظل يقول لها ان ذلك ليس من شأنه,وانها ليست مضطرة للافصاح عن حقيقة نواياها.
حجبت الغيوم السوداء شمس اليوم التالي,وكان الرعد يهدر مهددا متوعدا.هطل المطر بغزارة ثم عاد الى وضعه السابق,خفيفا ومتقطعا.لم تكن ثمة خلفية مناسبة اكثر من ذلك اللقاء السري مع باتريك.الجو حزين وهى حزينة اكثر.كانت ترتجف فى سيارتها ارتباكا وضيقا.لم تفعل شيئا مماثلا من قبل.
وعلى الرغم من حسن نواياها ونبل اهدافها,فقد شعرت بانها ارتكبت خطأ جسيما.
حاولت جاهدة تناسي مشاعر الخجل المتزايدة, التي كانت تشعل احمرارا غير طبيعي فى وجنتيها.
وضعت المظلة بشكل قريب جدا من رأسها,كي تخفي وجهها وهي متوجهة بسرعة الى المطعم.ولم تشع بشئ من الامان الا عندما اصبحت فى داخله.
منتديات ليلاس
كان الوقت آنذاك تمام الثانية عشرة ظهرا.تنفست بعمق وهي تقترب من النادلة لتسألها عن باتريك.
-هل انت بمفردك يا سيدتي؟
-لا,سأكون مع السيد باتريك راينز.هل تعلمين اذا كان قد وصل ام لا؟
-السيد راينز,نعم,طبعا.تفضلي معي,يا سيدتي.
فهمت تانيا,وهي تتبع الشابة المهذبة نحو نهاية الغرفة الطويلة الضيقة,سبب اختيار باتريك لهذا المطعم بالذات.
انه ممتاز لمن يريد الانفراد بأحد بعيدا عن عيون الفضوليين وسماجتهم.وكانت المقصورة التى اختارها باتريك لا تسمح لأحد على الاطلاق بأن يراهما.وقف بتأدب,فيما كانت تجلس الى الجانب الاخر من الطاولة
وقال متمتما:
-لم اكن اظن انك ستأتين.
لم تتمكن تانيا من النظر الى عينيه اللتين كانتا تلتهبان شغفا وهياما.فتحت فمها لتشرح له سبب حضورها,الا ان النادلة عادت لتسأل بتهذيب جم عما اذا كان بحاجة الى اى شئ.
احست بأن القهوة قد تساعد اعصابها المتوترة على الهدوء قليلا,فطلبت فنجانا كبيرا.كرر باتريك الطلب ذاته وصرف النادلة قائلا انه سيستدعيها لاحقا لطلب الطعام.
ثم وضع يده بهدوء على يد تانيا للتخفيف من توتر اعصابها,الا انها سحبتها بسرعة ووضعتها على ركبتها المرتجفة.
لم يتحدث اى منهما الا بعد ان احضرت النادلة فنجاني القهوة وانصرفت.
اعتذر باتريك قائلا:
-آسف لانك تشعرين بمثل هذا الانقباض والانزعاج,يا تانيا.اتمنى لو كانت ثمة طريقة اخرى تمكننا من اللقاء بارتياح.
هزت كتفيها بعصبية وقالت:
-لايهم كثيرا اين وكيف نلتقي هذه المرة.لم احضر الى هنا الا لاقول لك ان هذا هو اللقاء الاول والاخيربيننا.
لم يصدق ما سمعته اذناه
فسألها بذهول:
-ماذا تقولين؟
-آسفة يا باتريك.ولكنني لن اتمكن ابدا بعد الان من مقابلتك على هذا النحو.
-لماذا؟لماذا يا تانيا؟
-حاولت ان اكتب لك رسالة اشرح فيها اسبابي ودوافعي,ولكني كنت اجد كلماتها كل مرة باردة وجافة وغير شخصية.ولذا قررت مقابلتك اليوم كي اشرح لك... انني اتفقت وجايك على محاولة القيام بجهد لانجاح زواجنا.
ظهر الغضب جليا فى وجهه وعينيه وقال لها
وهو يحاول بصعوبة بالغة السيطرة على اعصابه:
-ماذا؟انت اخبرتني بنفسك ان زواجك من لاسيتر كان فاشلا وشكليا,ولم يتم الا من اجل الصبي.فلماذا هذا الاهتمام المفاجئ بعد سبع سنوات من الانفصال لجعل ذلك الزواج حقيقة ثابتة؟
صححت معلوماته بحدة,مع انها تفادت الرد على سخريته الحادة واللاذعة,قائلة:
-اننا لم نبدأ فجأة بمحاولة انجاح زواجنا.على اى حال,فمن المحتمل جدا الا تصل بنا هذه المحاولات ابدا الى اى نتيجة ايجابية.
-اذا كنت تشعرين بالتشاؤم الى هذه الدرجة,فلماذا ازعجت نفسك بقبول اقتراحه؟
قالت تانيا انها بدأت فعلا تحب جايك,ولكنها لم تتمكن من اخفاء ذلك طويلا.وعندما سيكتشف انها تحبه,ستنهار تلك المشاعر الضئيلة من المحبة والثقة التى ستتمكن من الفوز بها خلال الاشهر القليلة.
كيف ستتمكن من الاحتفاظ به الا بواسطة جون؟وهل ستكون قادرة على ذلك وهي تعلم بمدى الاشمئزازالذى سيشعر به جايك تجاهها؟
تنهدت وقالت لباتريك:
-وافقت لان جايك اوحى لي صراحة باننا اذا اكتشفنا بعد فترة تجريبية لا تزيد على بضعة اشهر ان زواجنا لا يمكن ان ينجح,فالطلاق سيكون البديل البديهي.
خفت تفسيرها من حدة غضبه الى درجة ملحوظة,وسألها:
-الم يرد اي ذكر للطلاق فى فترة سابقة؟
-لا,بسبب جون.اعتقد ان جايك اكتشف بنفسه منذ عودته الى البيت انني لم اتحدث عنه بسوء الى الصبي,او انني حاولت استعداء جون على ابيه.واتصور ان جايك لن يشعر بعد الان ان الطلاق سيعني فقده محبة ابنه وثقته.
منتديات ليلاس
احزنت هذه الفكرة قلب تانيا كثيرا,ولكنها مضت الى القول:
-يشتهر آل لاسيتر بتعقلهم الشديد بالروابط العائلية.ومن المؤكد ان جايك لم يكن ليفكر سابقا بالطلاق مني,ما لم اكن انا راغبة او راضية للتخلي عن جون.
ابتسم باتريك باعتذار وقال:
-آسف جدا لانني كنت قبل قليل غاضبا الى تلك الدرجة. يمكنني الان ان افهم بسهولة سبب موافقتك على اقتراحه. ولكن...ماذا بشأني انا؟
كانت تعلم ان هذا السؤال لابد من ان يطرح فى نهاية الامر.وشعرت تانيا انه سيكون من غير المجدي اطلاقا, بالنسبة لباتريك,ان تطالبه بالانتظار.
تطلعت اليه بطريقة تشعره بمدى تصميمها وثبات قرارها,وقالت:
-يجب الا اراك بعد الان.يا باتريك.
-هل تعتقدين حقا ان جايك سيمتنع عن مقابلة شيلا؟
|