كاتب الموضوع :
سفيرة الاحزان
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
1- فكرة ذابلة
استرخت الخالة سو في جلستها على الاريكة المصنوعه من شعر الخيل . ونظرت الى ابنة اختها قائلة :
- انا لا اوافق على هذه الزيارة الى استيل انها تجعلك تشعرين بعدم الاستقرار . هل ستذهبين حقا الثلاثاء المقبل ؟
اجابت آلين وهي تبتسم :
- بالطبع سأذهب بعد الا نتهاء من عملي . ولذا لن اكون معكم على العشاء .
ثم اضافت :
- ان استيل شقيقتي برغم اننا مختلفتان . الا انني لا احب ان افقد الصلة بها .
استغرقت آلين في التفكير , وقد ظلل الاسف عينيها الجميلتين الزرقاوين المائلتين للون الرمادي .
كانت فيما مضى هي وشقيقتها متقاربتين اشد التقارب وكم استمتعتا باللعب والسخرية من اصدقائهما لأنهما تؤآمان !
قالت الخالة سو :
- انكما متشابهتان تماما في الشكل , ولكنكما مختلفتان تمام في الامزجة والطباع وهذا يبدو غير معقول . ان استيل امرأة لعيون !
لم ترد آلين على ذلك واضافت العجوز :
- اعم انك لاتحبين ان استعمل هذا التعبير . ولكنه ليس كافيا لوصفها .
- لقد تغيرت الأمور منذ كنت صغيرة ياخالتي . اصبح من الطبيعي ان يكون للواحدة اصدقاء .
- بالجملة ؟
- نعم بالجملة .
كانت آلين تقوم برتق احد جواربها . وتنهدت وهي تقول :
- لو كان لي صديق لأرسل لي ملابس جديدة , ولما اضطررت لأن اقوم بهذا العمل اني اكره رتق الجوارب .
ظهر الاضطراب على خالتها فجأة :
- هذه ليست اول مرة اسمعك تتكلمين بهذه الطريقة . ارجو الا تكوني جادة فيما تقولين .
هزت السيدة العجوز رأسها واستطردت تقول قبل ان تستطيع آلين اجابتها :
- لا . لا استطيع ان اتصورك مع صديق ان اخلاقك اعلى من ذلك .
- نعم , ولكنها اصبحت موضه قديمة .
منتدى ليلاس
وقطبت آلين وهي تنظر الى الجزء الذي اصلحته ثم تنهدت مرة اخرى :
- هذه الجورب يجب ان تكفيني حتى الاسبوع المقبل . ان جنكس تأخذ كل نقودي .
- كان يجب ان تجدي من يتبناها قبل ان تتعلقي بها الى هذه الدرجة .
- نعم لسوء الحظ ولذلك نحن نحتفظ بها . يا لهؤلا الرجال !
قالت ذلك وهي تخبط بقبضتها الصغيرة على ذراع الآريكة :
- ان كيت قد مات . لذلك لا داعي لأن نبدأ في اتهامه .
- انك طيبة القلب اكثر من اللازم . اية فتاة اخرى ما كانت تسمح لرجل ان يلقي عليها طفلة بهذه الطريقة ؟ من الجائز ان صغر سنك في ذلك الوقت هو السبب كان عمرك 17 عاما فقط .
واستغرقت السيدة العجوز في افكارها ثم استمرت قائلة :
- لقد مرت 5 سنوات على ذلك . كم يمر الوقت بسرعه . 5سنوات .
ولكن الغريب ان صوتها الهادئ , لم يكن ينم عن اي آسف .
لم تقل آلين شيئا ولكن انتابها خوف غريب . قالت الخالة سو لأحدى الجارات انها مستعده تماما لاستقبال الموت .
واجفلت السيدة العجوز من الألم وهي تحرك ظهرها , ولكنها استقرت في جلستها مرة اخرى . ونظرت لآلن نظرة غريبة وسألتها اذا احبت كيت حقا في يوم من الايام . فقالت آلين :
- لا اظن ذلك . كنت اشعر بالاسف من اجله عندما ماتت ربيكا وهي تلد جنكس , ولهذا اخذت الطفلة . وانت تعلمين ان كيت كان يدفع لي لأترك عملي وأعتني بها . وطلب مني ان اتزوجه بعد انقضاء فترة مناسبة من الوقت وقد وافقت من اجل الطفلة كانت لطيفة جدا بمجرد ان حملتها لم استطع تركها . اني احب الاطفال كما تعلمين . ولذلك وعدت ان اتزوج كيت .
وسكتت آلين وهي تتذكر الماضي . كان عمرها 17 عاما فتاة مرهفة القلب عندما صدمتها وفاة اعز صديقة لها والتي تكبرها بعام ونصف فقط .
وكيت حطمه الحزن او على الاقل هكذا بدا , وكانت آلين تحاول مواساته وتوسل اليها والدموع تنهمر من يعينيه ان تعتني بجنكس ووافت آلين .
التي كاد الحزن يقتلع قلبها . بلا تردد ان تتولى العناية بالطفلة . وطلب منها كيت حينذاك ان تترك عملها ووعد ان يعوضها ماديا .
لأنه يكسب كثيرا من المال . قالت آلين وصوتها يقطر بالمرارة :
- لقد اخذت الطفلة وليس الرجل . لم اتوقع ابدا ان يخدعني كيت ويهرب بهذه الطريقة . واقسمت حينذاك انه ان واتتني فرصة لأن اجعل اي رجل يدفع ثمن ما اقترفه كيت في حقي , الا اتردد في ذلك ولكن الفكرة ذبلت مع الزمن .
وطرفت عيناها وارتعش فمها الجميل قليلا . ولم تسمح لنفسها بالشعور بالشفقة على نفسها ولكنها احيانا . رغما عنها , تفكر في الصفقة الخاسرة التي تركها لها كيت . ولم يكتف بأن يخدعها هي . ولكنها خدع زوجته ايضا . لأنه كان على علاقة بأخرى في الوقت الذي كانت زوجته فيه حاملا بجنكس .
قال الخالة سو في غضب :
- تلك الفتاة التي هرب معها حقيرة , كانت تعلم انه ترك جنكس معك .
وحاولت آلين تهدئتها خوفا عليها من اي انفعال قد يؤلمها , ولكن السيدة العجوز استطردت :
- كان يعلم ما يفعله , وتاكد بانه وجد انسانه ساذجة لن تبلغ الشرطة عنه .
- ويعلم انك لن تفعلي ذلك ايضا .
لم تستطع آلين الا ان تذكرها بذلك .
- تكلمت كثيرا عن الذهاب للشرطة عندما علمنا بهربه مع تلك الفتاة . ولم تفعلي شيئا . كنت خائفة مثلي . انه في حالة لو ابلغنا الشرطة سيأخذون جنكس ويضعونها في ملجأ الاطفال اليتامى .
قالت الخالة سو مادفعة عن نفسها :
- حسنا كانت طفلة صغيرة تأسر القلوب . ولكنها لم تكن جميلة .
- كانت جميلة ياخالتي .
- ذها رأيك دائما يا عزيزتي . ولكن ذلك النمش على وجهها وانفها الصغير الأفطس ! اما عيناها فجميلتان . اني اعترف لك بذلك. انهما واسعتان ومائلتان عند الاطراف , آه نعم كانت طفلة جذابة وهادئة .
- لم نكن نشعر ان لدينا طفلة في المنزل .
ردت آلين وهي تلوي قسمات وجهها :
- نعم كان ذلك قبل ان تبدأ بالحركة , ولكننا الآن نشعر بالتاكيد ان هناك طفلة في المنزل .
- لو كنا فقط علمنا بتلك الحادثة التي قتل فيها كيت . كنا قد فعلنا شيئا للحصول على اعانة من الدولة من اجل الطفلة . ولكن لسوء الحظ لم نسمع بموته الا بعد 3 سنوات م حدوثه .
هزت آلين رأسها وقالت :
- لم يكن من الممكن ان نطالب بذلك , وانت تعلمين جيدا اننا نخالف القانون بابقاء جنكس معنا , فنحن لم نتبناها وكان المفروض ان نبلغ الشرطة او السلطات المحلية بمجرد ان ذهب كيت ليس من حقنا ان نصمت كما فعلنا . اما لو كنت تزوجت كيت فكان الوضع سيختلف . اذ اصبح من حقي ان احتفظ بها .
ردت الخالة سو بعنف :
- كان الوضع سيتغير من عدو نواح . كنت ستحصلين على معاش لك كأرملة واعانة للطفلة . اما الآن فأنت تثقلين نفسك في العمل لتستطيعي اعالة الطفلة وتضحين بنفسك . وفي الوقت نفسه لا تستطيعين المطالبة بشيء . هذا ظلم انني افقد صوابي يا آلين .
نظرت آلين للوجه العجوز المتغضن بقلق وقالت :
- هدئي من روعك ياعزيزتي ... لقد اتخذت القرار , ربما كنت اصغر من ان اتخذ مثل هذا القرار , ولكني لم اندم على ذلك . ولن اندم .
منتدى ليلاس
استمرت الخالة سو تقول غير آبهة لمقاطعة آلين لها :
- ان ذهابك لاستيل ومشاهدتك لكل مظاهر الترف التي تعيش فيها , والتي تصينها لي عند عودتك لا يساعدك , ولكنك كنت دائما الصغيرة البلهاء التي تقدم كل التضحيات . ان هذا لا يفيدك واظن انك لا تستطيعين شيئا ازاء ذلك لأن هذه هي خصيتك .
وتوقفت عن الكلام وازداد تقطيبها وهي تنظر الى ابنة اختها التي تركز اهتمامها على الفتق في جوربها . كان رأسها منحنيا وورقعت نظرة الخالة سو على رقبتها الجميلة وشعيراتها الصفراء الذهبية التي تضيء كنقط من النور تحت اشعة الشمس المتدفقه من النافذة .
اما شعرها الكثيف اللامع ذو اللون الاصفر الذهبي فكان يسقط بحنان على وجهها ويخفيه قليلا .
وتنهدت السيدة العجوز واستغرقت في التفكير لقد حضرت اليها آلين وهي في الـ16 من عمرها عند وفاة والدها
وكانت والدتها قد توفيت قبل ذلك بـ5 سنوات اما شقيقتها استيل فانتقلت الى شقة احدى صديقاتها في لندن .
وبرغم انها لم تفقد الاتصال بآلين الا ان الروابط بينهما لم تكن وثيقة . نظرت آلين الى اعلى . كانت نظرة خالتها مفكرة .
وكانت تهز رأسها بشكل يكاد يكون غير ملحوظ .
- ماذا بك ياعزيزتي ؟
نظرت اليها آلين بحب , وقالت قبل ان تستطيع الخالة سو الرد عليها :
- لا يهم , قد استطيع اقتناص ذلك الرجل الغني الذي اتكلم عنه احيانا , ياه ! ألن يكون ذلك رائعا ان يتمتع المرء ببعض الرفاهية !
عاد القنوط الى جبين السيدة العجوز التي قالت لآلين بطريقتها الصريحة ان الفتيات المحرتمات لا يتكلمن عن اقتناص الرجال .
كما نصحها بأن تصرف النظر تماما عن فكرة الحصول على زوج غني ببساطة , لأن الازواج الاغنياء يبحثون دائما عن زوجات غنيات . ثم استمرت تقول بشيء من القلق :
- في كل الاحوال , اية فرصة لديك لمقابلة رجل غني او فقير ؟ انك لا تخرجين ابدا الا في تلك النرات النادرة التي تزورين فيها استيل سيئة السمعة .
- انك تعلمين ياخالتي اني لا استطيع الخروج, اولا لأني سأحتاج لملابس لائقة . وثانيا لأن ليس لدي نقود التي انفقها على الخروج .عندي ما هو أهم لأنفق نقودي عليه .
- جنكس !
- انها تستحقها .
لم تستطع الخالة سو ان ترد برغم غيضها . فإن تعتبير وجهها بدأ يرق وهي تنظر الى صورة صغيرة موضوعه بين الصور في الركن .منتدى ليلاس
قالت آلين .. وهي تبتسم ولكن بلا تفاؤل :
- قد اقابل ذلك الرجل الغني عن طريق استيل .
فردت الخالة سو بحدة :
- ارجو مخلصة الا يحدث ذلك . ان انواع الرجال الذيم تعرفهم استيل لن يتزوجوك . فهم جميعا فاسدون .
هزت آلين كتفيها قائلة :
ان هذا صحيح على ما اظن . لم تكن استيل تسعى الى الزواج لذلك لم يكن يهمها ان الرجال الذين تعرفهم لا يبحثون الا عن المتعة العابرة .
- ان ما تحتاجينه هو رجل لطيف متزن يكون مخلصا لك .
- مخلص ؟
هزت آلين رأسها بحزن وقالت :
- هل يمكن ان يتوقع المرء ان يجد رجلا مخلصا في هذه الايام مع كل الاغراءات التي توجد امامهم في كل وقت ؟
|