كاتب الموضوع :
سفيرة الاحزان
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
3- التلميذة الخجولة !
كان انفعال آلين يزداد كل يوم باقتراب موعد السفر , واخيرا جاء موعد الرحيل وكانت السيارة تقف امام الباب وهي تقبل الخالة سو
مودعة وتشكرها مرة اخرى على موافقتها للعناية بجنكس :
- اشكرك كثيرا جدا على كل النقود التي قدمتها لي , وان كنت لم احب فكرة بيعك للعقد الذهبي ... .
- كلام فارغ . لقد بعته لهدف نبيل . وفي كل حال كنت سأتركه لك متأكده انك لن ترتديه ابدا لأنه موضة قديمة . ولكن تذكري ان ما معك ليس كثيرا . فكوني حريصة في الانفاق , ولكن لا تدخري شيئا منه لتعودي به .
- لا ياخالتي لن افعل . ولكني منفعله جدا لدرجة اني اريد ان اغني بصوت عال !
ابتسمت لها الخالة سو بحب وهي تلاحظ يديها الصغيرتين الجميلتين تتحركان بعصبية وهما تطبقان على حقيبة اليد الجديدة التي اشترتها لها السيدة العجوز .
- مع السلامه اني سعيدة ان جنكس في المدرسة . كانت ستبكي وتطلب المجيء معي . وكنت سأتألم من اجلها . قولي لها اني سأرسل لها بطاقات مصورة وسأحضر لها هدية .
- سأخبرها . ارجو ان تستمتعي برحلتك يا عزيزتي .
كانت الساعه التالية كالحلم . اولا المطار ومنه طارت الى فينسيا حيث كانت شركة السياحة قد نظمت رحلة لمشاهدة معالم المدينة .
وبعدها استقلت آلين والمجموعه باصا نهريا الى الميناء حيث كانت الباخرة كاسيليا الضخمة تلمع في الشمس ,
وكان الصباط يستقبلون الركاب بابتسامة . وقاد آلين الى غرفتها احد مضيفي السفينة حيث وجدت سريرا مريحا ودوشا خاصا وخزانة وطاولة للزينة .
منتدى ليلاس
وكانت الساعه تشير الى السادسة والنصف مساء , وكان لديها الوقت الكافي فقط لتفرغ حقائبها وتستعد للعشاء .
وعندما دخلت غرفة الطعام كان هناك زوجان شابان يجلسان الى مائدتها وقدما نفسيهما باسم جيم ودونا وايلدنغ تذكرت آلين اسمها المؤقت واخبرتهما انها استيل مارسلاند
وتحادثوا للحظات وتنبأت دونا ان الشخص الرابع الى ما ئدتهم سيكون شابا وضحكت قائلة :
- هذا يحدث دائما , لقد تقابلنا انا وجيم بهذه الطريقة بالذات .
وقبل ان تنهي كلامها احضر المضيف شابا اسود الشعر ليشغل المكان الرابع فقالت ضاحكة :
- لقد اخبرتك .
كان اسم الشاب هال , وكان من النوع الودود , وقد اخذ الاربعة يتبادلون الحديث وفي نهاية الوجبة اقترح هذا الشاب ان يستمروا معا طوال الرحلة .
وافق جيم ودونا على الفور ولكن آلين تضايقت لأنها لم تكن تريد ان يبقى هذا الشاب بجانبها طوال الرحلة .
لقد حذرتها خالتها من هثل هذا الاحتمال قائلة لها :
- مرة ذهبت في رحلة بحرية ووجدت نفسي مرتبطة بسيدة كانت تريد ان تبقى معي طوال الرحلة . ولم استطع ان اخبرها ان تبحث عن شخص اخر , وبذلك لم يكن امامي لأن اصادق احدا , حاولي الاختلاط عزيزتي ولا تربطي نفسك بشحص واحد على الاقل ليس قبل ان تنظري حولك وتختاري .
ونظر الـ3 الآخرون بتساؤل الى آلين التي لم تستطع الا ان توافق .
وعلى الفور وجدت نفسها تجلس معهم الى مائدة في النادي الليلي تحت الاضواء الخافته حيث شربوا ورقصوا وشاهدوا العرض .
شعرت آلين بالجو الخانق الممتلئ بالدخان فقالت انها ستصعد الى سطح الباخرة لتتنشق الهواء ,
وبحماس قال هال انه سيصعد معها وعضت آلين على شفتيها .
وغمزت دونا بعينيها وشعرت آلين بالاكتئاب وانها لن تستطيع الافلات من هال الذي اقترب اكثر من اللازم اثناء الرقص .
والذي وضع الآن ذراعه حول خصرها بتملك . تساءلت آلين اذا كان الخجل هو الذي جعلها لا تقبل صحبة هذا الرجل لبقية الرحلة .
انها لا تستطيع ان تقول انها تكرهه فمن الجائز ان يكون الخجل وعدم الخبرة هما السبب في هذا الشعور الذي تحسه .
بعد لحظات قليلة . على المركب قالت آلين انها تريد ان تذهب للنوم , فأحتج هال بينما اتجهت لتنزل السلالم .
لقد شعرت بالضيق منه لأنه قال كلاما سخيفا بينما وقف على سطح المركب . لقد طلب منها ان تجلس معه على كرسي واحد كيف تستطيع ان تتخلص منه ؟
انها لاتستطيع ان تفكر في طريقة بدون ان تكون وقحة معه .
ولكنهم قضوا اليوم التالي يوم السبت , بطريقة لطيفة في اللعب والسباحة في حمام السباحه , وبالطبع في تناول وجبات الطعام الرائعه التي كانت تقدم لهم بواسطة مضيفين مبتسمين .
وفي يوم الاحد استأجروا سيارة اخذتهم في جولة لمشاهدة مدينه أثينا وفي الصباح التالي ذهبوا لـ كيب سونيون واستحموا في البحر وعادوا الى السفينه لتناول غدائهم .
وعبرت آلين عن دهشتها وهي تقف على سور السفينه مع الـ3 الاخرين :
- لم اكن اعلم انهم يأخذون ركابا من الموانئ التي تمر بها السفينه .
كانت السفينه ستغادر ميناء بيريه بعد ساعه عندما صعد اليها بعض الركاب يحملون حقائبهم , اغلبهم من اليونانيين .
قال جيم :
- انهم يأخذون احيانا بعض الركاب الجدد كما ينزل البعض . لقد لاحظت ذلك عندما وصلنا .
لم تسمع آلين ما قاله . كان كل انتباهها مركزا على احد الركاب الذي كان يصعد على سلم الباخرة .
كم هو طويل ! هل هو يوناني ؟ كانت ترى وجهه فقط من جانبه وهو يصعد السلم الطويل برشاقة ماكرة .
كان مظهره ينم عن الكبرياء والاصاله واعتياد السلطة واعطاء الأوامر . وزاد من هذا الانطباع لديها ان الضابطين الواقفين بأعلى السلم
اخذا وضع الانتباه عندما اقترب منهما ثم رفع رأسه وللحظة عابرة قابلت عيناه عيني آلين ثم نظر بعيدا واستمر يصعد السلم ببطء ,
لكن في هذه اللحظة العابرة حدث شيء عجيب لآلين , شعرت كأنها تلقت صدمه جعلت كل حواسها تستيقظ وتنتظر في توقع منتشي
واخذ قلبها يدق بعنف لدرجة انها وضعت يدها عليه لتشعر به ينبض بارتباك .
- اني شديد الأسف .
جاء هذا الاعتذار من صوت ممتلئ رنان وبلكنه تكاد لا تلحظ من الرجل بعد ان اصطدم بها وهي في طريقها الى غرفة الاستقبال لتناول الشاي بعد الظهر .
منتدى ليلاس
وتساءلت آلين اذا كان ذلك قد حدث مصادفه . لقد كان الممر واسعا وليس هناك ما يبرر الاصطدام .
- لا عليك .
نظرت الى وجهه فوجدته اجمل وجه رأته في حياتها . ومع ذلك فهو مرعب ايضا وتبدو ملامحه كأنها قدت من غرانيت ولها نفس قسوة التماثيل اليونانية القدمية المنحوته
والتي تتسم ملامحها بالخشونه والاصرار والتي تنبئ عن انعدام المشاعر والعواطف تماما لدى صاحبها نظرة بقوة في عينيها
فشعرت انه ألمّ بكل صغيرة وكبيرة تخصها , كانت جبهته منخفضة وبها خطوط وكان حاجباه السوداوان منحنيين قليلا كما في التماثيل الرمانية القديمة
وعظام الخدين مرتفعين وبارزين تحت جلده المشدود الغامق . وكان شعره الاسود متموجا بطريقة جذابة وفي نفس اللحظة رفع يده النحيلة ليزيح شعره الذي سقط على جبهته .
- انا آسف لأني لم انتبه الى طريقي , ارجو آلا اكون قد آذيتك .
- بالطبع لا .
قالت آلين وهي تبتسم وتنظر اليه وهي تتذكر الصدمه التي سببها لها من ساعه واحده فقط :
- لا داعي لأن تعتذر , لقد كانت رغما عنك .
وحاولت الا تشعر بالخجل , ولكنها احست ان لونها قد احمر وانها ليست واثقة من نفسها كأستيل مثلا في مثل هذا الموقف .
وحدق الرجل في وجهها فاستغربت للتعبير على وجهه , كان يبدو مندهشا ومتحيرا كما تصورت ولكن ذلك كان للحظة قصيرة ثم قال :
- انك طيبة جدا .
ثم ابتسم لها ابتسامة جذابة جعلت قلبها يدق بشده وسألها :
- هل كنت داخله لتناول الشاي ؟
هزت رأسها بالايجاب وهي في حالة من الانبهار ثم قالت :
- نعم ... نعم .
- اذن من الجائز اننا نستطيع ان نتناوله معا ؟ هل انت بمفردك ؟
هزت رأسها مرة اخرى وقالت انها بمفردها , ولكنها في نفس الوقت شعرت بشيء غريب انه يعرف جيدا انها بمفردها .
دخلا غرفة الاستقبال حيث كانت موسيقى البزق الهادئة تاتي من منصة صغيرة يجلس عليها مو سيقيون 4 .
وقادها الرجل بلمسة رقيقه على ظهرها الى احدى الموائد في ركن منعزل وسحب الكرسي لها . ولم تكن ألين قد نظرت حولها
عند دخولها غرفة الاستقبال ولكنها تعلم ان هال مان ينتظرها برغم انها لم تعده بشيء .
اما جيم ودونا فقد فضلا ان يبقيا على السطح ويستمتعان بالشمس . وقدم الشاي والكعك وتناولت آلين الابريق من على الصينية وهي تشعر بشدة ان هذا اليوناني الطويل الذي يميل للخلف في كرسيه وينظر اليها
من خلال عينين نصف مغمضتين يسحقها . كما شعرت انه متحيز برغم انها لم تستطع ان تفهم سببا لذلك . كما شعرت انه يتخذ مظهر الاسترخاء برفم انه في حقيقة الامر متنبه تماما .
ناولته فنجان الشاي فشكرها ثم قال ببطء وهو ينظر اليها بتركيز :
- اسمي ديوريس ...
تردد قليلا كما لو كان يريد ان يرى اذا كان هناك اي رد فعل لهذا الاسم . ولكنها فقط ابتسمت وانتظرت فسحب نفسا عميقا ثم قال ان اسمه الأول سيمون , ثم سألها :
- ما اسمك ؟
وابتسمت ولكنها شعرت ان هناك شيئا آخر غير المرح وراء هذه الابتسامة . كادت تنسى وتنطق اسمها الحقيقي ولكنها توقفت وقالت :
- استيل مارسلاند .
وبمجرد ان نطقت الاسم شعرت بشعور مفاجئ بالاسف لأنها اضطرت ان تكذب , بشكل ما شعرت انها لاتريد ان تكذب على هذا الرجل .
كما انها كانت تريد ان تكون نفسها في هذه اللحظة آلين وليست استيل ولكنها كانت مضطرة للكذب
لأن اسمها كان في قائمة الركاب وكثير من الركاب يلقي نظرة على هذه القائمة , لقد فعلت ذلك ومن المحتمل ان سيمون فعل ذلك او سيفعله قبل ان تنتهي الرحلة .
- استيل مارسلاند ....
كرر الاسم كما لو كان يفعل ذلك لنفسه بينما استمر ينظر الى ألين بتلك النظرة المركزة , ولكن هذه المرة من فوق حافة فنجان الشاي ,
وبعد لحظة سكون ابتسم ابتسامة غامضة عالقة بشفتيه وبدا كما لو كان بعيدا جدا عنها . وبرغم ذلك كانت عيناه مثبتتين عليها .
منتدى ليلاس
فأرخت رموشها وقد شعرت بشيء من الاضطراب بسبب تلك النظرة المركزة وبعد فترة سألها :
-- لماذا تسافرين بمفردك ؟
هزت كتفيها بعدم اهتمام متكلف :
- اني احب ان اسافر بمفردي .
- هل تفعلين ذلك كثيرا ؟
- هذه اول مرة .
اجابت بصراحه ثم لحظت التناقض في اقوالها :
- ولكنك قلت الان انك تحبين السفر بمفردك .
كان صوته هادئا ولكنها شعرت فيه بنغمة خفية اثارت فيها شعورا بالقلق ثم تلا سؤاله سكون غير مريح :
قالت بارتباك بعد قترة :
- لم يكن هناك احد اصطحبه .
ولدهشتها وحيرتها ارتسم على شفتيه تعبير لا يمكن وصفه الا بالكره وازدراء .
ثم قال بنفس النبرات الهادئة :
- اظن اني افهم ماتقصده .
وبرغم انها حاولت ان تبدو هادئة فقد شعرت بأن الحديث قد بدا يفقد روحه .
كان سيمون يبدو ساخرا وبه شيء من التعالي . كما بدت في عينيه السوداوين نظرة لم تعجبها .
وان لم تستطع ان تفهمها . نظرت بعيدا ثم اخذت قطعة كعك . ويبدو ان سيمون لحظ ضيقها .
ولشدة ارتياحها حاول ان يصلح الأمر فقال بنفس الطريقة الجذابة التي اعتذر بها عندما اصطدم بها :
|