كاتب الموضوع :
tamahome
المنتدى :
الارشيف
الشمس الناعسة تستعد للنوم.....والسماء تلبس شيئا فشيئا ثوبها الداكن.....ساعة ما لا هي ليل ولا نهار....احس ان حياتي كلها مثل ساعة المغيب....هكذا اقول لنفسي وانا اطالع السماء من نافذة الباص الذي يقلني عائدة من عملي إلى منزلي.....الجو حار...وطبقات ملابسي الفضفاضة تجثم على انفاسي.....تجعل الحر ضعفين وجسدي برغم ارتدائي العباءات منذ زمن بعيد لم يعتد على الحرارة قط.....جسدي مثلي دوما متمرد...لا يرضى بشئ مجبر هو عليه....اجد محطتي فاسارع بالهبوط.....تركض بي قدماي وعيناي لا ترى البشر....مجرد وجوه بلا معاني بلا ارواح.....كلهم هواء عندي....عيناي اعتادت على الا تثبت على وجه احد...ولا في عيني احد....وحين اصل الى غرفتي وارد سلاما سريعا على والدتي المقيمة دوما امام التلفاز.....اغلق باب غرفتي واحس اني قد انهيت واجبي الثقيل....تتزاحم في داخلي الأفكار.....اخلع كل ثيابي واسارع باطلاق العنان لشعري بعد حمام بارد....اخلع الألوان الباهتة والملابس الفضفاضة لألبس نفسي الحقيقية....الألوان الحية ما بين الأحمر والأصفر الصريح....البس اخف ما لدي واقصر ما لدي.....اطالع وجهي بالمرآة....احاول ان اقنع نفسي اني جميلة.....اضع كل ما اقدر عليه من مساحيق...واضبط تسريحة شعري.....انظر لنفسي بالمرآة....وقد اصبحت شخصية مختلفة تماما....ثم تأتي اللحظة التي انتظرها كل يوم....اجلس على حاسوبي الخاص....واسارع بفتح ايميلي....وفتح صفحات الأنترنت الخاصة بالمنتديات التي اشارك بها......يبدأ هنا فقط يومي...اخلع قناعي الذي اقابل به الناس....واطلق العنان لشخصي لطبعي لروحي....اكون ما اريد ان اكون عليه بلا ضغوط بلا مبالغات....اكون هناك في ذلك العالم....تلك الفتاة الجميلة الرقيقة المرحة الممتعة دوما في حديثها.....اقرأ كل الرسائل وارد عليها واحدة تلو الأخرى.....اقرأ اخر الأخبار التي تزودني بها صديقاتي الوهميات.....هذة اعترفت بحبها لفلان...هذا ترك فلانة....<<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>> هذا خارج للتو من علاقة طويلة ويحتاج لمواساة....هذا كتب قصيدة في القسم الأدبي حاول جاهدا اخفاء شخص التي كتب لها ولكننا جميعا نعرف انها فلانة.....اقرأ الأخبار واشعر بكل انفاسي تتسارع....اظهر اون لاين للكل.....ويبدأ حديثي مع هذة وتلك وتلك.....تضحك حروفي وملامحي متجهمة....اطلق النكات والممازحات.....اريد ان اظهر لهذة سعيدة وهادئة....لكي لا تفكر اني احترق حسدا لها على خطبتها.....ما اسهل هذا فهي لا ترى ملامحي.....اقرأ رسائل الشباب....هذا يشتاق لي....وهذا يتسآل لما لم احضر...اتذكر اني اعطيته موعد وانا في عملي حتى اجعله ينتظر....تناسيت رسالته لم يكن لي مزاج للحديث مع رجل اليوم.....شئ ما فيّ محتجز في ذكرى حاولت الهرب منها طوال العمل فلم افلح....حاولت الهرب منها هنا فلم افلح....لم يكن يومي للتلاهي...كان يومي لنسيان الدنيا وتذكري له وحده....يحرقني جرح قلبي ويصارعني حبي واحتياج قلبي ليعيش ولو دقائق في ذكريات يوم كان فيه سعيد معه.....وما إن اترك قلبي يستسلم للذكريات....حتى يعتصر صدري.....اشعر بالدنيا ضيقة....احاول الهرب في افاق النت االواسعة...احدث كل من اعرف اسمع اخبار العشق واخبار القلوب....انصح دون ان تطرف عيني....امزح في صالة الشات مع هذة وابكي في صالة الشات مع اخرى.....اسمع القصص واؤلف احداثا ومازالت تلك الذكرى تحرقني.....افتح صندوقي الوارد في منتدايا الرئيسي فأجد رسالة من العضوة (سمراء).....تلك الصغيرة التي لم تكمل عامها الثاني والعشرون والتي تصغرني بثلاثة اعوام....تحب الحديث معي فهي مستجدة في عالم النت...مستجدة في المنتدى....قمت بالترحيب بها في قسم الترحيب فتمسكت بي وسارت خلفي في كل موضوع انزله او ارد عليه حتى بادرتها برسالة فردت عليها وصار هذا اول ما تفعله حين تدخل منتدى (اهل الشاطئ).....كانت تحكي لي عنها وعن حياتها وعن ولعها بالنت هذا الطريق الجديد الذي يلون يومها بالوان لم تكن تعرفها...........
تعبت من مراسلة الفتاة كل يوم على المنتدى.....ولكني احببتها وارتحت لها فمن النادر مقابلة من هم سذج بهذا الشكل على الشبكة العنكوبتية.....(سمراء) صافية القلب مرحة وبريئة تحب غيرها بدون سبب او شرط وتتمنى الخير للجميع....قلت في ذاتي انها لن تكمل شهرا اخر على النت حتى تتغير كليا وتصبح مثلنا.....اصحاب الوجوه السبع....والقلوب العشر.....والأبتسامات الوهمية....ودموع التماسيح..... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>> قررت ان ارسل لها عنوان ايملي مع شرح وافي كيف يمكنها ان تضيفني وتحدثني مباشرة حتى لا تتعبني بالأسئلة فهي مازالت جديدة.....وفعلا في خلال ساعة واحدة كانت قد دخلت وتابعت الارشادات وضافتني...واخيرا حدثت تلك الفتاة.....
قالت لي ان اسمها الحقيقي (ايمان)....اذكر انها علقت على اسمي حين اخبرتها ان اسمي (حبيبة) ولشدة اعجابها بي اخبرتني انه اجمل اسم سمعته.....كانت خجولة في بداية الحديث ومنبهرة بتكنولوجيا الشات والحديث المباشر وتلقي الرد فهي معتادة على الرسائل كما انها وكما ذكرت لي من قبل لم يسبق لها ان استعملت النت....حاولت ان تجاملني وتثني علي وعلى مواضيعي وارائي فتبسمت بيني وبين نفسي.....شئ ما يجعلني احب تلك الفتاة....ربما لأنها ترسمني بين حروفها حين كنت بسنها....ربما لأني كنت بنفس سذاجتها او اكثر....لكن هذا الكهف المسمى بالنت....علمني ان الظلام لا يخفي ورودا وجنانا....بل وحوش وانياب.....تأسفت لحالها فربما يتألم قلبها اكثر مني......كلما حدثتني وراقبت طريقتها وتسرعها وصدقها المتناهي وثقتها الزائدة بي رغم عدم معرفتها لي....كل ما عرفت انها ستقع يوما على قلبها......
منذ ذلك اليوم صرنا نتحدث بشكل يومي....وما هي إلا اسبوع واحد كنت قد عرفت انها ادق تفاصيل حياتها.....واستطعت ان ارسم لها صورة من قبل حتى ان اراها ولم يدهشني انها كانت مطابقة لواقعها.....صرنا نتحدث بكل شئ واي شئ....عرفت انها تخرجت للتو من كلية العلوم.....وعرفت مني اني تخرجت من كلية التجارة باللغة الأنجليزية (تجارة انجلش كما نسميها بالمصري) حدثتني طويلا عن اسرتها عن احلامها عن صديقاتها اقربائها....كنت اتركها تتكلم كثيرا....واراقب فيها تلك العفوية والحب اللا متناهي والفرح والتفاؤل بالحياة.... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>> اتلمس فيها كل شئ فقدته حين انغمست كليا في هذا العالم الموحش.....تأثرت بها واني اعترف......فقد جعلتني اصاب بالحنين.....الحنين الذي حاولت طويلا الهرب منه....وتساءلت لما اختارتني انا كصديقة؟.....ألتشمت بي ضميري؟.....ام لتذكرني بما نسيته من نفسي.....او تناسيته.....لست ادري
فتاتان في عمر الحب.....كان لابد لنا ان نتطرق للحب....حكت لي عن تجارب مراهقتها المضحكة.....ولكني بادرتها بسؤال هز اعمق نقطة داخل روحها....حين قلت لها :
- اخبريني يا ايمان عن العضو (فارس الحب)
تثاقلت اصابعها ثم اهتزت على حروف ليست بحروف الأجابة ثم كتبت بعد دقيقة :
- ماذا به (فارس الحب)؟
- (ايمان)!!.....انتي صديقتي المقربة....اعرف انك تفهمين ما اقصد.....انه يلاحقك.... ويعشق التواجد في مواضيعك والرد على ردودك والتعليق عليها ويزيد من اعجابه بآراءك.....اخبريني هل يراسلك؟
- معك حق......(فارس الحب) انسان رائع جدا في منتهى الذوق...حين دخلت المنتدى اول مرة وقرأت له ورددت على موضوعه قام بدعوتي على كل مواضيعه وقال لي ان رايي اهم راي يحب ان يتطلع عليه.....ومن وقتها صرنا مقربين....
- حبايب؟؟؟
- لا لا.....ليس هكذا.....هههههههههههههههه ماذا تقولين يا (حبيبة).....
- وهل الحب عيب يا (ايمان)؟
- لا ليس عيبا طبعا.....لكن انا....ليس بيني وبينه شئ من هذا هو انسان محترم وطيب القلب.....
- إلم تفكري ابدا انه ربما يكون يفكر بأمور كهذة حين يراسلك؟
- الواقع لن اكذب عليكِ....فلقد قرأت مثل هذة التلميحات في رسائله ولكني كنت اكذب نفسي فربما اتوهم شيئا
<<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>>
- هل هذا يعني انك تريدنه ان يحبك...؟؟....
- (وجه خجول)....انتي تعرفيني يا (حبيبة)...صراحة انا اتمنى ان يكون معجب بي....وسافرح كثيرا ان كان يحس بشئ من هذا نحوي
- لما ستفرحين تحديدا؟
- لأنه.....(وجه خجول)...لأنه.....لأنه يعجبني......انتي ما رايك فيه؟
- انا لا استطيع ابدا ان اقول لك رايي فيه فانا لم اقابله شخصيا....
- ولا انا...ولكن ما رايك فيه كعضو من خلال تعاملك معه ومشاهدتك لمواضيعه وآراءاه
- حبيبتي (ايمان)....يقولون الحب اعمى....انتي معجبة به فلو اخبرتك شئ عنه مختلف عن صورته بداخلك فستتصرفين وكأنك لم تسمعي هذا شئ طبيعي...
- لا لا ارجوكِ....قلي كل شئ انا اثق برايك مئة بالمئة.....قلي لي كل شئ بصراحة.....
- حبيبتي.....انت منبهرة برجل يهتم بك لم تريه ابدا....هذة تجربتك الأولى مع النت...وهو اول الرجال الذين يقابلوكِ فيها.....انصحك بشدة الا تنجرفي معه....ولا تكوني ودودة معه....كوني حذرة جدا....اما عن رايي الشخصي فيه.....فهو شاب مثله مثل الكثيرين جدا جدا على النت....يعشق القلوب المعلقة بطعم الحروف.....يعشق تذوقها واختطاف قطمة منها دون ان ينهيها.....اقرأي بقية صفحات مواضيعه وانظري من يرد عليه...اقرأي الرسائل في ملفه الشخصي....شاهدي اصدقاءه الذين قام باضافتهم.....ستجدين ان جميعهم بلا استثناء من الفتيات وكلهم بسنك او اصغر.....هذة النوعية من الأعضاء معروفة....يحب ان يكون دون جوان المنتدى....
- .................معقول؟
شعرت بصدمتها.....حزنت لأجلها....لكن من الأفضل ان اصدمها انا ببضع كلمات تطعن قلبها....افضل من سوسة حب تنخرها من داخلها حتى الأعماق وتجعلها خاوية مثلي اي رياح تقتلعها من جذور ايامها..... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>>
- لا تردي على رسائله يا (ايمان)...استمعي لنصائحي فهذا الشخص لا يليق ان يكون صديقا لك.....انا ادرى منك ارجوكِ ثقي بي فانا في عالم النت منذ سنوات واعرف الناس امثاله....
- انا اثق بك تماما....انا فقط.....اراه انسان على خلق ودين....ودود وطيب القلب ومتفاني ومعطاء
- اي تدين هذا؟.....أبسبب تلك الأدعية الدينية التي يضعها في توقيعه حتى يقرأها الناس فيأخذ ثوابهم....اصبح الدين الآن عند امثاله مثل الكبسولات...تأخذها ضد الأزمات.....حتى يفرجها ربك....الدين ليس هكذا....الدين معاملة لا يتجزأ....لو كان متدين بحق لما حدثك من الأساس ولمح لك بتلك التلميحات.....او لما كان خرج عن المواضيع العامة في رسائله معك واتجه إلى الخاصة....
- ولكن كيف عرفتي؟.....
- هههههههههههههههه....عزيزتي....اسألي الخبيرة...أتحبين ان اخبرك فيما حدثك؟
- لهذة الدرجة تعرفينهم؟....ألهذة الدرجة هذة التصرفات تحدث كثيرا في النت؟
- انها لغة النت حبيبتي..... فقط استمعي لنصيحتي.....
كما توقعتُ تماما فحين توقفت (ايمان) عن الرد بنفس الحماسة السابقة على رسائل ذلك الشاب المكشوف النوايا (فارس الحب)....حتى ازداد هو اصرارا واذلالا معها.....وازدادت هي حيرة وخوف....وصارت تراسله دون اخباري واقرأ فعلتها في سطورها....كانت تلك مرتها الأولى التي يحادثها فيها شاب بهذا الأهتمام وهذا العنفوان....كما انها لا تراه...فالنت يعطي للناس صورة من حروفهم اجمل بكثير من حقيقتهم...تجعل اي شخص وكأنه افضل رجال الأرض......كل الوجوه على النت في البداية كالملائكة.....لا يوجد ما هو افضل واكثر ذوقا وتضحية....في حين اننا لو ركزنا في كل واحد فيهم...سنجد انه قناع واحد يتداولوه فيما بينهم....يظهرنا في وحدة عربية وطنية جميلة....شباب وفتيات متدين متساعد يحث على الأدعية..... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>> يحب ان يفعل الخير...لا يفكر سوى في بناء المجتمع....في حين انهم جميعا فارغون من اعماقهم.....لا يفكرون سوى بانفسهم....كيف تظهر فلانة اكثر شعبية من علانة....عن طريق عدد الردود على مواضيعها.....كيف توقع فلانة بفلان الذي يبدو انه احب علانة....حتى تخطفه منها فتنتصر عليها....بينما تقع علانة كسيرة القلب في يد الصياد صاحب الريق المعسول السام....الذي يسمم عقلها بانه مختلف عن من جرحها وأنه ابدا لن يخونها....امر مضحك....
كل شئ تركناه في الواقع من اناس مريضة النفوس نجدها على النت بشكل اسوء مليون مرة مع وسائل مساعدة على الخداع لا حصر لها......فصار النت مكان مستتر للعشاق....يكفل لهم حرية الحب دون مراقبة احد...ودون ايذاء سمعة احد....فما أنت في النهاية على النت سوى اسم وهمي تختاره لنفسك إن تلطخ بالقاذورات يمكنك ان ترميه وتسمي نفسك بغيره.....اضحك ملئ قلبي حين اقرأ التناقضات في البشر بين حروفهم وافكارهم وما يسعون حقا اليه....تلك التي تسعى لنصح هذا وذاك...وتحاول ان تظهر بصورة الفتاة المتدينة العاقلة...وهي تسمي نفسها (فاتنة) او (امورة) او او.....اسم يفتح الشهية للحب.....يدعو الصياد باصبع شهوة.....وليست هذة فقط نموذج التناقض....فهناك نكات ولا اروع....في اسماء الأعضاء فقط....فهناك من يسمي نفسه رجل بحق....رجل ونص....اسماء مضحكة يظن انه بها اقنعنا برجولته.....او اسماء بلا معنى محدد او اسماء شخصيات سنيمائية.....اسماء الفتيات التي تدل على مدى جمالهن وانوثتهن ورقتهن...حتى غرورهن...يعترفن به في اسماءهن....والأسماء التي لا يمكن ان تعرف منها ما اذا كان صاحبها ذكر ام انثى تلك التي تعبر عن حالة او فعل مثل (ذبحني فراقه.....ما انساك....فديت الغالي.....شوقك ماله دوا)......
ظلت (ايمان) في صراع بين نفسها التواقة للحظات السعادة والحب وبين رأيي الذي يناصره ضميرها...حتى جاءتني مستغيثة بأن (فارس الحب) قد ارسل لها رسالة لا تعرف كيف ترد عليها...ارسلت لي نص الرسالة :
غاليتي (سمراء).....
حروف اسمك تكتبها اصابعي كثيرا بيني وبين نفسي.....قد تتفاجئين بكلامي ولكني انا نفسي ضبطت نفسي متلبسا بالتفكير المتواصل فيكِ....لم اعد اعرف ماذا جرى لي منذ عرفتك....شعرت بذلك من اول مرة رايتك فيها ولم ارد ان اخبرك حتى لا افقدك افضل الموت على هذا......انتي صديقتي الغالية فأتمنى ان تنصحيني وتخبريني من انا....هل انا فارس الحب ام ضحية الحب....ام فارس السمراء.....تلك التي رودتني عن قلبي فاستسلمت....انت وحدك تعلمين.....فارجو ان تردي علي باسرع وقت..... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>>
فارسك
ضحكت بصوت مرتفع حين قرأت الرسالة.....انه يذكرني بشخص عرفته....انه يعرف (ايمان) وقلبها الذي لن يصمد امام رسالة كهذة وستقع عند قدميه فورا.....فهو يمثل امامها دور العاشق الذي انتهى عالمه ولم يعد قادر على الأخفاء...خدعة قديمة لا اكاد اصدق انه مازال يستعملها وهو من المفترض انه خبير بعالم الفتيات.....حاولت اللعب قليلا....فسألت (ايمان) عن مدى ثقتها بي.....وحين اعلنت ثقتها التامة بي.....طلبت إليها الا ترد عليه لمدة ثلاثة ايام....وراهنتها انها حين تدخل بعد ثلاثة ايام ستجد على الأقل ثلاثة رسائل منه اخرى....وهذا ما حدث فعلا...اخر رسالة منها كان نصها :
ايتها السمراء الحبيبة
اين انت.....ارجوكِ ان تجيبيني....انا في غاية القلق عليك....لم استطع النوم ليلة امس وانا افكر انه ربما كان مكروه ما قد حصل لك...لكن ان كنت بخير وقد ساءك اعترافي العظيم....فأرجو ان لا تقلقي ولا تخافي...فأنا صديقك ولم اتغير ولن اتركك ابدا إلا اذا طلبت مني انت ان اتركك.....فقط ارسلي لي ولو رسالة فارغة لأعرف بها انك بخير ويطمئن قلبي...وإن كنت لا تريدين هذا القلب بين يديك...فلا بأس فأهم ما لدي هو ضحكتك.....وانسي كل شئ....انتظرك
يبدو انه لا يكترث بمسألة كرامته ولا يفكر ابدا بانها قد ترفض من هو مثله...انه يثق بسذاجتها اكثر مما يثق بسحره على النساء.....ويعلم انه كلما ضغط عليها بالحب كلما غرقت فيه اكثر...ولقد كان محقا فلقد بكت (ايمان) كما لم تبكي في حياتها هذة الأيام الثلاث....واعترفت لي انها ايضا تحبه وربما اكثر بكثير مما قال في رسالته.....وقالت الكثير من الكلام المضحك.....مثل انه هو الذي حلمت به طوال عمرها...وقد وجدت فيه كل ما تبحث عنه....لم اتمالك نفسي فرددت عليها بحدة :
- (ايمان)...انتي ساذجة...وهذا ما يحتاجه بالضبط ليستولي على قلبك.....لا تعطيه هذة الفرصة...انه يتظاهر بحبك ويكتب لك الرسائل انه قلق عليك وإنك ان كنت حتى ترفضين قلبه فأرسلي له رسالة فارغة....تمثيلية سخيفة ومكررة...
- وكيف تعرفين هذا؟....ماذا لو كان يحبني بالفعل...مثل ما انا احبه...ماذا لو كان مثلي انا وقعت في حبه....فلما لا يقع هو في حبي....
- اسمعيني حبيبتي الرجال ليسوا مثلنا.....انه لا يعرفك اصلا حتى يحبك.....من انت بالنسبة له؟.....كم رسالة ارسلتها له وكم رسالة ارسلها لك؟....عشرة عشرون؟....
- .....سبعة.....
- بالله عليكي....اتظنين انه يحبك؟.....انه حقا لا يهتم من انت...انه فقط يهتم بغروره المريض....يريدك ان تحبيه ايا كنت....انه لا يفكر بأي شئ قادم او مضى....يفكر باللحظة فقط التي ستسلمي له فيها قلبك.....وبعدها يتلذذ بك كما يشاء....قد يتظاهر بأنه ابتعد عن كل الفتيات سواك....قد يتظاهر بأنه يتعذب لبعدك عنه ولأنه لا يستطيع الوصول اليك.....بكلامه المعسول هذا وقلبك الرهيف سيحصل عنك على ما يشاء ماعليه سوى ان يطلب منك ماهو سئ لكِ ويلبسه ثوب الحب....فترينه كما تريدين ان تريه.....وبعدها لن تستفيدي شيئا... <<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>>
- (حبيبة).....انا اعرف انك خائفة علي ولكني لا افهم سر حقدك على الرجال بهذا الشكل......وكأنهم جميعا ذئاب.....من المستحيل ان يكون كل الرجال بشعون هكذا.....
- اعرف ذلك....لكن صدقيني من يستعمل هذة الطرق الملتوية فهو حقا ذئب.....
- ألم يسبق لك ان وقعتِ في الحب أبدا يا (حبيبة)؟؟؟....أنا مستغربة أنك لا تحسين بما احس به.....
شعرت بتلك النبضة القديمة في قلبي......وصحى الجرح الذي تمنيته ميتا....هل أحببت؟....ماذا كنت...وماذا اصبحت...كله بسبب الحب....ماذا جنيت...وماذا فقدت.....كله من الحب.....هذا القلب الذي يئن بداخلي بلا هوادة.....هذة المرارة التي تتلذذ بتآكلي من الداخل....سحقا للحب....فقد حنطني....ولم يبقي مني ذرة فرح إلا ودمرها من داخلها....هل أحببت؟؟؟
- نعم أحببت يا (ايمان)....ولن تصدقي إن قلت لك اني ادفع عمري القادم والماضي ثمنا ليعود قلبي خاليا هادئا بريئا كما هو قلبك الآن....انت لا تحسين بمدى الثروة التي بين يديك ولا تصدقين كم يدفع من اجلها ويكافح من اجلها الذئاب.....فطعم القلب الصافي كشربة من نهر الجنة....الأنسان لا يملك سوى قلب واحد يا (ايمان)....وهذا المدعو (بفارس الحب)....لا يستحق قطعا نبضة واحدة من قلبك....
- لماذا؟.....ماذا حدث لك من الحب؟....أليس الحب هو اجمل مافي الوجود؟
- الحب اجمل مافي الوجود حين يكون في صورته الصحيحة وحين تعطيه لرجل يستحقه....أما غير ذلك....فهو....طريق مسدود ستدفعين من احشاءك ثمنا للعودة لكل خطوة فيه....ولابد لك ان تخسري شيئا جميلا بداخلك.....
توقفت عن الكتابة لها لأني شعرت بسكاكين الذاكرة تطعن قلبي في اعماقه....وحاولت كثيرا (ايمان) ان تسالني تحاكيني.....وانا لا اجيب....حتى كتبت أخيرا دون أن ادري ما اقول....
- (إيمان).....لقد كنت مخطوبة وفسخت خطبتي منذ خمسة شهور.....
<<مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب>>
خانتني دموعي وظللت ابكي....لم اقرأ كلمات (ايمان) او استفساراتها.....كنت اريد ان انزل هذا الثقل عن كاهلي واحكي لها كل شئ......مرت حياتي امام عيني.....هذة السنوات....ماذا كنت وماذا اصبحت.....وحبيبي يقف بوجه متجهم يحدق بي...عيناه تلومني.....يحرقني الذنب....اسقط في اغماءه من الذكريات....
يتبع......
حتى هنا ينتهي الفصل الأول
عاوزة ردود اشوف متابعة
شجعووووووني
|