فتنهد جوليان ثم قال بلطف:
" ما حدث لشيء رهيب ولكن يجب أن نشكرالعناية الألهية لخروجكما حيين , سيتمكن نيل من المشي ولو ليس تماما , أما بخصوص معيشته فكما قلت , أوليتها العناية الكافية , والآن , هل ستتوقفين عن أرهاق نفسك بالهموم أم تريدين أن أعاملك كالأطفال؟".
" تهددني لأنك أضخم مني , كلا , وفر ذلك لزوجتك , فقد تجد متعة فيه".
صعد الدم الى وجه كيم , وأنتظرت لتسمع جواب جوليان على ذلك .
" تجد متعة فيه؟ أتعتقدين ذلك؟".
لا مجال للشك في نواياه , قالت كيم لنفسها.
" النساء يعشقن القصاص ولو أنهن يتظاهرن بعكس ذلك , ولكنهن يجدن المتعة فعلا".
" حتى في أيامنا هذه؟
سألها جوليان بأهتمام
"هذا شيء جديد بالنسبة الي , قولي لي , لماذا يجدن متعة فيه؟".
" ذلك يشعرهن بضعف جنسهن – والضعف من طبيعة المرأة – يا جوليان".
رأت كيم أنه آن لها أن تخرج من المطبخ- ألتقت عيناها بعيني جوليان فعبس في وجهها , هل هناك في أنها سمعت العبارات الأخيرة؟
ربما فطن , لكنه يجهل أنها سمعت الحديث من أوله لأنه لم ينوه به وهما عائدان الى الدير , ولم يتكلم الا بعدما سار بعض الوقت في الممر الجبلي المتعر أذ قال بهدوء:
" أشكرك يا كيم لأدخال السعادة الى قلب خالتي , لأنني مدين لها بالكثير ".
وصمت قليلا ثم قال:
" كانت في السابعة والعشرين عندما ترملت , ووافتها فرصة نادرة لتتزوج زواجا جيدا بعد أن أحتضنتني , كان زوجها العتيد راضيا أن يتبنى أبنها أما أنا فرفضني , وأقترح عليها أن تضعنيفي أحد البيوت للأعتناء بي ولما رفضت تخلى عنها , فعملت طوال حياتها كي تعيلنا- الى أن نمونا وأصبحنا قادرين على العمل , لن أتسبب لها في اي أذى مهما كلفني الأمر ,ولهذا ألححت عليك بالتظاهر أنك مهتمة بي , صحيح أنها مريضة جدا , لكنها ذات ذكاء حاد , لتولاها الشك لو زلت قدم أحدنا".
منتديات ليلاس
لم تعلق كيم بشيء , لا لأنها كانت غائبة الذهن , بل لأنها أحست بعذاب الضمير , أصدرت حكمها على جوليان ولا تدري مدى أبعاد هذا الحكم
كان هناك الكثير من الغموض ولم تجرؤ على توجيه الأسئلة وستبقى في عالم الجهل الى أن تكسب ثقته , طريقة زواجهما الشاذة
نفورها من سلوكه أتجاهها وكراهيتها لمحاولته التقرب منها , وأعلانه صراحة بأن فيكي هي من يحب –
كل ذلك وسع الثغرة بينهما وأبعد كل فرصة لتبادل الثقة , وهذا ما جعل جوليان يأنف من أطلاعها على المأساة التي حلت بخالته وأبنها , تعتقد كيم أن المأساة أكثر من مجرد حادث.
أخذ جوليان يتمهل في السير لأن الطرقات مغطاة بالثلج المتناثر تحته الجليد , سحبت كيم غطاء صغيرا عن المقعد الخلفي ولفته حول ساقيها , وبدا التأثر الحقيقي في جوليان عندما أجابته على سؤاله أنها تشعر بالبرد.
فحين وصلا ستراتا كاديلا عند آخر الرحلة أعترتها قشعريرة برد لم يكن من الممكن أن تخفيها.
" هل تستطيعين صعود الدرج؟".
سألها بلطف كبير لم تعتد عليه من قبل:
" نعم , سأستطيع".
" لكنك ترتجفين في كل جسمك".
لفها بالغطاء وساعدها على صعود الدرج ثم أردف قائلا:
" كانت الرحلة طويلة بسبب الثلوج , وكان الأولى بنا أن نبدأها في وقت أبكر من ذلك".
" من حسن حظنا أن المدفأة الزيتية كانت شاغلة ".
بالفعل وجدا الشقة جميلة ودافئة
ولكن كيم ما فتئت ترتعش , طلب اليها جوليان أن تذهب الى فراشها بينما يحضر لها شيئا ساخنا
أتاها بهذا وجلس على حافة السرير يراقب وجهها المخصب بالأحمرار , قربت الفنجان من فمها وألتقت عيونهما
أغمضت عينيها قليلا مستغربة شأن هذا الرجل الذي يخطفها ويعمل ليمتلكها.
كانت تعرف القليل القليل عنه , أما الآن فقد رأته في ضوء جديد , ومهما كرهته- وستكرهه الى الأبد لأنتزاعه حريتها وأستقلالها منها- يتوجب عليها أن تحترمه وتجله لشهامته في أيفاء دينه نحو هذه المرأة التي قدمت أكبر التضحيات لتربيته.