المنتدى :
المنتدى العام
أنا القدس وثقافة العار
لم تكن مصيبتنا ونكستنا فقط في جيوشنا العربية عند احتلال القدس أكثر من مرة على أيدي الغزاة عبر تاريخها الطويل حدثونا كثيراً في كتب التاريخ وقصص الأجداد عن التخاذل والتقاعس الذي احترفته تلك الجيوش في كل موقعة بجوار أسوار المدينة المقدسة
مُلئت ذاكرتنا بالقصص والروايات بما يكفي لأن يبول طفل غزة على تلك النياشين والرتب غير آبه بالطرطشة .
تلك النظرة وهذا الاعتقاد السائد لم يعد كافياً اليوم وحده
مصيبتنا لم تكن في جيوشنا العربية وتاريخنا فقط نحن أصبحنا جزاءً من تلك المصيبة الجمهور العربي بات اليوم الأوفر حظاً بهذه المصيبة لقد أخطأ التاريخ عندما حمل تلك الجيوش وحدها مصير القدس وما وصلت إليه الآن من أوضاع مخجلة بحقنا .
قد يعتبر البعض هذا تجني على تلك الشعوب التي قاومت وضحت وقدمت آلاف الشهداء الذين مروا من على أسوارها وقد يقول البعض
بأنهم جزء من المقاومة الأهلية الشعبية التي لم ترتبط بأي حكومة أو جيش عربي هؤلاء الأبطال دمائهم شفعت لهم لكن السؤال أين ما تبق منهم من مليار ونصف المليار
لقد باتوا يكملون مشوار تلك النكسة ويصرون على هزيمة القدس مرة أخرى داخل بيوتهم وبأعينهم بل وربما يشارك فيها كل أفراد العائلة مجتمعين .
احتار الخطيب المخرج ذو الأصل الفلسطيني
كيف يدخل تلك البيوت ويقتحم قلوب ساكنيها ليلفت أنظارهم التي تحولت لمشاهدة المسلسلات العربية في رمضان بكافة ألوانها وأشكالها فلم يجد سوى أنا القدس وكأني به محتار في تسمية عمله الجديد عن القدس فلم يجد أبسط من (أنا القدس) بما تحمل من سلاسة و وضوح في اللغة لا تحتاج لشعوب ذات ثقافة تزيد عن حاجتها في فهم معناها أنا القدس تزاحم ما تعرضه الفضائيات العربية ولا تجد لها مكاناً إلا في قلوب القليل من المشاهدين الذين لازالت القدس محط أنظارهم وفي وجدانهم أولئك شفاعتهم من شفاعة من قدموا الدماء وإن كانت العبرة في مسلسل تلفزيوني يحمل تاريخها وحقيقة ما حدث لها في ظل غياب ذلك التاريخ ومحاولة شطبه من قاموس العرب
لقد أصبحت زهرة وأزواجها الخمسة هي الشغل الشاغل للعرب وأصبح العار هو الثقافة التي تُصدر لنا عبر هذه الفضائيات العربية
فعلاً إنها ثقافة العار التي غزت كل عقل وكل بيت لايعرف أصلاً لهذا اليوم ما هو شكل المسجد الأقصى ومتى تم بناؤه .
نجح المستعربون إذا في شطب ثقافتنا الحقيقية وتاريخنا واستبدالها بمسلسلات تبيع اللحم الرخيص وتسوق لنا العهر والعار وحكموا على القدس بإلقائها في غياهب الجب ومحاصرتها إعلامياً وأنا على علم بما تعرض له المخرج الخطيب من مضايقات واعتراضات عربية لمسلسله أنا القدس لأكثر من ثلاث أعوام حتى رأى النور خلال شهر رمضان كل من بات يفكر في القدس أصبح شخص غير مرغوب فيه في زمن العار هذا وللأسف نحن السادة المشاهدين جزءً من هذه الكارثة ومشاركون في تلك الجريمة ليس لعدم مشاهدتنا لهذا المسلسل بل لأننا نحن القاعدة الشعبية التي يُبنى عليها نجاح كل عمل يؤثر في ثقافتنا وفكرنا ولأننا لا نكلف أنفسنا حتى في مشاهدة الأخبار لمعرفة ما يجري للقدس الآن من تهويد يومي وتجريف لذاكرتنا وهويتنا الإسلامية وطرد العرب منها وأنا على يقين بأن أكثر من 80% من العرب غير معنيين بأخبارها ولا يعرفون ما الذي يجري داخل أسوارها حتى اليوم .
فهل من المعقول أن يكلف العربي نفسه اليوم عناء البحث عن القدس وأخبارها حين انتهائه من مائدة إفطاره بعدما أصر على هزيمتها ودفنها مرة أخرى أعتقد بأم معدته طفحت بأشكال الطعام المختلفة و لم يبق أي متسع للقدس وهمومها كان الله بعون ذلك العربي وتقبل الله صيامنا وصيامه .
منقول بقلم عمار ياسر
|