الدرس الثامن عشر
رمضان شهر الانجازات
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ، وبعد :
أيها المسلم : إن شهر رمضان هو شهر عمل الخيرات ، والإنجازات ، والعمل لهذا الدين (دين الإسلام) ، وقد حقق الرسول في هذا الشهر الفتوح العظيمة ، والدروس الكبيرة المفيدة ، وكذلك أصحابه ش ، لكن ماذا حققت أنت في هذا الشهر ؟ ولذا ، حاول مجتهداً أن تخرج بما يلي :
1- اجتهد في توبةٍ صادقةٍ تظهر آثارها عليك ، في كلامك ، وفي عملك ، وفي طعامك ، وشرابك وحديثك ، ومجالسك ، وإنفاقك في سبيل الله في كل وجوه البر ، وفي حياتك مع أهلك وزملائك ، فإن التائب الصادق هو الذي يٌحسن العمل ، وقد قال تعالى : ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[ الفرقان : 70 ]. وليكن كلامك ذكراً لله , وصمتك فكراً ، وطعامك وشرابك للتقوي على عبادة ربك .
2- اجتهد أن تعود إلى حياةٍ جديدةٍ في طلب العلم ، وفهم القرآن ، وتطبيقه تطبيقاً حقيقياً في نفسك وأهلك ، وفي كل شأن من شئونك ، ناظراً إلى ما عند الله ، طالباً الدار الآخرة ، فرحاً بهذا القرآن : ﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾[ يونس : 58 ].
3- عُد إلى سنة نبيك محمدٍ ، وتعلّمها وطبّقها ، فلا تُمِل عنها قيد أُنملة ، ابتداءً من توحيدك , صلاتك ؛ لتصلي كما صلى رسول الله ، وقد قال النبي : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه الشيخان. وإن كنت إماماً لمسجدٍ ، فَصَلِّ بهم صلاة رسول الله , وفي كل حياتك وبقية عمرك ، وكلّما عرفت سنةً من سنة رسول الله فتمسّك بها ، وعضَّ عليها بالنواجذ ، وكذلك سنن الخلفاء الراشدين المهديين , واجعل سنن رسول الله مقدمةً على قول كل أحد لتحصل على الهدي العظيم ، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾[ النور : 54 ]. وقال تعالى: ﴿ َلقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ﴾[ الأحزاب : 21 ].
4- سر وراء رسول الله متبعاً له داعياً إلى هذا الدين ، واجعل هذه الآية نصب عينيك : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[ يوسف : 108 ]. وكلما تعلمت شيئاً من القرآن والسنة فادعُ الناس إليه ، وقد قال النبي : ( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ) رواه البخاري.
5- أيها المسلم : إن كنت من أصحاب الأموال ، فأخرج في رمضان نفقةً على الفقراء والمساكين ، والأيتام ، والأرامل ، والمحتاجين ، وقم بمساعدتهم حتى تلقى الله ( حتى تموت ) ، واجعل لك برنامجاً لدعم الدعوة إلى الله ، ودعم حلقات القرآن الكريم ، واجعل هذا محط اهتمامك في بقية عمرك ، وتفهّم قول رسول الله : ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري .
6- كل واحد منكم - أيها المسلمون- يستطيع أن يجعل له عملاً متواصلاً في الثواب لينفعه بعد موته فليفعل ، ( اجعل لك وقفاً ولو صغيراً على الدعوة إلى الله , أو على حلقات القرآن الكريم , أو على الأيتام والفقراء ) وقد قال النبي : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم .
7- خروجك من رمضان يعني أنك تعلّمت الصبر على هذه العبادة ( الصيام ) ، فليكن خروجك درساً لك بحيث أنّك تصوم من كل شهر ما تيسر لك ( الاثنين والخميس , وعاشوراء , ويوم عرفة , وثلاثة أيام من كل شهر ) لتكون ممن كأنه يصوم الدهر ، وقد قال النبي : ( ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ ) رواه مسلم .