3-لا اريد غيرك
عادت ساري ال مالبارا ثانية وشعرت بما هي عليه من تناقض , بقيت حساسة جدا لأقل معارضة من بليك , لكن أيامها مضت دون عداء أو خلافات أو حتى تضارب في الآراء.
أما بليك فقد بقي على حاله صلبا , مسيطرا مما أعاد الى ذهنها صورا من الماضي حين كانت نظرتها اليه خليطا من المقاومة والأحترام , الشيء الذي خلق ودا خفيا ربط بينهما وجعلها في شوق دائم لأن تبقى معه وتراقبه.
أحس بليك بالفرح لهذا التحول الجديد لأن ساري لم تكن لغزا بالنسبة له , ألا أنه بقي غامضا مما كان يدفعها الى غرفتها لتتأمل صورة لها مع بليك أخذها مصور محترف أبان أحتفالات عيد الفصح , كانت يومها في أحس حال , تتأمل وجه بليك ضاحكة , ربما لشيء مسل قاله , ظهرت الصورة في الصحف وخدعت الكثير ممن لا يعرفون حقيقة العلاقة بينهما , حتى أن أحدى صديقاتها أكدت لها أنها تبدو مثل عروس في شهر العسل ,وكانت كلما تذكرت هذا التعليق تتمنى تمزيق الصورة لكنها لم تفعل , كانت ذكرياتها الحلوة مع بليك تسعدها دائما , فكرت : ( ربما كانت أبتسامة بليك الغامضة وأنحناءة رأسه هما اللذان جعلا الصورة تبدو عاطفية , ربما كنت في ذلك الوقت..".
منتديات ليلاس
كانت ساري دوما تتوقف عن التفكير عند هذا الحد وتنصرف لفل أي شيء آخر , كانت تعمل جاهدة لأنجاح أحتفالات المزاد متغلبة على ما قد يحدث من مشاكل , مما سد مجالات النقد حتى أمام بليك , كان بالأمكان أجراء الكثير من المداولات خلال يومي المزاد لكن ذلك لم يمنع الباقين من التمتع بأوقاتهم , وقد تم الأتفاق على نزهة للسباق هذه السنة بدل تقديم اللحوم المشوية ولعب البولو , ولاقت الفكرة نجاحا منقطع النظير أذ لم يرفض أحد نزهة للسباق في سهول مالبارا , ذلك يعود الى أسباب عدة منها أتساع المكان وكونه سابحا بالضوء , محاطا بالألوان المختلفة وبخاصة اللون الأحمر , والأشجار التي شكلت سورا جميلا أحاط بالمكان , والأهم من ذلك كله رغبة الموجودين في أن يقضوا وقتا ممتعا سعيدين بالضيافة الممتازة , ذلك هو حال من يعيش في عزلة , تراه يهتم بأي مناسبة أجتماعية , أما لاعبو الورق فقد وجدوا مجالا لتسليتهم أيضا , وهنا يبرز دور الوزاد حيث يتناقل الجميع الأخبار ويطمئنون بعضهم بعضا مما لا يفعلونه أبان المهرجان , أما السيدات فكان لهن سباق ثمن الميل شاركت فيه ساري نفسها , وكانت سكوتي قد ربحته في آخر مرة لكنها رفضت دخوله هذا العام , توقعت ساري أن يعترض بليك على مشاركتها في هذا السباق لكنه أكتفى بالمراقبة , وبما أن سكوتي لم تشترك فأن صن دانس حصان ساري سيفوز حتما , وبدأت فترة قراءة أسماء المشتركات التي كانت تقوم بها العمة ألثيا , السيدة الوقور ذات الملابس القديمة الأنيقة.
كان السبق على وشك البدء , وكانت مراقبة العمة ألثيا بشعرها الأبيض المضمون وهي تقرأ الأسماء تشبه مراقبة أنسان يحصي أمواله , أذ أن العمة ألثيا كانت تعتبر قراءة الأسماء عملا من واجبها القيام به , وقد كانت غاية في الجد فيما يتعلق بعملها.
تزوجت العمة ألثيا العم هادو في التاسعة عشرة من عمرها , كانت جميلة وأسمها ألثيا أدير بنت السيد كينيث أدير مالك وست وندز أفضل مرعى للقطعان في نيو ساوث ويلز , وكانت تؤمن أن بليك هو وحده الذي يناسبها مكانة , كانت أما لثلاثة فتيات وجدة لجيلين , ولكن لم يكن لديها أولاد ذكور , في ذلك الصباح وجدتها ساري في ملحق البيت الجديد المطل على بركة السباحة , كان الملحق مليئا بالأزهار , رصفت أرضه ببلاط من السيراميك وقد توزعت في أنحائه مفروشات من اللون الأصفر المذهب , كانت مجموعة من البطاقات أمامها على طاولة مغطاة بلوح من الزجاج وهي منهمكة في البحث عن الأسماء بشكل منتظم.
" هل كل شيء على ما يرام, هل يزعجك الضوء؟".
ثم قالت العمة ألثيا:
" الخطوط فظيعة ! ليت الشبيبة تحافظ على المستويات القديمة , لا سيما وأن تكاليف العلم بلغت حدا كبيرا , ثم من هو دكي هولند؟".
" دنيس صديقتي".
" هذا ما أعنيه , لقد قرأت الأسم ثلاث مرات ومع ذلك لم أستطع أكتشاف ما أتى بعد الحرف الأول".