أصيبت سيرينا بالدهشة , وأنفرجت شفتاها عن أسنان بيضاء ناصعة , لقد وضعتها كيلي في مكانها بتجاهلها لما قالت حول حادثة جورج , لكن ذلك لم يشف غللها , وأنتظرت حتى أنتهت من تناول الحلويات
لتهب واقفة وهي تقول:
" أرجو المعذرة .... لدي موعد يجب أن ألبيه"
كان أندرو لانغ يجلس وحيدا في الشرفة وعندما رآها أنتصب واقفا
وقال بأبتسامة عريضة:
" كنت أنتظر مجيئك بشوق".
سحب أندرو كرسيا لكيلي وأجلسها عليه , ثم جلس الى جانبها وأشار الى الخادم كي يحضر لهما فنجانين من القهوة مع الحليب.
منتديات ليلاس
وبعد أن أحضر الخادم القهوة , سألها أندرو ببساطة:
" ألا يعارض خطيبك في بقائك هنا وحيدة؟".
حدقت كيلي في خاتم الخطوبة وقد أدهشها أنها لم تفكر في خطيبها طيلة هذه المدة , ثم قالت:
" لا أعتقد أنه يوافق على ذلك".
" ولكنه لا يمانع أيضا؟".
وشعرت بأن هناك شيئا مبهما يدور في ذهن أندرو , لذلك فضلت عدم الأجابة المباشرة على سؤاله
وأكتفت بالقول:
" الحقيقة أنه لم يكن له خيار أبدا , لقد قررت العودة الى الفندق.... وأنتهى الأمر عند هذا الحد".
" يا لك من أمرأة قوية الأرادة".
كانت أبتسامة أندرو التي رافقت عبارته الأخيرة صادقة ودافئة , فهو ليس من النوع الذي يلح في أسئلته , لكن كيلي قررت الأيضاح أكثر , فقالت:
" لم يكن غاري قادرا على العودة معي , فهو مرتبط بموعد في دوربان اليوم ".
غير أنها لم تقتنع شخصيا بهذا العذر لهذا أضافت مغيرة الحديث:
" والآن حدثني عن نفسك وعن هذا المؤتمر".
أخبرها أنه مهندس مدني يعمل في بناء الطرقات والجسور , وقال لها أن المؤتمر يتناول آخر أستجد في تقنية هندسة الطرقات والمشاريع المماثلة , وأشار الى أن مسؤولياته العملية تستغرق كل وقته , وهو مضطر للسفر كثيرا ...
ولذلك لم يتزوج حتى الآن , أما في الرحلة الحالية فهو يعمل مستشارا في مكتب هندسة , وقد بدأ يشعر بضرورة الأستقرار العائلي.
كان يتكلم ببساطة وأرتياح , غير أن الرسالة التي أراد أيصالها الى كيلي كانت واضحة , أنه أعزب , وأذا ما كانت هي غير مرتاحة لخطيبها... فهو مستعد لبدء علاقة جدية.
لكن كيلي لم تستجب لحديثه , ومع ذلك رأت نفسها تقارن بين الرجال الثلاثة. غاري يحيطها دائما
بالأثارة والمغامرات والمرح , ونيكولاس يشعرها بالتوتر سواء تحدث اليها أو لمسها ...... أما مع أندرو فهناك الهدوء والحديث الرصين الممتع.
ووجدت كيلي نفسها تحدق مرة أخرى في خاتم الخطوبة وتتساءل: لو أنها حرة الآن فكيف تتصرف مع أندرو ؟
هل تتقدم نحوه كما تقدم نحوها ؟ هل تشعره أنها مهتمة أيضا؟
لقد كانت تؤمن دائما بالحب الرومنطيقي طريقا الى الزواج , وهذا الحب هو الذي دفعها نحو غاري , أما الآن, وهي تنظر الى وجه المهندس الشاب , فقد أدركت أن الحب مع رجل مثل أندرو يمكن أن ينمو بعد قيام العلاقة.
ومن بين أمواج الأفكار المتلاحقة في ذهنها , طفا على السطح وجه ساخر قاس , وللحظات طغى هذا الخيال على المهندس الشاب الذي يجلس الى جانبها ويتكلم دون أن تعي شيئا مما يقول , وجاهدت كيلي كي تركز أنتباهها على أندرو طاردة من ذهنها خيالات نيكولاس المشاكس.
وفجأة, لعلعت ضحكة عالية جعلت كيلي تتسمر في مكانها , فقد كانت سيرينا تستمتع بوقتها الى أبعد الحدود , بعد أن خرجت مع نيكولاس من صالة الطعام الى الشرفة..... وجلسا في مكان قريب من أندرو وكيلي.
ومن غير أن تدري تغير مزاج كيلي رأسا على عقب , فبعد أن كانت مرتاحة هي وأندرو في هذا الليل المنعش , باتت تشعر بثقل غريب يربض على صدرها فيجعل أنفاسها صعبة وقاسية.....
وأخذت تتساءل عما أذا كان نيكولاس قد رآها على الشرفة , وماذا يهم لو رآها ؟ فهو يبدو منشغلا عن الدنيا كلها بتلك المرأة التي أسمها........ سيرينا.
منتديات ليلاس
ومرة أخرى جاهدت كيلي لتركز أنتباهها على أندرو , وراحت تتحدث اليه في مواضيع مختلفة كالموسيقى والكتب والرسم , لتكتشف أن هناك أشياء كثيرة مشتركة بينهما , وكان من الممكن أن تنتهي السهرة جميلة هادئة كما بدأت ,لولا وجود نيكولاس وسيرينا المفاجىء على الشرفة.
وشيئا فشيئا بدأت الشرفة تودع روادها , وأخذ الضيوف ينسحبون الى غرفهم طلبا للنوم , وأستعدادا لمهمات اليوم التالي , البعض سيقضيه في مناقشات وحوارات تتعلق بالأعمال , وآخرون سيذهبون في نزهات ريفية ساحرة , وما أن أعلنت كيلي عن رغبتها بالنوم , حتى هب أندرو واقفا معربا عن أستعداده لمرافقتها الى كوخها ... لكنها صدته بلطف ودلال.
سارا معا حتى نهاية الممر خلف الفندق, وعندما وقفا لألقاء تحية المساء , أنحنى أندرو على جبينها , وقبله قائلا:
" نامي جيدا يا كيلي".
*****نهاية الفصل الثالث******