لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل أعجبتك الرواية وترغب بمتابعتها؟
نعم 13 68.42%
لا 1 5.26%
لم أقرر بعد 5 26.32%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 19. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-08-10, 04:18 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 184034
المشاركات: 48
الجنس أنثى
معدل التقييم: متفائلة دوما عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
متفائلة دوما غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متفائلة دوما المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




~~ ( 2 ) ~~



وجدت هند لوحاً مائلاً من حاوية دفنت أغلب أجزائها تحت الحطام، وقدّرت أنها يمكن أن تستوعب جسدها الصغير إن هي انحنت بعض الشيء.. دخلت تحته وضمت جسدها واستمرت تبكي..
كانت تشعر بمشاعر لم تعرفها من قبل في حياتها..
الخوف..!
الخوف من ما حصل.. ما الذي حدث!
الخوف مما يحصل الآن.. أين هيفاء، هل هي بخير!!
الخوف مما سيحصل.. لم يستطع عقلها أن يصور لها ما يمكن أن يحدث بعد هذه اللحظة!
المشهد أمامها يجعل المرء يعجز عن طرح التوقعات..
لا زال الناس في حالة الفوضى، بعضهم يصيح بأسماء يبحث عنها..
بعضهم يصرخ من الخوف أو الألم..
والبعض قد يأس من الحركة بلا هدف..
الدماء تغطي أغلبهم..
البعض ملقي ربما ميت أو مجروح.. لكن هيفاء ليست منهم.. الحمد لله !
"يا إلهي! هل يعقل!!!"
استوعبت أن ما تنظر إليه هو عضو بشري مبتور!!!
لم تحتمل المنظر.. غضت طرفها وأمسكت برأسها في محاولة لمنع نفسها من فقدان الوعي..
لم ترد أن تفقد أعصابها في هذا الموقف العصيب..
فشعور الأمان لديها الآن مرتبط بوجود هيفاء إلى جوارها..
كان هذا ما يشغل فكرها الآن..
للحظة، جاءتها حالة تأمل..
كل الناس مشغولون بطريقة أو بأخرى..
وكأن لا أحد منهم مستوعب وجود أحد سواه..!
جالت في خاطرها فكرة أن هيفاء يمكن أن تكون من ضمن ...
هزت رأسها واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم، وعقدت العزم على أن تباشر البحث من جديد الآن..
لأن حالة الانتظار هذه لم تجلب لها سوى الأفكار السيئة.
ربطت جأشها ومسحت دموعها بيديها وعادت تبحث حول المكان الذي استيقظت فيه أول الأمر..
تصيح باسم هيفاء..
ترفع ما تستطيع أن ترفع، وما تتجرأ أن ترفع ..
كانت تجد بعض المناظر السيئة أحياناً..
و عاودها الشعور بالوهن، ولكن كان الواهن هذه المرة جسدها، وليست عزيمتها..
قررت أن تطلب المساعدة، أو تسأل من يبحثون لعلهم رأوها..
بدأت تحاول إيقاف بعضهم لكن لم يعطها أحد فرصة..
واكتشفت أن صوتها كان ضعيفاً جداً لدرجة لن تجعل أحد يلتفت إليها..
كان ذلك من تأثير الصياح..
"ستأتي المساعدة قريباً وستكون هيفاء بخير" أخذت توحي لنفسها بإيحاءات إيجابية لتتمكن من الاستمرار..

*****

توقف المطر المنهمر..
اقترب المغيب، والناس على حالهم من التوهان..
لم تبد أي بادرة لوصول مساعدة حتى الآن..
يبدو أن الكل قد فقد الشعور بالوقت..
كانت كأنها لحظات من كابوس مزعج ينتظر المرء أن يستيقظ منها سريعاً..
لكنها كانت الواقع!
تنبه أحدهم أن أوقات فريضيتين قد مضت وسيحل وقت الثالثة ولم يصلوا بعد..
حاول أن يتوقع اتجاه القبلة بناء على خلفيته البسيطة حسب موقعه من الشمس..
استقبل ما ظن أنها القبلة وبدأ الآذان..
فعلاً.. الكثير منهم لم ينتبهوا لمضي كل هذا الوقت..
صار المؤذن كأنه قبلة لهم..
كثير توجهوا إليه..
وكأن لديه إجابات على أسئلة العالم بأسره..
تحلق من تجمعوا حوله وأخذوا يتساءلون..
بعضهم يسأله عما حدث..
والبعض يشكوا من فقد من كانوا معه..
والكل مستغرب "أين هي المساعدة؟؟!! لقد تأخروا"
لم تكن هناك أية إجابة..
اقترح أحدهم أن يوأدوا صلواتهم الفائتة قبل غروب الشمس، ثم يتباحثون عما يمكنهم أن يفعلوا..
كأن الجميع ألجم ولم يتمكن من فهم ما يقول!!
"كيف نصلي بدون وضوء؟!!" تساءل أحد الشبان..
لم يمروا بظرف حجب عنهم الماء فيه من قبل..!
من حسن حظهم أن البعض تذكر شيئاً عن التيمم.. وشرح للبقية ما عليهم فعله..
كان الظلام بعدها قد حل، وازداد وضوح شعورهم بالخوف..
صار خوفهم من المجهول هو الطاغي الآن..
بالرغم من أن القلة عادوا للبحث، إلا أن الأغلبية مالت للتجمع كمجموعات صغيرة هنا أوهناك..
أحد هذه المجموعات بدأت تتصاعد فيها نبرة صوت غاضب..
وارتفعت الأصوات..
كأن عراكاً سيقع الآن..

***

شعرت هند بالراحة بعد أن أدت صلواتها..
دعت الله كثيراً أن يفرج عليهم هذا الكرب وأن تجد هيفاء وهي بخير..
كانت قد سمعت من قبل عن التيمم، لكنها المرة الأولى التي تتيمم فيها..
انتبهت لصوت تلك الجماعة الغاضبة..
كانت قريبة منهم بدرجة تكفي لسماع بعض الكلمات التي تصدر عنهم..
لم تكن كلمات مريحة..الأمر مقلق..
سمحت لنفسها بالتطفل والانضمام إليهم.. شعور قوي بداخلها يقول لها يجب أن تتدخلي!
كان اثنان منهما يصرخان بغضب على بعضيهما، ويدفعان بعضهما أحياناً، أما الثالث فكأنه يعلن عما يخجل منه ، أو لعله يخشاه!!
لازال ذلك الشعور الداخلي يلح عليها بالتدخل..
"الآن" قالت دافعة نفسها..
"هل ترون الوقت مثاليٌ للعراك.." تشجعت ونطقت بتلك الكلمات بحزم وقوة، لم تدر بأن صوتها قد عاد إليها!
التفت إليها أحد الغاضبين وقال لها "لو علمت بما يقوله هؤلاء المجانين لعرفت سبب العراك"
تساءلت "ما الموضوع؟"
التفت الغاضب الآخر نحو الشاب الخائف وأشار إليه "تفضل وأعلن ما لديك"
تردد الشاب وكأنه ينتظر عقاباً من نوع ما، إلا أنه قال بعد أن عاود زميله يشجعه "يجب أن نغادر!"
استغربت هند من هذه السخافة، وأحست بأنها تشاطر ذلك الغاضب شعوره، همت بتركهم لأنها أحست بأن الأمر سخيف ولا يستحق منها لحظة تضيعها بينهم..
"إن ما حصل يعني أننا انعزلنا عن العالم تماماً، لا يمكن لأحد أن يصل إلينا، ولا أن نصل إلى أي مكان يخدمنا!!" أكمل الشاب، وكأنه خشي أن تذهب قبل أن تستمع للباقي
عادت هند وقد جذب اهتمامها هذه المرة "ما هذا الكلام الفارغ؟"
أزاح الشاب كل ذلك التردد ليكمل "صدقوني، أنا أعمل متخصصاً بيولوجياً للنانو في محطة النانو المركزية في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات، وأعرف بأن تحطم هذه الجزئيات بالصورة التي حدثت ليس له سوى معنى واحد.. أننا تعرضنا لنوعية إشعاع فريدة من نوعها، بعضنا تمكن جسده من التوافق معها، والبعض الآخر لم يتمكن لظروف معينة يصعب شرحها الآن، لكن النقطة المهمة بالموضوع، هي أننا مجرد كوننا تعرضنا لتلك الأشعة تلك اللحظة وبهذه الظروف وما نتج عنها، فإن ذلك يعني استحالة عودتنا إلى نفس البيئة التي كنا فيها سابقاً، لسببين، أولاً لأنه سيقتلنا، فيكفي أجسادنا أنها تمكنت من تجاوز تلك الصدمة، ولا يمكن لجسد بشري مهما قدم له من تعزيزات خارجية أن يتحمل صدمة أخرى.."
شعر بأنه استحوذ على كامل اهتمامهم الآن، أخذ نفساً عميقاً قبل أن يكمل "السبب الثاني هو أن الإشعاع الذي انطلق لو اقترب منه أي إنسان لم يتعرض للحظة الانطلاق تلك فإنه سيقضي عليه بالتأكيد..!"
نظر إليهم وأكمل "والأهم من كل ذلك، أن هناك احتمال بنسبة 98% بأن ما حصل هنا حصل أيضاً في كل وحدات النانو حول العالم"!!
شعروا بأن هذا الشاب قد أزاح عن كاهله هماً ثقيلاً ألقاه مضاعفاً عليهم!!
انخفضت أكتافهم كما انخفضت معنوياتهم..
انتبهت هند بأن ثلاثة آخرون قد انضموا إليهم وسمعوا بما قال الشاب..
"سيجزع الجميع و ستعم فوضى لا نحتاجها!" قالت هند في نفسها..
قالت للجميع بحزم وبصوت منخفض "ما سمعناه الآن لن تخبروا أحداً به أياً كان ، لا يجب أن نجلب لأنفسنا المتاعب، علينا أن نبحث عن حل سريع للوضع الذي نحن فيه" شعرت بالمسؤولية عن الجميع..
قال أحدهم "كلما تجمعنا كلما شعرنا بالدف ، ويمكننا أن نبحث في الصباح عن المفقودين وعن الطعام"
"فكرة جيدة.." قالت له هند "فليتجه كل إلى جهة ولنجمع الناس قريبين من بعضهم هنا، ومن وجد جريحاً فليحضره هنا أيضاً، واطلبوا المساعدة من كل من له القدرة، كونواً مواسين ولا تنسوا أن ما سمعتم هنا غير قابل للإعلان في الوقت الحاضر، لمصلحة الجميع، أعاننا الله تعالى"
وانطلق كلٌ في اتجاه.. وكأنهم كانوا بحاجة لمن يدلهم ما عليهم أن يفعلوا الآن..!

***

انتابت هند نوبة من التوتر، سببها مزيج من الانفعالات..
"لا وقت للتوتر الآن يا هند" قالت محدثة نفسها..
عرفت أنها في موقف حساس الآن.. فهي ما بين خوفها وقلقها على هيفاء، وخوفها على كل من تحب إن صدق كلام المختص، وبين تحاملها على نفسها وإظهار رباطة جأشها حتى تمضي هذه الليلة على خير..
الموقف الذي حصل قبل قليل لم يمر عليها مرور الكرام.. كان أمراً مقلقاً بالنسبة لها.. وقد وضعها في موقف لا يمكنها التراجع عنه الآن..
استمرت بتجميع الناس في المنطقة المتفقة عليها ، وهي تأمل أن تجد هيفاء في أي لحظة، وفي نفس اللحظة لا تستطيع أن تمحو من ذهنها ذلك المنظر..
إنه ليس منظر طفل جريح، ولا أم تبحث عن ابنها، ولا حتى منظر العضو البشري الذي رأته ملقي قبل عدة ساعات..
إنه منظر آخر.. منظر هؤلاء الرجال..!
عندما ألقت إليهم الأوامر، تفاجأت بردة فعلهم العجيبة! لقد استسلموا لها وسمعوا ما أمرتهم بفعله، وها هم ينفذون ما طلبت منهم..
"يا الله يا ربي يا حبيبي، اهدني وسددني، ماذا علي أن أفعل الآن".. كانت هند تدعو في قلبها..
أخبرها شعورها بأنهم سيعودون إليها بعد قليل لتخبرهم بما عليهم أن يفعلوا بعد ذلك!

 
 

 

عرض البوم صور متفائلة دوما  
قديم 15-08-10, 01:19 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 179866
المشاركات: 36
الجنس أنثى
معدل التقييم: Nada Love عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Nada Love غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متفائلة دوما المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

لم اكملها بعد لكن اعجبتنى الفكرة
اعجبنى ايضا لفظ " تمنطق " اول مرة اقرأه .. هل هو مألوف ام ان ولادته كانت على يدك ؟
استمرى وان شاء الله الاحداث تتضح اكثر وباذن الله نتابعك
ورمضان كريم

 
 

 

عرض البوم صور Nada Love  
قديم 15-08-10, 04:31 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 184034
المشاركات: 48
الجنس أنثى
معدل التقييم: متفائلة دوما عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
متفائلة دوما غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متفائلة دوما المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nada Love مشاهدة المشاركة
   لم اكملها بعد لكن اعجبتنى الفكرة
اعجبنى ايضا لفظ " تمنطق " اول مرة اقرأه .. هل هو مألوف ام ان ولادته كانت على يدك ؟
استمرى وان شاء الله الاحداث تتضح اكثر وباذن الله نتابعك
ورمضان كريم

يا هلا وغلا

وشكرا لتكرمك بالتواجد وابداء رأيك

بالنسبة للفظه فمعروفة ومستخدمه كثير

ان شاء الله راح تعجبك الرواية اكثر واكثر

والله يجعلنا واياك من صوام وقوام الشهر الكريم

 
 

 

عرض البوم صور متفائلة دوما  
قديم 16-08-10, 05:17 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 184034
المشاركات: 48
الجنس أنثى
معدل التقييم: متفائلة دوما عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
متفائلة دوما غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متفائلة دوما المنتدى : الارشيف
افتراضي

 







~~ ( 3 ) ~~




كما توقعت هند..
تجمع كثير من الناجين قريبين من بعضهم، في المكان الذي حددته مسبقاً..
قدّرت عددهم بأنهم أكثر من المائتين وأقل من الثلاثة..
الآن، صار عليها أن تحدد الخطوة التالية..
فلا يبدو أن أحداً ينوي تحديدها سواها.!..

تطوع من لديهم خلفيات طبية بفحص المصابين، بطريقة بدائية طبعا..
ساعدوا من يمكنهم مساعدته، أو أمكنهم إبقاء حالته مستقرة..
أشارت عليهم هند بتصنيف المصابين، حتى تتضح لديهم أولويات المتابعة.
أخبرها الطبيب الوحيد الموجود معهم أن ذلك ما ينوي فعله، ليسهل على فرق الإنقاذ عملهم عند وصولهم وينقلون الحالات العاجلة أولاً..

"فرق الإنقاذ"!!
ذكرتها هذه العبارة بما تمنت أنها لا تعرف..
كانت تتمنى لو كان كلام الرجل من محطة النانو غير صحيح..
إلا أن لا إشارة لقدوم أحد..

كان الظلام قد حل، إلا أنها ليلة قمراء، من حسن حظهم..
طلبت هند من الرجال الأربعة الذي ساعدوها سابقاً أن يبحثوا عن كل ما يمكنهم من إشعال النار، وقد تدبروا أمرها..
الواقع أن هذه النار لم تكن فقط للدفء، إنما كانت تشعرهم بالأمان..
فقد تحلق الناس حول شعل النار..
ربما تحديقهم إلى لهبها المتراقص ساعدهم على تمضية بعض الوقت أيضاً..

صلت هند، ودعت الله تعالى أن يعينها على إيجاد هيفاء، صار همها الأول أن تجدها..
كل من كان مصاباً وأمكن تحريكه موجود هنا.. إلا أن هيفاء ليست هنا..!

طلبت من بعض (معاونوها!) أن يأخذوا معهم شعلاً من النار لمساعدتها في البحث عن هيفاء..
أخذتهم للمكان الذي خمنت أنهما كانتا فيه تقريباً..
بالرغم من الظلام فإن البحث يبدو أسهل وأكثر تحديداً..
و.. هناك من يبحث معها هذه المرة..
كانوا يرفعون بقايا الألواح والحاويات وما تناثر من بقايا الحادث..
وهي تنادي عليها..
وفي هدوء الليل..
وسط الصحراء..
وبعزلة عن كل العالم..
تهيأ لهند أنها تسمع صوتاً..

هتفت مسرورة "إنها هيفاء"

حددوا معها مصدر الصوت ، وتمكنوا من الوصول إليها أخيراً..
ها هي هيفاء.. بالكاد تفتح عينيها، والجروح في سائر جسدها..
بكت هند وهم يرفعون هيفاء ثم حضنتها بكل ما تبقى لديها من قوة..

كانت تستمد من هيفاء كل عزاء بقي لها في هذه الدنيا..
كانت كل ما تحتاجه الليلة.




***





بعد صلاة الفجر الثانية من بعد الحادث، كان الأمر قد اتضح للجميع..
لن يأتي لنجدتهم أحد!!!
ترددت هذه العبارة وعبارات أخرى مشابهة لها بين الجميع..
البعض أخذ في الصراخ، والبعض الآخر يبكي ويولول مما سوف يحل بهم..
"سنموووت" كانت هذه أكثر الكلمات تردداً..
والمشكلة الكبرى أن أحدهم قد أخبر البعض عن النظرية التي طرحها مختص النانو سابقاً..
البعض ثار وهاج وكأنه يشعر بالخيانة، وعمت الفوضى ...
هتفت بهم هند بضرورة تمالك أعصابهم، وبأنهم سيجدون حلاً بعون الله تعالى، وأن الله سبحانه معهم إن هم أبعدوا الشيطان الرجيم عنهم..
أحست أنها قوية بعد أن اطمأنت بوجود هيفاء معها..
ومن حسن حظها، أو بالأحرى حظهم جميعا، ثقة بعض الموجودين بها، ودعمهم إياها..
بالرغم من وجود بعض المحبطين..
اتفقت مع معاونيها على أن يكوّنوا مجموعات بحث، البحث عن حاويات الماء والطعام أو حبوب مصادر الطاقة.. كانت الحاويات متوفرة في كل مكان في المدن العصرية، فلابد من نجاة بعضها من الحادث..
كما أن عليهم البحث عن أي وسيلة اتصال تعمل ، تمكنهم من التواصل مع بقية العالم..
كما أن عليهم إعداد أماكن الاستظلال، فبعد ساعتين ستصبح الشمس قاتلة من شدة الحرارة التي تبعث بها، وأجسادهم لم تعتاد على التعرض لأشعة الشمس هكذا بدون حواجز..




***





لم تكن نتائج البحث سارّة..
فالقليل فقط من حبوب الطاقة تم جمعها، أما الطعام فكان أقل بكثير، نتيجة شدة الضرر الذي تعرضت له أغلب حاوياتها التي وجدوها..
الماء، لا نتيجة!
أما وسائل الاتصال فلم يعمل منها شيء حتى الآن..
أغلبها محطمة، وما لم يتحطم منها فلم يعمل..
"لا يوجد طاقةلتشغيل الأجهزة" قال أحد أعضاء مجموعة البحث " سنرتاح قليلاً ثم نعاود البحث في جهات أخرى عن أي شيء يمكننا الاستفادة منه كمصدر للطاقة" فكامل المدينة العصرية كانت تعتمد على مصدر الطاقة المركزي، لا وجود لبدائل معروفة!
النتيجة الأفضل كانت مع مظلات الإيواء البدائية التي تم إعدادها.. فباستخدام بقايا ألواح الحاويات، مع بعض قطع الملابس، كونوا ما يشبه الخيام الصغيرة، وابتدئوا بإيواء الجرحى والأطفال والنساء وكبار السن أولاً..
أحضرت هند لصديقتها حبة للطاقة، وجلست معها وهي تـُحكم الغطاء حول كتفي هيفاء..
"تدلليني كأني ابنتك الصغيرة التي ضاعت منك! لو كنت أعلم أنك تحبينني هكذا لاستغليتك جيدا منذ زمن طويل" قالتها مازحة
"أولم تفعلي؟!!" قالت هند ضاحكة، دفعتها هيفاء وهي تضحك أيضاً..
شعرت هند بأنها استعادت أحد الأيام الخوالي، وضحكت من كل قلبها، إلا أنها شعرت بقبضة مفاجأة في قلبها..
روح هيفاء المرحة شيء جميل الآن، لكن إلى متى يمكنهم الصمود؟!!
بقي السؤال معلقاً..
شعرت بها هيفاء، كما تفعل دوما، ثم قالت بنبرة حزينة "إن لم يقتلني الحادث، فسيقتلني العطش"!!
سرحت هند قليلاً ثم قالت "سنتدبر أمرنا" وغادرت..
كانت قد اتخذت قرارها الآن..





***





جمعت هند معاونيها ومعهم أخصائي محطة النانو..
"علينا أن نتحرك الآن لنجد مخرجاً سريعاً مما نحن فيه، فالانتظار لن يعني لنا سوى الموت، والله يعلم ما المسببات التي ستحل بنا طالما نحن مستسلمون هكذا" شعرت هند أنها حمستهم بقدر كافي بحديثها هذا..
"وما بيدنا أن نفعل؟"
سألتهم هند "من منكم يعرف المنطقة القديمة هنا؟"
ظهر التردد عليهم.. نظرت هند بإلحاح لمن بدوا الأكبر سنا..
قال أحدهما "انتقلت إلى هنا بعد أن تم توظيفي في أحد الشركات المشاركة في تطوير المدينة العصرية، لم أعرف المنطقة القديمة قط"
"وأنت؟" سألت الآخر بحزم
كان متردداً ثم قال "لست متأكداً بأني أعرفها، كنت صغيراً وقتها ولا أدري حتى كيف أصل إليها..."
قاطعته "كم كان عمرك؟"
رد عليها"ربما 16 أو أقل.."
قالت بحزم "هذا يكفي".. تابعت "يمكننا أن نعرف الاتجاه بسؤال الآخرين لابد من وجود من يعرف، لكن المهم أنك قادر على أن تتعامل مع المنطقة القديمة لتسهل التحرك بها والوصول للمطلوب منها..
قال بثقة هذه المرة "نعم أستطيع"..
قالت حاثة لهم بسرعة الحركة "أنا متأكدة أننا لو سألنا سنتمكن من تحديد الاتجاه، ما أريده منكم أن يذهب فريق منكم ويحضر لنا ما يكفي من الماء"!





***





مضت أكثر من ست ساعات على مغادرة الفريق ولم يعد بعد..
في أعماقها، علمت هند أنهم لن يعودوا..!




 
 

 

عرض البوم صور متفائلة دوما  
قديم 18-08-10, 08:54 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
jen
اللقب:
عضو راقي
ضحى ليلاس
الوصيفة الاولى لملكة جمال ليلاس


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46967
المشاركات: 4,719
الجنس أنثى
معدل التقييم: jen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1999

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
jen غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متفائلة دوما المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

عزيزتى متفائلة دوما


ما شاء الله .. روايتك مميزة بفكرها المختلف وحدوتها المبتكرة وفصحتها السلسة
ووصفها الذى نقلتينا به الى عالم ثانى ودنيا غير ..

مدينة عصرية علمنا عنها قليلا وفجأة ينقلب العالم ليجد الابطال نفسهم قد عادوا الى المدينة القديمة التى لا يألفونها وبعضهم لم يراها يوما

فكرة جديدة وغنية جدا .. من اين اتتك تلك الفكرة التى تحتاج لخيال خصب وابداع لا نهائى لتروين علينا تلك التفاصيل الدقيقة التى لا نألفها .. العالم الافتراضى ! وتلك المجسات التى تستشعر مركز الشم لدى كل شخص لتدفع اليه برائحته المفضلة !! بصراحة عالم بكل تفاصيله غريب ومثير ومبدع



من النادر ان اقف امام الفاظ فلا اعرف ما تعنى .. فما تعنين بالحاويات ؟ ايلاء ؟
وما هى حبات الطاقة تلك ؟


ما حدث حقا وقلب العالم هكذا رأسا على عقب لم نستوعب سببه بعد حتى بعد كلام رجل الطاقة


وكيف كانت المدينة العصرية تلك ؟؟ وكيف سيواجهون المدينة القديمة ؟؟



احداثك كلها اثارة وعالما مبدعا خيالك الغزير صوره لنا وشدنا اليه



همسة :
عزيزتى اياكى ان ينقص تفاؤلك ولو شعرة لو خاب ظنك من التشجيع والمتابعة فيجب ان تتحملى عاقبة خيالك الخصب فالبعض قد لا يكون على قدر ذلك الخيال وقد لا يتقبله .. ثم ان رمضان الانشغال فيه يتزايد كثيرا



استمرى يا عزيزتى لنتابع معكى هند وحدوتة المستقبل الغامض معها !!

هل هناك موعدا محددا تنزلين فيه البارتات !


دمتى بكل الود
تحياتى


اختك
جين

 
 

 

عرض البوم صور jen  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيادة, رواية، خيال علمي، النانو، المستقبل، علم الاجتماع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t146977.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 20-01-17 09:56 PM


الساعة الآن 02:15 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية