3-رنين اجراس القلب
وفي أرتياح كبير , أزاحت نظرها لدى سماعها الباب ينفتح فجأة , كانت أيلينا , الشاحبة في ثوب حريري نظيف , وفي يدها قبعتها, شرحت تقول:
" أبي.........".
ثم توقفت , مترددة لدى رؤيتها سوزان واقفة في وسط الغرفة.
كان مارشيللو يستند الى عكازيه , فأنتصب وهو يراها تدخل , فصرخت لوسيا التي كانت وراء الفتاة:
" أيلينا! كم مرة قلت لك ألا تدخلي الى مكتب والدك قبل طرق الباب ؟ المعذرة يا سيدي".
" لا بأس , يا لوسيا , في أمكانك الذهاب الآن , هل عادت عمتي؟".
قالت الخادمة وهي ترمق سوزان بنظرة خاطفة:
" نعم , يا سيدي , هل تريد المزيد من القهوة؟".
" كلا , شكرا , يا لوسيا".
عندما ذهبت لوسيا نظرت سوزان الى الفتاة الواقفة على عتبة الباب تلعب بشريط قبعتها , هل عصبيتها ناتجة عن وجود سوزان , أم للتوبيخ الذي نالته لأنها دخلت من دون أن تطرق الباب؟
سألها مارشيللو باللغة الأنكليزية :
" هل سبق أن تعرفت الى الآنسة هانت , يا ايلينا؟".
ومن دون جواب ألقت الفتاة بنظرة سوداء الى سوزان.
فقالت هذه الأخيرة لتخفّف من حدة الجو:
" لقد تبادلنا التعارف مساء أمس , أليس كذلك , يا أيلينا؟".
ظلت ساكتة تفرك بقدميها في عصبية , فقال مارشيللو في قلق:
" أيلينا , طرحت عليك سؤالا !".
ظلت جامدة , وأحنت رأسها من دون أن ترد .
" أنني آسف حقا لتصرف أبنتي اللاخلاقي".
قالت سوزان في لهجة خفيفة وهي تتجه نحو الباب :
" لا أهمية لذلك , أرجو المعذرة يا سيدي.... لا شك أن بيترو عاد.....".
منتدى ليلاس
" لحظة , من فضلك".
وبرغم لهجته الآمرة , وضعت يدها على م*** الباب , عازمة على أن لا تدعه يسيطر عليها , لكنه أجتاز الغرفة في سرعة من دون الأتكاء على عكازيه وتمسك بذراعها بقوة كادت أن تصرخ منها , وفي سرعة , أوقع أحدى عكازيه , فأسرعت أيلينا لتلمها , فسألها مارشيللو:
" هل ستخبرين بيترو كل ما سمعته ورأيته؟".
قدمت ايلينا العكاز الى والدها وتخلصت سوزان من قبضته في أرتياح , وقالت وهي تحك ذراعها المؤلمة:
" لست هنا ألا لأيام قليلة , يا سيدي , ولا أنوي اتدخل في أمور لا تعنيني".
ومن دون أنتظار ردة فعله , خرجت بسرعة من الغرفة.
وبعدما أجتازت البهو الكبير , وقدماها ترتجفان أنفعالا , خرجت من جهة الساحة وتنفست الصعداء مثل سجين أستعاد حريته.
ظلت تتقدم نحو السبيل المنعش , وأشعة الشمس تعكس نورها في كل مكان , وجلست على طرف البركة الرخامية ,وسرحت في أفكارها تاركة أصابعها تتبلل في ماء السبيل , بينما كانت تتأمل حورية في ويط المياه , وأخيرا , ألتفتت فجأة , فلم تر أحدا وراء زجاج مكتب مارشيللو وشعرت بحماقتها , وكانت على وشك الأشاحة بنظرها عندما رأت شيئا يتحرك في شرفة الطابق الأول , رفعت عينيها وشاهدت وجه صوفيا دي فالكونيه المتقلص.
قالت في أستغراب:
" آه , صباح الخير , يا سيدة فالكونيه".
الظاهر أن المرأة كانت قد أستيقظت لتوها من النوم , شعرها مشعث وهي ترتدي قميص نوم حريريا شفافا.
" صباح الخير , يا آنسة هانت , هل أنت من المعجبات بأفروديت؟".
قالت سوزان وهي تغمز بعينيها في أرتباك تحت أشعة الشمس القوية:
" أفروديت ؟ آه تعنين التمثال......".
قالت صوفيا في جفاف:
" لا أعتقد أن أفروديت تحب أن تنال مثل هذا الوصف , هل هناك أبعد , أو أجمد من تمثال على قاعدته؟أن الذين يعشقون أفروديت , رمز الحب , يحمرون خجلا لدى سماعهم ما تقولينه".
لم تكن سوزان تنوي الدخول في حوار حول هذا الموضوع , يكفي ما عانته , فغيرت الحديث وقالت:
" الطقس جميل , ما رأيك؟".
بدا على صوفيا خيبة الأمل , وأجابت وهي تهز كتفيها قبل أن تدخل الى غرفتها:
" يوم كهذا , أرى مثله كل يوم , يا آنسة".
هل هذه غرفتها ,أو غرفة.......... آه .... لا دخل لسوزان بالأمر ..... لديها أحساس بأن صوفيا تنام في غرفة مستقلة ..... لكنها قررت أن تحاول عدم التفكير بكل هذا وعادت تنظر الى السبيل , وخيل اليها أن التمثال الرخامي يحدق فيها بعينيه الفارغتين وفي سخرية , أبتعدت سوزان نحو بقعة مزروعة بالزهور.
" آه , سوزان , أنت هنا ! أنني أبحث عنك في كل مكان!".
شعرت بأرتياح لسماعها صوت بيترو , الذي كان يرتدي سروالا من المتان وقميصا معرقة.
" آه , أنني آسفة ....".
قال في أبتسامة حنون:
" تريد الوالدة أن تأتي لأحتساء الشاي معها , هل أشتقت اليّ؟".
كانت سوزان تفضل أن تبتعد ولو لفترة عن جو المنزل الخانق وتبقى وحدها مع بيترو , لكن كيف في أمكانها أن تقترح عليه مثل هذا الأمر من دون أن يتساءل عن السبب ؟ لذلك أكتفت بالرد عليه قائلة:
" قالت لي لوسيا أنك ذهبت الى الكنيسة ,أنني آسفة جدا لأنني لم أستيقظ باكرا لأذهب معكما".