كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
معلش النت بطئ شوي
كانت تشعر بالغضب والإذلال، فالسبب الذي يدفعه للتراجع عن إقامة علاقة عاطفية معها.. هو أنه لا يعتبرها لائقة لاحتلال أي مكان في حياته عدا أن تكون كلب حراسة لأمه.
كيف أمكنها أن تخطئ وتظنه يتودد إليها.... وأنه بدأ يبادلها الشعور؟ لا بد أنه يراها حمقاء كي يظن أنها طوع أمره وستكون كذلك علي الدوام؟
وتساءلت كم من الوقت سيمر قبل أن يدرك أنها ليست في غرفة الحمام بل غادرت المطعم. كانت قد أصبحت في منتصف الطريق المؤدي إلي القرية، حين تذكرت أنها نسيت وشاحها علي مسند الكرسي، وأنها لا تحمل مفتاحاً للمنزل.
كبحت شتيمة تعلمتها في السجن كادت تفلت من فمها، وشعرت بالندم لأنها لم تحمل المفتاح الاحتياطي المعلق علي مشجب المعاطف في الردهة. وستضطر للبقاء في الشارع في انتظار حضور غراي وهو آخر ما تتمناه، ولكن لم يكن أمامها بديل كما يبدو.
لو أن الكنيسة مفتوحة لجلست فيها، لكنها شبه متيقنة من بقائها مغلقة خارج أوقات الصلاة.
يمكنها أن تتمشي في الدروب بين كروم العنب التي تغطي أرض الوادي. ولكن رغم تألق القمر، رأت سحباً سوداء تنتشر من الغرب ولن يمضي وقت طويل حتى يعم الظلام.
* * *
وبينما كانت تفكر فيما عليها فعله، وضع غراي قائمة الحساب في جيب بنطلونه الخلفي وغادر المطعم، لاعناً نفسه لسوء معالجته الموقف.
فقد أفسد الليلة أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إليه وهو المحنك الخبير بمفاوضات العمل وما تتطلب من دقة وحسن تصرف.
في البداية عندما نهضت لوسيا وتركت المائدة، ظنها ذهبت لتلوذ بالحمام إلي أن يهدأ غضبها وتسيطر علي نفسها، أو تنفس عن مشاعرها بنوبة دموع. نشأته بين أخوات ثلاث جعلته يتعرف باكراً علي تلك الدموع التي يحتفظ بها الرجال لأعمق الأحزان بينما تتخذ منها النساء غالباً وسيلة للتنفيس عن المشاعر والاحتقان.
منتديات ليلاس
وبالرغم من ذلك، جعله التفكير في مشهد لوسيا وهي تبكي، يندم. إلا أنه أدرك بعد دقائق أنها قد تركته وغادرت المطعم غاضبة، وما تركها الوشاح علي الكرسي إلا سهواً غير مقصود، وعندما سال النادل الواقف عند المدخل، تأكد من أن "السنيوريتا" خرجت.
وهو يهبط التل للحاق بها تساءل عما ينبغي له قوله لإصلاح الأمر بينهما أو جعله مقبولاً إلي أقصى حد ممكن طالما أن القيود الحالية في حياته باقية.
لم يجد تفسيراً مقبولاً لما سيقوله، فالتفسير الحقيقي لا يمكنه البوح به لها، لأنها قد لا تجده معقولاً، فالنساء ينظرن إلي الحياة من منظور مختلف، أي من قواعدهن الصارمة وأمه هي النموذج البارز.
فقد تخلت عن كل شيء له قيمة عندها بسبب حبها لأبيه. كان ذلك مجرد قرار عاطفي اتخذته فتاة شابة انطلاقاً من عواطفها المحمومة نحو رجل لا يريد أن يقدم أي تنازل.
وكانت تلك غلطتها، لكن المرأة هي المرأة. ففي اللحظة التي تقع فيها بالحب، ترمي بعقلها جانباً، كان عليها أن تنتظر وتختبر عمق مشاعرها، لكنها نشأت علي قناعة أن هناك حباً حقيقياً واحداً في الحياة، وأن أباه هو الحبيب المناسب، فقفزت نحو هذا الزواج الذي قد يكون أحد الأسباب التي أدخلتها المستشفى الآن.
أما خبرته فعكس خبرتها. كان في التاسعة عشرة حين تلقي درساً مؤلماً في الحب شكل لقاح المناعة له ليس ضد الرغبة بل ضد العاطفة والحنان الذي يفرق بين الحب والشهوة.
لقد حاول، لفترة، أن ينكر الحنان الذي أيقظته لوسيا في نفسه.
والآن، لقد قالتها بكل وضوح، إنها تراه جذاباً جسدياً لكنها لا يمكن أن تنسي أبداً أنه السبب في سقوطها، فهو الرجل الذي أدت شهادته إلي معاناتها، ذلك كابوس سيظل يراود أحلامها بقية حياتها.
|