كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
بذلت لوسيا كل ما لديها من ضبط النفس كيلا تخبره بأنها لم تعرف قط شخصاً مثله مزهواً بنفسه وحاملاً ازدراءً للآخرين.
تلك الملاحظة السيئة وقفت علي طرف لسانها، وعندما كبحتها، أدركت من لمعان عينيه أنه يعلم ما في ذهنها وهو يتعمد تحريضها علي قول شيء يمكنه أن يستغله ضدها.
نزلت من السيارة ثم وقفت وهي تقول بتهذيب ساخر:
- سأبذل جهدي. أعدك بذلك.
* * *
ذكري محاولاته طردها من المنزل لم تبرح ذهنها في كل مرة كانت تركب هي وأمه، السيارة التي استأجراها لاستكشاف الأزقة الضيقة والطرق الساحلية الملتوية في تلك الجزيرة الصغيرة " غوراني" التابعة للتاج البريطاني، لكنها أقرب إلي الساحل الفرنسي.
أعلنت روزماري أثناء ذلك.
- أتمني لو يقوم غراي بزيارة خاطفة لنا ويمضي بيننا يومين.
منتديات ليلاس
وكانت لوسيا تتمتم موافقة، وفي داخلها تتمني العكس. لقد شغفت حباً بهذا المكان ولا تريد أن يتبدد شعورها بحضور غراي المزعج.
كانتا محظوظتين بالنسبة إلي الطقس، حيث تقضيان ساعات في الرسم خارج البيت، وفي اليوم الذي غادرتا فيه الجزيرة، قالت لها روزماري:
( لقد تحسنت صحتك كثيراً).
* * *
نجاح أول رحلة للرسم لهما، جعل روزماري متشوقة للمغامرة في أمكنة أبعد. كانت تعلم بمنزل في اسبانيا استأجره بعض الأصدقاء لعطلتهم الصيفية ووصفوا لها موضعه المثالي.
في المساء، أعلنت التنبؤات الجوية علي شاشة التلفزيون أن أمامهم شهراً ممطراً، فاتصلت بأصحاب ذلك البيت علي رقمهم الانجليزي واتفقت معهم علي استئجاره لمدة اسبوع قابلة للتجديد إذا شاءت.
وفي الصباح التالي، اتصلت بمكتب سفريات في أقرب مدينة وطلبت حجز مقعدين في الدرجة الأولى علي الطائرة المتجهة إلي "أليكانت".
سمع غراي بهذا التطور حين جاء إلي لاركوود في العطلة الأسبوعية ليحضر حفلة العشاء التي دعت إليها روزماري منذ مدة كجزء من برنامج دوري يقيمه أصدقاء للاحتفال بضيف ذي مركز هام.
وقالت للوسيا:
( لقد رتبت أمر المدعوين قبل أن أتأكد من حضورك إلينا، فأرجو ألا تمانعي في عدم حضورك الحفلة).
- طبعاً لا، أنا لا أتوقع أن أحضر كل مناسباتكم. وإذا كان بالإمكان، سأمضي السهرة في قراءة كتابك الجديد الدليل "السياحي".
وكانت مجموعة من الكتب السياحية قد وصلت من لندن هذا الصباح. وصل غراي قبل الضيوف بعدة ساعات، وكان يبدو مرهقاً بعض الشيء كما رأته لوسيا يدخل إلي غرفة الاستقبال وكأنه أمضي أسبوعاً مجهداً.
كانت لوسيا كلما نظرت إليه تراه أكثر حيوية ونشاطاً من أن يقضي حياته وراء مكتب، أو يترأس مائدة اجتماعات.
كانت تتصوره، بدلاً من ذلك، في برج قيادة سفينة، أو في مركز قيادي في الجيش... نعم في إمكانها أن تتصوره في أية وظيفة من مراسل حربي علي شاشة التليفزيون، إلي مدير صالة للمزاد العلني لبيع روائع فنية. لكنه لا يبدو مناسباً لعمله الحالي.
فطول قامته وكتفاه وفكه القوي كلها لم تكن صفات رجل أعمال.
وجدت لوسيا صعوبة في إبعاد نظراتها عنه فقد كان يجذبها كما يجذب المغناطيس الحديد.
خبر رحلتهما الوشيكة إلي اسبانيا جاء ذكره بعد دقائق عندما ذكر غراي افتتاح فيلم في لندن الأسبوع القادم، قائلاً:
( أظنكما ستتمتعان به إنه كوميديا هزلية).
- أنا واثقة من ذلك، ولكن علينا أن نراه في وقت آخر.
قالت روزماري هذا وهي تذكر السبب الذي يمنعها من رؤيته الأسبوع القادم.
توقعت لوسيا أن ترى العبوس علي وجهه، لكنها دهشت عندما استقبل الخبر بلا مبالاة.
وأعلنت روزماري أن الوقت حان لتغير ملابسها، فخرجت لوسيا معها.
بعد ذلك بأربعين دقيقة، كانت لوسيا تقرأ كتاب "الدليل السياحي" عندما سمعت نقراً علي باب غرفتها. كانت تعلم أن الطارق ليس روزماري ولا برادي، لا يمكن أن يكون القادم سوى شخص واحد، رغم أنها لا تعرف سببا يدفعه للقدوم إلي غرفتها.
- أدخل.
عندما فتح الباب، وضعت الكتاب من يدها وقد تذكرت يوم اندفع إليها في الحمام. فاحمرت وجنتاها بفعل الذكرى وتمنت أن لا يبدو عليها ذلك.
|