كاتب الموضوع :
زجاجة عطر
المنتدى :
الارشيف
لا يرُى النور
عتمـة الديجـور
1-1
أغلقت الباب خلفها بحرص شديد خشية أن يُسمع صوت إغلاقها له
ويكتشَف أمرها ,أخذت تسير بخطوات ترتجف باتجاه المجهول ...
شعور مرعب اقتحم قلبها وهز كيانها ليبعثرها إلى أشتات ويعيد تشكيلها من جديد ...
صُدمت من نفسها فهي لم تتصور يوماً ولو للحظة أن مثل هذا الفعل قد يصدر منها
إلا إن حياتها معهم باتت جحيم أسود يحرقها بلا رأفة أو رحمة لرقتها
بل إنه يهشمها إلى أن يمحها من هذا الوجود ...
أخذت تسير وتسير بلا هدف ولا أمل فكل الأهداف سحقتها سيطرتهم
و أسمى الآمال مسختها أنانيتهم ...
بدا طريقها مجهول كثيرا فهي حذرة جدا في تعاملها مع الآخرين
لذا هي تعيش في عزلة وسط أحلامها ولعل حذرها لم ينتج لها
سوى الكثير من القلق والشك وعدم الإحساس بالأمان أو الاستقرار النفسي
ولم تكون أية صداقات نتيجة طبيعية لكل هذا ...
وقفت على جادة الطريق وفكرت لدقائق إلى من قد تلجئ
ومن ذا الذي سيستضيفها عنده فلم تلقى لذلك إجابة ...
إلا أنها نست أن هنالك باب لم تطرقه قريب منها إلى حد لا يُصدق ,
ليس قريب منها هي فقط بل إنه قريب من الجميع ...
صوت ما أعادها للواقع المر أنها مجرد فتاة وحيدة في شارع ضيق خالي تماما من الناس
: يا حلو ما تبى توصيلة
وصلتها سخرية الآخر بصوته الغليظ : لا شكلو ثقيل لا تخافي يا حلوة ترى حتكوني في الحفظ
والصون
لتجتاح جسدها قشعريرة وتسري في أطرافها رعشة
أكمل بالصوت ذاته : طيب أدينا نظرة على الأقل أجبر بخاطرنا ياهو
لم يحركها خوف ولم يظهر انفعالها لو أن الظروف اختلفت
لكانت تصرخ الآن أو قد تتهور بضربهم أي انفعال يبين غضبها / خوفها
إلا أن كل شيء اختلف وما عادت تعرف نفسها...
أصابها شيء كالجمود وعدم الإحساس بالواقع
ربما تمتمت بعدة عبارات منها مادمت قادرة لن أسمح لأحد بأن يتمكن مني ...
لم يستمروا بملاحقتها طويلاً بل اختفوا دون سابق إنذار ...
الأمر الذي أثار دهشتها و لم تشعر بالفرح عكس ما توقعت
ربما لأنه من غير المنطقي انسحابهم
هكذا فجأة حاولت تجاهل الأمر ...
ومشت مشت طويلا آلمها ثقل الحقيبة على ظهرها
لكن ألم قلبها أعظم , توقفت لتلتقط نفسها ركنت إلى جدار مبنى ضخم ,
وهي تحاول أن تخفف من قوة ضربات قلبها وضعت الحقيبة في حضنها
وشدت عليها بكلتا يديها كأنما تحمل طفلا رضيعا تخاف من فقده ,
تحتضنها بطلب الأمان والطمأنينة لروحها التي ما بقي بها جلد لاحتمال المزيد
لتترجم آلامها الدموع التي خطت طريقها على خديها النديين بكت كثيرا حتى جفت الدموع ...
اتجهت إلى مكان يمكنها الذهاب له دون أية عوائق أو ربما كان منجم لها ...
وأخيرا وصلت إلى إليه
المستشفى ...
أوقفها صوت أحدهم يقول : لو سمحتِ انتهى وقت الزيارة
أجابته ببرود :طيب أدري وبعدين ما عرفت أنا مين ؟
نظر لها بسخرية واستهزاء : مين أنت لا يكون بس بنت المدير
ملت منه فهو يعيقها عن صنع ما تريد : يعرب ابعد بلاش هبل
يعرب بدهشة : أنتِ كيف عرفتي اسمي صمت لثواني بعدها أجاب بصدمة أمل
أمل : ايوا فابعد أحسن لك عن طريقي
يعرب وكأنما لم يسمع ما قالته وأخذ يتأملها : تغيرتِ كثير
بينما هي لم تعره أدنى اهتمام ...
أكملت طريقها نحو قسم تنويم النساء فهي تحتاج إلى الراحة قليلا لتكمل مشوارها الطويل ...
ركبت المصعد اختارت قسم انتظرت قليلا إلى أن انفتح الباب
ودخل أحدهم أطرقت برأسها خشية أن يتعرف عليها فهي لم تهرب لتعود...
حاولت تذكر رقم الغرفة الذي حفظته عن ظهر قلب وبعد دقائق من التفكير تذكرته
اتجهت ناحية الغرفة وهي تدعي أن لا تصادف أحدا ..
للأسف لم تلحظ تلك العينين التي تلاحقنها منذ البداية ...
دخلت الغرفة بخطوات ثقيلة ابتسمت لتلك النائمة بسكينة وطمأنينة
ذات الوجه النير وسط الأجهزة المؤلمة اتخذت لها مكانا قريب من الباب
فهي ضعيفة جدا أمامها تعلم يقينا إن هذه استيقظت ستعود لعذابها وللمنزل ..
تابعت تأملها بصمت حزين علت وجهها ابتسامة منكسرة
وهي ترى الشعرات البيض التي غزت شعرها شديد السواد ..
بعد ثواني خيل لها كأنما رأت يد سوداء تمتد نحوها وتخنقها
صرخت لكن صرخة مكتومة حسبية لتلك الأهواء لم تلقى مصيرا
إلا بين أجساد الذئاب الممتدة على أرصفة ذاك الطريق...
|