أحتجت على قول تريسي:
" أن سن الخامسة والعشرين لا يعني العجز؟".
" أشعر أحيانا بأنني عجوز , أن الرجال محظوظون أكثر من النساء أذ لا يبدو عليهم تقدم العمر بوضوح مثل النساء , والرجل في الثلاثينات أكثر أثارة من المرأة في العمر نفسه, متى ستبلغين الثامنة عشر؟".
" خلال العشرة أيام المقبلة , لقد مرّ الوقت بسرعة لا أستطيع التصديق الآن".
" سيكون في بداية نيسان أذن , سأكون في السادسة والعشرين حينئذ , لنتوقف عن الحديث عن العمر الآن , هل تتطلعين بشوق للذهاب الى جامايكا؟".
ترددت سارة ثم قالت:
" نعم ولكنني أتمنى لو كان في مقدرة جي كي الذهاب معي".
" من , آه , أنه والد جارود , لماذا؟ ألا تودين جارود؟".
" نعم, ولكنني واثقة من أنه لا يريد الذهاب معي بل يفضل البقاء مع أصدقائه هنا , وخاصة معك".
" أؤكد لك بأن جارود يلتقي بنا بما فيه الكفاية أنه صديق والدي لذلك يقضي معظم الوقت في منزلنا , تعرفت به منذ كنت في عمرك وأنا مولعة به , أنه أفضل صديق لي , وأنا متأكدة بأنك ستتمتعين بصحبته في جامايكا , أقنعيه بأخذك للغوص , أنه رائع في هذا المجال".
كان حديث تريسي معها معبأ بكلمات رنانة مثل رائع ولا مثيل له , حتى بدأت سارة تفكر بأن سلوكها لا يتناسب مع عمرها , ألا أنها كانت ودودة مما ساعد سارة على التخلص من ضيقها وحرجها
منتدى ليلاس
وبقيتا تتحدثان مثل صديقتين حيث أخبرتها سارة عن حياتها مع جدها وعن حياتها مع جي كي , ثم سمعتا صوت الباب معلنا عن قدوم جارود
أحست سارة بخيبة الأمل بينما نهضت تريسي وأسرعت نحوه لترحب به , كاشفة بسلوكها عن أحاسيسها نحوه.
كان جارود لا يزال في الصالة وعلى وشك خلع معطفه , وسمعته سارة يقول :
" كلا , ليس الآن , هل وصلت سارة؟".
" آه جارود , أنك شخص كريه , نعم سارة موجودة هنا , وقضينا وقتا ممتعا سوية".
وأجبرت سارة نفسها على البقاء في مكانها رغم رغبتها في الهرب بأقصى سرعة.
نظر جارود متفحصا سارة , مأخوذا بمظهرها الجذاب:
" حسنا يا سارة , هل أنت مرتاحة ؟ ما رأيك بشقتي؟".
" أنها جميلة.........".
" يا له من ثناء , هل سمعت ذلك يا تريسي ؟ الطفلة تحب المكان".
" أنها ليست طفلة يا جارود , أذ ستكون في الثامنة عشر بعد عشرة أيام حين ستكونان في جامايكا تتمتعان بالشمس".
قطب جارود جبينه :
" صحيح , سأحاول تذكر ذلك الموعد".
" يجب ألا تزعج نفسك ".
دمدمت سارة آملة ألا يسمعها , ألا أنه رفع رأسه غاضبا فعلمت بأنه سمع كل حرف نطقت به.
بعد أن تناولوا العشاء سوية قال جارود لسارة:
" من الأفضل لو نمت مبكرة الليلة , أذ يجب علينا التوجه الى المكار في السابعة صباحا".
تساءلت تريسي عند سماعها جملته:
" وهل ستنام مبكرا؟".
فكرت سارة بعدم أحتمال ذلك , بل كان عليها مغادرة الغرفة لترك جارود وتريسي لوحدهما
ألا أنها لم تكن مصيبة في رأيها :
" كلا , يجب أن أتوجه للقاء ماث , أذ علينا أعداد بعض الأشياء , في كل حال لا أظن الذهاب الى الفراش مبكرا سيؤذيك يا تريسي".
بدا على تريسي الهم لأول مرة فقالت:
" لست طفلة يا جارود , هل أستطيع مرافقتك ؟ أنا متأكدة بأن عملك لن يستغرق وقتا طويلا , ثم أن سبب بقائي هنا بالدرجة الأولى سخيف جدا , أن جي كي فقط , قادر على التفكير بهذه الطريقة , أذ أنك تبلغ من العمر ما يؤهلك لأن تكون والدا لسارة ولا أدري لم لا يثق بك".
" أنه لم يقل شيئا كهذا , أن حضورك هنا فكرتي الخاصة , أذ لا أريد مس سمعة سارة بسوء لمجرد بقائها معي في الشقة".
" لم تخدش سمعتها لبقائها معك؟ هل تخشى ضعفك أذا تركتكما لوحدكما ؟ وهل أن وجودي سيحد من مشارك العاطفية؟".
وضحكت بعصبية , بينما أحست سارة بالألم يعصر قلبها , كلا , تريسي , لا تختلف كثيرا عن لورين والأختلاف الوحيد بينهما هو أسلوبهما في التعامل.
" أريد الذهاب الى غرفة النوم".
فنهض جارود واقفا:
" حسنا , سآخذك بنفسي".
" ظننت أن هاستيفز سيساعدني".
" تعالي معي".
وسار جارود متقدما أياها تاركا تريسي لتشعل سيكارة أخرى , وتمنت سارة لو أنها لم توافق على المجيء.
كانت غرفتها كبيرة , أصغر قليلا من غرفتها في مالثورب ألا أنها مفروشة بفخامة , كانت السجادة بيضاء والجدران كذلك , بينما كان غطاء السرير ذو لونين أخضر وأزرق , وكان الحمام الملحق بالغرفة واسعا , يكفي ثلاثة أشخاص.
منتدى ليلاس
" ليس لدي خدم هنا , يقوم هاستيفز بتلبية طلباتي فقط , لذلك عليك أعداد حمامك وترتيب ملابسك بنفسك".
" سأدبر أمري".
" بحق السماء تخلّي عن عصبيتك وخوفك , أذ أنني مخلوق مسالم صدقيني".
" لم أتصور أبدا أنك شيء آخر".
أجابته بسرعة ثم أستدارت في مكانها.
" كلا , غير أن رأيك بي لم يتحسن أبدا , لماذا؟ ما الذي فعلته عدا الدخول ببعض المجادلات معك؟".
" لا شيء , لا شيء , والآن أريد الذهاب للنوم".
" صحيح؟ أذهبي الى النوم , سأعود فيما بعد, وستبقى تريسي هنا أذا ما أحتجت لأي شيء".
ولم تستطع سارة مقاومة رغبتهافي القول:
" وهل ستبقى يقظة في أنتظارك؟".
ضاقت عيناه تساؤلا:
" ماذا تعنين بذلك؟".
" لا شيء".
" ما الذي تتوهمينه؟ أتظنين أننا ننام معا؟".
ثم أطلق ضحكة صاخبة قائلا:
" سأخيب ظنك أذ أني أنام لوحدي أحيانا".
سمحت سارة لنفسها بالنظر اليه عدة لحظات قبل أن تجيبه:
" يا له من أمر مثير للدهشة!".
وبدون أنتظار جوابه الغاضب أختفت داخل الحمام مغلقة الباب وشاعرة بالرضى عن نفسها.
ألا أنها بقيت داخل الحمام فترة تكفي لتتأكد من مغادرته الغرفة بهدوء.
*****نهاية الفصل السادس******