من وحي الثمانين
د. علي الوردي
الزميلات والزملاء الأعزاء ...
هذا هو الكتاب الثامن للدكتور علي الوردي الذي نتشرف بمسحه وتقديمه. إذ سبق لنا تقديم كتبه التالية:
1. منطق إبن خلدون - تم تقديمه بتاريخ 03-12-2008 على الرابط التالي:
2. شخصية الفرد العراقي - تم تقديمه بتاريخ 08-02-2009 على الرابط التالي:
3. أسطورة الأدب الرفيع - تم تقديمه بتاريخ 11-03-2009 على الرابط التالي:
4. دراسة في طبيعة المجتمع العراقي - تم تقديمه بتاريخ 24-06-2009 على الرابط التالي:
5. الأحلام بين العلم والعقيدة - تم تقديمه بتاريخ 14-09-2009 على الرابط التالي:
6. هكذا قتلوا قرة العين
7. الأخلاق: الضائع من الموارد الخلقية - تم تقديمهما بتاريخ 28-10-2009 على الرابط التالي:
أخيرا بقي لنا أن نقول:
تم إعتماد الأبعاد 2144x3024 PIXEL لصور الكتاب, وهي الأبعاد المتبعة في مصورات آرشيف مكتبة الإسكندرية للكتب ذوات القطع الكبير.
ومع هذا الكتاب تكون كافة كتب الدكتور علي الوردي, المعروفة قد توفرت بنسخ رقمية, وبإنتظار ظهور مؤلفات أخرى له, أختفت أو أخفيت أو هربت أو سرقت, نقول وداعا (نرجو أن يكون مؤقتا) لهذه الشخصية الفذة, التي خدمت شعبها والإنسانية.
لكم الذكر الطيب أيها الإنسان الجميل الجليل.
عن الكتاب:
هذا أولا مقال قدمه زميلنا العزيز معرفتي, في أحد ردوده, بتاريخ 24-05-2009 , وأعيد نشره هنا :
*****
من وحي الثمانين
علي الوردي... بقايا ضوء وسط الظلام العراقي
سعد هادي
كان يعتبر أن مجتمعه حصيلة للصراع بين البداوة والحضارة. 12 عاماً بعد رحيله، ما زال راهناً ويثير السجال. كتاب جديد يسلّط الضوء على هذا المفكّر العلماني الذي أزال الأصوليون قبره بعد الاحتلال الأميركي للعراق
حاول علي الوردي خلال حياته (1913 ــــ 1995) أن يقدّم تحليلاً موضوعياً للمجتمع العراقي، اعتماداً على ثلاث فرضيات: الصراع بين البداوة والحضارة، ازدواجية الشخصية والتناشز الاجتماعي.
اعتُبر الوردي الذي درس في بيروت، ولاحقاً في تكساس، من أكثر المؤلفين العراقيين شعبيةً. هذا العالم الاجتماعي والمؤرخ الذي عرف باعتداله وموضوعيته يُعدّ من روّاد العلمانية في العراق. وقد ظل باستمرار محط جدل بين مؤيديه ومعارضيه. منهجه الذي استند إلى الحيادية في تفسير وقائع التاريخ ومظاهر الحياة المعاصرة كان يثير لدى المتنوّرين أسئلةً بشأن أصول الأعراف والتقاليد، وتأثيرها في توجهات الفرد وخياراته، من دون أن يقدّم أجوبة شافية لها. أما رجال الدين والسلفيون فكانوا ينظرون بريبة إلى ما يقوله ويكتبه. وقد حاولوا دائماً تسفيه آرائه. حتى أنّ بعضهم وصفه بالمارق الذي يتحدّى المقدّسات ويغامر بمواجهة المحرم.
كتاب «من وحي الثمانين» الذي أصدرته «مؤسسة البلاغ» (دمشق ـــ 2007) يشكّل إضافةً إلى تراث الوردي الذي توقف عن النشر في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، بعد ثمانية أجزاء من كتابه الكبير «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» وذلك بعدما تعرّض إلى مضايقات من نوع آخر. إذ جاءت هذه المرة من دوائر السلطة التي كان منهج الوردي وتحليلاته على النقيض من توجّهاتها الشمولية.
وعدا مقالات متفرقة هنا وهناك، لم ينشر صاحب «وعاظ السلاطين» (1954) و«مهزلة العقل البشري» (1955) أي كتاب آخر. وقد اكتفى بالإعلان عن كتابته لمذكرات صريحة لم يُعثر عليها بعد وفاته، إلى جانب كتاب كبير اختفى أيضاً بعنوان «طبيعة البشر».
يقدّم كتاب «من وحي الثمانين» الذي حقّقه وعلّق عليه تلميذ الوردي ومريده الصحافي العراقي سلام الشماع، أفكار الوردي الأساسية، كما وردت في سلسلة من الحوارات كتب أسئلتها وأجاب عنها، ونُشرت مطلع عام 1990 في إحدى الصحف العراقية. يشير مثلاً في فصل بعنوان «بقايا الفترة المظلمة» إلى أنّ المشكلة الرئيسية التي عاناها مع الكثير من أمثاله هي أنّ الخطابيين البلاغيين يتدخّلون في كل موضوع حتى في المواضيع التي لا يعرفون عنها شيئاً. فهم يملكون سلاحاً صارماً، على حد تعبيره يصولون ويجولون به هو سلاح الألفاظ الرنانة، وهم يطلقون ألسنتهم في نقد المفاهيم الحديثة ويأتون بالأدلة العقلية والنقدية التي تؤيد وجهات نظرهم. ويعقّب الشماع أنّ مناظرة جرت بين الوردي وعدد من رجال الدين انتقدوه بعد صدور كتابه «وعاظ السلاطين».
وقد وصل الأمر إلى حد تكفيره، وقد حصلت المناظرة وتحدث فيها الوردي طويلاً ثم خرج إلى بيته تحت الحراسة خوفاً من تعرّضه إلى اعتداء.
ويرى الوردي في الفصل ذاته أنّ الفترة المظلمة التي استغرقت حوالى ستة قرون كانت أفظع فترة مرَّ بها العراق في تاريخه الطويل، من حيث الانحطاط الحضاري، مضيفاً أنّ القيم والعادات الاجتماعية التي شاعت فيها لم تختف فجأة، بل ظلت مؤثرة لزمن غير قصير.
في فصل آخر بعنوان «ازدواج الشخصية»، يرى علي الوردي أنّ موضوع الازدواج قد أسيء فهمه وأنه لا ينحصر في العراقيين دون سواهم، بل هو موجود في جميع المجتمعات، لكنه يتفاوت تبعاً لاختلاف الظروف... وهو ينشأ في المجتمع عند وجود نظامين متناقضين من القيم. فالفرد يتلقى نوعين من الإيحاء الاجتماعي، أحدهما يدفعه إلى تقدير أخلاق معينة، والآخر يدفعه إلى تقدير أخلاق مناقضة لها. لذا، يتخذ في حياته سلوكين مختلفين من حيث لا يدري.
أما عن صراع البداوة والحضارة، فيعتبر الوردي أن المجتمع العراقي حصيلة له. هو يرى أن أي مجتمع في النهاية هو حصيلة الظروف التي مر بها. العراق الذي شهد أقدم الحضارات في تاريخ البشر، يقع على حافة صحراء تعج بالقبائل البدوية. وقد اعتادت هذه القبائل أن تتسلّل إلى العراق كلما انحطّت الحضارة فيه، لكي تفرض قيمها البدوية عليه. ورداً على من اتهموه بالتركيز على الجوانب السلبية، يرد الوردي أنّه لا ينفرد بذلك بل هو شأن جميع الباحثين الاجتماعيين في العالم حين يدرسون مشكلات مجتمعاتهم... كما أنّ شروط المنهج العلمي تستدعي ذلك.
ومثلما يبدو «من وحي الثمانين» كأنه مراجعة لأبرز ما اهتم به الوردي خلال سنوات حياته مفكراً وإنساناً وباحثاً اجتماعياً، يبدو أشبه بالوصية الأخيرة له، في ظل غياب مخطوطاته التي لم يجرؤ على نشرها خلال السنوات الطويلة من حكم البعث... وكان يسرُّ بأفكارها وموضوعاتها الأساسية لأصدقائه ومريديه، ولكن لا أحد يعلم أين هي الآن.
وإذا كان الوردي قد تعرض مراراً إلى الاغتيال المعنوي في حياته، فقد تعرض بعد الاحتلال الأميركي إلى اغتيال من نوع آخر. هكذا، أزيل قبره مع عدد من قبور مجايليه من أبناء العراق الحديث حين استولى تنظيم ديني على مقام «براثا» الذي دفن فيه، لم يغفر رجال الكهنوت لهذا المفكّر ما عدّوه أخطاء، ما زالت كلماته تؤرقهم بعد سنوات من رحيله مثلما أرّقتهم في حضوره! دليل آخر على أن علي الوردي شاهد أساسيّ على عصره المريض.
موقع الأخبار
عدد الجمعة ٢ تشرين الثاني ٢٠٠٧
*****
وهذا مقال ثان عن الكتاب وجدته على الشبكة وآثرت نقله لإطلاع أعزائنا وعزيزاتنا:
*****
قراءة في كتاب «قارئ ثقافة الشعب العراقي»
من وحي الثمانين كتاب يرسم الخريطة الذهنية للوردي
الوسط - حبيب حيدر
يلذ للصحافي سلام الشماع مؤسس جمعية محبي الوردي، ومؤلف كتاب الجندي المجهول، أن يسرد مقولة المفكر الاجتماعي علي الوردي فيه التي يرددها في مجالسه بسخرية أثيرة لديه إذ يقول الأخير «لكل نبي فرعون وفرعوني هو سلام الشماع» ففي كتاب من وحي الثمانين عكف الشماع على مجموعة مقالات متفرقة، ومقابلات متعددة أجراها الوردي في بعض الصحف، فصاغها الشماع بتصرف في شكل مقالات متتابعة محافظا على روحها العامة وأصدرها كتابا بعنوان «من وحي الثمانين» طباعة دار البلاغ، في 223 صفحة من الحجم العادي.
ويجد القارئ في هذا الكتاب مجمل الأفكار التي أوحى بها الوردي وكانت ديدنه في كتبه بما يشكل الخريطة الذهنية لأهم ما ذهب إليه الرجل في معالجته للمجتمع العراقي وتحولاته، وكذلك أهم انشغالات الوردي الفكرية وما دار حولها من سجال ثقافي، من مثال مفردتي البداوة والحضارة وتجذرهما في المجتمع العراقي، وتعميقه لرؤية ابن خلدون فيهما وفي ولع المغلوب وتقليده للغالب، وكذلك الأمر في نعيه على المجتمع العربي هيمنة الشعر وسيطرة الأدب الرفيع وتجذره في الثقافة العربية، أو ما سماه مؤلف كتاب النقد الثقافي عبدالله الغذامي حديثا «شعرنة الذات العربية» وقد سبقه الوردي إلى الكلام حول دور الشعر في تشكيل الثقافة العربية كحاجز عن سلوك المنحى العلمي في التفكير العربي، أو سيطرة الخطاب البلاغي كما هي أطروحته في وعاظ السلاطين التي يبتلى بها المفكر حين يُنعى عليه بسلاح الخطب العصماء المتسلحة بترسانة من نقل مشكوك وعقل ملفق، وتلك والألفاظ الرنانة التي تتوقد نارها من ثقافة تقليدية يستهويها عامة الناس لإلفتهم لها وجاهزيتها وعدم الحاجة لإعمال الفكر، والناس تستهويها الراحة بدل إعمال الفكر ووجع الرأس ويستغل وعاظ السلاطين، حيث تدبج الألفاظ الرنانة ومسبوكاتها اللغوية «في نقد المفاهيم العلمية الحديثة، والويل لمن يجادلهم فيها» مشيرا إلى أنه وأمثاله قد عانوا من هذه الثقافة واكتووا بنارها، أو حين يناقش ازدواج الشخصية مرجعا إياها إلى لا شعور الإنسان حين يكون نتاج ثقافتين مختلفتين إذ تطرأ عليه إحداهما فيتصرف وفقها «فليس غريبا عليه هذا الازدواج أو التعدد في الشخصية، نافيا أن يكون ذلك مرضا» بل ظاهرة اجتماعية يتصف بها الكثيرون من الناس في مجتمع معين، إذ يتعرضون في نشأتهم الاجتماعية لنظامين مختلفين من القيم، فترى الواحد منهم يسلك أو يفكر حسب أحد النظامين تارة، وحسب النظام الثاني مرة أخرى ولا يكتفي بذلك بل يترصد الفكرة عمليا في الفعل اليومي للناس فيرى أنه ليس غريبا أن يكون الرجل حتى هذه اللحظة مرة دونجوان في تعامله مع المرأة ومرة حجي علوي كما يلذ للعراقيين أن يكنوا عنه في شدته صرامته معها.
يقف الوردي فيما طرحه، كمن يسوّر الظاهرة الاجتماعية ويقرؤها وقد تحولت إلى ثقافة معاشة بقدرة على التعميم وجرأة على الحكم، وتعداد أمثلة وتحللها في استطراد شيق ويلذ له أن يرد على السجالات التي تثيرها أفكاره في صيغة حجاجية تميل للتطبيق على ما اختزله من مقولات على حالات اجتماعية أخرى قد لا يكون انتبه إليها حين أطلق مقولاته ولفت نظره إليها ما آلت إليه المدولات الفكرية التي تجري بعد كل كتاب أو مقالة أو فكرة يطلقها الرجل.
يبدو الوردي في مجمل ما طرحه من أفكار كناقد ثقافي سبق غيره في تقديم رؤيته للمجتمع العربي من خلال قراءاته المتعددة للمجتمع العراقي بلمحة «أركلوجية» حيث يلذ له أن يحفر في الثقافة العربية كيفية تشكيلها للإنسان العربي، مثله مثل جمال حمدان في شخصية مصر، وغيره ممن قرأ الثقافة وهي تنتج الإنسان فتتحكم في أفعاله أو العكس حيث ينتج الإنسان ثقافته ويشكلها كلما زاد وعيه بها.
ويبدو الشماع في هذا الكتاب كراوية للوردي أو كقارئ عليم بالسياق الذي أطلقت فيه تلك الأفكار والمقولات وما صاحبها من سجالات منتصرا دائما للرجل منشغلا بالوردي معللا ما غمض وأحيانا معرفا بما وراء المقولات من مدولات وحكايات طريفة يلذ له روايتها أو حزينة على مقام الرجل كعالم ضاع وسط الزحام واللهاث اليومي للمجتمع العراقي وتحولاته المستمرة بسبب السياسة القاسية كعادتها ومآلاتها التي تئد الفكر وتلوكه في ترسانتها التي لا ترحم ولا تعقل مصالحها الآنية.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2365 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ
*****
وأخيرا إليكم ما يقوله الناشر عن الكتاب:
(لتنزيل الكتاب يرجى النقر على صورة الغلاف)
من وحي الثمانين
تأليف: الدكتور علي الوردي
جمع وتعليق: سلام الشماع
الناشر: مؤسسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت
الطبعة الأولى - 2007
عدد الصفحات: 228 صفحة
حجم الملف: 3.58 MB
كما يمكن تحميل هذا الكتاب, ومؤلفات الدكتور الوردي المذكورة أعلاه, من المجلد التالي, في حال تعطل الرابط الأصلي مستقبلا:
قراءة مفيدة وممتعة...