كاتب الموضوع :
zhrt al narzees
المنتدى :
الارشيف
فلم يكن عبد الله وحده ....في حيرة من امره .. فقد كان مصطفى ايضاً يصارع الحزن الذي تكبد في اعماق نفسه ..
جلس مصطفى في زاويه من زوايا البيت مطرق الرأس .. تائه الفكر .. الى ان احس بشخص ما .. يجلس بقربه .
. فتوجهت له عيناه ليرى اخوه عادل .. الذي كان يشعر بالضجر والألم لحال اخيه ورفيقه..قال عادل ..
مواسياً.مصطفى.
لا تقلق .. لن يحث أي مكروه لعلي ..انا واثق من هذا ..
قاال مصطفى والدموع تتلألأ في عينيه
لما خالد يكره اخوه علي هكذا ؟
لما يستمتع بعذابه ؟.
.ولما ترقص الدنيا امام عينيه لبكائه ؟
اخذ عادل نفساً عميقاً ثم قال ..
لا اجد أي تفسير لأفعاله ..استعن بالله يا اخي ودع عنك هذه الاسئله .. فالله وحده اعلم بما في التفوس ولأفئده .
.
وبينما هما يتحدثان ..أذ.تنبها لأمراءة في الخمسين من عمرها .. تحمل على كتفها .. وعاء مليىء بالملابس ..بتثاقل
كانت( زينب) ام عادل .. طويلة القامه ..ضعيفة البنية .. ذات بشرة بيضاء اللون ..ووجه طويل الشكل ..
شعرها بني
وعيناها خضراوتان اللون كابنتها نرجس...
فهي طيبة القلب . شديدة الهلع والخوف امام ا ابراهيم ...زوجها ذو شخصية قويه المتسلطه ..
نهض عادل مسرعاً ليحمل الوعاء الثقيل عن كتف امه واضعاً اياه على الارض ....ثم قال وعيناه تنظران لعيناها
بعتب وخوف
.. لما تجهدي نفسك يا امي في الكنس والغسل والتنظيف .. اين هي نرجس لتريحك من هذا العناء ؟
قالت والعرق يتصبب من جبينها ..
ذهبت مع صديقتها سلمى لبيت ام طه .. فهو اول يوم لها لتتعلم ...
فما ان ذكرت زينب .. اسم سلمى حتى تصنم عادل .. وذهب بمخيلته الى حيث وقعت سلمى منذو ساعات بين يديه
.فأخذ يتمتم
بكلمات لا يفهمها غيره
اذاً هذه هي سلمى؟
حتى تنبه لامه الواقفه امام عينيه.
.
تحاول رفع الوعاء مرة اخرى بتثاقل
حتى تذكرت شيء ما جعلها توجه انظارها لعادل مستفهمه
مالجيراننا تتعلى اصواتهم هكذا؟
فما ان سمع مصطفى والدته تتحدث عنهم ..جتى شعر بشىء من الضيق يخيم على نفسه فنهض متجهاً
لغرفته ..واغلق الباب خلفه ..
قالت زينب بتعجب
مابه مصطفى؟
فتح عادل فاهه ليروي تفاصيل ماقد حدث لأمه الا انه سمع صوت شخص ما يناديه بأعلى صوته
توجه عادل لأحدى الحجر المجاوره .. فرأى شيخاً عجوزاً.. اخذ العمر من ايامه وشبابه كل ما اخذ ..كان متربعاً على
حصيرً من السعف.. ممسكاً بيديه فنجان من القهوة ..وبجانبه علبة مليئة بالتمر كما انه طويل القامه ..هزيل الجسم
..مجعد الوجه ..ذو بشرة قمحية.. وشعر ابيض اللون ..رفع رأسه ببطىء ليتوجه ببصره لأبنه عادل الواقف بنتصاب
امامه.
.
قال وهو يضع فنجان القهوة على الارض
تعال وجلس بقربي يابني
تقدم عادل وجلس بقرب والده ..
اخرج ابراهيم من جيب معطفه المهترىء حزمة من النقود ليقدمها لأبنه عادل قائلاً
خذ .. هذه الاموال وذهب بها لأحدى القرى المجاوره
لتشتري من اسواقهم بعض السلع والحاجيات
قال عادل بشىء من التملل والضيق .
.
ولكن يا ابي .. منذو يومان فقط كنت اتنقل من قرية لأخرى من اجل التبضع ..فما زال لدينا الكثير لنبيعه
قال ابراهيم وقد بدأ الغضب يسيطر على نفسه
انا لا انتظر موافقتك او عتراضك على أمر قد اتخذته ..
فمنذو اصبحت قدماي عاجزه عن الحراك .. وقد اصبحت رجلاك هي رجلاي..وعيناك هي عيناي
فحينما أأمرك بأمرعليك بطاعته ولاشيء غير ذالك ..افهمت؟
نهض عادل مقبلاً رأس ابيه
ليهم بالخروج من المنزل وقد انكسر قلبه ..و تغلغل الحزن في اعماق نفسه حتى انه لم يلتفت لبيت جاره خالد الذي
اصبح كالبركان الملتهب ..
اخذ عادل يسير بين الطرقات والزئازق يبحث فيهم عن ذاته المحطمه واحلامه المحترقه خلف قضبان والده وتسلطه
..الى ان وقعت عيناه على صديقه الثري احمد ..كان كعادته يتسكع بين ارجاء الحي دون هدف يرتدي ذالك القميص
الابيض والبنطال ذو اللون الاسود مما يجعل سكان الحي البسطاء يتعجبون لهيئته ومنظره ..كما انه يملك شكلاً يبهر
العقول ويجذب دقات القلوب ..فقد كان
((طويل القامه ..عريض الكتفين .. ذو بشرة بيضاء اللون .. وشعر اسود كثيف .. كما ان عيناه سوداوتا اللون وانفه
حاد الشكل ....)
كانت جميع الفتيات في ارجاء الحي يتحدثن عنه ويتناقلن اخباره وكلمااته بشغف الا انه كان يكره ضعفهن وعدم
القدره على تغيير احوالهن .
القى عادل التحية على صديقه احمد وقد ارتسمت على شفاهه ابتسامة صفراء باهته
الا ان احمد شعر بشىء من الضيق يحتبس بداخل عادل ..
فقال بصوته الدافىء ..
مالوجهك شاحب هكذا؟
قال عادل محاولاً اخفاء مايختلج بين طيات جوفه
لاشيء ..كنت ابحث عن ابن عمك يوسف .. اتدري اين هو الان؟
فكر احمد لبرها ثم قال..بشىء من السخريه
اعتقد بأنه يجلس بقرب رقرقت المياه ورائحة الرياحين والازهار
قال عادل مستغربً
ماذا تعني؟
اردف احمد قائلاً
منذو اسبوع وهو يداوم على الذهاب لمزرعة والدي لساعات طوال
اخذ عادل نفساً عميقاً ثم قال بحزن
كنت ساطلب منه الذهاب معي لأحدى القرى المجاورة لأشتري بعض الحاجات ..
قال احمد بتعجب
ولكن الم تكن منذو يومان.في.
.
قاطعه عادل بشىء من الضيق
والدي يريد مني الذهاب
..
قال احمد محاولا ًالتخفيف عنه
هون عليك.ياصديقي. فالأمر لايحتمل كل هذا الضيق ..
قال عادل وعيناه تتلألأن بحزن وأسى
منذو ان كنت في العاشره من عمري ..اخرجني والدي من مدرستي ..ليدخلني عالم مليىء بالبضائع والدفاتر
والاقلام ..جعلني كالرحال اسافر من دولة لأخرى. وانتقل من قرية لأخرى .الا انه كان يسمح لي بأخذ قسطاً من
الراحه كلما شعرت برغبة بالبقاء بين احضان قريتي الى ان سقط من تلك النخلة الشاهقه ..لأتحول لألة لاوظيفة لها
سوى تنفيذ اوامر سيدها دون ان تتفوه بكلمه ..
شعر احمد بأن كلماته قد تطايرت من راسه .
.
فقد كانت المرة الاول التي ينتزع فيها عادل جذوره اليابسه ..والامه الملتهبه .. لينثرها امامه
اخذ احمد نفساً عميقاً يجدد به روحه واهاته المحتبسه
..ثم قال
سأذهب لأبحث عن يوسف ..أتأتي معي؟
اردف عادل قائلاً
لا رغبة لي .. حينما تجده ارسله لي
ودع احمد عادل
ليتجه لمزرعة والده حيث رائحة الزهور والريحان تعبق..بين ارجاء المكان لتكسبة جمالاً يخطف الابصار
فما ان وطأت قدماه تلك العين ..حتى رأى يوسف يقف عند نخلة شاهقة الارتفاع يراقب بتركيز وهتمام مما جعله
يقترب منه ببطىء وحذر ليفزعه ويكشف ماهو سره
..
شعر يوسف بشىء ما يتحرك خلفه .. فلتفت بسرعه وقلبه ينتفض هلعاً وخوفاً ليجد ابن عمه احمد على بضع
خطوات منه
كان يوسف ( متوسط القامه ..عريض الكتفين..ذو بشرة سمراء ..وشعر اسود اللون ..كما ان عيناه واسعتا وانفه حاد الشكل..)
فهو هادىء الطبع ..قليل التحدث والكلام ..يفضل الاحتفاظ بارائه وافكاره لنفسه على ان لا يبوح بها لشخص ما قد لا يفهمه
توفي والداه وهو في الثانية عشر من عمره ..فتكفل عمه بتربيته والعناية به هو واخته التي تصغره ببضع سنوات ,,
نظر يوسف لعينا احمد بتعجب ثم قال ..
مالذي أتى بكل الى هنا؟.
الا ان احمد تجاهل سؤاله ليسئله هو
مالذي تفعله انت هنا؟ وماهذا الاصوات ؟
قال يوسف بشىء من الارتباك والغضب ..
..لاشىء هيا بنا لنخرج من هنا ,,
امسك يوسف دراع احمد بسرعه ليخرج به من المزرعه ..
شعر احمد بأن ابن عمه يخفي سراً ما...لايريد لشخص على وجه الارض معرفته. فشتعل الفضول والشوق بين طيات
نفسه لكتشافه
وماهي الا بضع دقائق حتى اخذ احمد يفتش بهلع جيب بنطاله ..
قال يوسف مستفهماً .
.
مابك؟
احمد متظاهراً بالخوف و القلق
بيدو ان شىء ما قد سقط من جيب بنطالي ..سأذهب للبحث عنه بين الطرقات علني اجده
قال يوسف بتعجب ..
وماهو هذا الشىء الذي .الا انه لم يكمل حديثه
فقد قاطعه ابن عمه على عجل قائلاً
ان عادل ينتظرك في الجهة الاخرى من الحي اذهب اليه وسألحق بك فور انتهائي
ذهب احمد مسرعاً ليصل لمزرعته ذات الازهار العبقه والرياحين المعطره
اما نرجس فما زالت تبحث بين الاغصان والشجيرات عن زهرتها الترجسية الساحره
الى ان شعرت بشىء ما ينغرس كالسهام بين طيات جلدها ..
حتى تبللت رمال الارض بدمائها
جلست على الارض محتضنه بيديها الصغيرتين رجلها المتألمه
اخذت تصرخ بأعلى صوتها لعل احدى صديقاتها تأتي لمساعدتها
|