كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
على كل حال لم يكن مهما أن يعرف رولت أسم الحارس ما دام سجل المعاشات والكومبيوتر يعرفانه.
في أعماقها كانت تفضل والدها الفاشل الحساس على رولت الناجح العملاق الذي يفتش عن حاجاته الغريزية ولا يعرف المشاعر الأنسانية , لذلك حمدت الله على أن كورت لم يكتسب من أخيه قلبه المتحجر.
داخل البوابات , كانت الشركة تضج بالحركة .... على سطح البناء الكبير يتصاعد الدخان من المداخن المضبوطة ضد التلوث وشاحنات ضخمة تنطلق من المناجم واليها ناشرة في الجو غيوما من الغبار تلوث السحاب وترسم غشاوة تحجب الرؤية وأصوات الالآت وأصوات الآلات الضخمة تكاد تصم الآذان .
كل شيء تغير بنظر آلانا .... لم يومىء لها العمال بالتحية الفرحة كما كان يحدث عند قدوم والدها , حتى الكلام فيما بينهم كان نادرا خيم على المكان جو عمل وكفاءة فقط.
منتدى ليلاس
أوقف رولت سيارته السوداء في المكان المخصص له وسأل آلانا :
" ألم تأتي الى هنا منذ أن باع والدك الشركة؟".
فأجابته بجفاء:
" مرة واحدة وكان مرورا سريعا".
أطفأ المحرك وبقي جالسا في مقعده ثم سألها:
" حصل تغيير كبير منذ أيام أبيك , أليس كذلك؟ لا أعتقد أنك أحببت هذا التغيير".
سرحت نظراتها على المكان من جديد , وأدركت أنه قرأ أفكارها . وبحركة من رأسها أجابته بعلامة النفي ,وتابع كلامه:
" أننا نحقق أرباحا تفوق أرباح والدك بأشواط".
ردت على افور:
" بالنسبة لي لا تقاس قيمة الرجال بكمية المال التي يربحونها".
" أنه التحدي , فالرضى النفسي هو أن يصنع الأنسان شيئا من لا شيء , أو أن يتلقى شيئا باليا فيجعله حيا , السعادة هي النضال والربح والمال ليس الهدف بل هو سجل الأنجازات , على الرجل أن يعمل لتحقيق هدفه سواء كان المال في النهاية أو لم يكن, المسألة مسألة تحد".
تمتمت آلانا ببرودة :
" يبدو أنك واثق جدامن هذا الموضوع".
" بل لنقل أنني أحصل دائما على ما أريد".
بدا جوابه وكأنه نذير شؤم ,فاحست آلانا بالحذر وخالت أن السيارة سوف تطبق عليها , ورغم وجود الناس حولهما , لم تشعر بالأرتياح لبقائها وحيدة برفقته داخل السيارة , فسألته فجأة :
" هذا الحديث مثقف جدا , لكنني أتيت الى هنا لرؤية كورت ".
كانت أعصابها مضطربة لذلك مدت يدها الى قفل الباب ولم تشأ أن تنتظر أن يفتح لها رولت كما تقتضي الأصول , وقبل أن تتمكن من أدارة القفل أحاط الشاب القوي خصرها بذراعه ,وشدّها الى المقعد وهو يقول:
" أنتظري".
أستدارت ألانا وقد فهمت قصده , لكنها تظاهرت بالجهل وسألته بحذر:
" لماذا؟".
ظهر بريق مرح في عينيه ولم تكد تثني عن عزمها بالنزول حتى تحركت يده الثانية وأرتفعت نحو واقية الشمس فأنزلها بهدوء ودل آلانا على مرآة صغيرة وقال:
" عليك أضافة بعض اللمسات على الماكياج قبل رؤية كورت".
وأزداد الجرح قرب فمه عمقا وكأنه يسخر منها وأضاف:
" هل تعتقدين أنه لن يلاحظ بأن أحمر شفاهك قد تلطخ!؟".
تطلعت الى المرآة فلونت خديها على الفور بقعة قرمزية أذ شاهدت لطخة من الزهر الوردي تغطي شفتيها.
لقد أنتظر حتى اللحظة الأخيرة لينبهها الى حالها , فيذكّرها عن قصد بما حصل قبل بضع دقائق من لقاء كورت.
مسحت البقعة الحمراء بسرعة بمحرمة وضعتها في محفظتها بينما عيناه الزرقاوان تراقبانها بهدوء يثير أعصابها ويدفع الرجفة الى أصابعها وهي تحاول أن تضفي من جديد لونا رطبا على شفتيها .
وبينما هي منشغلة سألها ساخرا:
"هل تحبين أن أمسح لك اللون؟".
"لا شكرا".
وبحركة سريعة جففت حمرة شفاهها بمحرمة نظيفة وأصبحت جاهزة لمغادرة السيارة , لكن رولت أصر على البقاء وقال:
" أمر واحد بعد".
ثم أنحنى نحوها , فحاولت أن تبقى بعيدة عن ملمسه وأرجعت كتفيها بسرعة حتى ضغطت على الباب , وفوجئت بأن يده لم تفتش عن ذراعيها بل عن قبة قميصها.
أمسكت بذراعه وحاولت أن تبعد يديه عن قميصها وصرخت:
" ماذا تفعل؟".
لكن غضبها لم ينفع , فقد تجاهل محاولاتها بأبعاده عن مرماه , وبكل هدوء أخذ يتصرف كأنه يمتلكها ويحق له ما لا يحق لسواه , فجاهدت وحاولت أن تمنعه برغم قوته , ثم تنهدت بغضب عندما رأته يتهادى وصرخت:
" توقف".
منتدى ليلاس
أكتفى رولت بالأبتسام وأستمر في محاولاته كأنه لا يسمع وقد بدا عليه الأعجاب بنفسه , ثم قال:
"أريدك أن تفتني أخي".
وحين راح يحدق بالظلال الناعسة هناك أحست بالمرارة تحرق قلبها , أرتجفت من الغضب العاجز والأرتباك , ولكن وضعها لم يتغير بهذه السهولة.
ركّز أنتباهه على تقاسيم وجهها وأضاف:
" أن أي شيء صغير يثير دائما أهتمام الرجل".
تلك اللحظة كانت تشعر بأن وجوده يصهرها وبصمات أصابعه تنهب وجوهها فأمرته بخشونة:
" أرفع يديك عني!".
هز رأسه أيجابا وأبتعد عن مغامرته الحمقاء , لكنه أظهر حنانا واضحا قبل أن يرجع الى مكانه في السيارة ولمعت في عينيه نظرة شريرة جعلت آلانا تتمنى لو تحمل سكينا فتغرزها في قلبه على الفور غير آبهة بالنتائج.
فتح رولت الباب وخرج , فعلت موجة الضجيج والغبار.........
******نهاية الفصل الاول******
|