وبعد قليل عاد الكلب الى قرب الشجرة , وراح يمدد قدمه المكسورة , أن هذا الكلب المسكين في حاجة الى مساعدة.
ألقت نظرة حولها ولم تشاهد ريك ولا الرجل العجوز , خرجت من السيارة وتوجهت نحو الكلب ,وما أن أقتربت منه حتى لاحظت أن عينيه العنبريتين تراقبان معظم حركاتها , وظنت تامي بأن مثل هذا الكلب لا يمكنه أن يكون متوحشا , أنه في حاجة الى مساعدة.
وتذكرت أن ريك ناداه بأسمه , وما هو اسمه؟ جانتي؟ نعم, فهي تذكر ذلك جيدا , فهمست بأسمه , وراحت تزحف وتقترب من الحيوان , لامست أولا فمه , ثم أقتربت من قدمه المصابة , شيء ما غرز في جلدته وصولا الى اللحم , أنها شوكة سوداء , والقدم متورمة , وفي لطف شدت على الشوكة , فراح الكلب ينوح , وأخيرا سحبت الشوكة ونظرت اليها وفوجئت بضخامتها.
" الآن ستزول آلامك , يا جانتي!".
وبدأت تحاول الوقوف عندما شعرت بأن شخصا يشد على معصمها , ثم يرفعها بعنف حتى كادت أن تفقد وعيها.
ألتقت عيناها عيني ريك الملتمعتين غضبا , كأنه يريد أن يقتلها , تراجعت الى الوراء , فأمسكها بكتفيها وهزها كما لو كانت دمية قماش , وفي الوقت نفسه, راح يقذفها بشتائمه , لكنها لم تكن تفهم ما يقول : كانت تعرف فقط أنه كان يؤلمها , أنغرزت أصابعه في كتفيها وتساءلت ما أذا كان عقابه القاسي قد بدأ.
وعندما أطلق سراحها أخيرا , حاولت أن تستعيد وعيها ,وسمعت الرجل العجوز يهمس قائلا:
" تمهل يا ريك , كفى الآن".
" لا تتدخل في الأمر يا جو , أنت تعرف أن القانون الأول للأدغال هو أن يمارس المرء الطاعة".
شعرت بالدوار من شدة الألم, والتقى نظرها بنظر ريك البارد , وصفعته على وجهه ,بقوة.
منتدى ليلاس
أقترب ريك منها شادا على معصميه , وما لبثت أن شعرت بشخص يحملها على كتفيه وينقلها الى السيارة كما يحملون عادة كيس البطاطا , ودفعها بشدة الى داخل السيارة.
" والآن , أبقي هنا , حتى أعود".
رأته يبتعد نحو المنزل , بالرغم منها بدأت الدموع تنهمر من عينيها , يا لحظها السيء الذي أوقعها بين يدي هذا المدير المجنون.
أنه لا يفوت فرصة واحدة من دون الأنتقام منها , فركت عينيها وفجأة شعرت بيد توضع على كتفها , فأنتفضت , أنه الرجل العجوز.
" لقد قمت بعمل جيد , يا آنسة , حتى لو أنبك ريك هاتون على ذلك, لا شك أنك غاضبة عليه كثيرا , أليس ما أقوله صحيحا؟".
أبتلعت تامي ريقها ولم تقل شيئا , فهمس قبل أن يبتعد:
" سوف أحضر لك شيئا تشربينه".
عاد بعد قليل حاملا ابريق قهوة , سكب لها فنجانا أخذته شاكرة مبتسمة.
وقدم لها جو زهرة زرقاء تشبه البنفسج , كان يشعر بالخجل وهو يقول:
" أنها في لون عينيك تقريبا".
وأمام لطفه الزائد , أغرورقت عيناها بالدموع وشكرته من كل أعماقها , ثم أحتست القهوة اللذيذة , وسألته:
" جو , ماذا وضعت في القهوة؟".
" أعتقدت بأنك في حاجة الى شيء لينعشك , فوضعت ماء الزهر".
شربت تامي في تمهل ثم أضاف العجوز:
" أنني ... أنني أعتقد أنك حانقة جدا على ريك , لكن لم يسبق لي أن رأيت شخصا خائفا ومذعورا قبل الآن , كان أبيض كالثلج عندما شاهدك تسحبين الشوكة من ساق الكلب , وأعتقد أنه غضب لهذا السبب بالذات, ما من أحد يجرؤ على الأقتراب من هذا الكلب".