لم تشاهد تامي ريك هاتون خلال الأسبوع كله , لكنها لم تكن قادرة على أن تنسى وجوده , فقد كلفها أعداد الكثير من الأعمال بدون أن تنسى ذكر الوقت الذي ترى أنها قادرة على أنجازه.
ومع مرور الأيام , بدأت تعرف أمورا كثيرة عن أعمال ريك هاتون , أنه يهتم بتربية الماشية , وكانت ترهق نفسها لتنجز العمل في أسرع وقت , لا لأرضائه , أنما لأرضاء كبريائها , غير أنها لا تستطيع تفادي الأخطاء دائما.
ومرة لم تتمكن من قراءة خط المحاسب , وكان السيد هامتون غائبا , فلم يكن أمامها الا أن تقرأ بين السطور , فهي لا تحب أن ترتكب أي خطأ , رغم أن هذا الأمر لن يزعج ريك هاتون الذي يصحح الأخطاء بنفسه , وصل داني في الصباح مع مغلف في داخلة رسالة صغيرة , أحمر وجهها وهي تقرأ: في المكتب دليل سنوي , يمكنك أستخدامه في الحالات الصعبة.
خلال الأوقات الصعبة , كتن جيري يوفر لها التشجيع والتسلية والأهتمام , كان يأتي لرؤيتها بين الفينة والأخرى, ولم يكن يتكلم كثيرا, لكنها كانت معجبة بأهتمامه المتفاني بها وبحرصه على أن يسعدها وعلى أن يجعلها تضع الأمور في نصابها الصحيح.
عادت بولا الى المنزل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع , تحدثت فقط عن حفلة الغداء في الهواء الطلق التي ستقام في مزرعة الصخرة , أي مزرعة ريك هاتون , يوم الأحد المقبل :
" في الواقع سيكون الغداء مختصرا على شواء اللحوم في الهواء الطلق, المدينة كلها مدعوة , هذه هي عادة ريك".
لم تقل تامي شيئا , أنها تعرف من سيكون منهمكا جدا في العطلة الأسبوعية.
صباح السبت عادت بولا تتحدث عن الحفلة الراقصة , وسألتها:
" هل ستأتين معنا؟".
أجابت تامي بسرعة:
" لا , شكرا , لدي رسائل عديدة , سأستفيد من هذه العطلة لأكتبها".
منتدى ليلاس
تنهدت بولا وقالت:
" مسكين جيري , أنه يضحي بلا جدوى ".
" أن جيري المسكين لم يجرؤ على أن يرمقني بنظرة عابرة في الحفلة الماضية".
" أنك تعتقدين بأن ريك صدمك , لكن مثل هذه الأمور لا تدوم طويلا , أراهن على أنه نسي كل شيء , ينبغي أن تتحلي بالروح الرياضية , ثم أن الناس سيعتبرون غيابك نوعا من الهرب".
" دعيهم يفكرون كما يشاؤون , لن أذهب الى الغداء ولن أتخلى عن قراري".
أمضت تامي الوقت في كتابة الرسائل , أنها لم تكذب على بولا , فقد تأخرت بالفعل في أنجاز الرسائل , لأن عملها خلال الأسبوع يأخذ معظم وقتها ,وعندما يهبط الليل تفضل النوم باكرا , وتساءلت ما أذا كان من الواجب أن تذكر عوانها الحالي في رسالتها الى جوناثان , لكنها قررت عدم ذكر العنوان لأنها لا تعرف ماذا يمكن أن يخطر في باله , فهو على أستعداد للمجيء كي يراها من دون أن يفكر في الأمر مليا.
كانت قد أطفأت النور وأستعدت للنوم , عندما عادت بولا من السهرة , وتوجهت نحو غرفة تامي التي أنتفضت عندما سمعت خطواتها تقترب من السرير , وقالت وهي تتثائب:
" ألا يمكن أن تنتظري حتى الصباح لتخبريني بما حصل؟".
" لقد جرحت شعور ريك مرة أخرى , لأنك لم تحضري السهرة , الجميع سألوا عنك وأنتابهم القلق".
" لماذا تضخمون الأمور ؟ عندما لا أشعر برغبة في الرقص , لا أرقص, هذا كل ما في الأمر , الآن أرجوك أن تدعيني أنام , وغدا تخبريني كل شيء".
" أردت فقط أن أحذرك ,سألني ريك أين أنت , كما لاحظ غياب جيري , وهذا لم يعجبه, فقد غادر الحفلة باكرا وهو غاضب".
أكتفت تامي بالأبتسام وتقوقعت في سريرها , كانت غارقة في سبات عميق عندما تركت بولا الغرفة.
في صباح اليوم التالي, وعندما كان الجميع يتناولون فطور الصباح , أستمعت تامي الى موعظة طويلة من بولا , السيد هامتون كان يستمع مبتسما , أما جيري فكان مقطب الجبين وقال معبرا عن سخطه:
" لا أدري لماذا يدور كل هذا اللغط, لنفترض أن تامي مرضت ولم تتمكن من الذهاب".
تدخل السيد هامتون في الحديث قائلا:
" دعيني يا تامي أشرح لك الموضوع , الأمر يتعلق بحياتنا الأجتماعية , ريك يصر على أن الجميع هنا يشكلون عائلة واحدة وسعيدة , منذ زمن ووالده يقوم بتنظيم مثل هذه الحفلات , وقد صمم ريك على الأحتفاظ بهذا التقليد , والشيء نفسه سينطبق غدا في حفلة الغداء ., وأذا تغيّب أحد بلاعذر , سيعتبر ذلك أهانة , فلا سبب للتوتر والأضطراب , أنني أعتقد أنه بعدما يفكر في الأمر سيدرك أنه لا يجوز له محاسبتك على أمور تجهلينها".
كانت تامي تتناول فنجان قهوتها في هدوء , وعندما تكلم السيد هامتون عن العائلة الواحدة والسعيدة, أستغربت الأمر بعض الشيء وقطبت حاجبيها , صحيح أنها تجهل عادات أستراليا وتقاليدها , لكن هل من الممكن أن يحل السلام بينها وبين ريك هاتون؟ ستشعر بجرح في كبريائها , لكن يمكنها أن تحاول , أنه يريد أن تظهر له الأحترام , فهل هذا ما يجعله متوترا ؟ تنفست الصعداء ثم وضعت فنجان قهوتها على الطاولة , لن يكون ذلك سهلا.
عليها أن تتعلم كيف تضبط أنفعالاتها , رفعت عينيها وفوجئت بنظرات جيري تراقبها, فأبتسمت وقالت:
" لماذا لم تذهب الى الحفلة الراقصة؟ أعتقد أن لديك عذرا ".
" لا , أبدا , لم يكن هناك عذر".
أحمرت وجنتاها وقالت بنبرة خفيفة:
" ما دمنا متورطين فأنني أقترح أن نجابه معا قرار الأعدام , فهل تساعدني؟.
" من دون شك يا تامي , أن هذا يسعدني".
في الثالثة ذهب السيد هامتون , ترافقه بولا وتامي وجيري , الى مزرعة الصخرة , أرتدت بولا فستانا من الكتان الأبيض , وأرتدت تامي فستانا أخضر.
في الحديقة , بين المدعوين , بقي جيري قرب تامي تنفيذا للمخطط الذي أتفقا عليه , ولما شاهدت تامي شبح ريك يقترب منها , ضغطت على يد جيري وهمست:
" لقد حان الوقت".
أبتسم جيري وقال:
" تشجعي!".