المنتدى :
المنتدى الاسلامي
الصحة في الاسلام
ن التعاليم الصحية في الإسلام فعالة في حفظ صحة الأفراد والمجتمع، وإليك نبذ موجزة في بيان تحقيق فعاليته:
1- الإنسان مجموع من جسد وروح، ولكل منهما مقوماته؛ فمقومات الجسد: الطعام، والشراب، والمسكن، والملبس، والشهوات المادية الحسية.
وقد قام الإسلام على هذه الرغبات والغرائز بالتهذيب والتقويم للمحافظة على صحة الجسم وإعطاء البدن حقه، ومن مظاهر هذا القيام ما يأتي:
أ- أمر الإسلام بنظافة الجسم وضوء أو غُسْلاً أو استحماماً؛ لأسباب كثيرة: بعضها واجب والقسم الآخر مستحب.
ب- حض على غسل الأيدي بعد القيام من النوم وقبل أن توضع في الآنية.
ت- حض على نظافة الرأس والشعر والأطراف.
ث- ونص على نظافة الثوب.
ج- وحرص على نظافة البيوت وأفنيتها.
ح- وحذر من تلويث مصادر المياه العامة؛ كالآبار والأنهار.
خ- ونص على نظافة المأكل والمشرب بتغطية الآنية حفظاً من غبار أو ذباب أو آفة.
د- ونهى عن إتعاب الجسم وإنهاكه حتى في العبادة، فنهى عن الوصال في الصوم أو قيام الليل كله.
ذ- بَيَّن سنن الفطرة وحض المسلمين على القيام بها وجعلها عبادات.
وبذلك يظهر: أن الإسلام عمل على تتمة القوة الجسدية وتوفير الصحة الإيجابية لها بمفهومها الحديث.
وبالإضافة إلى اهتمام الإسلام بصحة الأجسام وجمالها ونضارتها إيجابياً، فقد اهتم بعدم تعريض صحة البدن إلى ما يضعفها، ولذلك شرعت الرخص الشرعية؛ ليستطيع الإنسان القيام بواجباته التعبدية في حالة الضعف أو الوهن الذي يعرض للجسم، ومن ذلك:
أ- أباح للمسافر والمريض والمرضع والحامل والشيخ والكبير والعجوز الإفطار في نهار رمضان.
ب- حرم الصيام على الحائض حيث يرافق ذلك ضعف الجسم نتيجة فقد الدم في الطمث.
ت- حط بعض محظورات الإحرام عن الحاج أو المعتمر الذي قد يلحقه الأذى بسبب ذلك مقابل فدية من صيام أو صدقة أو نسك.
ث- وفي حالة كون الماء يؤذي الجسم ويضر بصحته أباح الإسلام التيمم.
2- الوقاية من الأمراض ومكافحة الأوبئة:
أ- ربط بعض العبادات؛ كالصلاة بالوضوء أو الغسل؛ فلا تصح إلا بها، ولا شك أن مداومة الوضوء يؤدي إلى نظافة البدن، والتي تعمل بدورها على الوقاية من الأمراض.
ب- أمر الإسلام بعزل المريض بمرض معدٍ؛ وذلك منعاً لانتشار الأمراض في المجتمع.
ت- نص على مبدأ الحجر الصحي، فإذا وقع الطاعون أو ما في معناه من الأوبئة؛ كالكوليرا والجدري بأرض؛ فلا خروج منها أو دخول إليها.
ث- وأمر الإسلام بالتداوي والعلاج من الأمراض.
3- علم الأغذية:
لقد اهتم الإسلام بالغذاء من جوانب متعددة:
أ- بيان الأغذية المحرمة؛ ومنها: الميتة والدم ولحم الخنزير وكل واحد من هذه المحرمات -في تحريمه- له حكمة علمية عالية لا يجادل فيها ذو مسكة عقل.
ب- وحرّم الإسلام الخمر: قليلها وكثيرها؛ لمالها من مضار على الصحة والعقل والخلق والمجتمع ؛ فهي أم الخبائث.
ويلحق بالخمر كل العقاقير والأدوية التي تذهب العقل؛ كالحشيش والأفيون أو تضر بالجسم؛ كالدخان.
ومن رأى ما تعانيه المجتمعات الغربية من كثرة الأمراض التي تفتك بأجسامهم الناتجة عن شرب الخمر والدخان والمخدرات علم حكمة الإسلام في تحريمه لهذه الخبائث.
ت- بيان الأغذية الحلال.
لم يحرم الإسلام من الطعام إلا ما كان ضاراً، ولذلك شجع على الأغذية النافعة للجسم، وعارض المذهب النباتي الذي يمنع أكل اللحوم تعبداً، وفي ذلك بيان أن الجسم البشري لا يستطيع أن يعيش على النباتات وحدها؛ لأن أمعاء الإنسان أقصر عن أمعاء الحيوانات آكلة العشب؛ فهي لا تستطيع أخذ ما يكفيها من البروتينات عن طريق الوجبة الغذائية.
وشجع الإسلام- أيضاً- على الأغذية الغنية بالدواء والتي فيها شفاء؛ كالعسل واللبن.
ث- نظم الإسلام الغذاء كَمّاً وتوقيتاً:
- فقد نص الإسلام على تحريم الإسراف في الطعام والشراب وبيّن أنه ما ملأ أدمي وعاء شراً من بطنه.
- وجعل علاقة بين الطعام والشراب والهواء، فإن كان ولا بد؛ فلكل ثلث.
- وفرض الإسلام نظاماً عجيباً للصوم، ففي كل عام شهر، وهو: رمضان، وحض على صيام التطوع ثلاث أيام من كل شهر، وهي: الأيام البيض، وعلى يومين في الأسبوع، هما: الاثنين والخميس.
ولا أحد يماري في فوائد الصوم الصحية والجسمية والعقلية والنفسية.
4- لم يترك الإسلام في معالجة مسائل الجنس ومشاكله صغيرة وكبيرة إلا وضع لها تنظيماً ثابتاً وحلاً دقيقاً.
أ- اهتم الإسلام بالتربية الجنسية بأسلوب مهذب: يشرح علاقة الإنسان بالجنس وتكوين الجنين حيث تظهر في كل ذلك قدرة الله -سبحانه وتعالى-.
ب- اهتم الإسلام بالزواج وبناء الأسرة، ونظم العلاقات القائمة بين الزوج والزوجة والأبناء في ظروف الاتصال والانفصال.
ت- شرح الإسلام العلاقة الصحية السليمة بين الزوجين: الذكر والأنثى، وبين كيف يشبع أحدهما الآخر جنسياً حتى تستقيم العشرة الزوجية.
ث- حرم الإسلام المتعة الحرام ؛ فحرم الزنى واللواط وإتيان الدبر.
ج- وأمر بالختان، وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، حيث هناك تتجمع فيها الأوساخ ، وقد أثبت الطب الحديث أن سرطان الحشفة ترتفع نسبته مع بقاء الجلدة دون اختتان.
ح- اهتم بالنظافة الجنسية؛ فأمر بالغسل من الجنابة، والاستنجاء من الغائط والبول، وحرم الجماع أثناء الحيض.
5- التربية النفسية.
يعد التوتر العصبي والنفسي من أخطر مشاكل العصر وبخاصة في الدول الصناعية، فهناك الملايين انتحروا ، وكثير من الآباء والأمهات أصيبوا بلوثة مفاجئة، فقتلوا أولادهم وأهليهم، والبقية الباقية يعيشون على المهدئات والمسكنات والمنومات؛ كي يستطيعوا ممارسة نشاطهم اليومي... وكل ذلك يعود إلى ما يسمى بـ»التوتر الحضاري« ومن أسبابه:
أ- الفراغ الروحي والعقدي.
ب- انعدام الوازع الخلقي.
ت- طغيان المادة.
ث- انحسار التراحم والتعاون في المجتمعات الصناعية المادية.
ولا يشك عاقل أن العلاج الحقيقي لكل هذه العوامل هو الإسلام؛ لأن المجتمع الإسلامي هو الوحيد الذي تتعانق فيه بمحبة وإخاء شؤون الدنيا مع الآخرة، ولذلك فهو المؤهل للقضاء على جميع أسباب التوتر الحضاري.
أ- فهو يقوم على المحبة والتعاون والأمن والأمان والإيمان والتراحم بين الخلق.
ب- وهو يخلو من بؤر الفساد والتوتر العصبي؛ كالخمر والزنى والقمار والمخدرات.
ت- وهو مجتمع يرفض اليأس والقنوط والانتحار والغضب.
ومع هذه التعاليم الإسلامية لا يمكن ظهور أسباب التوتر الحضاري المادي.
6- نظرة الإسلام إلى المرض والمرضى.
إن كره المرض أمر فطري؛ لكن الإسلام بنظرته إلى المرض والمرضى حوله إلى عامل إيجابي:
أ- فهو ابتلاء يكفر الذنوب، ويرفع الدرجات؛ إذا تلقاه المسلم من غير حزن ولا شكوى ولا ضجر.
ب- جعل للمريض حق على بقية إخوانه المسلمين؛ فجعل عيادة المريض من حقوق المسلم على المسلم.
ت- الدعاء له بالشفاء، وحثه على التحمل والصبر؛ ليكون قادراً على التماسك، وهذه حالات نفسية تعين على مقاومة المرض.
ث- عامل الإسلام المرضى معاملة خاصة؛ فأسقط عنهم بعض الفروض؛ كالجهاد، وخفف عنهم بعضها؛ كالصيام والصلاة إذا كان قيام المريض بها على الأصل يجعل صحته في تدهور وشفاؤه في تأخر.
ج- أعطى المريض رخصة تعفيه من التزامات شرعية حسب ما تقتضيه الضرورة؛ فأباح استعمال الذهب في العلاج التعويضي، ورخص لمن به حكة في لباس الحرير.
مما تقدم يظهر لنا جلياً: أن الإسلام نظر لصحة الأجسام؛ كحاجة أساسية في حياة الناس، ولذلك قرنها بالعبادات؛ ولذلك فالمسلم مدعو للعناية بالصحة الفردية والعامة للمجتمع؛ لكي يبقى المجتمع المسلم قوياً وفتياً، ولن يتم له ذلك إلا في ظلال تعاليم الرسول الكريم × في النواحي الطبية.
وإذا كان المسلمون -اليوم- يمرون في مرحلة تخلف صحي؛ فذلك بسبب بعدهم عن تعاليم الإسلام الصحية؛ لأنهم عندما طبقوها لأول مرة أثمرت هذه التعاليم مجتمعاً صحياً نقياً مثالياً…بينما كانت مدن أوربة بخاصة والغرب بعامة تنضح بالقمامة وتضج بالحشرات وتعيث فيها الخنازير.
|