...................................
ـ طيب ليه ..
ـ يمة أنت عارفة ..
ـ علشانه أصغر منك بثلاث سنيين ..
ـ وهذا بالله ماهو عذر .. أخذ واحد أصغر مني ..
ـ شوفي الرجال شاريك .. هذى المرة الثالثة الي يخطبك فيها ..وأنتي ما أنت صغيرة .. عمرك ثمنية وعشرين ..
ـ وهو .. عمره خمسة وعشرين ..نسيتي يمة ..
ـ يعني ..
ـ لا .
خرجت والدتها من عندها متذمرة ..وهي توجه الحديث الى أخواتها وهن يخرجن معها ..
( وين يتلقى مثله .. رجّال .. وأخلاق .. وطيب .. ويبغاها .. ليه ماهو مالي عينها .. ؟ )
اُقفل الباب .. وعمّ الهدوء ..
أسندتْ رأسها إلي طرف السرير .. ومضت بعيدا ..
( ليتك أمي تعلمين .. و إلا ما قلت تلك الجملة القاتلة ..
ـ لا يملأ عيني ـ .. كيف ذلك .. ؟
( لم يملأ عيني رجلٌ سواه . . مذ كنت صغيرة .. وأنا لا أرى أمامي إلا هو .. )
ـ ابتسمتْ وهي تسترجع ذكرى محببة الي نفسها .. ـ
ذكرى طفولة مازالت حية في قلبها ..
كان أصغر منها نعم ..
لكن في ذلك الوقت لم تكن تدرك مسألة أنه أصغر او أكبر ..
كان قياديا في طفولته .. كان المخطط والمدبر لكل ما فعلوه صغارا ..
كانت تتبعه هي وأخوها .. وأخوه كظله ..
كانت البنت بينهم ..
أعطاها الله ضآلة في الجسم ووجه طفو ليا .. من يراها يعطيها نصف عمرها ..
أما هو العكس .. أعطاه الله طولا فارعا .. وذكاء لافتا ..
أظهر منذ البداية رجولة مختلفة ... مبكرة .. سابقة لعمره ..
تذكر انها حتى وصلت الثامنة عشرة .. لم تكن تتحجب عنه فهو في الخامسة عشرة فقط ..
حتى أخواتها الأكبر منها لم يفعلن ذلك .. كانت معه دائما وفي كل لحظة..
لكنها لا تنسى أبدا ... ( أمرا فاصلا قد حدث )
ذات مرة وقد كانوا في المزرعة وهي خرجت تناديه ليركبوا الخيل ..
أنه جاءها متذمرا.. محرجا .. يتحاشى النظر إلي وجهها ..
سألته .. وهي قلقة إن كانت ضايقته..
ـ محمد ايش فيك ..
ـ ممكن طلب ولا ترديني ..
ـ ابشر ..
ـ أتغطي عني .. ما اقدر أتحمل .. أنتي ما تدري ايش تسوين فيّ ..
للحظات لم تستوعب ما قال .. ثم فجأة ..
تركته .. ولاذت بغرفتها واعتصمت بها حتى عادوا .. الي بيتهم ..
تغير بعد ذلك كل شيء .. مشاعرها .. أحاسيسها ..
حتى نبضات قلبها تشعر بها مختلفة ..
(في الحقيقة .. لم يتغير شئ لأن تلك المشاعر كانت موجودة ....
ولكنها أخذت مساحتها وحريتها في الظهور .. وهو أعطاها الإشارة فقط )
ولأنها كانت جميلة وأن بدت للناظر إليها صغيرة .. تقدم له خطاب كُثر..
كانت تردهم . لأنها ببساطة لا ترى فيهم صورة محمد ..
تريد واحد مثله .. لكن أكبر منها .. !
لم يدر بأحلامها .. أنه سيتقدم لها ..
لكنه بمجرد ما تخرجَ من الجامعة ..
تقدم لها .. تذكر وقتها .. أنها كانت فرحة .. بل ستحلق حبا ..
لكنها فوجئت بأخواتها يقتحمن عليها الغرفة .. وهن يتضاحكن ..
إحداهن ـ تخيلي محمد متقدم لك ..
الأخرى .. ـ ما أظن بتوافقين .. بالله تأخذين واحد أصغر منك ..
واستمرت التعليقات .. و الضحكات ..
و المرارة تتسرب إلي نفسها.. وهاتف يهتف ..
ارفضيه هذا تعليق أخوتك ..
كيف البقية .. ؟
ورفضته ...
تقدم لها مرة أخرى ورفضته هو وغيره ..
تريده .. ولكنها .. ضعيفة في اتخاذ القرار ..
وهاهي المرة الثالثة التي تقدم لها .. وهي مرة مختلفة ..
لأن الضغط هذه المرة مختلف .. الكل يحاول أقناعها بالموافقة ..
وهي تزداد عنادا ورفضا وقهرا ..
خاصة من أخواتها اللاتي كن من قبل يتضاحكن عليها ..
ما الذي تغير الآن . ؟
لأنها اقتربت من الثلاثين .. !
ازدادت رفضا كأنها تعاقبهم .. وهي في الحقيقة لا تعاقب إلا نفسها ..
استدعتها من ذكرياتها .. طرقات على الباب ..
نظرت إلي ابن أختها الكبرى يتقدم منها بسرعة ..
ويضع على السرير ورقة .. ثم يسرع بالخروج ..
ابتسمت هي فعلا كانت عصبية في اليومين الماضيين ..
حتى الأطفال أخذوا يتجنبونها ..
أخذت الورقة لتقرأها ..
شهقت بصوت معذب ..وعيناها تلتهم الكلمات ..
ثم تدمع .. ثم تنتحب بكاء .. ضمت الورقة إلي قلبها .. وهمست ..
ـ محمد ..
ثم بهدوء وبحركة بطئيه لا تناسب جو البكاء قبل قليل ..
استلقتْ على سريرها .. وقد اتخذت قرارها في لحظة ..
لم تشعر بنفسها .. إلا وهي نائمة .. هل السكينة مفتاح النوم .. ؟
بعد ذلك بفترة .. استيقظت .. كانت الساعة الرابعة ... فجرا ..
نظرت إلي يدها ما زالت تمسك الورقة ..
أخذت هاتفها .. واتصلت على أخيها .. الأكبر ..
وجدته مستيقظا ..لم تستغرب ..
سيجند محمد العائلة كلها من أجلها . سألته .. مباشرة ..
ــ محمد عندك ..
ـ ايوه ..
ــ قوله يرتاح ..
( سمعت حوله صراخا .. تأكدت أنه محمد ..فعرفت أن أخيها قد جعل هاتفه في وضع السبيكر .. )
أغمضت عينيها بنشوة وهي تسمع صوته ..
لكن صوت أخيها علا وهو يصرخ بـ ( ألو ) و ينتشلها من نشوتها ..
ـ ما فهمت يعني ايش
تنهدت بحب .. بوله .. ( يعني موافقة .. )