كاتب الموضوع :
keeepasooo
المنتدى :
الارشيف
بعد اقل من ميل واحد, بدأت تتساءل كم تحتاج من الوقت لتتجمد حتى الموت. في تلك اللحظة سمعت صوت سيارة قادمة. في الواقع, صوت الموسيقى الصادح هو ما شد انتباهها اولا اكثر من صوت محرك السيارة الحمراء. تراجعت الى الوراء, فارتطم ابهامها بالارض, لكن لم يكن هناك من داع لتزعج نفسها, فقد ابطأ السائق سرعته, واوقف الجيب وراءها تماما.
رأت رجلا يجلس وراء المقود, فدفعت كتفيها الى الخلف وتظاهرت انها لا تهتم لكونها امراة وحيدة تسير على جانب طريق عام مهجور عند الغروب.
انزل الرجل زجاج النافذة وهو يخفض صوت الموسيقى, ثم قال : "مرحبا!"
- مرحبا!
الان اصبحت روز قادره على النظر اليه بصورة افضل , فقدرت انه في اواسط الثلاثينيات من عمره, ذو شعر بلون القهوة الكثيفة منسدل بترتيب وعناية اما عيناه فداكنتان. راودها شعور ان نظرته الثاقبة لا تفوت شيئا. مع ذلك بدا لها ان الخيوط المرتسمة على صدغيه هي من ذلك النوع الناتج عن الضحك والوقت الذي يمضيه في الخارج لا عن الاعمال الدنيئة. بشكل عام بدا الرجل محترما وشريفا بما فيه الكفاية, فشعرت روز ان اعصابها المتوترة استرخت بشكل واضح.
اشار الرجل بابهامه من فوق كتفه قائلا: "أتلك سيارتك هناك؟"
هزت روز رأسها, وقررت ان تبقي اجوبتها مختصرة وغير متلبسة, فقالت :
- مشاكل في المحرك.
أصدر الرجل صوتا يدل على تعاطفه معهاقبل ان يسألها: "الى اين تتجهين؟"
كادت تقول الى الغرب... وتلك هي الحقيقة, لكن بما ان معظم الناس يتوقعون سماع اسم مكان محدد تصورت انه قد يشعر بالشك, واخر ما تريده روز الان هو ان تثير الشكوك لدى الشخص الوحيد الذي يحول بينها وبين التجمد من البرد, لذلك قالت: "الى ويسكونسن"
انها المقاطعة التالية التي سوف تصل اليها اثناء رحتها الى الغرب, لذا فان هذه ليست كذبة.
- اخشى القول انني لست ذاهبا الى هناك.
شعرت بقدميها تتجمدان من شدة البرد. قالت: "آه! الى اين انت ذاهب؟"
- الى تشينس هاربور. انها في الشمال الغربي من هنا في منتصف الطريق بين جبال بوركيبين وهانكوك. يمكنني ان اقلك الى احدى البلدات الصغيرة التي سنصل اليها قبل الوصول الى شمال الولايات المتحده, ومن المؤكد انك ستجدين ورشا لتصليح السيارات.
كررت قائلة: "تشينس هاربور! لا اتذكر اني رايت هذا الاسم على الخريطة"
ضحك الرجل بصوت عال, وعلق: "انها بلدة صغيرة جدا, لدرجه ان الكثير من الخرائط لا يذكرها. لكن لو سألت اي صياد سمك فهو سيحدثك عن المكان. البعض يطلق عليها اسم مرفأ الفرصة الاخيره, لانها احدى الاماكن القليلة الامنة التي يمكنك فيها مواجهة اي عاصفة قبل التوجه نحو كيوينا و بنينولا"
فكرت روز: مكان امن! اهناك حقا وجود لمثل هذا المكان؟ طيلة سنوات عمرها الست والعشرين لم تجد اي مكان امن. مع ذلك اعجبت بالاسم, وبما ان حياتها كلها مجرد فوضى كبيرة, اتخذت قرارها على الفور.
- ساذهب الى هناك.
|