وقف حزينا للحظه . بعدها استدار وسار بتعب نحو شقته تجهم وجه ميكي وهي تراقبه حتى اختفى وبعد ذلك سارت بتعمد نحو المطبخ .
بعد مرور عشر دقائق سارت عبر الباحة الخارجية من وراء الفندق حيث هناك بركة تشع بمياه زرقاء غير طبيعية . كانت الناس لا تزال تسبح , لكن هناك عددا اكبر مما لاحظت أن معظمهم يسيرون وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض , بينما كانت ترتب الكراسي وتجمع الأكواب . وبالحكم علي الضحك الواصل إليها من علي الرمال , بدا لها أن الجميع يستمتعون بوقتهم كما هو شعار أيام العطل .
شعرت ميكي بالحسد نحوهم . لم يكن ذلك الشعور شعورا بالحسد والذي يحمل سؤال ( لماذا ليس أنا )
بل هو نوع من الشوق , لفرح الشباب المنعش . عندما توفيت والدتها غادرت ميكي الإحساس البريء بان العالم ملكها . وتلك السعادة التي يحصل عليها المرء منذ ولادته قد تبددت وضاعت . اكتشفت بطريقة قاسيه وظالمه بان الحياة قد تكون مخيفة وغير عادلة .
منتدى ليلاس
مع ذلك , كانت تعلم انه لا داع للاعتماد علي الشفقة علي النفس , مدت يدها وأمسكت بزجاجة فارغة .
شعرت بان الليلة ستكون ليلة جيدة . فالضيوف مستعدون للتمتع بأوقاتهم , وهذا ما فعلوه . كانت الموسيقى عالية ولكن ليست صاخبة , وأظهرت رضي لجميع الضيوف من الموسيقى الهادئة إلي الروك .
رقص الجميع علي عدد من الرقصات المختلقة ولكن معظم الموسيقى كانت لرقص الفالس لدرجة أن من لم يكن يجيد الرقص كان جاهزا للمحاولة .
لحرارة زادت من توهج خدي ميكي , واستسلمت للرقص ولبعض المغازلة الخفيفة مستعملة رموشها الطويلة لتؤثر علي مرافقيها . ألان هي خبيرة جدا بالتحدث مع الناس , تستطيع التحدث والضحك معهم من دون أن يعتقد احد أنها سهلة المنال .
كانت تنظر نحو الباب بين وقت وآخر , وهي تشعر بالإحراج والتوتر لأنها كانت تبحث عن غاي لوريمر .
وهذا أمر سخيف لان فتاة ريفية عادية ليست من نوعه المفضل .
حوالي الساعة العاشرة وصل , طويل القامة وقاس , يسير ببساطة وبتكاسل وكأنه نمر مفترس . كان برفقته امرأتان , ليستا طويلتين لكنهما شقراوتان, والاثنتان من سويسرا وكانتا في القارب سلستي بعد ظهر هذا اليوم .
قاومت ميكي وبقوه أن تهدا من رد فعلها الغاضبة والمفاجأة . الامر لا يعنيها مطلقا , وهي أيضا غير معجبة بالرجل . ومن المؤكد انها لا ترغب في اثارة انتباهه , لكن علي الرغم من ذلك كان قلبها يخفق بقوة وبشرتها كانت حارة وحساسة جدا .
عزفت الفرقة موسيقى الفالس , وعلي الفور اصبحت في باحت الرقص مع شاب أمريكي والذي اعتقد انها رقصة مختلفة بالكامل .وبعد خطوات خاطئة قال بصوت ضاحك :
(( نحن حقا في مشكلة هنا .))
(( لا , انها سهلة جدا .))
ابتسمت , فهي دائما مبتسمة وبدات ميكي باعطائه درسا للرقص , وما ان انتهت الموسيقى حتى كان يرقص بشكل جيد , ويدور في حلقات والتي توقفت تماما امام غاي لوريمر.
توقف قلب ميكي عن الخفقان , وللحظة وجدت نفسها اسيرة لمعان عينيه . نظرته المتساءلة اثارت غضبها , واحساس قوي دفعها لترميه بنظرة جانبية وابتسامة كبيرة وهي تدير راسها لتعود الي حلبة الرقص .
بعد مرور عشر دقائق لم تتمكن من رؤيته في الغرفة .
قالت لنفسها . هذا امر جيد .
كانت تضحك مع الامريكي وهي تحمل كوبا من عصير الليمون في يدها , عندما اعلن الرقصة التالية وهي الروك اند الرول .
عندها قال غاي من ورائها :
(( هل لي بهذه الرقصة .))
استدارت ببطء . كان يبتسم , وتلك الابتسامة كانت
تتحداها .
اجابته بشيء من التهور :
(( نعم , بالطبع .))
وأنهت كوب العصير .
نظر الي اثر العصير علي فمها , وقد ضاقت عيناه للحظه . تبدلت ابتسامته ومد يده اليها .
سارت مع غاري إلي حلبة الرقص . أخذها بين ذراعية وهو يبتسم لها , كان جسمه الطويل الرشيق يتحرك بثقة كاملة .
سألته عندما طال الصمت كثيرا:
(( هل تستمع بوقتك حتى ألان ؟)).
رفع كتفيه قليلا :
(( المكان مثير للاهتمام .))
كانت ميكي تشعر بالفخر من تماسكها ابتسمت وقالت :
(( آه ,هذا جيد , يسعدني ذلك .))
كان صوتها يحمل النغمة المطلوبة , اللهجة للتحدث مع السواح والتي تخفي الخوف الذي تشعر به في قلبها . فالرقص معه كان يعطيها أحساسا بالخطر , ولم تكن تعلم كيف تتعامل معه .
قال غاي :
(( الجزيرة جميلة , كم عدد الشواطئ عليها ؟ .))
قالت ميكي له :
(( سبعة , واحد لكل يوم في الأسبوع . كل واحد اسمه علي اسم أيام الأسبوع .))
(( لا بد ان من سماها لديه حس فكاهي . هل يمكنك الوصول اليها كلها ؟))
(( بالطبع , فهناك ممرات لها .))
(( لماذا لا تدعيني ارى واحدا منها غدا ؟))
لم تصدق انها سمعته بصوره صحيحه , وبعد لحظه من التوقف مندهشة اجابت:
(( اني اسفة , لكنني لا استطيع فانا اعمل طوال النهار وهناك اشارات واضحه , طوال الطريق ))
(( ربما في وقت اخر ))
لم يبد عليه وكانه فعلا يريدها ان تذهب معه . كان صوته يحمل خيبة امل ظاهريا . لكنها شعرت بعدم اهتمامه : (( منذ متى وانت تقودين القوارب ؟))
(( منذ عدة سنين ))
لمع شيء ما في اعماق عينيه الزرقاوين :
(( اعتقدت انك تلميذة مدرسة عندما رايتك تسيرين علي الرصيف في باهيا وتلك اللعبه بين ذراعيك .))
اذا لهذا كان يراقبها بكل تلك الحدة , ابتسمت له وقالت بإشراق :
((توقفت عن النمو منذ ان أصبحت في الرابعة عشر . كانت تلك ضربة كبيرة لي صدقني .))
(( الأشياء الجيدة تأتي بنسب قليلة , هذا ما اعتاد والدي علي قوله ))
قالت ميكي بنعومة :
(( نعم لقد سمعت بذلك . الحياة دائما تبدو قاسية .))
ضحك وأداراها بين ذراعية , بينما كانت تتابع الرقص بخطواتها . ميكي تعلمت الرقص من هاري , والذي هو راقص ماهر , لذلك كانت تتابع الرقص بدون التفكير بالخطوات . والشخص الذي علم غاي الرقص لا بد انه ماهر أيضا , فكان يرقص بمهارة فاجأتها .
بعد وقت قصير ترك الراقصون المكان لهما ووقفوا جميعا يصفقون مع الموسيقى . لم تكن ميكي مغرورة لكنها تعلم أنها ترقص بطريقة جيدة وكانت تشعر بسعادة حقيقية لمشاركتها الرقص مع شريك ماهر مثل غاي .
ازداد حماس الفرقة الموسيقية , والذي كان رقصا عاديا تحول فجأة إلي عرض وانتهى بميكي وهي تضحك وقد احمر وجهها من الاجهاد .
منتدى ليلاس
بقيت ترقص وتدور حتى قطعت أنفاسها قبل ان يمسك بها أخيرا ويضمها اليه مع انتهاء الموسيقى . بينما كان الجميع حولهما يصفقون ويصرخون .
لم يكن الامر مجرد تسليه . ماتت الضحكة في حلقها وهي تنظر في عينيه بغرابة , حاولت ان تتصرف بطريقة عاديه , وكأن عناق رجل لها امر عادي لكن من الصعب عليها القيام بذلك لان أنفاسها تضيق وهي تشعر بتوتر في كل جسمها .
كان يمازحها , لكن شيء ما من وراء ذلك المديح , شيء أكثر عمقا وإثارة ,اقلق ميكي . ابتعدت عنه لمسافة كافيه وأدارت رأسها كي لا ترى وجهه وقال :
(( هل تريدين أن تشعري بالهواء البارد في الخارج ؟))
للحظه كادت ان تقول نعم ,لكن سنوات من الحذر علمتها الكثير . قالت :
(( لا , سأشرب القليل من عصير الليمون .))
وسارت نحو طاولة الشراب . قالت لنفسها متاثره عندما شعرت بلمسة يده علي خصرها , وهو يقودها عبر
الحشود .
قال ,ورنة من الضحك في صوته :
(( ميكي .))
وعندما نظرت إلية مستفهمة تابع :
(( اسم غريب بالنسبة إلي فتاة ))
.........نهاية الفصل الاول.........