كاتب الموضوع :
ضحكتك في عيوني
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
الجزء الثالث و العشرون :
.
.
.
هل مللتم يوما رتابة الحيز الذي صففتم به مشاعركم
و قررتم في لحظة تهور إعادة تأثيث القلب بما يشتهي من مشاعر !
.
.
.
.
لم يرغمني بشكل مباشر لكن منطقه المغلف با نبرة موحية تجعل من أمامه يوافق راضخا بأسباب
يعتقد أنها فعلا مقنعه ..
قدم لي أبو ثامر بأسمه المجرد "عبدالله" و أخبرني أن ألغي سنين عمره الستون من الحسبه فا
مظهره كما يصف لا يدل على عمره الحقيقي مطلقا فا الأربعون تبدو أكثر أنصافا له !
.. و العمر مجرد رقم وهمي مرفق با بطاقة الهوية !
" أنظري لشخصه و فكري إن كان يستحقك "....
ليبدء بذكر محاسنه العظام ...
رجل له وزنه في مجالس الرجال منطقه و حكمته جعلوه قريبا من مركز صياغة
القوانين و التشريعات .. ..... يمتلك قوة أستمدها من حب الناس له و تقديرهم
لشخصه المتفرد ... فا ديوانه يضم كل فئات المجتمع هو كا الأب لهم و هم كا الأبناء المطيعين له
و محظوظة من وقع اختياره عليها لتكون زوجة له !
.
.
.
سلوى با غضب : هبله فعلا هبله شلون وافقتي ... شلون وافقتي تدفنين عمرج مع واحد أصغر عياله كبرج ..
نجلا التي غضبها يوازي غضب سلوى : ما فكرتي حتى تتصلين علينا و تشاورينا .. وافقتي على طول !
نايفه با عبره تخنقها : أنتم ليش معصبين هذي قسمتي و أنا راضيه .. بعدين أنتم مو أحسن مني
هذا هو زوجكم من دون حتى يشاوركم على الأقل أنا شاورني ..
سلوى الغاضبة : و الخيبه و شاورج و وافقتي يعني ما فرقت ..
نجلا : و بعدين حنا غير و أنتي غير .. أنا و سلوى بصفج و خالج سلطان وماجد أكيد بيدافعون
عنج بس انتي اللحين سحبتي منا أي حق في الدفاع عنج يوم وافقتي ..
نايفه بقلة حيلة : شسوي أنتم تعرفون أبوي يشاورني وهو معزم ..
سلوى تأمرها : اللحين با تقومين و تقولين له خلاص أنا هونت ..
نايفه بخوف :لا ما اقدر ...
نجلا بحده و هي تهم با المغادره : بس بتقدرين تعيشين مع الشيبه و تدفنين شبابج معاه ؟!!
.
.
.
أردت أن أتبع نجلا بعد أن القي كلمه موجعه على نايفه أنفس بها عن غضبي منها ... لكن
ما أن أرسلت بنظري لها حتى تشكلت المفردات لتصيغ عبارات التعاطف و المؤازرة ..
فقد رأيت في وجهها معالم فتاة كانت بعمرها عندما قادها والدها لزواج من أبن عمها
من دون مشورتها .. صغيره متخبطة لا تحظى بدعم والده أوأنثى حكيمة ...
استفزني الموقف ووجدت نفسي أندفع بقوه لحثها على التحلي بشجاعه و إنقاذ نفسها من
هذا الزواج الغير متكافئ ..
وجدتها متردده خائفه .. و لتو اكتشفت مقدار خطأها !
لكن استمرارها بمسيرة الاستسلام جعلني أقترح عليها فارس المراهقة الذي أعرف يقينا أنه
كان يملأ أحلامها .. و لعدم أكتراثي با مشاعر مراهقه في ذاك الحين لم اسعى يوما لتقريبها من
الحلم و ليتني فعلت !
.
.
.
سلوى : مدامج بايعتها و بتقطين نفسج بتهلكه و تاخذين على مره على الأقل أخذي جراح أحسن من الشيبه أبو ثامر ..
نايفه مذعوره : لا يمكن ...
سلوى : أذكري لي شي واحد يعيب جراح و قبلها أحلفي أنه مو عاجبج ..
نايفه : يعني عشان شفتي له كم صوره عندي أيام المراهقه سويتيها قصة عشق ... تراه لاعب مشهور و وسيم و أي مراهقه بتفكر فيه خاصه لما يكونون كل بنات المدرسه يتكلمون فيه ..
سلوى : أنا قلت أكيد عاجبج ما قلت أنج تموووتين فيه ... و بعدين أنا يا خالته أشوفكم لايقين حيل
لبعض ..
نايفه باستغراب : و ليش ما قلتي ها الكلام قبل ما يتزوج بنت عمه ؟
سلوى : ما قلت لأن نجلا لمحت له عنج مره و قال با فكر و فجأه طلعوا له بسالفة بنت عمه و إلا
هو ما كان يفكر فيها ..
نايفه بتهكم : ما كان يفكر فيها بس اللحين هي كل تفكيره ..
سلوى : زوجته أكيد بتكون كل تفكيره .. بس طلقها مره و شكل الثانيه قريب ... دلال ما تصلح له
و هو عارف و صابر لأنه شاري خاطر عمه و أبوه بس مرده بيزهق و يطلقها ..
نايفه : و أنا بقعد أنتظر الشيخ و لد أختج لين يمل من زوجته .. و بعدين أروح أخطبه لنفسي ؟!!
سلوى تطلق ضحكه رشيقه : لا يا حلوه ما عندنا بنات يخطبون لنفسهم ,, أنتي بس روحي لأبوي
و قولي له أنج هونتي و كلنا بنكون معاج و بعدها بنطبخها شوي شوي و نجيب راس جراح ..
نايفه بتردد : لا سلوى أنا عن جد ما أرضى أكون سبب في خراب بيت جراح .. خاصة أنه يحبها
سلوى : صدقيني بيته خربان و منهدم .. و جراح ما يحبها المسأله كلها أنه ما يعرف
في الحريم با المره لا يغرج مشهور و عنده معجبات تراه سيده و مشاعره صادقه و ما عنده لف
و دوران و يحسب الناس مثله هو يعامل دلال بما يرضي الله بما أنها زوجته و بنت عمه و موسع
الخاطر لها و صابر عليها بس هي ينطبق عليها المثل اللي يقول إن أكرمت الكريم ملكته و إن
أكرمت اللئيم تمردا ..
نايفه : بس ..
سلوى : ما ابي بس و بلا هبل خليج قويه و أنقذي نفسج من مصير يشبه لمصير زوجة أبوج
و إذا جى جراح يخطب و قتها وافقي ..
نايفه : أنزين شلون .. أنا لا يمكن أسوي شي عشان ألفت أنتباهه و أعرف أنه ما يسمع لا منج و لا من غيرج بشي يخص دلال ...
سلوى بثقه : ما عليج خليها علي ...
.
.
.
زادت خفقات قلبي حتى خفت أن يسمع كل من في المنزل صداها ...
و بدأت با تصور جراح زوجا لي بدل أبو ثامر .. وأي فرق با الإحساس وجدت !
و هكذا ما إن غادرت سلوى مع جاسم الذي كان في ديوان والدي حتى سارعت لمحادثته قبل أن
أفقد شجاعتي و ما إن وصلت حتى سمعت خالي سلطان يعرض كل الأسباب التي تنبأ بفشل
زواجي من أبو ثامر .. أعرف أن معظمها غير صحيح لكنها قد تنقذني ..
.
.
.
سلطان : ما راح يزعل إن تعذرت منه و إن زعل ما راح يبين بس لو طلقها هني عاد بيكون آخر
علمنا في مجلسه .. نايفه صغيره و ما هي قد مسؤوليه بتفشلك برجال و بيردها لك مال منها ..
ابو ماجد غير مقتنع : نايفه تربية أختك ما هي مفشلتني برجال و بتقوم في بيتها و تحفظه ..
سلطان يجمع كل الأعذار من غير ترتيب : بس الموضوع يتعلق في الحريم يمكن يلحقها شرهم
.. زوجته قوية و معروفة و بناته و خواته اللي في بيته حوالينها و ما هم بساكتين بيخافون أن
نايفه تاخذ الأولي و التالي و بيقفون لها على الصغيره قبل الكبيره و هو مهما كان ما يقدر يوقف
بوجههم كلهم و يصف مع نايفه بيخاف من كلامهم عليه و أن الصغيره ألعبت في عقله... لو
زوجت نايفه له بتتعسها و بتتعسه .. خلكم حبايب مثلكم اللحين لا تعقد صداقتكم ..
أبو ماجد : أعوذ با الله من الشيطان ... أنا يوم يلمح لي لفيت السالفه و لا عطيته حق و لا باطل
... لكن كله من عناد أختك عاندت في بنتي ..
سلطان : أختي ؟!! ...
أبو ماجد : ماجد يوم الله هداه و قال زوجوني و تخير بنت أجواد أختك وقفت له و قالت يا أنا
يا هي .. تهدد أنها ما تقعد في البيت ثانيه لو زوجته اللي يبيها ..
سلطان : و من هي اللي يبيها و ما جازت لأم ماجد .
أبو ماجد : أخت جاسم الصغيرة .. تعرف أبوها أبو علي ال***
سلطان : أي و النعم فيه .. ليش عاد أم ماجد رافضه .. سامعه شي عن البنت ؟!!
أبو ماجد : لا كل أعتراضها أن أمها متزوجه كذا مره و أن البنت طلقها أخو أخوها قبل العرس
سلطان : يعني لو توافق الغالية على خطبة ماجد بتنسى سالفة زواج نايفه ؟
أبو ماجد : أنا ما عطيت أبو ثامر كلمه بس هو مواعدني بعد صلاة العصر بكره و إذا خطبها
مني و عطيته و قتها لو حتى أم ماجد توافق على البنت اللي اختارها و لدها أنا ما راح أتراجع
في كلمتي اللي عطيتها ... فا كلمها و خلها تعوذ من الشيطان قبل ما تجني على بنتها وولدها
بعنادها و ذكرها أني دمحت لها زلات واجد و مدامها بتحط راسها في راسي ما عاد لي فيها
حاجه ..
.
.
.
رأس العناد هي أم ماجد .. صدمتني بعنادها و موقفها الغريب الذي ضحيته الوحيده هي ابنتها و
عذرها أن لديها ابنتين بينما ماجد هو ابنها الوحيد الذي لن تخاطر بمستقبله !
هنا أعطتني ما يمكن أن أجادل حوله حتى أحاصرها في زاوية لا يمكن أن تخرج منها إلا
مستسلمة ..
.
.
.
سلطان : أفا ولدج الوحيد ؟!! ... و أنا وين رحت ؟
أم ماجد بضيق : لا تروح في ذاك الراي أنت فاهم قصدي ..
سلطان : هذاك أول أفهمج اللحين ما أحد محتار معاج كثري .
أم ماجد : لا أحيرك و لا تحيرني البنت اللي يبيها ماجد مو جايزه لي أخاف تروح في ولدي و أنا
أقلب عيوني ..
سلطان : و عاد اللي بتختارينها بنفسج بتضمنين أنها ما راح تاخذ ولدج و تحرمج منه .. المعتمد على ولدج اللي ربيتيه هل ممكن يبدي المره عليج .. إن كان بيبديها عليج يا حلوة اللبن فا معليه حسوفه و اللي مثله مو فقيده .. و منار و إلا غيرها الأهم أنج تكونين واثقه من ماجد .. و تكونين
للحين ذاكره أني ولدج الثاني ..
أم ماجد تشعر بأنها محاصره : إلا أنت ولدي البجر الله يخليك لي .. بس عاد طاح الفاس براس و أبو ماجد عطى الرجال و خلص ..
سلطان : الرجال مواعده بكره و هو ما عطاه لا حق و لا باطل ..أنتي بس تعوذي من الشيطان
وسايري أبو عيالج و لا تعصينه و أولدج بيشيلها لج جميل أنج تنازلتي ووافقتي على اللي يبيها
ها شقلتي أبارك لماجد ؟
أم ماجد تضمر عكس ما تصرح به : خلاص توكلوا على الله ...
............................................................ .........
.
.
.
يعاب بكاء الرجل و لو أحتاجه ..
و أنا في قمة احتياجي لبكاء مشاعري المظلومة !
أحتاج أن أبكي آلام مواجع تشربتها منها و عنها .. أريد لدموع أن تبرد حر جمر أشعلته
هي بتماديها في قهر رجولتي و امتهان كرامتي حتى بت طرفه تمرر أمامي استهزاءا بتبعيتي
لأمرأة فازت بملكية نبضاتي .. و أرتعاشاتي ... و كل نفس يعود لي با الحياة ..
لا يفهمون ..
أم أنا من فشلت في تلقينهم أحاسيسي . .أحساسا يحضن أحساسا ..
لا .. لا يفقهون ..
أنها ضائعة و كل ما افعله أنا هو حمل الرايه لتنتبه أن مسالك الأمان طريقها قلبي
فيه تتربع لتأمر و تنهي و أحظى أنا بشرف تقلدها عرشه ...
.
.
.
بدء أول الخطوات في التنصل من تعهداته ...
فرض ظله الثقيل علي ليتبعني بجميع تنقلاتي ... ولوهله تراءت لي والدتي من ذاكرة الطفوله
و هي تتسوق لنا و أبي يحاصرها من جميع الاتجاهات ليحثها على الإسراع في تأدية المهام !
حتى يعود بها لزنزانة التي زينها با ذوقه الفقير من أي حس جمالي ...
لتباشر مهامها التي قيدتها بها سلاسل العبودية لمالكها الغليظ الذي مع مر السنين بدء التمادي
في امتهانها حتى بات إيذائها جسديا من دواعي الاستعمال !
و فجأة بدأت الصور تتلاحق و تمر سريعا أمامي .. لأرى نفسي بذات المشهد مكررا مع فارق
الزمان و المكان ... و السجان .
.
.
.
دلال بضجر : خنقتني .. فك عني أنا ماني أصغر عيالك و محتاجه ترافقني بكل مكان ..
جراح : كلمتي يا دلال ما أثنيها .. كل مشاويرج اللي أطلعينها من تحت الأرض أنا اللي بوديج لها و أجيبج منها و أنتهينا من النقاش ..
دلال : كلمتك ما تثنيها ! ... وين كلمتك اللي وعدت فيها خالي أنك تخليني على راحتي و ما تتحكم فيني ...
جراح : و أنا ما تحكمت و لج المعزة و الحشيمه و قلتها لخالج أنج في بيتي ما تنضامين أبد ...
بس ما وعدته أني أعيشج في فندق أقامتج فيه مؤقته ...
دلال بغضب : ردد ردد جذبه و رى جذبه كنت عارفه أن كلامك كله فاضي و ماله قيمه ..
جراح بحده : لو مو وعدي لخالج جان خليتج تندمين على طولة لسانج ..
دلال تضع يدها على خاصرتها : و أنا أحللك من وعدك .. ورني شنو بتسوي ..
جراح يكتم غيضه : أعوذ با الله من الشيطان .. يا بنت عمي و شا الحل معاج .. ترى وضعنا
ما ينطاق ..
دلال الواثقة من مشاعره المغرمة : أنت مو مجبور علي .. طلقني وأرتاح و ريحني ..
جراح بمهادنة : أنسي سالفة الطلاق و فهميني شنو ضايقتج فيه .. اللحين هذي جزاتي أني متكفل
فيج أوديج و أجيبج لكل مشاويرج ..
دلال بضيق : ما راح تفهم ..
جراح بحنية : وعد راح أحاول أفهم ...
دلال تنطق بأفكارها : لما تجيبني و توديني أحس بشعور غريب .. تعرف لما تحس أن في أحد
يراقبك و فجأه يمد كفه و يخنقك .. هذا شعوري و أبد ما يتعلق بمشاعري الحقيقية اتجاهك ...
أنت أكيد تعرف غلاتك عندي بس بها الشي أكرهك !
جراح : تكرهيني ! .. على العموم فهمت ... تبين تحسين انج حره و ما في أحد يترصد لج و يحط لج حد .. لو حتى في مفهومه "يرعاج" ..
دلال مؤيده : با الضبط ..
جراح : شوفي يا دلال اللحين حنا متزوجين و مثل ما أنا أتنازل مفروض انتي تنازلين شوي
حاولي تخففين طلعاتج .. قابليني شوي و خلينا أحيان نطلع مع بعض .. عطيني ريق حلو
و فكي العقده اللي بينا .. أبي أسافر معاج أوريج الدنيا اللي ما عرفتيها كا صديق مو كا راعي
أبي أشاركج أهتماماتج و تشاركيني أهتماماتي ... ودي أروح معاج متاحف .. نحضر سينما ..
نتغدى على ذوقج مره و نتعشى على ذوقي مره .. نمر المكتبه تنصحيني بكتاب و انصحج
برواية .. نقراهم بنفس الساعه وقت الغروب و حنا على الشط البحر ...
دلال المستغربه : انت حييييل رومانسي ..
جراح بخيبه : و انتي حيييل قاسيه ..
دلال تتجاهل تعليقه : السفر فكره حلوه .. وين تبي توديني ؟
جراح بفرح : بلف فيج العالم كله ..
............................................................ ........
.
.
.
تهاني : ما يهمني العالم كله .. أنت اللي تهمني ..
فيصل : كلام يحتاج لإثبات ..
تهاني : موقفي أكبر إثبات .. لو أني ما أحبك و أخاف على مصلحتك جان سبقتك و لميت أغراضي كلهم و قلت خلنا ننحاش .. بس أنا ما أبي لك غضب الوالدين .. مهما كان أبوك و أمك
لهم حق عليك .. شلون تفكر تطلع من وراهم و هم مو راضين ..
فيصل : بتردين و تعيدين و تزيدين في كلام أنتهينا منه .. تبيني تتعبيني .. غير ها الكلام ما
عندي و موقفي واضح و كل اللي عليج تحددين موقفج ..
تهاني تبتلع عبره : خلاص مثل ما تبي ..
.
.
.
كنت على وشك التخلي عنها و تركها ورائي في محلي لعل كل أنثى تسكن ذلك المنزل تجد فيها
عبرة .. لعلهن يرون فيها أنعكاسا لضعفهن و أنكسارهن و كل الذل الذي أصبحن رموزا له ...
نعم قررت التخلي عنهن لأني أعرف الضعف فقط عندما أحاول معالجة قضية تحريرهن ..
عندما أقف أمام ذاك الحاكم الظالم و أفشل عندما أجده يشير إلى الفراغ الذي خلفنه عن يميني
كيف لي أن أدافع عن مستسلم ذليل رضي بحاله العقيم ؟
كم من مره ركعت أمامها راجيا منها الهرب معي منه لعلها عندما تصبح حره تعرف من هي ..
أربعون عاما قضتها في بؤس ورثته لأخواتي الاتي بدأن يألفنه !
سلبيتها .. وخضوعها الظاهري جعله يتمادى في تحقيرها و ممارسة رجولته المزيفه عليها
أبي من خلق يديها .. نعم ... هي من خلقت وحشا و احتارت في التعامل معه ..
تطيع أوامره و تنفذها .. لتعود صارخه في وجهه متذمره .. و من صفعه تعتذر و تأسف بكل
طريقه ممكنه !
طاعتها له في النور عمياء .. و في السر تمارس العصيان بأحترافيه !
أتساءل أحيانا إن كانت تعاني من أنفصام شخصية ...
أهو مرض يورث ... أخواتي أصبحن نسخ مصغره عنها و كم يدهشني أن تهاني لا ترى ما أرى
كل ما فهمت أن والدي رجل تقليدي يرفع الأسوار و يسيجها ... و أمي وأخواتي رعيته البائسة
رعيته التي لا أرض لها إلا أرضه ...
و ضاري ذاك البائس المتمادي ... طفل شقي يكسر ألعابه كل ما أراد لفت انتباه الراعي ..
ثوري .. أم متطرف ...
و أي فرق عندما تتساوى الشجاعة مع الحماقة !
ضاري ليس الوحيد الذي يعاني مشكلة نفسيه في هذه العائلة ... لكن مشكلة ضاري ظاهرية
يرى الكل اعوجاج سلوكه .. لحظات جنونه ... ثورته .. صراخه و هياجه و خضوعه !
أما هن .. تنامى المرض حتى توغل في نفوسهن ... حتى تشكل طبيعة لبسنها بأريحية ..
هل أنا ملام على التخلي عنهم كلهم ... نعم .. أعترف .. أنا جبان أفر مذعورا مما أصابهم
و أصابني لمدة طويله من عمري الذي مضى ...
نعم أريد أن أهرب با تهاني قبل أن تكون نسخه أخرى مما هربت منه ..
نعم أريد أن أنقذ أبنائي قبل أن يولدوا من بيئة تخلق الأمراض النفسية و ترسخها في نفوس
ساكنيها ...
راحل أنا .. عن المستسلمين و غير مكترث .
............................................................ ..........
.
.
.
دبت الحياة في أرجاء المنزل ..
رائحة البخور تعطر الردهات التي أصبحت خالية من صور عليا التي أزالتها والدتي برغم
من اعتراضات غالية الضعيفة ...
استسلمت فا الوقت ضيق و القهوه التي لا يجيد أي منا تحضيرها كما تحضرها هي لم تجهز
أما أنا فأمرت بأن ألتزم غرفتي و ألتهي بمذاكرتي ..
لكن كيف لي أن أذاكر و هناك موضوع مصيري سوف يناقش با القرب مني ...
فمنذ اتصال سلوى و تحديد موعد لحضورهم خطاب و أنا في ارتباك ...
ذكرياتي عن ماجد مشوشه .. أعرفه من زمن الطفولة و أول أيام المراهقة ...
أذكر جيدا اهتمامه لكني لا أتذكر شعوري تجاهه .. هل كنت معجبه أم كارهه له .. أي كان
فمن المؤكد أنه لم يترك أثرا في نفسي حتى أذكره !
لكن ما أذكره جيدا هو تحذير جاسم لي في أحدى زياراتي من الاختلاط بأخ سلوى الذي أصبح
رجلا بينما أنا امرأة !
إذا علقت بذاكرته ... و تركت أثر !
و اليوم تزورنا أمه خاطبه ... و يطلب مني أن أنزوي هنا غير مكترثه !
صعب حتى لو غيرت الكثير من طباعي إلا أن فضولي يلازمني و يغلبني أحيانا و ها أنا أقترب
متنصته ..
.
.
.
.
تعادلت مشاعري بمشاعرها اليوم ...
ما أن أتت تخبرني بأن سلوى ستأتي برفقة زوجة والدها خاطبه لأخيها ماجد حتى أتحدت
مشاعرنا .. فكلانا كان يأمل بفرصة ثانيه تعيد الأمل لمنار بعيش حياة طبيعية مستقرة...
ظلمت منار كثيرا و آن لها أن تسعد .. ومن هذا المنطق انطلقنا نجهز لاستقبال خاطبيها ..
و ما أن وصلوا حتى تبينا أي خيبه منينا بها !
مجرد أماني ... سراب اختفى قبل أن نصل إليه ...
نجلا كانت المتحدثة و نايفه الخجولة مؤازرة ببضع كلمات غير مفهومه ...
أما سلوى فانتهجت الحيادية لم تجلس باالقرب منهم و لا با القرب منا ...
أما هي .. مركز القضية .. سخرت كل حواسها في تأملات داخليه !
لم تهمس حتى بسلام و سؤال عن الحال !
و كل ما سمعنا منها همهمات تستغفر فيها من رب العباد !
و لمعرفتنا في أم ماجد و لو من بعيد أيقنا أنها أتت مجبره و غير راغبة ...
و هذا ما صرحت به والدتي لسلوى عندما استبقتها بعدما استأذنت نجلا عنها و عن من معها في
المغادرة و معاودة الاتصال بعد يومين لمعرفة الجواب لسؤالهم الناقص !
.
.
.
أم جاسم : هذا تصرف أم جايه تخطب لولدها ... ما كلفت نفسها حتى بسلام علينا !
سلوى تتملص من سولك زوجة أبيها : أنا يا خالتي مالي شغل في الموضوع ...
أم جاسم : أجل من له شغل مو أنتي اللي أتصلتي علينا و حددتي الموعد و قلتي جايين نخطب ..
سلوى : صحيح بس أنا مو مسئوله عن زوجة أبوي و تصرفاتها الغريبه ..
أم جاسم : بس أكيد عندج علم إذا هي جايه غصب و إلا برضاها ..
سلوى : أعذريني خالتي أنا ماني حابه أتدخل و مثل ما شفتي من وصلوا لين راحوا و أنا ساكته لاني معاكم و لا معاهم ..
أم جاسم با غضب : أجل و شفايدة حضورج .. جايه تفرجين ..
سلوى لم تعجبها لهجة خالتها أم جاسم : لا مو جايه أتفرج جايه عشان خاطر جاسم و أبوي ..
أم جاسم : أجل أسمعي يا سلوى الكلام اللي بتردينه عني ... منار ما هي بايره و خطاطيبها من كثرهم أردهم قبل حتى ما يجون يخطبون رسمي و ماجد ما قربته إلا عشان خاطر جاسم و إلا ما فيه زود عن غيره ... و قولي لمرة أبوج رصي ولدج على قلبج لأنه ما هو محصل منار لو يجيب اللي وراه و دونه ...
.
.
.
.
منار : طيرت أمج المعرس ..
غاليه : با اللي ما يرده هو ويا أمه ..
منار : بس غاليه خلينا نكون واقعيين تصرف أمه طبيعي أكيد تبي له وحده أحسن مني ..
غاليه تنهرها : ما في أحسن منج و داعيتله أمه اللي بياخذج .. و بعدين فكيني من نبرة الأنهزامية
اللي صارت تميز صوتج ...
و أم ماجد ممكن تخطب لولدها أي بنت ظاهريا ملاك و هي شيطانه ما تنعاشر ..اللي مثل أم
ماجد يبون الشكل العام و يهتمون فيه يعني أنتي لو ظاهريا كامله في نظرها و داخليا
كل عله فيج جان اليوم سمعتي لسانها الحلو و هي تخطب !
منار : بس إذا بقيس على شكلي العام قدام الناس معناها بعنس ..
غاليه : و عنستي خير يا طير و إلا تبين تاخذين واحد يعلج و تعلج أمه في كلام مو صحيح و يجرح ...
منار بعد صمت قصير : معاج حق .. على العموم الموضوع سخيف و مو مهم ..
غاليه : صحيح .. ركزي في دراستج و خلي سوالف العرس اللي ما توكل عيش ..
.
.
.
أريد أن أطمئن عليها مع زوج يؤازرها لكن حاليا أجد نفسي أزجر أمامها فكرة الزواج حتى لا
أجعلها تشعر با نقص و الكل يهرب من خطبتها على الرغم من كمالها أخلاقيا و شكليا ...
.
.
.
سأزجر الفكرة مرغمه ...
فأنا غير متلهفة على الزواج بقدر ما أنا متلهفة على الهروب من وضعي الشاذ !
إلى متى سوف أعيش تحت ظل زوج أختي بعدما تمسكت والدتي بي أمام جاسم و رفضت أن
أعيش معه بحجة أن المنزل الذي يضم سلوى لا يمكن أن يسع لي !
مللت من كوني بؤرة الخلافات و المعارك ... و ها هو جاسم ينوء بنفسه عنا بعد أن خيرني بينه
و بين أمي و اخترت ما أملته علي عاطفتي .. فا غالية و أمي أقرب لي من جاسم و زوجته سلوى
لكن ها أنا أردد إلى متى ...
.
.
.
.
عزام : و أنا آخر من يعلم !! .. زين أنك تكرمت علي و علمتني ..
جاسم يرتشف قهوته : و من متى أنت يهمك أي شي يتعلق في منار .. مو أنت قايل لي أنك تبريت منها ...
عزام : قلته بس الناس ما يدرون .. و مو معقوله تخلوني أطرش بزفه ..
جاسم ببرود : هذا أنت دريت ..
عزام : و أنا مو موافق ..
جاسم باستغراب : شلون يعني مو موافق ؟!!
عزام : منار بتاخذ غنام ..
جاسم : غنام ! ... اللي جى يخطب ولد عمي ماجد مو أخوك غنام ..
عزام : أخوي خطب مني قبل خطبت ولد عمك ..
جاسم بحزم : ما جى يخطب مني و أنا أخوها الكبير وولي أمرها ..
.
.
.
.
نقاش عقيم و ترني و عاظم من أمتعاظه و لم ينتهي إلا بأتصال سلوى تعلمني بكل ما حدث ...
سارعت با الأتصال بغالية متناسيا غضبي منها و كله في محاولة مني لتأكد من فهم سلوى لما
حدث و إن كان فعلا أنهت والدتي فرصة منار با سعادة ... و أضاعت ماجد من بين يدي أبنتها
التي تعرف و اعرف أنا أن فرصها في الزواج ضئيلة بعد طلاقها و كل ما حصل ...
و ماجد كا شخص لا يمكن أن يرد ... فا هو أبن عمي الذي تربى في نفس البيت الذي ترعرعت
بين جنباته .. سماته الشخصية أستمدها من بيئته التي أنا ناتجها .. و أي رجل يستحق أختي أكثر
من رجل أعرف منبته ..
لكن ما أخبرتني به غاليه من أن أم ماجد نجحت في إيصال رفضها القاطع لزواج أبنها الوحيد
ماجد من اختنا منار .. جعلني أحزن لتلاشي الحلم السعيد الذي رأيت فيه منار في منزل عمي
زوجة لماجد و أبنائها تمشي في عروقهم دمائي من كل جهه ... حتى أنني تصورت ملامحهم
و تنبأت بأسمائهم !
أعادتني غالية للواقع عندما أخبرتني أن والدتي غاضبه جدا مني و من سلوى لوضعها في هذا
الموقف !
لذا سارعت في الاتصال با عمي لأنقل له عتبي للموقف الذي و ضعت فيه والدتي
من قبل أم ماجد لكن ما أن وصلني صوته عبر الهاتف حتى تنبهت أن كل ما سأقوله قد ينهي حياة
عمي مع زوجته و يشتت بدور الصغيره و تصبح نايفه ضحيه .. لذا سارعت با الاعتذار منه
و أكدت له أن الرفض جاء من جهة منار التي لا يمكن لي أجبارها فهي كا اليتيمة و في
عهدتي و لا يمكن لي أن أتطاول على حقها في تقرير مصيرها ...
تفهم عمي الموضوع و انتهى الأمر بهذا الشكل ...
ليسارع عزام المتصنت لكل ما دار في إعادة خطبة أخيه على مسامعي ...
.
.
.
جاسم : إذا أخوك يبيها ها المره بتكون غير .. يجون أهله يخطبون من أمي و بعدين يجي مع
أبوك يخطبونها مني ... المسأله مو لعبه يكفي أنهم تطلقوا أول مره با الملجه ...
غنام : أنت عارف سبب الطلاق و ..
جاسم يقاطعه : لا مو عارف شي و لا أبي اعرف و كل المواضيع التافهه اللي مزروعه في
راسك ما تهمني و إذا تبي تصلح حياك الله أما أنك تنبش و تعيد و تزيد في مهانة أختك فا
أسمحلي ما عاد أنت أخو لي و لا يشرفني نسبكم ...
.
.
.
رحل بعد أن ترك ورائه عاصفة اقتحمت مركز أحاسيسي و علقت الرعب بكل النواصي !
... لم أعتد هذا الأسلوب من جاسم ..فقد بدى كا من وجد فرصه لتصفية حسابه ...
كأنه يخبرني أن هو من قرر الرحيل عن حياتي و ليس أنا هو المقرر ...
جاسم .. بل الكل .. ألتف حولها هي ... و نبذوني أنا !
ألم أكن أنا من ألتف حولهم مرارا .. ألم أكن أنا من قدم الدعم المعنوي والمادي لهم ...
و الآن أجدهم بكل بساطه يقبلون برحيلي .. بل يعكسون الحقائق و يتباهون بأنهم من رحل أولا !
حتى من همت بها عشقا لم تعد مهتمه لوجودي و كأنها رحلت هي الأخرى ...
لا تكف عن الاتصال با منار سرا و استقبالها عندما أغادر للعمل ... تعتقد باني أبله لا أعرف ما
يدور خلفي .. لا أعرف بخيانة زوجتي و تحالفها مع من خيبت ظني !
أعرف بكل ما يدور من خلفي و حولي لكني أتغاضى لأن الرحيل إلى ..لا وطن.. يشبه الأسر في
الوطن ! ..
الرحيل عن أوطانهم و حملهم في الحقائب و استنشاق رائحتهم التي تفوح من كل أشيائي أتعس
من النظر أليهم من بعيد من دون الارتماء با أحضانهم ...
لا أستوعب أحاسيسي الملعونة التي ترفض نبذهم ... و لا أفهم القسوة التي تلين لذكرهم !
............................................................ ................
.
.
.
من الصعب أن تختار الصدق و أنت في قمة الشغف ..
لا تريد إلا نيل الرضى و إن حتم عليك تشكيل كذبه !
.
.
.
عندما عدت للمنزل وجدته يستقبلني بمجموعة أسئلة كلها تهدف لمعرفة كيف تصرفت أخته أثناء
الخطبه ! .. و هل أتوقع أن نسمع قريبا منهم جوابا با الموافقة ..
لم أستطع ان أخبره أني أستمت في تغطية سلوك أخته الوقح و يبدو على الرغم من جهودي
الجبارة إلا أني فشلت في إنقاذ الموقف .. فهذا ما فهمته من الرسالة القصيرة التي بعثت بها
سلوى لا أريد إغضابه فهو حساس جدا من أي شيء أنطق به في حق أخته ..
فا سلطان يرى فيها كمال كل أنثى ! .. سلوكياتها مستقيمة لا يشوهها أي اعوجاج .. فا من تملك
عقلها النير كما يردد لا يمكن أن يبدر عنها ما يعيب !
و إذا كانت هذه وجهة نظره المضللة إذا سيكون من الحماقة إشعال ما يضيء من جهتي
و ما قد يحرق من جهته ...
الخلاصة لن أنطق بأي شيء يبعده من جديد عني ... فا يكفيني اهتمامه الذي أدفء عش الزوجية
من جديد ... فقد عاد لي فجأة كما فقدته من قبل فجأة ...
أتصدقون أنه تنازل و بدأ بقراءة كل الكتب الذي اشتريتها أول شهور الحمل ...
أستوعب أخيرا أنه سيكون أب ... و ها هو يدخل يوميا علي بشيء جديد لمولودنا الذي
بمشيئة الله سنراه عن قريب ...
.
.
.
سلطان : قريت أنه زين المشي في آخر شهر من الحمل عشان جذيه فضيت نفسي العصر با خذج
كل يوم تمشين با الممشى ..
نجلا المنشغله بقراءة الجريدة : ان شاء الله ..
سلطان : جهزتي جنطتج اللي بتروحين فيها للمستشفى ...
نجلا التي ما زالت منشغله با القراءه : أي جهزتها ..
سلطان : ممكن تخلين ها الجريده من أيدج شوي و تنتبهين لي ...
نجلا تترك الجريده و تبتسم له : سلطان يمكن ما لاحظت أن الحمل تسع شهور و في كل ها الشهور اللي فاتت أنا الوحيدة اللي كنت مهتمه و أجهز لكل شي .. فا عشان جذيه ريح نفسك
و الأهتمام المتأخر شوي يمكن يوترني ...
سلطان : متأخر وإلا مبجر اهم شي أني مهتم . و إلا شرايج ؟
نجلا تعض على شفتها السفلى لتعاود الأبتسام له ليقترب منها و يطبع قبله حملها كل الشوق لشقاوتها ...
نجلا : يا ليت تكمل اهتمامك و تنفذ لي طلب صغيرون ...
سلطان بحنيه : آمري و تدللي و كل أمرج مجاب .. أنا كم نجلا عندي ...
نجلا : وحده وودها تدخل معاها غرفة الولادة ..
سلطان تفاجأ من الطلب و بان عدم تقبله للفكرة في معالم وجهه المرعوب ...
نجلا تبتعد عن أحضانه : خلاص خلاص هونت .. فك العقده الله يخليك ..
سلطان بعد تفكير قصير : إذا يريحج أدخل معاج خلاص أدخل بس إذا أغمى علي سامحيني ...
نجلا تضحك برقة : لا خلك قوي إذا أغمى عليك بيطوفك أول صوت يطلع من ولدك ..
سلطان بحب : يااااا .. ما أتخيل نبرة صوته ..
نجلا : بتكون مزعجه شوي . تعرف بيبي و بيبجي طول الوقت ...
سلطان : على سمعي بيكون تغريد عصفور أول الفجرية ...
............................................................ ...................
.
.
.
قررت أن تدخل حياتي فجرا .. أربكت قلبي و امتدت أناملها المتناهية الصغر تعبث بأوتاره
رائحتها دغدغت مشاعري و جرفتني في موجة قبل متتابعه على كل شبر صغير منها ..
يااا لا بد انها أتت من الجنه .. عصفورة حطت بأحضاني و طارت بي لسماااااء ..
.
.
.
مشاري : الله يبارك فيك و تربيها معاي يا الغالي ..
أبو شاهين الذي يحتضن حفيدته : يا حلو ريحتها يا أبوك ذكرتني في رهوفه يوم أنها كبرها ..
مشاري ممازحا : لا تظلم بنتي و تشبهها في بنتك اللي ريحتها صناعية ..
رهف بأنزعاج مصطنع : شفت يبه الصغيرونه هذي قلبت أخوي علي ..
أبو شاهين : ما عليج منه باجر لصارت في بيتنا نقلبها عليه ...
.
.
.
من يرى مشاري في هذه اللحظات لا يمكن له أن يصدق أنه نفس الشخص الذي تركني في عهدة
أخته الصغرى التي لا تفقه شيئا عندما داهمني المخاض ... تركني با المشفى لساعات طويله
رفضت خلالها أن تتصل رهف بأحد من أهلي فلم أريد أن أقلق والدتي التي تعاني أرتفاعا
مزمن في ضغط الدم ... و اكتفيت بمؤازرة رهف لي التي لم تكف عن الأتصال با تهاني التي
غادرتنا منذ أيام مع زوجها .. لم تتوانى تهاني بتقديم الدعم المعنوي و لا شاهين بتسخير
الكل لراحتي ...
أما هو اختفى ... و تبريره الوحيد كان .. "أمور نسائية لا أفقه بها شيئا " ... :" لست من سوف
يلد و لا من سوف يساعد با الولادة فأي شان لي بتواجد " !!
كل ذرة مني أحبته يوما تشوهت عندما مررت بأهوال الولادة ...
رأيت بعين الكل خوفهم من حالتي المستعصية .. كأنهم يودعوني بهمساتهم الداعية لي با السلامة
لم اشعر قط با الوحده كما شعرت بها و أنا ألد من سكنت أحشائي لشهور طويله ... الوحيده التي
سكبت لها همي و طلبت منها أن تأتي سريعا لتخبرني بأن وجودي مع والدها مستحق ...
بأني لم اخطأ بتمسك به على الرغم من تندر الكل على حكاية الذليلة التي فرضت نفسها على
من لا يطيقها !
لكن ما أن أتت حتى استحوذت على أهتمامه .. و عطفه و حنانه ... أشرقت ملامحه و أصبحت
أكثر وسامة ... و كرهته !
شعور غريب زحف لأقصى ذاك المتعب و نشر الظلام .. و الكآبة . و أسودت الفرحة
و ارتجفت أضلعي بردا و أمطرت حزنا ...
.
.
.
أبو شاهين و رهف يسارعون لأمل التي أجهشت فجأة من البكاء : شفيج يا ابوج تونسين شي ؟
رهف المرعوبه : مشاري بسرعه أتصل با الدكتور ...
.
.
.
المهدئات هي الحل !
لإسكات ما قد يعكر فرحتهم و يخدر كل أحساس شاذ يعارض ما يعرف بمشاعر أم فرحه
بمولدتها ...
قد تكون كآبه بعد الولادة هذا ما أخبرني به الدكتور الغير مبالي .. رمى أمامي كل قرص ممكن
أن يساعدني في إعادة التوازن لمشاعري !
و تناولتهم لعلي أقدر على إخراس قلبي .. و خلعه من مكانه !
............................................................ ........
.
.
.
.
قد نرحل بأكثر من احتضار ...
نخلع صورهم التي ذابت في مآقينا .. فا نحتضر ...
نخلع أصواتهم التي استقرت بعمق الذاكرة .. و نحتضر ...
نخلع الروح التي تاهت تتبعهم .. تعثرت .. و انكسرت شظايا أمامهم .. و نحتضر ..
.
.
و ليتنا نرحل للخلاص بعد كل هذه الأحتضارات !
............................................................ ...
.
.
.
.
ألتقيكم باذن الله على خير ...
|