5-نافذة القلب
.....................
كانا في طريقهما الى مطعم تقدم فيه اللحوم المشوية الى جانب السمك , عندما نادى أحدهم بول ,ووجدا نفسيهما محاطين بعدد من الأشخاص المرحبين : زميلان من زملاء بول , بصحبة زوجتيهما ,
وكانتا سيدتين باهرتي الأناقة , ترتديان الملابس الحريرية , وتضعان على رأسيما قبعتين بورود , وتمسكان بأصابع مكسوة بالقفازات , حقيبتين غاليتين ,
تفحصتا بعيون سوداء ملابس دومني العادية , ولاح أنهما صدمتا لأن زوجة رجل أعمال هام تبدو في ملابس بسيطة أشبه بملابس السائحات.
لكن الزوجين في الجانب الآخر , أبتسما لدومني في سرور واضح, وألحا أن تنضم هي وبول الى جماعتهم لتناول الغداء.
منتديات ليلاس
وأشار بول الى المطعم وراء صاحبة مباشرة وسأله بالأنكليزي لأن دومني لم تفهم اليونانية جيدا بعد:
" هل تنوي تناول الغداء هنا يا كوستس؟".
وأجاب كوستس في الحال بأنكليزية ذات لكنة , أن هذا المكان مشهور بتقديم الأطعمة اليونانية , وأنهم سيتناولون فيه غداءهم , وأومأ الى زوجته مؤكدا رغبته ذلك أنها كانت تتمنى الذهاب الى مكان أكثر فخامة , والطعام فيه أجمل منظرا , مع أنه بلا نكهة.
وقالت أنجيليكا لدومني وهما تتبعان الرجال داخل المطعم :
" ايستغرق كوستس وقتا طويلا حتى بات مرموقا , سنوات طويلة أرتديت بصبر الملابس الرخيصة , والآن أذ أصبحت أملك الملابس الأنيقة التي يسعدني الظهور بها, يأخذني للطعام في مكان شعبي متواضع , تفهمين طبعا , اليوناني يحب أن يكون السيد".
وأبتسمت دومني , فهمت جيدا شيئا واحدا فقط : أن بول يتوقع منها أن تظهر أمام أصحابه العروس المشرقة , وكان من الصعب عليها أن تعترف لنفسها أنها لا تجرؤ على معارضة رغباته , وما هو كبرياؤها بالمقارنة؟
وتتبعته بعينيها , وكان المطعم مكانا يمكن أن يأسر دومني في أي وقت آخر , بصحبة ناس أقل فضولا وصخبا , المقاعد حول المائدة المتواضعة من الخيزران والجدران بيضاء تتدلى منها آلات الموسيقى الفولكلورية الشبيهة بالقرع العسلي , ومن كل الأرجاء أرتفعت أصوات المناقشات باليونانية وسط ضباب الشواء.
وأصطحب بول دومني لتختار لنفسها الحساء والخضروات واللحم , وأختارت السيدتان الأخريان عصافير مشوية , وفزعت دومني لذلك في سرها , ما كانت لتأكل هذه الطيور الصغيرة لو أن بول أمرها بذلك , وهو لم يفعل بطبيعة الحال ,ولمحت أبتسامة على شفتيه عندما طلبت شرائح من اللحم المشوي , ورغبت أيضا ببعض البطاطس المحمرة , وفي الحال طلب بول أن تكون طازجة ,وعندما عادا الى المائدة , كان كوستس يطلب شرابا يونانيا أبيض , وقال بول لدومني:
"لن يعجبك هذا الشراب".
وطلب مشروبا آخر مع السمك المدخن الذي قررا هو ودومني أن يتناولاه بدلا من الحساء , وأنهمكت أنجلينا وميرها في الطعام بشهية , وأبتسم كوستس وهو يرفع كأسه لدومني عبر المائدة , وقال كلمة باليونانية فهمتها في الحال , كانت تعني (كوني سعيدة) وأبتسمت لليوناني اللطيف وتمنت لو لم تنطق عيناها بأن السعادة لم تعد أكثر من مجرد كلمة بالنسبة اليها , ذكرى لحريتها في الأستمتاع بحياتها في سلام في مدينتها فردان , بحماية من عمها الطيب.
منتديات ليلاس
ثم خفق قلبها بعنف حينما سألتها أنجليكا بصوت مرتفع سمعه كل الجالسين حول المائدة عن عدد الأطفال الذين تتمنى أن ترزق بهم , وحدقت دومني في صحن ملوءا بالزيتون الأسود ذي اللمعة البنفسجية , أطفال من بول!
وأختلست نحوه نظرة جانبية قبل أن تواجه أنجليكا بأبتسامة , وتمتمت بأجابة مبهمة , وتبادلت اليوننيتان أبتسامات المعرفة , أذ أعتقدتا أنها خجول لأنها أنكليزية , وسرعان ما حولا دفة الحديث الى مسرحيات الموسم.