كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
4-مرارة الرواسب
........................
حان موعد العشاء , وأرتدت دومني ملابسها , برغم رغبتها القوية في أن تغلق عليها غرفتها , ولا ترى بول أبدا , كانت أنكليزية حقيقية , وما كانت لتلوذ بركن مظلم تخفي فيه نفسها لمجرد أنها جرحت, كان عليها أن تظهر بوجه شجاع لتواجه عدوها ببقايا ما ترك لها من كبرياء .
وأحس بول وهو يتأملها عبر مائدة الطعام , أن الفجوة بينهما لم تكن أبدا على مثل هذا الأتساع , كانت مهذبة , وكانت تنصت اليه , وترد عليه, وهو يخبرها عن أنواع السفن المختلفة التي تملكها شركته , بل أنها تكلفت أبتسامة صغيرة عندما سرد عليها بعض نوادره عن الركاب , لكن ألما قاتما كان يومض في عينيها الزرقاوين بين الحين والآخر.
وذهبا بعد العشاء الى غرفة الجلوس حيث أعد بول آلة العرض وشاشة عرض عليها مجموعة الأفلام التي صورها لرحلاته, أذ كانت هذه هوايته, كانت الأفلام مليئة بالمناظر الخلابة , ولكن لم تكن توجد لقطة واحدة يظهر فيها وسط مجموعة أصدقاء , أو حتى رفيقة واحدة ,وعندما أنتهى العرض ,وأضاء النور سألته دومني :
" هل تسافر دائما عندما تكون في أجازة؟".
وسكب شرابا , وأبتسم قليلا وهو يناولها كأسا وقال:
" أحب أن أنطلق وحدي , أنه شذوذ غير مؤذ أليس كذلك؟ في أية حال فأنني أصحب يانيس معي كمرافق , لأنني كسول للغاية لا أعرف كيف أرتب ملابسي".
وأخذت تتأمله بفتور ولا مبالاة , وقالت لنفسها :
" أن رجلا بمثل وساومته لا يمكن أن يقضي أمسياته دائما وحيدا , حتى لو كان ذلك شأنه نهارا , لا بد أن نساء أخريات كن في حياته , نساء أحسسن بجاذبيته , وحاولن ترويضه , ولكن لا ترويض لرجل مثله!".
منتديات ليلاس
ولما كانت تنسى أفكارها الحزينة أثناء كلامه, قالت متعمدة:
" حدثني عن اليونان".
ورفع كأسه لتحيتها , ثم أستلقى في مقعده , بينما ألقت الأضواء ظلالها على وجهه , وقال:
" اليونان أرض المتناقضات , أرض الشمس المشرقة والظلال , أرض التسامح والأنتقام , بعض الأجزاء قاحلة , والأخرى غنية بمحاصيلها من العنب والتين والزيتون والصنوبر , آه الصنوبر أنه يملأ المكان برائحته الحلوة ".
|