بعد دقائق صعدا الى الطابق العلوي ليرتديا ملابس العشاء , وكان جناحهما الأبيض مزينا بالورود المختلفة , وكان ملحقا بكل غرفة نوم حمام خاص ,
وتأخرت دومني في أخذ حمامها , حتى سمعت الباب المشترك يغلق , وتأكدت أن بول أستحم, وأرتدى ثيابه , ونزل , وحينئذ لفت نفسها في منشفة كبيرة بيضاء , وخرجت من الحمام الى غرفة نومها ,
وعندما أقتربت من مائدة الزينة , وقع بصرها على علبة مجوهرات لم تكن موجودة عندما دخلت الحمام , وحدقت فيها كما لو كانت شيئا يمكن أن ينقض عليها ويفتك بها , لا بد أن بول هو الذي أحضرها , وفكرت أن تنقلها الى غرفته بدون أن تفتحها , لكنها متأكدة أنه سيرغمها على أن ترتدي ما في العلبة.
وفتحت العلبة , ووجدت داخل بطانتها الحريرية مشبكا من اللؤلؤعلى شكل قلب تحيط به قلوب ياقوت كدموع من دم متفجرة ومعه قرط مشابه له.
وحدقت دومني في المجوهرات التي سحرتها بجمالها , ثم شعرت كأنها تسخر منها , نزعت المشبك , ورمته وهزتها دموع الغضب , وأستلقت فوق سريرها تبكي بدموع ساخنة , كما لم يحدث من قبل في حياتها.
كانت سيدة نفسها , أبنة الأخ المحبوبة لمارتن دان الذي عاملها دائما كأبنة منذ جاءت اليه طفلة , بعدما غرق والداها .
ثم.... وسط فيضان دموعها .... جلست , ورفعت خصلات شعرها عن وجنتيها المبللتين وحدقت بقلب واجف في الباب المشترك , قال بول أنه سيتخلص من هذه الشيكات في الغد , أذن فهي موجودة في الفيللا , في غرفته , وقفزت من سريرها , ونسيت دموعها وهي تقترب من الباب , أذ عثرت على الشيكات فستعدمها بنفسها , وستحرر من بول ستيفانوس!
وأزداد خفقان قلبها للفكرة , ثم أن الفيللا قريبة من مدينة لوو وتستطيع بكل تأكيد أن تجد غرفة تقضي فيها ليلتها.
وأدارت مقبض حجرة بول وأضاءت النور , كانت هناك زجاجات عطر رجالي على مائدة الزينة , كما كانت بيجامته السوداء الحريرية ملقاة فوق السرير , ورائحة دخان سيكاره ما زالت تعبق جو الحجرة ,وتملكها الرعب لكنها سرعان ما تغلبت على اضطرابها , وأقتربت من الدولاب المحتمل أن يحتوي حقيبته.
ودق قلبها بعنف, فلم تجرؤ على الحلم بوجود طريقة للهرب من بول وأسترداد حريتها التي كانت تعتز بها كثيرا , صحيح أنها منذ أربع سنوات ,
عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها , كانت على وشك الوقوع في الحب مع فنان شاب , كان يعمل بالقرب من مدرستها الداخلية , ولكنها كانت قصة حب بريئة ومرحة , وخرج باري من حياتها كما دخلها , ولم تسمع عنه منذ ذلك الحين.
وفتحت دولاب بول , وقفزت بعصبية عندما أطلت عليها صورتها المنعكسة على المرآة الداخلية , أخافتها نظرات عينيها المشتعلة , فألصقت باب الدولاب بالحائط حتى لا ترى نفسها , ولمست كم سترة من التويد وجنتها وهي تنحني , فأزاحتها عنها كما لو كانت ذراعا تحاول الأمساك بها.
في الطابق السفلي وقف بول أمام النوافذ متكئا بكتفه على أطارها ومتجها ببصره الى شاطىء البحر القريب من سلالم الفيللا , وفي الخارج أشتدت الرياح , وأخذت الأمواج ذات الزبد الأبيض تتكسر على الصخور , ويضيئها نور القمر المتسلل من بين السحب , وصار صوت البحر كرعد يخترق الجدران, فوضع بول يده على صدغه الأيمن , وكأنه يسمع صدره في أذنه.
منتديات ليلاس
وجاء يانيس الى الحجرة قائلا:
" معذرة يا سيدي , مكالمة خارجية للسيدة".
وأستدار بول , وخرج من دائرة الظل بجوار النافذة , وقال وقد ظهرت الدهشة على وجه :
"مكالمة لزوجتي ؟ حسنا , سأرد عليها يا يانيس".
وفي الحال وصل الى أذنيه صوت مارتن دان , عبر الأسلاك , وكان مختلجا بالأنفعال:
" بول.... يجب أن أتحدث مع دومني حالا.... من فضلك دعها تكلمني فالأمر هام للغاية".
وتقلصت يد بول فوق سماعة الهاتف وهو يسأل:
" ماذا حدث؟".