كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
( أنت يوناني يا ميتروس ، وتعرف مثلي تماماً أن المرأة لا يدخل الحب في حسابها دائماُ عند الزواج ) .
( أنا . . . أنا أفهم ) .
وأطفأ الدكتور ديميتريوس سويزا سيكارته ، واستطرد يقول :
( هل لهذا الموقف دخل برفضك إعاد التفكير في قرارك الآخر ذلك الذي ناقشناه في عيادتي صباح اليوم ؟ )
( ليس تماماً ياميتروس )
ونهض بول من أمام مكتبة ، وخطـأ نحو الباب قائلاً :
( والآن ، هل أستطيع أن أصعد لآرى زوجتي .؟ )
( إنها تحت المخدر يا بول ، وستنام حتى الصباح الغد ،تركتها في رعاية ليتا ، ولكن تستطيع طبعاُ أن تلقي عليها نظرة .
وتقدم ميتروس من بول ، ولأنه كان أقصر منه قامة ، تطلع إليه قائلاُ :
( حاول أن تنام يا صديقي ، الفتاة شابة ، وسليمة البنية . . .وستسترد صحتها بسرعة .
( هل ستأتي مرة آخرى في الصباح يا ميتروس ؟ )
( بالطبع ) .
وتخللت أصابع بول شعرة الداكن ، وقال :
( لو أني تقدمت دومني في الخروج من الكهف ، إذن لتلقيت أنا إنهيار الصخرة ،
ولكني طلبت منها أن تركض أمامي معتقداُ أنها ستصل إلى الباب في الوقت المناسب .
( يجب ألا تلوم نفسك على ذلك ) .
وصلاً إلى الصالة ، فأخذ ميتروس حقيبته السوداء ،وسترته وتصافحا أمام الباب .
ثم صعد بول إلى الدور العلوي ، وبهدوء دخل غرفة دومني ،حيث جلست ليتا على مقعد بجوار السرير ،تشغل نفسها بشغل التريكو على ضوء خافت .
وأقترب بول من السرير حيث كانت دومني ضئيلة للغاية ،تائهة بتأثير المخدر الذي أعطي لها عقب سقوط الصخرة فوقها ،
وفقدت الطفل ، وكانت أهدابها الطويلة ترسم خطين داكنين فوق وجنتيها ويدها اليسرى فوق الغطاء ،وقد بدى الخاتم الذهبي ثقيل على الأصبع النحيل .
وكان السكون في الغرفة شاملاً ، إذ كفت ليتا عن تحريك أبر الشغل ،وحينئذ قال بول بصوت خافت :
( يمكنك أن تذهبي لتستريحي يا ليتا ، سأبقى هنا ) .
وترددت المرأة ، ولكن كان واضحاًُ من وجه بول أنه مصمم على البقاء ،لذلك خرجت بعدما ألقت نظرة على دومني ،ولكنها لم تتوجه مباشرة إلى سريرها ، بل اتخذت طريقها إلىالدور السفلي ، حيث أعدت لبول فنجان قهوة تركي داكن ،ووضعت على الصينية بعض البسكويت ،ثم حملتها إليه .
وكان قد وضع مقعداً بجانب الفراش حيث جلس ووضعت ليتا
الصينية في متناول يده ، ثم تركته وحده مع زوجته النائمة .
وعندما تحركت دومني كانت أشعة الفجر تشق الظلام ،وأحست أحساساً مبهما بوجود شخص معها ، يساعدها على الجلوس
لتبلل حلقها الجاف بقطرات من عصير الليمون ، كان كل جسمها يؤلمها وشعرت بثقل رأسها ،وتساءلت وهمست :
( شكراً ) .
لم تكن قادرة على رفع جفنيها ،لكنها أحست بكتفيه فوقها أشبه بالجناحين واستغرقت في النوم من جديدقبل أن تستطيع التفكير فيمن يكون هذا الشخص ، وعندما تنبهت من جديد ،كانت ليتا هي الموجودة ، ومعها رجل طيب المحيا هو الدكتور ديميتريوس سويزا .
وبعد ثمانية أيام كان يتناقش معها في حالة الإجهاض التي تعرضت لها ، وشرح لها أن الصدمة هي التي سببت لها هذه الحالة .
وجلست دومني ساكنة تماماً ، مستندة على وسائد الإريكة .
ففي الحادثة كان أول احساسها بوجود الطفل ،ولكن عقلها لك يكن قد تقبل الحقيقة بعد . . .
والآن . . . فات الأوان لأن تفرح أو تحزن .
وقالت بهدوء :
( كان بول يتمنى الطفل ، لابد أنه تضايق عندما أخبرته بأنني فقدته ) .
منتديات ليلاس
( أنا متأكدة أنه كان سيهتم أكثر لو أنه فقدك ) .
ورغم أن أنكليزية الطبيب لم تكن في طلاقة انكليزية بول ،إلا أن دومني فهمت كل كلماته المهذبة ، ثم أخذت تتفحص ساكنة يديها المعقودتين فوق ثوبها الحريري الطويل ،وتأملها الطبيب وتعجب من رصانتها ،
فالفتاة اليونانية لابد أن تبكي بحرقة لفقد طفلها الأول ولكن هذه الأنكليزية الجميلة الفاترة جلست بعينين جافتين ، وقد بدت كأن الأمر لا يحركها وأشعل ميتروس سويزا سيكاره وهو يفكر في أن الامر لابد أن يكون كما زعم بول ،
هذه الفتاة ذات العيني الزرقاوين الغائرتين ، والرأس الملكي ، لم تكن تحب زوجها .
وكانا يجلسان في الشرفة ، حيث قدم لهما يا نيس الشاي التركي في أوكواب طويلة ،مع شطائر وفطائر وحلوى ، وكان بول قد ذهب في سيارته إلى عمته ،لكي يحضر كارا ، وعندما رأى ميتروس أن دومني تكتفي بشرب الشايولا تمد يدها لتملأ طبقها ، قال لها :
( يجب أن تحاولي أكل بعض الشطائر ، سأخدمك بنفسي ) .
|