وكان نيكوس شابا وسيما لطيفا , وفي طريقه الى بول , شد شعر كارا بدون رقة , وأحست دومني بمدى زهو أمه الأرملة به , كما أحست أيضا أن الصغيرة كارا متعلقة به وأن لم تكن تشعر بذلك تماما ,
ذلك أن وجهها أحتقن بشدة لملاحظة ألكسيس , ومسحت أحمر الشفاه في سرعة بمنديلها وجلس نيكوس بجانب دومني على المائدة , وساعدها حديثه الودي على الأسترخاء والأستمتاع بأطباق الطعام اليونانية ,
وأنطلق نيكوس بأبتسامته المرحة يشيع جوا من البهجة أثناء تناول الطعام , فكان يقدم النخب في صحة العروسين وهو يردد قولا مأثورا : الزيت من الكريم , والخل من البخيل والنخب من الأبله ! وبأختلاس نظرة نحو بول , تبينت دومني أن نيكوس يشبه صورته في شبابه وهو بملابس المقاتل الفدائي , وأحست أنه منذ ذلك الحين , تدخل الشيطان ,
وأحال الشاب المثالي الى رجل قاس , وتساءلت أذا كان أحد الموجودين حول المائدة يشك في ذلك , أم أنهم كانوا يعرفون ويتقبلون الأمر بأعتباره طبيعة الرجل اليوناني الناضج؟
منتديات ليلاس
وقال نيكوس:
"لا بد أن أنديلوس تبدو غريبة بعد أنكلترا , وأنك تشعرين حتما أنك بعيدة جدا عن وطنك!!".
وردت دومني :
" أجل أنكلترا تبدو بعيدة جدا ".
وغمز نيكوس لعينه عبر المائدة لكارا وقال:
" أذن يجب أن نبذل أنا وكارا قصارى جهدنا لنعاونك على الأحساس بأنك في وطنك.......".
وأبتسمت دومني للشاب الذي ضحك بصوت مرتفع وقال:
" بول... يجب أن تحافظ جيدا على أقحوانتك البيضاء هذه, وألا سرقتها منك , هل يوجد لها مثيلات كثيرات في أنكلترا؟".
أبتسم بول قائلا:
" تستطيع أن تذهب الى هناك في مهمة ,وحينئذ سترى بنفسك , لكنني لا أظن أنك ستجد أخرى مثل دومني تماما".
وضرب نيكوس بيده على المائدة وهو مزهوا , فأنبته أمه على تصرفه الذي أهتزت له الأطباق وأدوات المائدة , وقالت:
" أذا تصرفت كصبي , فسيعتقد بول أنك غير لائق بعد لمركز هام في العمل".
قال بول بتؤدة:
" نيكوس في حالة معنوية طيبة صوفيولا , وأنا أستمتع بسماع الخيالات التي يمتلىء بها الشباب".
وأهتزت أهداب ألكسيس الطويلة فوق وجنتيها بينما كانت النظرة التي رمقت بها بول اخفي ضحكا غامضا وهي تقول:
" أنك لم تصل بعد الى الشيخوخة يا بول , أن لك خيالاتك أيضا...".
وتقلصت أصابع دومني حول كأسها , ذلك أنها أحست أن ألكسيس بما لها من حاسة القطة , تبينت أن بول تزوجها عن جموح خيالي وليس عن عاطفة , بول... شقيق الزوج... الغني... الجذاب....الذي لا بد أن تكون ألكسيس نفسها قد حركت خياله.
وقالت كارا حالمة:
" أنا أحب كل تلك الحكايات الخيالية والخرافية , أن بيت بول يبدو لي دائما ذا طابع أسطوري وهو يقع شامخا فوق صخرة النسر المطلة على البحر".
وقال نيكوس مازحا في مودة:
" وهل تتصورين دومني الأميرة الأسيرة؟".
وأتكأت كارا على المائدة , وأسندت ذقنها الى يدها , وأبتسمت قائلة:
" بل أن دومني تشبه البجعة المسحورة التي خلعت رداءها لتستحم كفتاة , والتي أضطرت لأن تتزوج الرجل الذي سرق رداءها البجعي ".
ورمقت العمة صوفيولا أبنة أخيها بنظرة حادة وصاحت:
"عم تتكلمين أيتها الطفلة؟ هل ترى يا بول؟ أنها تعيش في عالم وهمي ".
وأفرغ بول ما في كأسه وقال:
" كارا في السادسة عشرة ...طفلة".
ولكن دومني لمحت بريق الغضب في عينيه , كانت أخته غير الشقيقة الوحيدة التي تملك كل عواطفه , وتساءلت دومني أذا كان يحب أن تعيش معهما , كان من الواضح أن كارا ليست سعيدة في حضانة عمتها ,
ذلك أن نيكوس كان يظهر لها من الأهتمام المختفي وراء مزاحه معها أكثر مما أمه تحب , بالأضافة الى وجود ألكسيس , التي لم يكن مزاحها في رقة مزاج الشاب أو براءته.
منتديات ليلاس
وقررت دومني أن تقترح على بول دعوة كارا لقضاء بعض الوقت معهما , وأقامتها كان يمكن أن تمتد لتصبح دائمة , أذا وجدتها أقامة سعيدة ,وكانت دومني متأكدة من ذلك , أذ كانت كارا متدفقة الحيوية ,وموسيقية , وكان بيت بول بحاجة الى قفزات الشباب في أرجائه , والى ضحكات تعيد النبض اليه , ذلك النبض الذي خلا منه خلال السنوات القليلة الفائتة.
وأفاقت دومني من شرودها عند ذلك الحد , لتجد ألكسيس تحملق فيها وأبتسامة صغيرة على شفتيها , ثم تحول بصرها ناحية بول ,ولمحتها دومني تزم فمها الأحمر وهي تقيس بعينيها عرض كتفيه , ثم ترتفع بهما الى الشفتين المطبوعتين بالتصميم , وبالحدة , وبالرغبة.
وعندما نهض الجميع من حول المائدة , لتناول القهوة على المقاعد الموضوعة تحت الأشجار , أحست دومني بأن ألكسيس تراقبها وبول يحيط كتفيها بوشاح من الدانتيل , وينزع من شعرها حشرة صغيرة أستقرت فيه ورغم أنها كانت لمسة خفيفة , لكنها كانت تنطق بالتملك ليشهدها الجميع....
تملكها من شعرها الأشقر , حتى قدميها الصغيرتين في الحذاء الفضي.... هي الأنكليزية الباردة الرقيقة....
كانت ملكا للزوج اليوناني المستبد.وتوترت ألكسيس أذا رأت بول يوجه دومني الى المقاعد الأكثر أنعزالا.
.......نهاية الفصل الثامن.......