هزت لين رأسها نفيا:
" لا , لقد قامت عمتي بتعليمي التطريز يوم كنت أسكن عندها , ولكنني لم أجد في نفسي الرغبة الكافية , ربما عليّ أن أجرب من جديد".
" لا ينسى الأنسان ما تعلمه ... هل كانت عمتك تحب الحياكة والتطريز؟".
منتديات ليلاس
" كانت تتسلى بهذه الأشغال اليدوية عندما تكون وحيدة , لم تحب تضييع وقتها دون عمل مفيد , قالت أن الحياكة توفر المال للعائلة , فكانت تخيط الثياب أيضا ,بما مضطرة للحياكة والخياطة لحاجتها للتوفير أكثر من أنها تقوم بهذه الأعمال لأنها تروقها وتهواها".
" يعتقد سورين أنك غنية..".
قالت لين في نفسها( ربما أكون غنية في المسائل المادية ... ولكنها محرومة من العاطفة الصحيحة , محرومة من عاطفة الأمومة الحقيقية التي كانت هذه المرأة تسبغها على أفراد عائلتها).
" أنا لست غنية أبدا , أنا أفتقر لعائلة كعائلتك".
لم تفطن تريزا للمجاملة التي قصدت لين التعبير عنها بقولها , سرّت لين بأفصاحها عن حقيقة مشاعرها على الرغم من أن تريزا لم تفهم مرادها.
" نحن بخير والحمد لله ,والمال ليس في أهمية العاطفة الصادقة , شعرت أنك عشت محرومة من العاطفة الحقيقية عند عمتك دون أن تفصحي عن ذلك".
لم تجب لين على قول تريزا , فلا حاجة للتعليق ,توقفت تريزا عن الحياكة ونظرت الى لين نظرة حنان صادقة وقالت:
" ربما كان ذلك صعبا ... بعد وفاة والدتك".
" عمتي كانت تحسن معاملتي ولكنني لم أقدّر معاملتها عندما كنت طفلة صغيرة كانت تحسن تربيتي حسب مفهومها الخاص , فهي ليست واسعة الخيال ولم تفطن لحاجتي الى العاطفة الحقيقية هذا كل ما في الأمر".
هزت تريزا رأسها مؤاسية وعلقت قائلة:
" سورين أيضا خسر والدته وهو طفل صغير".
" نعم , أخبرني ذلك الليلة الماضية".
" أنت على علاقة طيبة مع سورين أليس كذلك؟".
ألتفتت لين بسرعة الى تريزا لتستطلع من تعابير وجهها أن كانت هذه العلاقة لا تحظى بموافقتها:
" أنا أحبكم جميعا , أنكم تحسنون معاملتي".
" ونحن نحبك يا لين , لقد تأقلمت بسرعة في جو العائلة , ويحزننا رحيلك عنا".
أختنقت لين وضاق نفسها . هل ترفض تريزا وجودها؟ هل تنذرها بعدم التمادي في علاقتها مع سورين؟ هل عليها أن لا تتعدى حدود وظيفتها العملية مع أفراد عائلة وينغارد؟ فهي مساعدة في أعمال المنزل ومراقبة سكوت ليس ألا ,
أن كانت تريزا تقبل بها على هذا الأساس فهذا لا يعني أنها ترحب بها كزوجة لأبنها , هل هذا قصدها؟ شبكت لين أصابعها في عصبية ظاهرة وشعرت بألم خانق وحين تمالكت توازنها نظرت الى تريزا , وكات تتلعثم بكلماتها وهي تسألها:
" ماذا تقصدين بقولك يا تريزا؟".
فوجئت تريزا ونظرت اليها صادقة وقالت:
" ربما لا نحتاج للمساعدة في أعمال المنزل من جديد , ولكننا نكره رحيلك عنا , ماذا أخبرك سورين عن والدته؟".
أخبرني كل شيء على ما أعتقد".
لقد أفصحت نظرات عينيها بحبها له دون أن تتكلم , نظرت تريزا اليها وقالت:
" أعتقد أنه أخبرك كل شيء مع أنه لا يتكلم عنها بسهولة ,عندما عاد في المساء عرفت أنه يعتبرك فتاة خاصة بالنسبة اليه , لا أرغب في التدخل بينكما يا لين , ولكنني أريد لأبني أن يسعد في حياته , أنه أبني بكل معنى الكلمة , ولقد أصيب بخيبة أمل أكثر من مرة في الماضي ... أعتقد أنك فتاة طيبة وأتمنى أن تنتهي العلاقة بينكما على أحسن ما يرام وأعتقد أن الحب يغلف علاقتكما".
لم تستطع لين أن تنكر هذه الحقيقة أنها لا تريد أن تخسر ثقة تريزا , لو حاولت النكران.
قالت تريزا من جديد:
" لا تستعجلي الأمور ".
شعرت لين براحة ألقت رأسها الى الوراء وأسندته الى المقعد وهي تستمع لما تقوله تريزا بأمعان.
" الشيء المهم هو أن سورين وكذلك والده لم يعترفا أبدا بأن الأم كانت طبيعية في تصرفاتها ... عليك أن تفهمي هذه الحقيقة كي تتوصلي الى فهم سورين أكثر".
" عندما ألتقيته أول مرة شعرت أنه يكره المرأة عامة".
" أنه لا يكرهها ,ولكنه ينتظر من المرأة أن تبرهن له دائما عن صدقها لتنال ثقته , وهو لا يثق بسهولة .... ثم أنه متطلب في حبه كثيرا ,(وتوقفت تريزا وألقت بأشغالها اليدوية فوق حضنها وأكملت) أنه يشبه والده كثيرا , أنه متفلسف وأكثر براعة من والده يوم ألتقى والدة سورين , مسكين راي , كان شابا ريفيا وقليل الخبرة بالنساء , رآها وأحبها ولم يجد أمامه ألا أن يتقدم بطلب يدها على الفور ...
لا أعتقد أنه كان ينظر اليها تلك النظرة الحقيرة وألا لما تقدم يطب يدها للزواج ,كانت هي مرحة ومتحررة وقد أعتادت مرافقة الشبان , ولكن فكرة الزواج ربما قد تكون بهرتها في البداية , وقد أغرتها فكرة الأستقرار , والأستقلال ,في حياة جديدة في المزرعة , ولكنها , ربما كانت ترغب في أشياء أخرى كثيرة لم تتوفر لها في حياة المزرعة , كانت مرحة , ومنطلقة , ولا تعرف المسؤولية ,
شابة قليلة النضوج ولا تتحمل أعباء زوج وعائلة , كنت في شبابي أعرف شابا يتصرف مثلها ,(نظرت لين بأهتمام ورأت تريزا تبتسم أبتسامة ماكرة ثم أكملت) يمكننا أن نستمتع بوقت طيب برفقتهم ثم نمضي لحالنا , شباب لا يعرفون الجدية والمسؤولية , ومن الصعب أن نأخذ الأمور بجدية ومسؤولية عندما نقع في الحب , تألم راي عندما تركته ولكن سورين تألم أضعافا ,
كان راي يعرف أنها يوما ما سترحل , ربما أرتاح نفسيا بعد رحيلها , أنه رجل طيب وقوي ولكنه يفتقر الى الخبرة في النساء , كان لا يعرف كيف يتصرف معها , أنطوى على نفسه بكبرياء وتجاهل الأمر ,ولكن سورين الطفل الصغير لم يحتمل فراقها , لقد أمضيت وقتا طويلا حتى تمكنت من الوصول الى أعماقه".
منتديات ليلاس
" أخبرني ذلك , أنه يؤمن بأنك أفضل أمرأة في الوجود".
" أعرف( كانت خائفة وهي تقول): سورين يرى النساء نوعين : الأبيض والأسود , ولا حل وسط بينهما , أنه يقيّم النساء على هذا الأساس , سينكر هذا الرأي أن جابهته به , بالنسبة اليه النساء أما مثل والدته أو مثلي , لم تكن والدته سيئة وأنا لست ملاكا طاهرا , هل تعرفين أنه قد عقد خطوبته في السابق؟".