وجدت لين نفسها في طريق مسدود , لا يمكنها أن تختفي وراء الظل, كان محقا في طلبه , سيتعرف اليها أكثر ,ولكن ما يزعجها زيادة عن تعرفه اليها أنها لا تملك أرادتها لمقاومته ... فقالت بحذر:
" لست واثقة أنني أفهم ما ترمي اليه؟".
قال بعصبية واضحة:
" بل تفهمين جيدا , ربما أنت لا تبينني ولكنك تدركين أن هناك رابطة قوية تجمعنا".
لم تستطع أن تنكر , هناك جاذب جنسي قوي يربطهما أنها تحس بما يشدها اليه كلما دخل
الغرفة ... حتى أنها تفادت النظر في ملامح وجهه , لقد خانتها أرادتها البارحة وأدرك سورين ضعفها أتجاهه ... وهذا ما شجعه اليوم للتمادي في علاقته بها ... لا تستطيع أن تفقد توازنهاوهي بقربه ... كانت ترفضه... لقد أختلطت مشاعرها: الكراهية والغضب وعدم الثقة ... كانت متأكدة فيما مضى أنه لا يحبها .
" ما يربطنا ليس حبا!".
" أعرف ذلك ".
" هذا لا يكفي".
" لماذا؟".
" أما علاقة عاطفية أو لا شيء....".
" وهذا ما يكفي ليجعلنا نابع نمو علاقتنا لنفهمها أكثر, لنكتشف ما الذي يربطنا .......".
لو كان صادقا فيما يقول فالتجربة بينهما ستكون رهيبة ومخيفة , أنه وراء المزيد من المعلومات عنها , وهي لا ترغب بالغوص في نفسيته المعقدة , ربما هناك أمور مرعبة ورهيبة في ماضيه.
" لا أريد أن أبدأ علاقة معك ... ولو كانت بداية لصداقة وفية".
" ولكن العلاقة بدأت ولا يمكنك أيقافها فجأة".
" هذا ما أفعله".
كانت لهجتها قاسية وقوية وتؤكد قرارها وتصميمها ... ولكن شعورها الحقيقي كان مخالفا لما تقول:
" لا يمكنك أن تتظاهري بعدم وجود هذه العلاقة ....لن أدعك".
قالت بعصبية ظاهرة:
" لا أريدها يا سورين , أرجوك أتركني وشأني ".
ران صمت ثقيل بينهما ثم أضاف بتصميم أكيد:
" لا!".
أرتجفت لين وبان اليأس عليها وقالت:
" أنت لا تفهم!".
" لماذا؟ أجعليني أفهم!".
" أنا.... لا أستطيع...".
" حاولي!".
هزت رأسها حزينة ... وكيف تفهمه وهي لا تثق به... ربما نتج عن علاقتها به أضرارا نفسية لا يدرك مداها الا الله...
نظرت اليه ترجوه وقالت بأنكسار:
" أرجوك يا سورين , دع كل شيء بيننا ينتهي......".
هز رأسه موافقا وبدا العبوس جليا في عينيه ثم أدار محرك السيارة وحين وصلا الى وكاتان سألته بأهتمام:
" أنهيت تقريرك؟".
" تقريبا".
" هل ستأخذ أجازة من عملك كما قلت لي سابقا".
" لا أعرف بعد , لقد تماثل والدي للشفاء ولكنه لا يستطيع أن يجهد نفسه بالعمل ... هل تتمنين لي الرحيل بسرعة؟".
" طبعا لا". كانت ترغب أن تطول أقامته معهم , ران الصمت الثقيل من جديد , سارا على الشاطىء سوية دون حديث , توقفت قرب تمثال برونزي لأمرأة شعرها يبدو كما لو أن الرياح قد عبثت به , سألته:
" من هي. هذه المرأة؟".
" أنها وراكه تنحدر من شعب نيوزيلندا الأصليين وتعتبر زعيمة المرأة المتحررة , تقول الأسطورة أنها وصلت برفقة زوجها أو ربما والدها على متن مركب صغير , وبعدما رأى الرجال اليابسة تركوا النساء والأطفال في المركب وهرعوا اليها يستطلعون ولم يبقوا مع النساء ولا رجل فأخذت الرياح تتقاذف المركب يمنة ويسارا الى عرض البحر, بقيت النساء والأطفال معرضين للخطر لأن التجذيف كان من أعمال الرجال المكرسة ولا يجوز للمرأة أن تمتهنه ,
لم تجرؤ أية أمرأة على الأقتراب من المجاذيف ألا وراكه على الرغم من معارضة رفيقاتها في المركب , وجذفت وقادت المركب الى الشاطىء الأمين وحدها , كانت تقول : سأقوم بأعمال الرجال ... وقد سمي المكان بأسمها تخليدا لذكراها وشجاعتها النادرة".
" يبدو لي أنها ليست متحررة ... هناك العديد من النساء يقمن بما قامت به هذه المرأة بعدما يهجرها رجلها ويتركها مع طفل لتدبر أمره وحدها ... عليها حماييته وتربيته وأتخاذ القرارات المهمة من أجله دون مساعدة أحد".
" هل تقصدين أنها تصرفت بناء لحاجة ملحة وأنه لم يكن لديها خيار في الأمر؟".
" نعم".
" ولكن بقية النساء حولها كن يبكين ويولولن بينما هي تصرفت بحكمة وأنجزت عملا أعطى نتائجه الفورية ".
" صحيح أنها قادت المركب الى الأمان ولكن هل بقيت قائدة حتى بعد عودة الرجال؟".
منتديات ليلاس
" الزمن تغير ... وأعتقد أن حرية المرأة شيء يفيد الحقوق والواجبات".
" نعم , وأنت؟ هل تناصرين المرأة في نضالها ضد التخلف , هل أنت من أنصار المرأة؟".
" نعم ,ولكنني لم أكن أعتقد أنك تناصرها لنيل حقوقها الكاملة".
" هذا يبرهن لك أن هناك أمور عديدة تجهلينها عني!".