ولكنه يجدها ، كما هو ظاهر ، مرغوبة جسدياً ، ويرى فيها مزايا محددة يريد
أن يورثها إلى ابنائه . . لقد لاحظت بكل وضوح ،
أن دور المرأة الأساسي في نظرة ، ليس دور الصديقة والشريكة ،
بل شريكة الفراش والأمومة .
ولولا رغبته في الإطفال ، الذكور منهم خاصة ، لما تزوج أبداً .
لم يحتج إلى شهر لإقناعها بالزواج ، بل حقق هذا ي أسبوعين .
فمنذ عاد من لندن ، خصص لها كل وقته .
فعاملها برقة متناهية ليست عند أي رجل في الدنيا .
كان في كل يوم يبعث لها على صينية الفطور مفاجأة ما ،
أحياناً غالية الثمن وأحياناً لا ، ولكنها ساحرة دائماً .
وكان دائماً رغم عودتها متأخرة إلى المنزل يترك لها مذكرة صغيرة يقول فيها إنه
ينتظرها بعد ساعة ، للخروج إلى النزهة .
غالباً ما كان يجلسان على مقهى رصيف . فيجعلها تضحك
أما على تعليقاته الحارة أو على نكته جريئة .
وفي أحياناً كثيرة كان يقرب منها الكرسي ثم يشرع في إمعان
النظر فيها وكأنه يمعن النظر في قطعة أثرية نادرة .
وجدت مثل هذه التحديقات لا تطاق . إذ كانت تحاول قد الإمكان السيطرة على نفسها
ولكن وجنتيها كانتا تصطبغان بحمرة الخجل ، عندما تقوم عيناه
ودون مجال للخطأ بإرسال رسالة ما .
في إحدى الليالي بعد أن تناولا العشاء برفقة مضيفهما في الخارج ،
جلس الجميع لتناول الشراب الساخن قبل النوم ،
ثم استأذنهما مضيفان للذهاب إلى النوم ، وتركاهما في غرفة جلوس صغيرة دافئة .
لم يمض على وجودهما وحيدين خمس دقائق ،
حتى فاجأها جايسون بتركه كرسية متوجهاً إلى الأبواب لقفلها وليعود بعد
ذلك وقد فك ربطة عنقه وزر يا قته .
لما أصبح على مقربة منها مد يده إليها فتركته يجذبها إلى ذراعيه ومن ثم حملها إلى أريكه طويلة
ذات مساند من ريش .
منتدى ليلاس
أنزلها على الأريكة ، وجلس على جافتها ، ثم نظر إليها للحظات مبتسماً ،
نظرة ذكرتها بتلك النظرة التي رمقها بها يوم استعادت عافيتها . . .
لم تنس تلك النظرة قط أو تلك الطريقة ليقيمها .
وها هي الآن تشعر بذاك الإحساس نفسه . .
ولكنها الآن تحس بأنها أصبحت ملكاً له . .
وإنه على وشك أن يأخذ منها ما يساوي ما دفع .
ثم أصبحت أسيرة ذراعيه ، فراح يشدها بعنف ،
مما جعلها تحس بأن موجه أطاحت بها وأخذت تنقاد فيها يميناً وشمالاً
حيث لا مفر إلا الأستسلام لقدرها .
وكنا في تجاوبها أكثر من إستسلام . . فقد تحرك كل عصب في جسدها ،
دافعاً إياها إلى أن تكوق عنقه بيأس . .
وكان ما يحدث بينهما هو ما تريده بشدة ولهفة
فقد أرادت أن يتفوق عليها ، وأن يجبرها .
ولم يكن ما يجري فوق الأريكة كلة قوة وغزو . . .
بل لطف ورقة ، كانت ـاصابعة الدافئة تلامسها كما الريش . . .
دون أن يحاول مطلقاً إزاحة أي ثيابها عنها ، ولكن يداه أخذتا
تجوبان جسدها فوق القماش الحريري ، إلى أن كادت تفقد وعيها من رقته ولطفة .
عند هذه اللحظة بالذات ,وقد عرفت معنى الحب الحقيقي همس لها في اذنها:
"ايمكنك الان تقول انك لا تحبيني ؟"
فتحت عينيها دون تردد :
"اوه,ياحبيبي..بلى احبك".
فأخرج من جيبه علبة مجوهرات فتحها وامسك بخاتم:
"هل لي ان اضعك هذا في اصبعك الان؟".
كان الخاتم مشعا كالنار الخضراء بفعل تلك الزمردة المربعة الشكل المرصعة بالالماس والمطوقة بإطار ذهبي .فشهقت:
"جايسون"
دسه في يدها وقبل يدها:
"لا أظن ان مضيفانا ناما الان.قلت لهما بامكانكما تهنيتنا الان قبل انقضاء هذه الليلة,...فهل استدعيهما لمشاركتنا الاحتفال؟"
ودون ان ينتظر الرد وقف ,وفتح الابواب ,ثم استخدم الهاتف الداخلي وصاحت به :
"اوه..اعطني لحظات لالتقط انفاسي ...شعري فستاني كيف ابدو؟"
قفزت واقفه,وأسرعت الى المرآة تنظر لنفسها ,فابتسم وقال:
"تبدين كحواء بعد ان قضمة التفاحة".
ثم قال في الهاتف:
"بيني؟انا سعيد ان اقول لك اند ونيس وافقت على الزواج مني .هل تنضمان لنا للاحتفال؟"
تقدم اليها وهي رافعه ذراعيها تنظم شعرها ,فلف ذراعيه حولها ثم مرر يديه من كتفيها حتى حتى عظمتي خصرها ..فارتعشت:
"اوه..ارجوك..لاتفعل هذا جايسون ..قد يصلون في أي لحظة".
"لا اظنك انك كنت تعتقدين انك ان بمكانك الاحساس بمثل هذا اليس كذالك؟".
فرددت مقطوعة النفس:
"لا..لم اكن لاتصور هذا..اوه".
ثم تركها ..واتجه الى الجهة الاخرى من الغرفة ,حتى اذا ما دخلت بيني وزوجها كانا بعيدين عن بعض عدة امتار ,ولكن احمرار وجه دونيس كان يعطي الدليل القاطع على ما كانا يفعلان..
مضى على خطوبتهما بضعت ايام عندما خطر في بالها ان تصرفات جايسون التي كانت مليئة بالحب في الاسبوعين اللذان مرا ,بدات تشهد تغير ملوحظا,فمنذ ليلة الخطوبة لم يقل او يفعل أي شيء يجعل قلبها يخفق ,بل توقف عن محاولة لمسها كلما اختلى بها,بل انه الان وبعد خطبتهم الرسمية اصبح محترسا وكأن وصيفة
ما تراقبهم طوال الوقت,اما سبب فعله فلم تفهمه.
في احد اليالي وهما عائدين من المسرح ,قالت له..
"اتدري ان مر لك خمس ايام لم تقبلني فيها الا على وجنتي ؟
فنظر اليها بسرعة وسألها ساخرا:
"واين تريدين ان اقبلك؟".
"لا تمازحني يا جايسون..نظرا لما كنت ..تضغط علي حتى وقت متأخر ,فهذا تغير ملحوظ,هذا كل شيء.فهل اعتدت التفكير في الامر؟".
"بل بدات افكر ان الشهر الذي يبعدنا عن الزواج انه طويل".
"قبل الخطبة كنت تغازلني بطريقة او اخرى..هذالك الحين لم تلمس يدي حتى".
"لقد اعتقدت انك سوفت تفهمي الدوافع ..ولكني نسيت براءتك".
"وماذا تعني؟".
"بالنسبة لك المغازلة تعني لك.امساك اليدين.التقبيل ,الملامسة في حدود معينها .اما بنسبة لي فلا حدود.لقد فكرت فيما يعني كل هذا .ولكن لم افعل لانني رايتك تفضلين الانتظار حتى ليلة الزواج.فهل انا مخطئ؟".
"كلا انت على حق ..عليك الانتظار".
"براءتك في عالم فاسد جزء من سحرك بالنسبة لي..ولكن لاتظني انني صبورا كثيرا..فقد افقد نواياي الطيبة قريبا".
اوقف السيارة امام باب منزل كلارك .وبدل من ان ينزل ليفتح لها الباب التفت وقال لها:
"ما رايك بقبلة لا على وجنتيك؟".
كان بينهما عناق مشابها لما كان يحصل قبل الخطوبة ولكنه سرعان ما انفصل عنها وهو يقول بصوت اجش:
"هل فهمتي ما اعني ..هيا اخرجي من هنا ...ساراك غدا ".
مد يده وفتح لها الباب ,ثم دفعها بلطف.
نزلت دونيس مترنحه من تاثير العناق .ودخلت ببطئ الى المنزل...لقد جعلها تشاركه الشعور بان الشهر طويل جدا..
في الايام التالية ما عادت حايرة من ابتعاد جايسون عنها لانها باتت تعلم بانه بذالك يضبط اعصابه ويسيطر على نفسه .ولكن ما كان يزعجها اكثر واكثر بمرور الايام واقتراب موعد الزواج احساسها بانه نجح في جعلها تتجاوب مع نفاذ صبره لتنفيذ علاقتهم فعليا ,فهي لم تنجح جعله يتلفظ بكلمة حب واحده لها..
تذكرت انه قال لكلير السبب الرئسي الذي يدفعه بالزوج من وصيته ,هو شجاعتها ,ويتمني ان يرث اولاده تلك الشجاعة..ولو انها تملك هذه الشجاعة فهذا هو وقت اظهارها عبر تصرف جرئ كانت كلما ازددت تفكيرا في علاقتهما,كلما ازداد قناعتها بانها لن تستطيع الاستمرار للوصول الى الزواج على اسسه الحالية ,مع ان جايسون ,وجايسون وحده ,هو الذي تريد ان تختبر الحب معه..
كان من حسن حظها انه يكره الدعاية لذا قرر ان اقامة حفل زواج في ضاحية قريبة..لن يحضر سوى بني وريمون كلارك شهودا..يتبعه بعد ذالك غداء غير رسمي قبل ان يطيرا الى سواحل ايطاليا ليستغلا يخت"كابريس"الذي جاء به القبطان من جزر البهماما عبر المحيط ثم المتوسط حيث يرسوا الان منتظرا في جنوي,ليقضي سيده فيه شهر عسله في جزيرة صغيرة...
تدعى"ايزولايدي مارتا" حتى مارغريت لن تحضر الزفاف ,لانها لاتعرف شيء عن امر الخطوبة ,وكل ما تعرفه اند ونيس ستتأخر في باريس لتجرب الاقامة هناك ,ولتختبر قدرتها على العيش فيها..
ومن هنا كان الزواج غير مكبل بالتعقيدات الاجتماعية او الاهتمام بالمكان اقامة الحفله وما يتبعه من عمل دوؤب..
قبل ثلاث ليالي من موعد الزفاف ,وبعد ان تعشيا في مطعم هادئ ,ردها جايسون الى بيتها حيث ودعها في الفناء لان عائلة كلارك لم يكون في المنزل وهو لم يدخل اليها ليلا الى البيت الا اذا كانا هناك..
منتدى ليلاس
عندما صعدت الى غرفتها ,تركت رسالة الى بيني على الطاولة الزينة.تقول فيها:"لا تقلقي انا مع جايسون"...ثم اخرجت حقيبها كانت موضبتها قبل ..ونزلت حذره كي لا يرها احد من الخدم وتركت المنزل .لتسير مسافة قصيرة قبل ان تجد سيارة تاكسي الى محطة قطارات الشمال .
مرت اربعين دقيقة بين وصولها الى المحطة وتركها حقيبتها عند احد موظيفي الامانات واستقلال سيارة اجر اخرى اتجهت بها الى شقة جايسون .وهي ترتجف متوترة .
واستقبلها بواب البناية عند المدخل :
"نعم مدموزيل".
فتمتمت باسم جايسون ذاكرة رقم شقته...بدا البواب دهشا وهو يفتح لها احد بوابات المصعد ,ضاغطا على الزر المطلوب وفي عينيه انها لم تمكث وقتا قصيرا عنده.
لم تستغرق المدة الفاصلة بين ضغطها على الجرس وفتحه للباب لها اكثر من دقيقة..كان جايسون يرتدي الروب الاسود الحريري الذي كان يلبسه في تلك الليلة التي دخل فيها الى غرفتها في الشالية يوم الميلاد ,وعندما شاهدها رفع حاجبيه قائلا:
"ما الذي دفعك الي؟"
"هل لي ان ادخل؟"
"طبعا.."
فدخلت غرفت الجلوس ووضعت حقيبة يدها على اقرب كرسي ثم سألته :
"هل انت نائما؟".
"لا..كنت اتحدث هاتفيا قبل دقائق من وصولك..هل حدث شيء خاطئ يادونيس ؟"
"لا..شيء حقا..عندما غادرنا المديتة الليلة ,مررنا بحادث اصطدام.اتذكر هذا؟وبعد ان اوصلتني ..اخذت افكر كم ستكون سخرية القدر لو انك تعرضت لحادث اثناء عودتك .او اصبت انا بحادث في الغد .بدا لي ان القدر سيضع لنا حدا لسعادتنا خلال اليومين القادمين ,في وقت
نكون فيه معا..الان..وهذه الليلة..هل تدعني ابقى معك يا جايسون؟".
بينما تتحدث تسللت ذراعها الى عنقه تطوقانه وتشده اليها,فوضع يده على خصرها ,ثم راحت عيناه تخترقان اغوار نفسها وكأنه يبحث عن ماربها من ذالك,فارتعبت خوفا من ان يكشف ماهو مكتوب في راسها..
بعد قليل ضمها بين ذراعيه وحملها الى غرفة اخرى ,كانت الستاير منسدلة تسمح لنور القمر بتسلل,دفع الباب وراءه ليقفله ,ثم حملها الى سرير ازاح اغطيته عنه ,لانها شاهدت لون الشراشف والوسادات شاحبة مثل ضوء القمر .
بعد ذالك جلس قربها ثم جذبها اليه ليضمها بشغف .يشبعها عشقا دون ان تمد يداه الى ثيابها .وكانه يريد ان يضع حدا بينهما رغم العاطفة التي اججها وجودها المثير بين ذراعيه..
تسللت يديها الى روبه تريد ان تنزعانه ,لكنه اوقف يديها وقال لها بصوت اججته العاطفة:
"ليس الان..لم يحن الوقت الان...نامي الان في هذه الغرفة وغدا نتحدث.."
احست فجأة بالبكاء وبالخيبة تكتسح ذاتها .اذ كانت تتوق الى ان تهبه نفسها دون خجل ,لكنه رفضها وابعدها عنه ,دون ان يذكر كلمة حب واحدة بل هجر واعرض .لو كان يحبها ما كان استطاع مقاومة انفعالاته او نفسه عنها,انها في نظره ليست اكثر قيمة من اولئك النساء الذي عرفهن .
بعد ساعات استيقظت فوجدت نفسها مسترخية ,لكن في ذالك الحين هجر النوم مقلتيها ,وبقيت كستلقية دون حراك ,تحدق الى الاشكالوالظلال الغير مالوفه في هذه الغرفة الغريبة عنها ,تتسأل اذا ما كانت حمقاء لانها تريد منه اكثر من اسمه.ومركزة ومن سحره في الحب,انها تريدي الشيء الذي يمنعه عنها وهو قلبه؟
في ساعات الصباح الاولى ,تسللت وهو ما يزال في الفراش ,وارتدت ثيابها بسرعة ونظرت الى وجهها في المرآة فشاهدت اثار الدموع ..ولكنها لن تهتم البته فيما يقوله البواب عندما يشاهدها في الخامسة صباحا .تطلب منه استدعاء سيارة اجر لها..
كانت قد كتبت رسالة الوداع له في اليوم السابق ,وهي تأمل الاتضطر الى استخدامها لو سمعت كلمة احبك منه..ولكن هذا لم يحدث ..فتركت له المغلف في موضع بارز من غرفة الجلوس قربه خاتم الخطوبة وسوارة الاحجار الكريمة وعقد اللؤلؤ..
ثم خرجت من شقته ومن المبني..ومن حياته...