3- عالمها الجديد
السيارة التي اقلتهم كانتا سيارة كبيرة فخمة قادها سائق بزي رسمي ... كانت دونيس ستشعر بسعادة اكبر لو جلست في المقعد الامامي الا ان السيدة دوفال اصرت على ان تجلس في الخلف بينهما .
اثناء المسير الى مطعم اليغانس طرحت عليها اسئلة عن حياتها وعن زميلاتها في المدرسة . بدا اهتمامها حقيقيا , ولو انهما كانتا وحدهما لأخذت دونيس الامر كما هو .
ولكن مع وجود جايسون على الجانب الاخر منها , جاءت ردودها مقتضبة مقيدة ... في وقت كانت تعلم انه يفضل البقاء وحده مع حبيبته الجديدة الجميلة .
كانت دونيس حتى وصلوا الى مطعم الفندق الفخم قد تلقت تعليمات بمناداة السيدة باسمها الأول كلير . في غرفة الزينة لم تلمس كلير زينتها .
بل اخرجت زجاجة عطر ورشت رذاذها على جسدها ... رذاذا له رائحة عبير سماوي .
- ألم يعلموك تجديد عطرك كل حين ؟
- لا ... لم انبه الى ذلك .
- ان بعض النساء , حتى في فرنسا , لا يتعطرون كما يجب.. رشة خفيفة خلف الاذن مرتين في اليون .. وما نفع هذا ؟ على المرأة ان تكون رائحتها منعشة طوال اليوم ... لكن عليها ان الا تستخدم العطر نفسه . مثلا اليوم اضع شانيل وفي الامس كنت اضع عطر جوي ... لماذا لا تضعين أي نوع من العطور ؟
- ليس لدي عطر .
نفضت الممثلة تنورتها بعد ان رشت تحتها قليلا من العطر , وقالت :
- شبابي كان مختلفا عن شبابك .فقد ولدت في احياء باريس القذرة . مر علي وقت عصيب حتى لفتّ انتباه ليون دوفال منتج الافلام الشهير . فجلعلني نجمة , ولكنني دفعت الثمن ... اه كم دفعت ... كان منتجا ومخرجا لامعا ... ولكنه كان حيوانا كرجل مات منذ 5 سنوات . ومنذ ذلك الوقت , احسست بالسعادة للمرة الاولى من حياتي , لذا لن ادع رجلا يمتلكني بعد الآن .
- هل لديك اولاد ؟
- لا ... وشكرا لله ! عملي وعشاقي يكفون لابقائي مشغولة ... هل تحبين ان تنجبي الاولاد ؟
- ربما ... من المستحسن ان ينشأ المرء في عائلة سعيدة .
- ولكن ياحبيبتي , سرعان ما تكره هذه العائلة بعضها ... وانا شخصيا اجد اللأولاد مملين .
ما ا ناوشك الغداء على الانتهاء حتى ادركت دونيس سبب اعجاب جايسون بالممثلة . انها متحدثة لبقة , صريحة , مسلية ومعتدة بنفسها , ومع ذلك فليست متصنعة اطلاقا .
ودت لو تكون مثلها , ولكن امامها طريق طويل جدا لتصل الى ربع ما هي كلير عليه .
بعد الغداء اقترحت كلير التنزه على ضفاف النهر . سارت وجايسون يدا بيد , متشابكي الايادي ...
قال جايسون لدونيس :
- لقد رتبت ل كان تقضي عطلة الفصح مع شقيقي في بروكسل ... لشقيقتي ابنتان ذكيتان, هما اصغر منك سنا بضع سنوات ... ستنسجمين معهما ... وزيارتك هذه ستخولك التعرف الى الحاية الريفية .
وتذكرت ما قال عن انه يفضل فصل حياته الخاصة عن علاقاته العائلية . فهو على ما يبدو , يحسبها جزءا من حياة عائلته .
بعد وصولهما قرب مدخل القصر اردف قائلا :
- سننزلك عند البوابة ... هل تمانعين في السير حتى القصر ؟
- لا ... بالطبع لا ... كان لطفا منك اخراجي للقيام بهذه النزهة . اشكر لك كرمك فاغداء كان لذيذا والسيدة سرتني رؤيتها .
فردت الممثلة :
- وانا كذلك يا عزيزتي .
بعد وصول السيارة الى ابواب القصر . نفخ السائق زمور السيارة مرتين ليلفت اهتمام الحارس . ثم خرج ليفتح الباب للركاب الثلاثة . قالت كلير عندما فتحت الابواب :
- عودي ثانية الى الدير ... ولكن لا تهتمي . لن يكون هذا لوقت طويل يا حبيبتي . اورفوار .
طبعت قبلة على وجنتيها ثم سمعت جايسون يقول لها :
- مدام مون بلان ستتلقى تعليمات سفرك ... وداعا كوني طيبة .
قال كلماته تلك ثم لكم ذقنها مداعبا , وكانها ابنة اخته .
وقفت دونيس تراقب السيارة تبتعد , والتفتت كلير تلوح بيدها في حين امتنع جايسون عن الالتفات اليها .
منتدى ليلاس
ادركت دونيس متأخرة , انها لم تسأله عن عنوان تستطيع من خلاله الاتصال به ...
تساءلت عما اذا كانت شقيقته ستمانع في استقبال غريبة في بيتها .
تم ترتيب سفر دونيس ومارغريت بالقطار الى مدينة ليل , حيث ستلاقيهما والدة مارغريت وكان من المقرر ان تبقى دونيس في عهدة هذه السيدة حتى وصول السيدة غاردنر شقيقة جايسون ...
وصلت السيدة مايلز مع ولدين من اولادها فرافقوا الفتاتين الى منزل اقارب لهم للبقاء يومين قبل سفرهم الى دنكرك ثم بحرا الى انكلترا .
بعد بضع ساعات وصلت السيدة غاردنر لتأخذ دونيس ... كانت تشبه جايسون كثيرا الا انها لم تكن ديناميكية كشقيقها .
ابنتاها روزي وكولين , كانتا بدينتين شقراوين كأبيهما الذي وصل الى المنزل بعد وصولهما بوقت طويل . بعد العشاء مباشرة انسحب الى مكتبه , فلم تره ثانية تلك الليلة .
ما ان مضى عليها اسبوع هناك , حتى توصلت دونيس الى استنتاج ان السيدة غاردنر , انما تزوجت لسبب واحد , هو ان زوجها قادر على توفير كل وسائل الراحة المادية لها .
ومنزل تحيطه ارض واسعة يشرف عليها بستاني ... اما السيد غاردنر فكان يمضي معظم اوقات فراغه يلعب الغولف , ويتعشى في المدينة , ولا يصل الى منزله الا في وقت متأخر ...
ويبدو انهما لم يكونا يتحدثان الا عن اخبار الصحف ومشاغلهما الاجتماعية المشتركة . كانا ينامان في غرفتين منفصلتين وحمامين منفصلين , ولم تلحظ مطلقا انهما تبادلا نظرة عاطفية واحدة ...
وكان لفكرة اضطرارها قضاء عطلتها كلها معهما , اثر محبط على معنوياتها ... ليس لأنها لم تشعر بالارتياح هناك فقط بل كذلك لنها احست بانها حمل عليهما ...
اما الفتاتان فقد احبتاها , خاصة الصغرى كولين ... ولم يكن المنزل بالمكان المناسب لأن تكون دونيس فيه مفيدة بالمساعدة في اعماله وفي الطبخ .
وقت العشاء , في احدى الامسيات قالت السيدة لزوجها :
- لقد اتصل جايسون اليوم ... انه في بروكسل , وسيبقى بضعة ايام للعمل . لقد دعانا لحضور الاوبرا يوم الاربعاء , فقت له ان لديك اجتماعا هاما في هذه الليلة وانك ستنام في النادي . فقال انه سيعيدنا الى المنزل بنفسه حيث يقضي ليلته معنا .
مع ان دونيس لم تظهر شيئا . الا ان سعادتها بمثل هذا الخير كان لا يقل عن السعادة التي غمرت الفتاتين . اردفت السيدة :
- اذا كنت لا تمانع ... سنذهب معك صباحا الى المدينة , حيث ستقوم الفتاتان بتعريف دونيس الى معالم المدينة اثناء وجودي عند مزين الشعر .
احتلت زيارة بركسل تفكير دونيس خلال الـ48 ساعة التالية ... كانت خلالها تقنع نفسها بان أي انسان سيصاب بالاثارة عند زيارة مدينة لا يعرفها ...
ولكنها كانت تعلم ان رؤيتها لجايسون شيء مختلف غير متوقع تماما .
كان لديها حمام صغير ومغسلة في غرفة نومها , ولكنها تشارك الفتاتين في حمام كبير واحد . فبعد ان قرأت كتابا في الفراش حتى منتصف الليل ,
خرجت الى الحمام دون ان تضع روبا فوق ثوب الحمام , ظنا منها ا ناهل المنزل نيام .
ولكنها عند زاوية الممر الذي يصل غرفتها بالممر الرئيسي العريض , شاهدت السيد غاردنر يتجه الى غرفته ... كان وقع اقدامه مخنوقا فوق السجادة السميكة .
تراجعت دونيس خطوة الى الوراء مذهولة :
- اوه !
- مرحبا دونيس !
راحت نظرته تتجول فوق جسدها كله وصولا الى قدميها الحافيتين . فقالت وهي تضم ذراعيها فوق صدرها , وتتنحى جانبا بتمر قربه بسرعه :
- انا ذاهبة الى الحمام .
فأمسك بيدها ليجرها اليه :
- اوه ... لا تهربي ياحلوة .
ضمها اليه , وكانت قبلته التي قومتها اكثر كراهية من قبلة ذلك البحار ... بذلت المزيد من الجهد لمقاومته فاختلطت كراهيتها بارتباك وخوف خشية ان تسمع السيجة صوتيهما
فتخرج من غرفتها قبل ان تتمكن من تحرير نفسها منه .
ولكن مقاومتها اشعتله اكثر ,, وعندما تخلصت منه في النهاية هربت الى الحمام واغلقت الباب من الداخل مرتجفة تشعر بالغثيان .
بقيت فترة في الحمام خائفة من العودة الى غرفتها ... ولكنها عندما خرجت اخيرا , وجدت الممي غارقا في الظلام .
بحثت عن زر النور وهي تتوقع هجوما آخر . لكن احدا لم يكن بانتظارها . رغم ذلك اوصدت الباب بالمفتاح للمرة الاولى منذ وصولها الى هذا المنزل .
امضت ما تبقى من الليل تفكر في طريقة ما للخلاص من منزل لم تكن تحس فيه منذ البداية بالراحة .
اليوم التالي لم يكن يوما ممتعا ... فلقد كان للفتاتين آراء مختلفة عن كيفية قضاء اليوم قبل لقاء خالهما ... ارادت كولين الذهاب الى حديقة الحيوان .
بينما ارادت الاخرى الذهاب الى برج اثوميوم لرؤية ما فيه من معروضات علمية .وحتى تضع حدا لجدالهما قالت دوليس انها تريد الذهاب الى متحف المدينة
وهو اقتراح ندمت عليه فيما بعد لأنهن لم يتمتعن بوقتهن هناك .
بعد الغداء ذهبن لرؤية القسم التجاري من المدينة الذي لا يبعد كثيرا عن شقة خالهما جايسون .
لدى صعودهن الى شقته في المصعد , تمنت دونيس لو انها اشترت أي دواء يهدئ صداعها الذي اخذ يزداد سوءا ,
كانت تعلم ان سببه الليلة السيئة التي مرت بها اضافة الى جموع الناس وازدحام السيارات في العاصمة وهو آمر لم تعتده بعد.
كانت السيدة غاردنر هناك عندما وصلت الفتاتان الـ3 , وبينما كان لون بشرة دونيس يزداد ابيضاضا منذ وصولهما اوروبا ,
كانت بشرة جايسون تشتد اسمرار فقد اكتشفت ان المكان الذي يدعى غستاد هو منتجع سويسري للتزلج قضى فيه جايسون وقتا قبل سفره الى لندن , وعودته الى هنا , وسأل جايسون الفتيات بعد تحيتهن :
- ماذا كنتن تفعلن طوال اليوم ؟
سارعت الفتاتن الى اخباره بينما بقيت دونيس صامته , تحاول الادعاء انها امضت وقتا رائعا ... ساعدها كوب من الشاء على استعادة حيويتها .
وكانت مدبرة المنزل قد قدمت بسكويتا طازجا , وخبزار اسمر وسندويشات من الجبنة والخيار , وكيك بالفاكهة , الا ان دونيس لم تتناول شوى قطعة صغيرة بينما وفته الفتاتان حقه .