ارتدت بنطلون جينز وكنزة صوفية ولفت شعرها بعقدة على قمة رأسها , ثم انضمت الى زوجها فى غرفة الطعام.
كانت صوفيا قد اعدت وجبة طعلم رائعة .. وكان لجو المائدة تأثير مربح .
وببضع دقائق , أخلت الطاولة وملأت غسالة الصحون قبل ان تعود الى الطابق الأعلى لتغيير ثيابها .
اختارت هانا بذلة سهرة ذات بنطال , بلون الزفير المتألق .. وسرحت شعرها لتبقيه مسدلاً على كتفيها , واهتمت بزينتها قبل ان تضيف سترة من الحرير الصافي , بطول الركبة باللونين الاخضر والازرق .. ثم حملت حقيبة يد صغيرة مزينة بالخرز وأكملت بها زيها .
قال ميغيل :( فاتنة )
وابتسمت له بخجل :( غراتسياس أومير )
نظرت اليه تتفحص قامته الطويلة فلاحظت البذلة السوداء الرائعة , والقميص الابيض القطني , وربطة العنق السوداء ..
-ليس سيئاً .
والتوى فمها الشهي بأبتسامة خبيثة , قبل ان تضيف :
-اعتقد انك لائقاً .
-حقاً ؟
وراح يتأمل قسمات وجهها الرائعة التكوين , وبنيتها الصغيرة الحجم التى تنجح دائماً فى تحريك مشاعره .
-هل لنا ان نذهب ؟
وصلا قبل خمس عشرة دقيقة من بدء العرض . وسارا الى داخل البهو المكتظ بالناس مع دخول المدعوين الى القاعة .
كان للفيلم مقدمة غير عادية , مقدمة تسحر الالباب ,, غامضة توصل الى استنتاج مذهلاً .. أما التمثيل فمتفوق , أعلن ان الممثلين الثلاثة الرئيسيين قد يرشحون لنيل جوائز .
أمسك ميغيل يدها مع ظهور الاسماء فى نهاية العرض , وتسللا معاً فى الظلام قبل خروج المشاهدين .
-هل تشعرين برغبة فى الذهاب الى مكان ما لشرب القهوة ؟
كادت هانا ترفض , ثم غيرت رأيها :( ولم لا ؟)
سارا أمام مجموعة من الأبنية , ثم دخلا مبنى ذا قنطرة يعود ديكوره الى اواخر القرن التاسع عشر واختارا مقهى ضغيراً متخصصاً بالقهوة المستوردة والحلوى والكعك المصنع منزلياً .
لم يبد استعجاله .. وكان المكان ملائماً للأسترخاء .
طلبا القهوة , واختارا بعض الرقائق المخبوزة لتذوقها .
قال ميغيل وهو يحلى قهوته :( ابن عمي اليخاندرو وزوجته أيليس سيحضران الى هنا لقضاء نهاية الاسبوع .. سوف يحضران حفلة جمعية مرضى سرطان الدم الخيرية الراقصة وسيحلان علينا ضيوفاً مساء السبت )
ابتسمت هانا بحرارة . كانت قد التقت إيليس يضع مرات منذ زواجها , وهما يتبادلان التعاطف الودي .
-وكم سيبقيان ؟
-بضعة ايام فقط .. إيليس ستترك الصبيين مع المربية , وتطير شمالاً لتقضي بعض الوقت مع اصدقاء لها أثناء وجود اليخاندرو فى بيرث .
-وستذهب معه .
كان تصريحاً بالأمر الواقع وليس سؤالاً . ولمح ميغيل مشاعرها واضحة على ملامحها المعبرة :( يمكنك الانضمام الينا )
كادت هانا ان توافق , لكنها تذكرت ان سندي غير موجودة .. وتركها المحل فى عهدة شخص غريب , ليس خياراً جيداً .
منتدى ليلاس
قالت بلهجة آسفة :( سأحب ذلك .. لكننى لا استطيع )
وهزت كتفيها باستسلام :( كم سيطول غيابك ؟)
-يومان وربما ثلاثة .
ليلتان ستقضيهما بمفردها .. يمكنها زيارة ابويها , أو الاتصال ببعض الصديقات لتنظيم سهرة فى المسرح , أو حضور السينما , وربما الخروج للعشاء .. هناك العديد من الامكانيات لتشغل وقتها , الا انها ستشتاق اليه بجنون .
هل لديه فكرة كم يعنى لها ؟ بطريقة ما تشك فى هذا .. الافتنان والمحبة لا يساويان الحب .. والواجب بديل فارغ .
-المحل ..
-مهم بالنسبة إليك .
نظرت اليه مليا~ً , تتوسل اليه بصمت ان يفهم .
-لقد اتفقنا ..
-اعرف
-هذا هو الشئ الوحيد الذى اقوم به وحدي .
-انا لا اشك فى قدراتك على تحقيق النجاح بمجهودك الخاص .
-لا .. لكنك تريدنى ان اختار .
رفع حاجبيه متسائلاً :( وهل تتخلين عن الحياة الاجتماعية لصالح المحل ؟ هذا ليس اسلوبك هانا )
-وماذا تقترح ؟
-رقى سندي , ارفعيها الى الادارة . استخدمى بائعتين تستطيعان العمل مكانك .
-وبهذا اكون قادرة على السفر معك على وجه السرعة ؟
-افضل ان تكونى معى على ان اتركك فى البيت
هل هذا استسلام ؟ هل هة اعتراف من نوع ما ؟
قالت :( سأفكر بالأمر ملياً )
ورأت ابتسامته اللامعة.
-افعلى هذا اماندا .
وارتشف ما تبقى من قهوته قبل ان يتابع :( هل لنا ان نغادر الآن ؟)
كان الوقت متأخراً حين اوقف ميغيل السيارة فى المرآب .. ومع دخولهما الى غرفة النوم , خلعت هانا ملابسها , ونظفت مساحيق الزينة عن وجهها , ثم اندست بين الاغطية القطنية الباردة.
وبعد دقائق غطت فى النوم منجرفة الى اللاوعي حيث هاجمت الاحلام عقلها الباطني حتى ساعات الصباح الاولى , حين اعادتها اصابع خفيفة على ظهرها , الى اليقظة ببطء شديد .
قوست هانا جسمها تتمطى كالقطة , ثم استدارت نحو الرجل الذى يحاول إثارة أحاسيسها .
مررت يدها تداعب صدره , وسمعت تنفسه .
وبآهة خشنة أطبقيديه على خصرها وادارها لتواجهه .
سألها ممازحاً :( وهل تريدين هذا حقاً ؟)
وضحك ضحكة منخفضة خشنة , لنفيها .
فيما بعد ناما مرهقين , اللى ان ارسل الفجر اصابعه الفضية عبر الظلمة المستحبة , ليرسم بسرعة الواناً ناعمة على الارض والبحر . بعدئذ , أرسلت الشمس وهجها الذهبي , لتعطي البديل عن الظلال وتعلن بداية يوم جديد .
استفاقت هانا وهى تشعر بالراحة , فنزلت عن الرسر , زتزجهت الى الحمام .
بدا لها ميغيل اكثر حيوية من ان يرتاح بالها , وراحت تراقب ابتسامته اللامعة وهو يتأملها .
بحركة آلية , لفت شعرها الطويل فوق رأسها وثبتته بدبوس من طبق قريب على شكل صدفة .
هذه طريقة عظيمة لبدء اليوم .. ها قد نعمت بالأمان بين ذراعي الحبيب . الآن , استسلمت لترف الاسترخاء فى المغطس لإبعاد التوتر عن عضلاتها المتعبة .
أرادت ان تسند رأسها الى الوراء , وان تغمض عينيها .. وتبقى هنا لساعات .. بعدها تستمتع بالفطور , فريز طازج , يتبعه البيض واللحم الطري وفنجتنين من القهوة الحلوة , ثم العودة الى الفراش لتنام تحت الأغطية الى ان ترتفع الشمس الى قبة السماء .
لكن لسوء الحظ .. هذا ليس اليوم الملائم , ولن تبدأ نهاية الاسبوع قبل الغد .. والمحل ينتظر , وكذلك البائعة البديلة .. ثم هناك كاميل .
فتخت عينيها ببطء .
فسألها ميغيل :( الى اين ذهبت ؟)
فابتسمت له :( قد لا تريد ان تعرف )
-لو قلت لي .. استطيع ..
-أن تحرك عصاك السحرية ؟
-أقوم ببعض الاتصالت .. أشد سلكاً او اثنين .
-آه .. أصدق انك قد تفعل .. لكن الامر ليس بهذه البساطة .. إضافة الى ان هذا الامر يعود لي كوريدو .
مدت يدها لتأخذ منشفة , ثم خرجت من المغطس .
لم يكن الوقت متأخراً كما ظنت , واكتشفت هذا وهى ترتدي ثوباً متقن التقصيل اختارته للعمل .
كان هناك ما يكفى من الوقت لتناول فطور متأن قبل ان تمسك حقيبة اوراقها وتلحق بميغيل الى المرآب .
ارتفع الباب الآلي .. وبنفس الوقت فتح كل منهما باب سيارته واندس خلف المقود مشغلاً المحرك , ومع إشارة ميغيل خرجت هانا قبله .
فى نهاية الشارع رفعت يدها ملوحة له , وهى تنظر فى المرآة فى الخلفية وتستدير بالاتجاه المعاكس .
وصلت البائعة البديلة متأخرة , ورغم ان اوراق التوصية الخاصة بها بدت مرضية , الا انها كانت تتناسب اكثر مع قسم المراهقات فى مخزن عام من ان تهتم بزبونات محددات يطلبن أزياء لمشاهير المصممين , حصرية وغالية الثمن .
بذلت هانا جهدها لإعطاء دروس سريعة عن ازياء النساء الفاخرة . لكن , بعد تصادم مع زبونة كاد يؤدي الى كارثة , أوكلت شانتيل بمهمات وضيعة , وجعلتها تحضر لها الغداء .
وبحلول منتصف الظهر , كانت خانا تعاني من صداع متوتر .
زقررت شانتيل التوقف عن العمل وهذا يعني مكالمة أخرى الى وكالة التوظيف , لطلب حاجات محددة . ومن ثم مكالمة يائسة الى رينيه التى وافقت بملء إرادتها على سد الفراغ لبضع ساعات فى اليوم التالي .
مرت لحظات قصيرة , فكرت هانا فيها جدياً بإقتراح ميغيل لترقية سندي . وقررت متجهمة , ان عليها اولاً ان تختبرها خلال الاسبوع القادم , أو الاسبوعين .
:) نهــاية الفصــل الرابــع :)