كاتب الموضوع :
f_troy2010
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
" اليوم الثالث " أشرقَ الصباح .....
ومعه الشمس التى أتت مُتثاقله تتسلل بأشِعتِها على غفلةٍ من الظلام لتشتته وتذهب به بعيداَ .
وأول من تسللت إليه بأشعتها كان وجه ملك وقد أُضيىء تماما وبدا كبدر نائم فى وضح النهار .
إعتدلت وهى تعبث بشعرها وتنظر حولها لتجد يوسف لازال مستغرقاً بفعل المُهدىء
وعمر نائم على مقعد بجانب الفراش ورأسه مائل وقد بَلغَ به الإرهاق ما بَلغ
أخذت وِساده صغيرة ووضعتها بين كتفه ورأسه فإستكان وجهه وإستغرق أكثر بالنوم
ذهبت إلى الوضوء بعد أن فاتهم الفجر وفور إنتهاؤها من الصلاه
وجدت من خلفها يقول : تريدين دخول الجنه وحدك يالكِ من أنانيه .
إلتفتت ليوسف وهو يتجه نحوها بوجهه الضاحك وقال : لما لم توقظينى لأُصلى معكِ .
نهضت فإحتضنته قائله : أردت أن تأخذ قسطاً أوفر من النوم
أبعدته عنها لترى وجهه متفحصه إياه وقالت : أنتَ بخير الآن .
قال مازحاً وهو يقرص وجنتيها : نعم بخير أسرعى إذن سأُصلى وأنتِ أعدى لى إفطاراً لذيذاً .
قالت مسرعه : دقائق ويكون جاهزا ...... ولكن عادت إليه
قائله : تقصد الحساء أليس كذلك ؟ .
قال متذمرا : حسناً .. حسناً هل قلت غير ذلك هو الحساء بالطبع .
إنهمكت ملك بتحضير الافطار وعمر أيضاً إستيقظ ولحق بيوسف للصلاه وعندما انتهت نادى يوسف عمر .
قائلاً : اجلس لنتناول الافطار .
قال عمر وهو يفحص نبضه ويتفحص وجهه : كيف تشعر الآن ؟
قال يوسف : بخير الحمد لله اجلس لنفطر .
تناول عمر فنجاناً من القهوه وقال وهو يغادر : لا أشعر بالجوع سأكتفى بالقهوه .
وقبل أن يغادر إستوقفته ملك وقد إرتبكت الحروف وتداخلت بلسانها حتى فهم أخيراً أنها تقول : تناول هذه مع القهوه .
وناولته قطعه من الخبز قامت بدهنها بالمربى
أخذها منها وغادر وكلاهما يرمق الاخر بنظرات مُرتبكه مُربكه
أما يوسف فقد ظل صامتاً وهو يجاهد ضحكه كثيرا حتى غادر عمر وبعدها إنفجر ضاحكاً .
نظرت إليه ملك بدهشه بعد أن افاقت من إرتباكها وقالت : ما يُضحكك؟ .
قال وهو لا يزال يضحك : لا شىء وإستمر بالضحك حتى دمعت عيناه وأزاح الطبق جانباً ليأخذ حريته .
بدأ الغضب يتسلل لملامحها حتى صرخت به : توقف ما يضحكك ؟
قال يوسف وهو يشير إليها وإلى الإتجاه الذى غادر به عمر : أنتما مسليان للغايه .
أخذت منه طبق الحساء وقالت : يوسف غادر المطبخ قد أنهيت إفطارك .
قال وهو يحاول السيطره على ضحكه : هل تعقابينى لأنى أقول الحقيقه ؟ .
ثم صمت قليلا وقال : خسارة لم أُحضر كاميرا الفيديو لأُسجل تلك اللحظات حقاً مثل الأطفال .
أشارت إلى الباب وقالت : إلى غرفتك سأقوم بالتنظيف .
قال وهو يطرق على المنضده : حسناً ولكن أسرعى لا أُحب التلكأ .
إستغرق منها التنظيف ساعه تقريباً وبعدها أخذت حماماً ساخناً وإرتدت ثوباً وردى اللون
ولكن منذ إستيقظت تلاحقها أفكاراً .
" لما أشعر اليوم بالسعاده رغم ما حدث ليلة الأمس ..
ونظرت إلى بطنها وقالت لطفلها الذى وكزها قليلا : أتضحك من أمك التى تغير من مزاجها كما تغير الأثواب .
هل كان حلماً .... لقد سمعت عمر يكلمنى بالأمس ولكن منذ إستيقظت لا أذكر شيئا لابد أنها الحمى وهلاوسها .....
ولكن لا ... لقد شعرت به يجفف جبينى وهو مقتربا منى ..... كنت مريضه بالفعل توهمت كثيراً "
تلفتت فى المنزل فلم تجد الاثنان ولكنها لمحت عمر من إحدى النوافذ وهو نائم مستنداً إلى إحدى الأشجار .
أخذت تُلآمِس الزجاج بأناملها وقد أشفقت على هذه الهالات حول عينيه
قالت :" هل سهرت طويلا بالأمس ؟ أحب رؤيتك وأنت عابس من الشمس هكذا تبدو كأنك تقوم بحل مشكله كبيره ربما هذا ما يجذبنى إليك الهدوء الذى يسيطر على ملامحك فمن ينظر إليك يشعر بالأمان وإطمئنان يحوى بجوفه الكثيرمن الأعاصير والعواصف .
تزعم القوه ..............
لما إذن كل هذه الجلبه عندما رأيت خالد ؟
حسنا يا عمر سنرى الى أين ستصل معى ؟ ."
ظلت هكذا شارده بذلك النائم حتى إنتفضت عندما إقترب منها يوسف قائلاً : يبدو متعباً أليس كذلك ؟
إلتفتت اليه وعلى ملامحها مزيج من الفزع والغيظ والضيق
ولكنه أطلق صافره وقال : عفوا أيتها الجميله كانت هنا فتاة تنظف المطبخ بالطبع لا تبدو انيقة مثلك
هل رأيتها ؟ هى أختى , و زوجة هذا المسكين النائم هناك , لا بأس سأجلس معكِ حتى تأتى .
أخذت تضحك ثم قالت : رأيتها كانت تتمرن على اللكمات فمنذ زمن لم تذيق أخيها منها .
قال : اللكمات .... اذن هى بالتاكيد من رايتها فهذا أُسلوبها .
قالت : هل أبدو جميله حقاً ؟ .
قال وهو ينظر اليها : بالتأكيد وإذا لم تُصدقى سترين الآن ردود الأفعال .
قالت وهى تتصنع التجاهل : ردود أفعال ..... تقصد من ؟
قال : الأشجار والزهور التى بالحديقه وهل يوجد غيرهم هنا .
وهنا دق هاتف يوسف فأنهى المكالمه سريعاً ثم عاد إليها
وقال : هل أتى خالد بالأمس ؟ .
قالت : أجل هل هو من هاتفك ؟ .
قال : أخبرنى أن لديه بعض المستندات ستفيد عمر بالقضيه .
جلست ملك وقد خدرت ساقيها وقالت : لما معه هو ؟
إقترب يوسف منها وهو يراقب عمر بالحديقه وقال : لا أعلم أهم شىء أن لا نخبر عمر بشىء الآن .
نظرت إليه من زجاج النافذه وقد إنسابت دموعها وقالت : هل يمكن أن ينتهى هذا الكابوس لقد تَعِب ولن يحتمل المزيد .
جذبها يوسف من أمام النافذه وقال : هكذا سيراكى هيا بنا لنجلس معه وعِدينِى أن لا تُخبريه بشىء .
جففت دموعها وقالت : لا تقلق .
جلسوا بجانب عمر ولكنه لم يستيقظ فوكزه يوسف قائلا : هل ستظل نائما هكذا ... لم يتبقى على الظهر إلا ساعة واحده .
فتح عمر عينيه ولكن أغلقهما سريعا ليحجب قرص الشمس بيديه ولكن كانت هناك شمساً أُخرى لم يستطع تجنبها فمال يوسف على ملك قليلاً وهمس إليها قائلاً : ها هى ردود الافعال .
ولكنها لم تُجبه فقد كانت شارده ونظرها معلق هى الأخرى به
"عمر أيمكن أن تثق بي ولو قليلاً لا تنظر إلى الأسفل فهذا
سيصيبك بالدوار و تسقط لا تنظر إلى المشفى
والقضيه... ولا تنظر .... الى ...أأأ ... أنس ..... تمسك بى
جيدا وسأجذبك للأعلى مها أصابنى التعب أو كانت ذراعى
ضعيفه فلن أُفلتك ولكن ..... تمسك بى اتفقنا لأنك إن لم
تتشبث جيدا سيسقط كلانا بالقاع ونتوه داخله دون عوده ."
إنتبهت على صوت يوسف وهو يناديها : ملك ... ملك .
قالت : لما تنادينى بصوت مرتفع أنا بجانبك ؟ .
أشار اليهما كأنه يختار أحدهما .
ثم قال : ملك ابدئى اليوم ؟ .
إعتدلت بجلستها وبدأت تروى أما عمر فمال مجددا إلى الشجره ليستمع وهو مغمض العينين .
قالت: كان إحساسا مخيفاً ومدغدغاً لى فى نفس الوقت عندما عدت يومها من عند الطبيبه
بعدما أخبرتنى بالخبر الحاسم .
أردت إخبار الجميع ولكنى إنتظرت حتى يأتى عمر من الجامعه ونجتمع جميعاً للطعام
يومها قد غضب أبى منكَ كالعاده لجلوسك أمام الحاسوب طويلاً
ووجه بعض الكلمات شعرت أنه يوجهها لى فغضبت وتركت الطعام وإنتظرت أن يحضر عمر لكى اخبره
فما أن دخلت الغرفه حتى سمعته يقترب فاختبئت تحت الغطاء خوفاً من مواجهة الأمر
وقلت "سأخبره بالغد أفضل نامى يا ملك الآن"
ولكنه لم يدعنى فإستمر بمنادتى وعندما تجاهلته أخذ يطرق على جدار الفراش
فجلست لا مفر من المواجهه راوغت قليلاً وإستئذنته فى العمل وأنا أعلم أنه لن يوافق
وأنا ايضا كيف سأعمل وأنا أدرُس وأيضا وأنا .... ولكن رواغت على الاقل كى أتجنب الإحراج لدقائق
وأخيراً واتتنى الشجاعه للحظه وأعطيته التحاليل وأغمضت عينى ورغبت أن أسُد أُذنى أيضا لكى لا أرى إنزاعجه حينها .
ولكنه أخذ يضمنى حتى شعرت بأنفاسى وقد إحتبست لا أستطيع التنفس
وحين أفلتنى وسمح للهواء بالولوج قليلا لصدرى تجولت بوجهه
لكى اراه جيدا وقلت : أنت فَرِح وأنا حامل بهذه الظروف .
لم يجبنى ولكن قفز بوسط الصاله وبأعلى صوت أخبرهم وأنا أجذبه إلى الداخل ولكن قد فات الآوان
فقد تملكت الجميع الدهشه كأنهم لم يتوقعوا أن أطفال الأمس سيصبحوا أباء بهذه السرعه
وكالعاده فهو يضعنى أمامهم وأنا أواجه الموقف وحدى .
كم كنت حمقاء حين ظننت أن أبى لايحبنى يوما فقد صنع احتفالا ولم يبسق أن رتب ذلك بنفسه واحضر الكثير من الفاكهه والأطعمه
وأمى ظلت تبكى حتى أنت حَلُمت كيف سيلقبك بخالى أم عمى وانتهى بك الامر أنه عندما تتشاجر معه
أو تعاقبه سيناديك بخالى وعندما يكون فتىً طيب يناديك بعمى .
إنفجر يوسف ضاحكاً ونقل العدوى إلى عمر وملك
ولكن الأخيره ظلت تضحك حتى تبدلت الضحكات إلى بكاء مرتفع ولكنها عادت بالنظر إلى عمر
وجدته قد غاص داخل نفسه فجففت دموعها وإستئذنت لتصنع بعض الشاى
عادت وجدت النائم قد صارا إثنان فعمر ويوسف كلاً منهما إستند إلى شجره وأغمض عينيه
همت بالمغادره ولكن أوقفها صوته وهو يقول : أنا مستيقظ إجلسى .
إعتدل عمر اما هى جلست بمحاذاته وأخذت تصب الشاى وأعطته الفنجان واضعه به بعض الزهور الصغيره .
إبتسم وقال : ما هذا ؟ .
قالت : تذوقه ولكن تشمم عطره أولاً .
بدا متردداً فشجتعه وهى تشير إليه أن يشرب .
تناوله كما قالت وبدا على وجهه علامات الاعجاب ثم قال : لذيذ ولكن ما هو أقصد لم تصنعيه من قبل .
تناولت فنجانها وقالت : أنه إحدى أنواع الشاى الكوريه يساعدعلى الإسترخاء ويجلب السعاده أيضاً ,
أنظرأنتَ تبتسم اذن المقوله صحيحه .
صب المزيد بفنجانه وقال : إذن سأخذ المزيد ربما يجلب أكثر من الإبتسام .
ثم نظر إلي عينيها أو بالأحرى ذاب بهما للحظه ثم قال : ملك أنا أسف عما بدر منى بالأمس لم أُرد أن أعاملك هكذا .
إبتسمت وقالت : لم يحدث شيء ثم أشارت إلى الشاى
وقالت : أكمله لقد صنعته من أجلك .
تناول فنجانه مجدداً وقال : لذلك هو لذيذ .
وهنا مط يوسف ذراعيه وقال : إذن لما لم تصبى لى فنجاناً ما دام لذيذاً هكذا .
إنتفض كلا منهما حتى أسقطت ملك فنجانها فأسرع عمر وأحضر بعض الثلج ليضعه على أصابعها
ولكنها قالت : لا بأس لم يكن ساخناً كفايه .
وبعد إنصهار الثلج وعمر بين يديها أخذت تروى ولكن بعد ان أضمرت به الكثير من الأفكار .
" أنت تتلكأ يا عمر...
وما يضر إذا تلكأت قليلا هل هى جريمه أعاقب عليها ؟ .
حتى لو .... أريد ذلك السلام ولو قليلاً .
ربما تلك أخر لحظاتنا سوياً ألا تستحق التمهُل ....
سأُعطى إذن لذكرانا ما تستحق ليظل دفئها يؤنسنى بأوقات
الوحشه وعُتمتها البارده ... كم أخشاها منذ الآن ............"
إنتُشِلَ من أفكاره على صوت سعال يوسف الشديد أخذ حبة دواء
فهدأ وطلب من ملك أن تكمل قالت : لا فلتسترح بالداخل
أصر عليها أن تُكمل ونجح بذلك فهو عنيد كعادته .
أكملت : ذات صباح شعرت ببعض الضعف فنصحنى عمر ألا أذهب ولكنه يوما مكتظاً بالمحاضرات
فأوصلنى قبل ذهابه إلى جامعته وإتفقنا أن أهاتفه عندما أنتهى لكى يعود بى إلى المنزل .
وعلى الرغم من إرهاقى هذا اليوم كان يجب أن نناقش احدى الابحاث التى اعددنها مع معيد الماده
وبعد أن ناقشته بأدق تفاصيل البحث شعرت حقا بالتعب فلم يستغرق مع كل طالب تلك المده
وقبل أن أعود للجلوس وقد بدأ الدوار يعاودنى سألنى عن إسمى وعن المصادر التى إعتمدت عليها
فى بحثى وبعد أن أنهيت جميع الأسئله وأنا اكاد أن أسقط وعلى وشك سبه
فعلى ما يبدو أنها مناقشه دون نهايه جلست مسرعه كى لا يعاوده الفضول وإنتهى وقت المحاضره
أخيرا حمدت الله وجمعت اشيائى , حينها هاتفتنى أنت وأخبرتنى أن أمى تريد شيئا من متجر
بجانب الجامعه فأسرعت بالخروج لانى قد أوشكت على الإختناق إثر تزاحم الطلاب للخروج
وإذا بنفس المعيد ياتى نحوى ويسألنى مع من كنت تتحدثين ؟ .
أجبته بعفويه : أخى .
ضحك من عفويتى فتضايقت إلى أقصى حد وكان شجاراً حاداً على وشك أن يبدأ
ولكنى رأيت عمر يلوح لى عند باب الصف أشرت إليه أنى قادمه وتجاهلت هذا المزعج
ولكن عمر لم يتجاهله فقد أخذ يسألنى من كان يقف معك ؟
أخبرته أنه أحد المعيدين هنا إزداد غضباً حتى علا صوته بالطريق
وقال : إنتهت المحاضره لما يحدثك إذن ؟ .
ثم تابع : هل يحدث هذا يومياً دون علمى وكم من المرات تحدثتما على إنفراد هكذا .
إندهشت وقلت : على إنفراد ...... ونحن وسط جميع زملائى .
قال : أقصد وحدكما .... أعنى أحاديث جانبيه .
قلت وقد علا صوتى أيضا : لما تصرخ بى هكذا ؟ .
ذهبنا إلى المنزل ونحن لا نتحدث تقريباً أغلقت باب الغرفه بالمفتاح
ويبدو أن أبى قد شاهده وهو يحاول فتح الباب فتظاهر أنه يبحث عن شىء بالصاله
فقد كنت أسترق السمع اليهما وما أن غادر أبى حتى هاتفنى وقال : إفتحى أريد ان أبدل ثيابى .
قلت : لا حاجه بك لتغيير ثيابك ولماذا تجلس مع زوجة تفتعل أحاديث جانبيه مع الرجال .
قال : أنا لم أقصد ذلك ولكن ما تسمينه إذن ؟ .
قلت : أنظر تقصده .... لن أفتح الباب .
غادر إلى المطعم الذى يعمل به بعد الجامعه مؤخراً لزيادة دخلنا .
غضبت من نفسى يومها فقد كان سيأخذ قسطا من الراحه وبعدها يذهب أخذت أهاتفه ولم يُجب حتى تَعِبت .
فأخبرتك أن تهاتفه أنت وأخذت الهاتف فأجاب بالطبع لانى لم أكن أنا وعندما سمع صوتى صمت قليلاً
ثم قال بصوت حاد : ماذا تريدين ؟ .
قلت وأنا شبه متردده : لا شىء لقد طلبت الرقم الخطأ .
فأغلق الهاتف ولم يجب أى منا بعد ذلك .
أخذت أبكى حتى غفوت دون أن أشعر إستيقظت على الضوء الذى إنتشر بالحجره فإعتدلت قليلا
بالفراش ولكنى إنتبهت أنه لم يعد بالأمس نهضت مسرعه وأخذت أبحث بالمنزل ولم أجد إلا أمى
وعندما سألتها عنه أخبرتنى وهى مبتسمه : لقد جاء متأخراً بالأمس وأحضر معه العشاء
وبعض الحلوى وعندما وجدك نائمه لم يأكل وذهب للنوم مباشرة ألم تشعرى به ؟ .
خَجِلت من نفسى ولكن هاهو خرج دون أن يُقلنى إلى الجامعه وقبل أن يتسلل الغضب إلى نفسى مجددا
تذكرت أن اليوم عطلتى من الجامعه فإزداد خجلى وأسرعت بعمل بعض الشطائر التى يحبها من صنعى وإتجهت إليه بالجامعه
وأثناء مرور الحافله أخذت أنظر من النافذه على جانبى الطريق هناك الكثير من السلع
والكثير من البشر فتيات وشبان أيضاً للعرض مثل تلك السلع
فما أكثر ما تمتلىء الإشارات المروريه بتلك المشاهد
الفتاه تعرض الحسومات فهذه تخفض ثلاثين بالمائه ولكن
هناك الكثيرات ما يقدمن الأكثر سبعين بالمائه وتمر أخرى فتعمى الأنظار عن الباقيات
فقد وصلت التخفيضات لديها إلى تسعه وتسعون بالمائه
ولامانع من وجود بعض محتشمات مثلى فالطريق لن يخلو منهن على أية حال والحمد لله .
والشباب لاهث وراء العروض الساريه دائما وبكل الأوقات أمام التلفاز
أو بالطرقات أصبح الحب أو كما يسمونه أرخص السلع وأزهدها
رغبت حينها أن اختبىء بعمرولا أرى شيئا ولا أعلم لما تأثرت حينها فهذا المشهد أصبح معتاداً هذه الأيام
ومتقبل من الكثيرين مع الأسف .
أيقنت حينها أن زواجنا أعقل وأجمل طيشاً قد عُرِف .
وصلت إلى الجامعه وأخذت أسال عن مكان تواجد الفرقه الخامسه كانت هناك محاضره فأنتظرت قليلا
وعند انتهاؤها رأيته يخرج مع باقى زملائه ولكنه توقف ليتحدث مع استاذ الماده ببعض الاشياء
إكتفيت بالمشاهده ولأكن صادقه كان ممتعاً للغايه أن أراه بهذا الفضول الذى يعترى قسمات وجهه
وبريق الذكاء الذى يزيده وسامه والأستاذ بجانبه يبدو مهتماً بالحديث معه رغم إطالته فى المناقشه فإضطررت للجلوس على أحد المقاعد حتى يَفرُغ وبعدها وقف مع زملاؤه ولكنى لم أنتظر أكثر هممت أن أناديه .
ولكن ما هذا .... من هذه إنها تقترب منه وهو ينزوى مبتعداً هل يبتعد عنها أم ينزوى معها بأحد
الأركان ليشملهما قليلاً من الخصوصيه أخذت أقترب ولا أعلم لما لم أصرخ حينها
كأنى أريد متابعة ما سيفعل أخذ يبتعد وبنفس الوقت شُغِلَ بالكلام مع أحد زملاؤه
وتلك لا يشغلها شاغل تقترب وتقترب وهو يزاداد إبتعاداً وإنزواءاً دون فائده
ستهمس بأذنه ...ستهمس له .... "عمــــر" صرخت بصوت قد دُهشت له مثل الأخرين
ومعهم الحيه الناعمه التى توقفت لتنظرى إلى قليلاً وأنا لا أزحزح بصرى عنها
ولكنها تجاهلتنى وعادت لما تفعله مجدداً وهى مبتسمه كنت على وشك إرتكاب جريمه بالحال
لولا أن وجدت عمر يأتى نحوى متهلل الوجه كأنه لم يفعل شيئا
وأخذنى من ذراعى وهو يتوجه نحو الرقطاء جذبت يدى وكدت أعود لولا أنه أحاط ذراعه بكتفى
جيدا كى لا أستطيع الإفلات وإقتربنا أكثر منها ولكن إبتسامتها اضطربت كثيراً
وأصبح لوجهها الكثير من الألوان الأخضر والأزرق والأصفر حينها نطق أخيراً وهو مقترباً منى
وبأدفء صوت همس لى قائلاً : هذه زميلتى نرمين أرادت التعرف عن الحسناء التى تصرخ بى أمام الجميع ألن تعرفيها بنفسك ؟
إزداد اضطراب وجه الرقطاء وأصبح خالى من الألوان هذه المره أما أنا فلم أنطق ولكنه حثنى على الكلام دون فائده
فقال للرقطاء : إنها هكذا هادئه لاتصرخ إلا بى , لازلنا متزوجين حديثاً وبسبب تلك الدراسه لم أدللها كفايه وصمت قيللا ثم تابع كأنه نسى شيئاً قائلاً : اه أيضا ننتظر طبيباً صغيراً سيأتى بعد عدة اشهر ألن تقدمى لنا التهانى .
إبتسمت إبتسامه صفراء مثلها ثم إقتربت لتحتضننى أو على الأرجح بخ السم بأذنى ولكنى إبتعدت متمسكه به فباركت لنا وإبتعدت ومعها حفيفها الذى أكاد أقسم أنى أسمعه وبعد مده حل الصمت وهو لا يزال ممسكاً بكتفى جذبت نفسى وتوجهت إلى الخارج مبتعده وبدأ دوارى المزمن ينتابنى ولكن "لا ليس الآن "إحتملت ومشيت قليلاً وكأنه إتفق مع الدوار فداهمنى بشده لم أعهدها واضطررت للجلوس على أحد أرصفه الجامعه وأنا أتجاهل هذا الذى ينادينى لما يتبعنى وأنا حسبته مهذباً وهو لا يذهب إلا ليتهامس مع ذوات الحسومات العاليه .
حينها كنت أرى الناس حولى خيالات لا أميزها ومن بينهم خياله الذى قام بحملى وذهب فأسندت رأسى لصدره كى أرتاح قليلا
"فبعد أن نذهب للمنزل لكل حادث حديث إنتظر ....."
وبدل أن يشعر ببعض الذنب ويتلعثم بالإعتذار قال : هل تسمحين للماره دائما بحملك هكذا ؟ .
تشككت بأمرى لقد بدا هو فرفعت رأسى من صدره لأنظر إليه جيداً وجدته هو تنهدت بارتياح
واذا به يبتسم إبتسامه صافيه خاليه من الذنب "بالطبع فأنتَ معتاد على هذا"
عُدتُ برأسى لصدره ولم أُجبه "إنتظر حتى نعود وأخذ قسطاً من الراحه" .
بعد قليل جعلته يُنزلنى بعد أن خفت حدة الدوار تمشينا وذهبنا لشراء بعض الفيتامينات
وأنا لا أحدثه ولا أعلم من أين يأتى بكل هذا الكلام ألا يشعر أنى على وشك صفعه
تمالكت نفسى حتى وصلنا للمنزل , ولم أُعِر لكلامه إنتباهاً .
قال كثيرا : ماذا أفعل أُقسم إليكِ هذه تلتصق بى منذ العام الأول بالجامعه وأنا لا أعيرها انتباها
وعندما رتك اليوم تنظرين نحوى وهذا هو التفسير المنطقى أحبت ان تُصِيبك بالإحباط وأن تلغى الفكره
من رأسك ولكن وأخذ يضحك ليغيظنى أكثر ولكنى تمالكت نفسى مجدداً
وأكمل بعد أن أنهى ضحكه قائلاً : لم تعلم أنكِ زوجتى هل رأيتى وجهها حينها ؟ .
لم أُجبه وإختبئت تحت الغطاء ولم تفلح منادته لى طيلة الليل فقد نمت ولم أُعِره إنتباهاً .
"أنت يا عمر ....أنت .... لا هذا كابوس مخيف ".
إستيقظت مبكره بالصباح التالى وأسرعت بالذهاب كى لا يقوم بإيصالى
كان اليوم طويلا لم أفهم منه شيئا فأحداث الامس تتكرر أمامى
شعرت أنى قد بالغت كثيراً بردة فعلى فهو لم يفعل شيء هى من كانت تزحف بإتجاهه بمنتهى النعومه
شأنها مع باقى ضحياها فهذه طبيعة الحيات أمثالها ذات الحسومات العاليه
ولحسن الحظ لم يكن من ضحياها ولكن .... هل هو غاضب الآن ؟ .
لن أقوم بالإعتذار على أية حال سأكلمه هكذا وأستمتع برغبته الشديده بإرضائى .
كنت حينها على باب جامعتى ورأيته يقف هناك ينتظرنى وهو عابس الوجه
لا أعلم هل من أثر الشمس التى تكاد تشعل الجو من الحراره أم هو عبوس لغضبه منى
لا يهم تصنعت الغضب " وأنا أستمتع بعبوسه فهو يجذبنى بعبوسه هذا " وذهبت بإتجاهه
وهنا نهرنى قائلا : لما لم توقظينى بالصباح ماذا لو أصابك الدوار أم تحبين أن يحملك الغرباء .
ذَهَبت رغبتى بإرضاؤه ولم أُجبه وإتجهت وحدى منصرفه
ولكنه أوقفنى وهو يجذبنى من ذراعى قائلاً : عندما أحدثك لا تتركينى هكذا أمام الناس .
إندفعت الدموع من عينى متسارعه كثيره يسابق بعضها الأخر ولا أستطيع السيطره عليها
أما هو فتلفت حوله وأخذ يمسح دموعى قائلاً : لا تبكى رجاءاً خِفتُ أن يُصِيبُكِ مكروه بالخارج .
ظل هكذا حتى هدأت وهممنا أن نكمل للعوده إلى المنزل ولكن توقفت امامنا سياره فإعترضت طريقنا
أشار عمر إلى السائق أن يُكمل ولكنه هبط من السياره وتوجه نحونا وإذا به خالد المعيد المزعج
"هذا ما ينقصنى اللهم مرر ذلك اليوم بخير" .
كان عمر الذى يهدئنى منذ لحظات ينظر إلى وقد علا الغضب وجهه لا بتعبير أدق على وشك الانفجار
ولكنه تماسك والحمد لله .
صافح كلا منهما الاخر وساله خالد عن وِجهَتنا فلم يُرِحهُ ولكن أخبره أننا كننا بصدد الغداء سوياً بأحد المطاعم فأصر هو أن تكون الوجبه على حسابه
كان عمر يُمسك بيدى يكاد يُحطم أصابعى هل يفعل ذلك عن قصد أم هو مجرد غضب لا أعلم إلى الآن .
جلست بالمقعد الخلفى وعمر بالأمام المرور زاد إزدحاما والجو حراره وإختناقا
وعمر لا أعلم كيف إحتمل وأنا أسمع إصتكاك أسنانه فعلمت حينها أن أحداً سيُقتل
فالمزعج لا يكف عن الاشاده بى وبأخلاقى وأنه لم يصادف فتاة مثلى تجمع الاخلاق والعلم فى نفس الوقت
ومن هنا سنحت له الفرصه للتفاخر بأسفاره خارجاً ورؤيته للكثير من الناس
فإسترحت قليلا وهدأت أسنان عمر من الإصتكاك ولكنه عاد فقال : فأنا لم أرى مثل ملك بأى مكان ذهبت إليه .
هنا صرخ به عمر قائلاً : ألست تكثر من الحديث عنها ؟
قال خالد : وهل قلت شيئاً خاطئاً ؟ .
وكما توقعت النتيجه الطبيعيه لكمة قويه سُددت إليه فإنحرفت السياره بجانب الطريق حتى كدنا على الإصتدام بأحد أعمدة الإناره
هنا قال خالد : من فضلك إهدأ لم أقصد شيئاً سيئاً .
صاح عمر بى : إهبطى .
ولكن منعه خالد قائلا : لن تذهب وأنت تُسىء فَهمى أ...أ...أنا اريد ... أقصد يُشرفنى الإرتباط بملك .
رأيت سُحباً وعواصف ترابيه كثيره ورعداً وبرقاً كل هذا سبق لى أن شاهدته
ولكن ليس مثل تلك العاصفه أسرعت بمغادرة السياره التى كانت تعلو وتهبط من اللكمات والرفسات
وأنا انظر لا أعلم من ضرب من حتى خرج عمر ووجهه يتصبب عرقاً وبعض الدماء ولكنها لم تكن له" حمداً لله" ثم قال وهو يجذبنى : ارأيتها الآن هذه زوجتى التى أردت الإرتباط بها وتستأذنى بذلك أريد أن أراك تحدثها مجدداً لكى لا تعلم يمينك من يسارك ثم جذبنى خلفه طوال الطريق .
ولم يُجب أبى عن سبب الحاله الرثه التى كان عليها بل أغلق الباب علينا
وأخذ يصرخ بى : كيف يجرؤ أن يطلب الإرتباط بكِ هكذا ومنى أنا .
لم أستطع اجابته فازداد غضبا وعلا صوته
حتى إستئذن أبى بالدخول وطلب منه أن يهدأ ويخبره بما حدث .
فصاح عمر بى : اخبريه أنتِ .
كان التعب والارهاق قد بلغ بى أقصى حد وأشعر بسخافة الموقف فما ذنبى إن رغب أحد بالزواج بى .
فكرت سريعا ..... فوجدت أفضل تصرف بهذه المواقف .
أخذت أترنح كأنى أريد أن أُمسك بأبى أو به وتصنعت الإغماء فتبدل غضبه إلى فزع وأخذ ينادينى ويفحص نبضى .
وأبى يصرخ به : أخبرتك أن تهدأ أنظر ما فعلته بها .
قال عمر : لا تقلق يا أبى إنها بخير .
قال أبى وهو يربت على وجهى أملاً أن أستفيق : كيف وهى لا تجيبنى ؟ .
قال عمر : إنها تحتاج فقط للراحه صدقنى هى بخير .
كنت حينها بحاجه شديده للإسترخاء فنمت نوماً عميقاً حتى يهدأ ويستطيع التحدث معى .
أخذ يوسف يضحك وقال لعمر : هل علمت حينها أنها تتصنع .
إبتسم عمر وقال : بالطبع ولكن لم أشأ إحراجها أمام أبى
فجلست بجانبها لأُنهى أحد الأبحاث حتى غفوت أنا أيضاً إستيقظت بعد ساعه
فلم أجدها بجانبى وعندما إعتدلت وجدتها تجلس على الارض وهى تُمدد رجليها وتتناول المثلجات بإستمتاع وعندما رأتنى إبتسمت لى ومدت إلى يدها بالمثلجات .
قلت : أنتِ بخير الآن .
ضحكت وهى تشير إلى المثلجات قائله : إنها فعاله للغايه .
ثم أشارت إلى كى أجلس بجانبها وأعطتنى المثلجات لتنام بحجرى
ثم قالت : لازلتَ غاضباَ .
لم أُجبها وأخذت أتناول مثلجاتها .
قالت : ما ذنبى إن رَغِبَ أحد بالزواج بى ؟ .
شَعُرت بالغضب يجتاحنى والدماء تتدفق لوجهى فأزحتها من حجرى وقلت : لا تذكرى هذا مجددا .
ولكنها أعادت رأسها لتنام مجددا وهى تأخذ يدى وتضمها إليها قائله : أُحبك أيها الطبيب .
تبعثرت الكلمات وتناثرت , الإجابه بسيطه ولكنى لا أجدها ربما لأنى أطلت النظر بوجهها الذى أحفظ حدوده جيداً ولكنى حينها فقدت طريق العوده
فأصابها ذلك بقليل من الغرور وابتسمت قائله : عِدنى إذا تَكرر الأمر أن لا تغضب , ما ذنبى إن كُنت حسناء .
قلت وأنا أُبعثر شعرها : من هذه الحسناء ؟ .
قالت : أنا بالطبع .
فأمسكت بالمثلجات ولوثت وجهها قائلا : هكذا صرت أكثر جمالاً .
فما كان منها إلا أن قفزت وإختطفت المثلجات من يدى ولوثت وجهى أنا الاخر .
ووسط عراك المثلجات القاتل دخل أبى الغرفه عند سماعه صِراخُها وعندما رأنا هكذا إبتسم وأخذ يُقَلب كفيه تعجباً ثم غادر الغرفه .
كان عاماً مرهقاً لكلينا فالمذاكره والعمل يزدحم بهم وقتى
ولا يدعان للنوم مجالاً عدا ساعتين أختطفهم قبل الفجر .
وهى بالمذاكره وحملها الذى أضعفها كثيراً وهذا ما جعلنى أرتجف كلما إقتربت الولادة
التى حانت وهى بالجامعه فأخذتها صديقاتها إلى إحدى المشافى العامة وهاتفونى كى ألحق بها
تركت كل شىء وعندما ذهبت كانت قد مَلِئت المشفى صراخاً حتى بُحَ صَوتُها تماماً
والطبيبه تقف لا تكترث وملك تتصبب عرقا وترتجف بنفس الوقت
صرخت بمن فى المشفى وهم يرمقوننا بلا مبالاه كأن الأمر لا يعنيهم
حملتها وركبنا إحدى سيارات الأُجرة كانت قد خارت قواها ولم يعد لديها القدره على البكاء أو الصراخ فقط تعتصر يدى وكلما زاد تَشبُثها عَلِمت أن الألم يَشتد وأن قواها تَتهالك .
كان المرور مزدحماً بالكاد السياره تتحرك حملتها بين ذراعيى وخرجنا من السياره وأنا أنظر حولى تارة ربما أجد مشفى وتاره أنظر إلى وجهها عندما لا أسمع لها أنينا
وجدنا أخيرا بعد ثلاثة شوارع إحدى المشافى الخاصة وهناك وجدنا النقيض الأخر من المعامله
من يفحص نبضها ومن يضع بيديها المحاليل ولكن بعد أن طالبوا أولاً برسوم الدخول
لم أحمل معى يومها إلا القليل فتركت هاتفى وساعتى ودخلت معها
أخذ الأطباء يعطوها الأدويه كى تَتماسك ولكن دون جدوى غائبه عن الوعى تقريباً تفتح عينيها لتُقلِبها بيننا ثم تغلقهم مره اخرى وجدت لسانى إنطلق بأيات لا أعلم من أين بدأت ولا اين إنتهيت وطرأت لى فكره إذا طَرَقت على مِنضَدة الجراحه ربما تَستفيق تفكير طفولى ولكنه كان منطقى حينها أخذت أطرُق فربما يُذكرها بجدارنا الخشبى والجميع ينظر إلى كأنى معتوه حتى أفاقت بالفعل قبلت يديها وأخذت أُحثها على تلاوة الايات معى وهى تُطيعُنى باكيه ومجرد أن تلونا بضعة أيات سمعنا بكاء أنس .
أخذنا نضحك ونحن ننظر إليه غير مُصدقين صِرنا أبوين لمخلوق غايه فى الجمال والصغر
شَعُرت أنه يسخر من نظراتنا تلك وهو يتثائب ويَمُط ذراعه التى لا تتجاوز إصبعى .
نجحنا هذا العام هى بتقدير جيد جداً وأنا الأول على دفعتى مثل كل عام .
لم يتبقى إلا عاماً وأُنهى الدراسه إذا حافظت على ترتيبى هذا العام أيضا سيقومون بتعيينى بالجامعه
كان هذا حُلمى ليلاً نهاراً رغم كل الأعمال التى أقوم بها من بينها إسكات أنس عن البكاء عندما تنهارملك من قِلة النوم فأُجلسه معى وإذا به ينظر بالكتب والأشياء حوله فيصمت يبدو أنه كان يُسليه ما أفعله وهذا أعطاها فرصه للتَملُص من إسكاته طالما أنا متواجد على أية حال تواجدى كان نادراً وكان إسكاته وتنظيفه أمراً ممتعاً .
غفا يوسف أثناء الحديث فساعده عمر للوصول لحجرته وملك ذهبت هى الأخرى وبعد قليل سمعت صوت غلق الباب
خرجت لترى ما حدث فلم تجده على الأريكه بحثت عنه بالخارج وجدته يجلس أمام الشاطىء وهو يتناول كوباً من القهوه تسللت خلفه ثم جلست بجانبه وهى تعطيه شالاً كان بيدها
قائله : ما يُجلسَك هكذا لم تَنم منذ جئنا هنا ؟ .
قال : أُحب الجلوس امام الشاطىء .
كان الهواء شديداً وهى تزفُر بقبضة يدها رغبةً فى الدفء فنهض ليحيطُها بالشال وأنامله تَختلس الإقتراب متردده من شعرها الأملس
الهواء يشتد .... وهو يتخلى عن حذره قليلاً فيقترب ليتَشَمم عِطرها ولكنها إلتفتت إليه فتظاهر بإحكام الشال على رأسها ثم عاد لموضعه وأخفى إرتباكه بإعطائها كوب القهوه الذى هدأت حرارته قليلاً .
رفعت رأسها للسماء وإبتسمت قائلة : لم أرى نجوماً بهذا العدد من قبل .
وضعت كوب القهوه وتمددت الرمال وهى تنتقل بعينيها بين تلك النَجمَات المُضيئه ثم اخذت تشير إليها كأنها تقوم ببعثرتها وتشكيلها من جديد .
ووكزته قائله : أُنظر إلى تلك المجموعه عندما أميل برأسى يميناً هكذا أراها على شكل زهرة
ثم إلتفتت يساراً وضحكت قائله: أما من هنا فوجه طفل ضاحك .
أخذت تُلَوح للسماء ثم قالت : إبتسم إليه أشعر أنه يرانا الآن .
كان يتابعها وهو مبتسماً وعندما قالت ذلك أشار بيده كأنه يريد إدراك أنس بين تلك النَجمَات الضاحكة .
إعتدلت ووضعت بحجره دُميه صغيره كانت بيدها ثم قالت : إحتفظت بها من أجلك .
إحتضن الدُميه بين يديه وقد إختنق الحديث والبكاء داخله .
فقالت : اأسمع ضَحِكَاته أحياناً فهو يَمرح بأجمل الأماكن , أتدرى ؟ أنتظر أن نلقاه بهذا اليوم وهو يأخذ بيدينا ليُدخلنا معه الجنه كلما تخيلت هذا يصيب الخدر جسدى , ربما خُلِقَ لذلك فقط ما أجمل تدبيرك ربى .
كان يتابعها وقد ألقى بالحذر والجمود والتصنع جانباً لتنهار جميع السدود والأسباب الواهيه وسراً تتردد داخله الكلمات لتفضحها عينيه علانية وبوضوح قائلاً :
" وأنتِ خُلِقتِ لتَنثُرين عِطرك دائماً حولى , لا تستحقين البقاء مع شخص قد فارقته الحياة ولا يربطه بها إلا حبك ورغم وجعه المؤلم لا أريد التخلص منه وهو يحمل دائماً عطرك ..... أُحبك يا صباحى الدائم "
إنتُشِلَ من عُمق عينيها وهى تنهض متجهه إلى المنزل لتخفى بيديها قصاصه من جريده وجدتها بين الرمال لم ينتبه إليها ولكنها أزاحت عنها الرمال بقدميها فقرأتها وهى تهتدى بمصباح كان بجانبهم .
" المزيد من أدلة الإدانه لطبيب المبادىء عمر طاهر "
أسرع خلفها وقال : ما بكِ ؟
إرتبكت وقالت : لا شىء الجو إشتد برودة .
مَد يده بالدُميه وقال : إحفظيها لى معكى .
إبتسمت وقالت : لا ستأخذها الآن وبعدها نأخذها بالتبادل بيننا .
ذهب إلى أريكته محتضناً لدُمية أنس وإستغرق بنوم عميق لم يَنعم به منذ أيام .
وهى أخفت المقصوصه الورقيه ونامت أيضا فهى تعلم أن بالغد الكثير وتحتاج من أجله المزيد من القوه .
مرت الليله هادئه وقد إستسلم الجميع إليها .
يتبع ...
|