كان وجهه أسمر متحفظاً, لكنه أثناء جلسات السبت هذه, كان يبدو دوما وكأنه على وشك الضحك.
كان الجد يعلم أن التسلية ليست بشير خير بالنسبة إلى خطته الكبرى, فشبك يديه المكسوتين بالقفازين فوق صدرته القديمة الطراز, ثم قال:
_لكنه سبب جيد.
أجاب كونراد:
_هذا صحيح بكل تأكيد, وهذا هو السبب في أنني مسافر إلى مونتاسورو حالما يجهز ذلك المستشفي المتحرك.
فقال الجد بانتصار:
_حسناً, إذن, فكرتي صغيرة سهلة التنفيذ نسبياً, كل ما عليك أن تقوم به هو أن تلبس بذلة ضابط في سلاح الفرسان وتكون مهذباً مع الناس.
تصلب الوجه الأسمر:
_أتعني أن أتبختر في الأنحاء, مزيناً صدري بأوسمة لا أستحقها؟.
قال الجد:
_بل أنت تستحقها, فأنا أنعم بها على من أريد.
فهز كونراد رأسه:
_لم تفهمني, أليس كذلك؟ لا بأس يا جدي, أنا لم أكتسب ميداليات. هل هذا واضح؟.
أحنى الجد كتفيه وقال بتكدر:
_يا لك من مترفع.
لكن كونراد عاد يضحك قائلاً:
_آسف يا جدي.
أحكم الجد معطفه حوله, ثم عاد يضرب الأرض بقدميه. ثم قال بحيرة:
_خذ هذا المكان, مثلاً, أنت تعلم أن عمتك قد قدمت لك الغرفة الكبيرة في المنزل القائم في "برينزغيت" بدل أن تجر نفسك إلى مساكن المزرعة التعيسة, الموحشة.
ساد صمت. وأخيرا قال كونراد بإيجاز:
_عليك أن تخرج أكثر من بيتك, لأن في المزرعة مساكن ممتازة, فهناك يلعب الأطفال, وأنا أعلمهم لغة أجدادهم, أنا أعرف سبب قيامي بذلك, لكنني لست واثقاً أبدا سبب قيامهم بذلك, فهم يفضلون أن يتفرجوا علي التلفزيون أو يقوموا بألعاب الكمبيوتر. وإذا أنا لم أذهب إليهم فقد يقلب هذا التوازن, ولن يأتوا عندئذ.
فقال الجد بسرعة:
_الحق معك بالتأكيد فأنا لم أكن أفكر, ربما بسبب هذا الصباح الممطر والقدمين المبتلتين. والآن, لقد قدم إلي بيتر هيلير عرضاً بأن يمول المستشفي الجبلي لأول سنة...
ساد صمت مربك, ورأي فيليكس كونراد ينظر إليه بعدم تصديق, وأخيراً قال:
_أنت بحاجة فعلاً إلى الخروج بشكل أكثر, هيلير ماكر كالثعلب, فهو لا يمنح شيئاً دون ثمن, علي الأقل المال.
لكن فيليكس كان يفكر في أن هذا ليس أول شيء كان ينوي قوله، فقال:منتديات ليلاس
_حسناً, ربما, لكنه هذه المرة يريد بإخلاص أن يقدم عوناً.
فقال كونراد:
_لا. هذا غير صحيحا. لم يحدث قط أن كان لبيتر هيلير حافز خال من الغرض, في حياته.
كان الأولاد قد بدؤوا في الوصول, فاخذ كونراد يحييهم أثناء مرورهم.
تنهد فيليكس بحدة, وهو يفكر باكتئاب, أي ملك كان كونراد سيصبح, وهو بمثل هذا الذكاء والفطنة. وتمالك نفسه. قد يعود ملكاً إذا تغيرت الأمور إلى ما يرجوه, طبعاً إذا استطاع أن يقنع كونراد.
وكان كونراد يقول:
_لا يمكنك أن تثق بكلمة يقولها بيتر هيلير.
حول فيليكس عينيه بعيداً. ولحسن الحظ, كان كونراد ينظر إلى ولدين وصلا لتوهما وأخذا يخططان أرض الملعب, فلم يلحظ شرود جده وأكمل الحديث بيقظة الصقر:
_إنه يريد بذلك أن يكسب مزيداً من المال. ما الذي يظن أن بإمكاننا أن نقدم إليه؟ أن نستخرج له رخصة؟).
أخذ فيليكس يتفحص السماء الغبراء ثم قال:" لا! ".
ثم قال مخاطباً الغيوم:
_ربما حباً بوطنه.