احمر وجهها وشعرت بالبهجة والتسلية. في هذا الوقت التقط لهما شخص ما صورة فوتوغرافية, وعزفت الفرقة النشيد الوطني. تأبط ذراعها ومن ثم بدأ الاحتفال بالترحيب بهما.استغرق هذا وقتاً طويلاً فكل شخص أراد أن يلقي كلمة, وبعضها كانت طويلة مملة,
فهمت أنهم شاكرون لهذه المساعدة الطبية, شاكرون الانتباه العالمي لهم, مسرورون بولي العهد كونراد وأصدقائه. وتصاعد تصفيق طويل,
وجاءت فتاة صغيرة بباقة زهر وشرائط في شعرها, فكادت تسقط عن المنبر الخشبي المهتز لولا أن كونراد قبض من الخلف علي ثوب الطفلة المطرز الذي ترتديه, بينما ركعت فرانسيسكا علي ركبة واحدة تأخذ منها الباقة
عند ذلك رأت أصابع الطفلة, كان هناك من أعطاها شوكولا, يا للمصيبة! كان الثوب ناصع البياض ذا تطريز يدوي رائع الإتقان, كان واضحاً أنه من صنع أم محبة أو جدة, وهو الآن معرض للاتساخ
تملك فرانسيسكا الاهتمام, ودون تفكير, أمسكت بمعصم الطفلة, ثم أخرجت واحدة من فوط الأطفال مسحت بها الشوكولاتة عن يد الصغيرة,وقفت الصغيرة جامدة تنظر إلي العملية باهتمام خفيف لكن كلمة "آههه" تصاعدت من المجموعة الصغيرة في صوت واحد
أجفلت فرانسيسكا. ثم ابتسمت وهي تمد يدها لتأخذ باقة الأزهار.
لكن الطفلة قررت ألا تعطيها الباقة, وبدأ شجار صغير, وإذا بثلاثة أشخاص يظهرون إلي جانب المنبر, يهمسون للطفلة بإرشادات تخلت الطفلة بعدها مكرهة عن الزهور. جادلت لحظة, ثم نظرت إلي مشيريها بتردد, ثم إذا بها تطبع قبلة خاطفة علي وجنة فرانسيسكا المجفلة
وكادت قرانسيسكا تفقد توازنها من الدهشة. وهمس لها الأشخاص الثلاثة بالمونتاسورية "_لا, بل أركعي".
قال كونراد بسرعة :
_"لا تدعوها تفعل ذلك, فسترتبك ".
وبسرعة الصقر, حمل الفتاة الصغيرة, ورفعها بين يديه ليناولها إلي أسرتها المنتظرة. كانت القبلة التي منحته إياها أكثر حماساً بكثير لاحظت فرانسيسكا.
وتصاعد الضحك مع بعض التصفيق.
قال كونراد ضاحكاً في عينيها :
_"ما كان لك أن تكوني جميلة إلي هذا الحد يا أميرة حكايات الجن ".
ولكن كان في صوته أكثر من الضحك....كان فيه طلب خفي....يقول فيه: تعالي معي. تعالي معي إلي ما وراء الأفق....إلي مشاعر لا يمكن تصورها, وقبل يدها.
أنا في الفردوس, والليلة في حفلة الرقص التي أقيمت لعيد ميلاده سيعلم مبلغ حبي له. وسأعرف ماذا أعني له!
عندما ذهبا إلي مدينة الجبل الصغيرة لكي يحضرا أمتعتهما , قال كونراد :
_"هناك حفلة استقبال لنا في (فيلناغراد)الليلة, وعلينا أن
نذهب ".منتديات ليلاس
قال ذلك بعد أن تحدث إلي بعض الرجال في التلفون الخلوي.
كانت فرانسيسكا, حينذاك, مستعدة لأن تذهب معه إلي نهاية العالم. ولكن لغتها المونتاسورية البدائية خذلتها وهكذا أمضي كونراد الليل في اجتماع خاص. علي الأقل هذا ما افترضته.
بقيت جالسة وقتاً طويلاً تنتظره,
وكانت قد تمكنت من الحصول علي الصور التي التقطهما لهما الصبي الليلة الماضية. وهكذا أخرجت مصباحاً إلي شرفتها وأخذت تتصفحها.كونراد يضحك. كونراد يطاردها. كونراد يرشقها بالعشب.كونراد يحب؟
كانت واثقة من ذلك من الطريقة التي نظر إليها فيها في طريق الجبل
ولكن عندما بزغ القمر وهمدت الضجة في المدينة البعيدة أولاً ثم صوت صراصير الأجمات ثانياً, أخذت ثقتها بذلك تتناقص شيئاً فشيئاً
وفي اليوم الثاني, رغم أن كونراد ابتسم لها عبر قاعة الاستقبال, لم يأت إلي جانبها. كان مرتدياً بذلته مرة أخرى ويحيط به رجال يحملون تليفونات خلوية. وابتسمت له,
ولكن كان في داخلها شيء من الصقيع. تمسكت بثقتها بما حدث في ذلك الطريق المغرق بالمياه أثناء العاصفة الرعدية. لكن الأمر أصبح أسوأ, فهو مشغول, لأنه يمهد الطريق لعودة جده فيليكس إلي انتخابات الرئاسة
ثم سأل إن كان بإمكانه القدوم لرؤيتها, كان نهاية يوم برنامج عمل حافل, وكانت قد رأت المتحف الوطني, قابلت موظفين من وزارة الثقافة وزارت مدرسة حديثة, رأت عرضاً رياضياً, وجالت في أنحاء كروم عنب, وأرهقها استحسان وتقدير أشياء لا تعني لها شيئاً, وآلمتها قدماها
لكنها قفزت حالما انفتح الباب, وقلبها في عينيها.
دخل كونراد ومنحها قبلة سريعة علي خدها ثم قال بسرعة :"لن أتأخر ".
كان قد أحضر لوح الكتابة الخاص به. أتراه يضع قائمة بالأمور التي سيناقشها معها؟ وتابع يقول :
_"يريدون منا أن نتحدث إلي الصحافة. هل نقيم الزواج هنا؟ هل هذا يناسبك؟ ".
فهتفت ذاهلة :
_"ماذا؟ ".
فقال :
_"إنهم يريدون استعراضاً جيداً يعرض حول العالم, ويعطي صورة جيدة وينفع في السياحة ".
فجأة, شعرت بالصقيع في قلبها يكبر ويعظم. وقالت له بهدوء :
_"هل هذا ما تريده؟ ".
قال غائب الذهن تقريباً :
_"دخل الدولة بحاجة إليه. إنه يشجع الخدمات ".
امتد الصقيع إلي مكان ما خلف عينيها, وتساءلت عما إذا كانت ستستطيع إغماضهما مرة أخرى. وقالت بألم :
_"كونراد. لا نستطيع أن نتزوج لمجرد تشجيع اقتصاد البلاد ".
لم يبد عليه أنه فهم :
_"طبعاً لا. لكنهم سيرحبون بنا حقاً ".
_"علينا أن نتحدث عن ذلك....
_"وهم يريدون أن يعلموا ما إذا كنا سنعيش هنا. وقد قلت لهم لا. فنحن الاثنين إنسانان عاملان. ولا تستطيع البلاد أن تطيق ملوكاً لا يعملون. لكننا سننشئ بيتاً هنا, وسأعلم فترة في السنة في الجامعة, أترين هذا معقولاً؟".
بدا مشغولاً جداً, وعملياً للغاية, ومنطقياً تماماً. إنه يحول حياتهما الخاصة إلي بنود علي التقويم الوطني, فلم يلاحظ حتى أنهما فقدا القدرة علي لمس بعضهما البعض.
قالت ببساطة :
_"لقد أخبرتني جدتك بأنك جاف غير ودود ".
رفع بصره عن قائمته :"ماذا؟ ".
_"لا تشغل بالك, تجاوز عن ذلك ".
ونظر إلي ساعته :
_"والآن, بالنسبة إلي مهنتك... ".
منتديات ليلاس
قاطعته ساخرة :
_"أنا لست مؤهلة للتدريس في الجامعة ".
فضحك :
_"ربما هذا صحيح, ولكن بإمكانك أن تديري روضة أطفال, كما بدا من الدور الذي مثلته أمس ".