ومن هنا كان جوابها, إنه يحتاجها.
حدثت نفسها عابسة, وهي تنظر في مرآة غرفة استراحة السيدات الفاخرة, بأن هذه سخافة, وأن كلامها غير صحيح, فهي لا تحبه. لكنها أمسكت بياقة سترته وأخذت تتشمم رائحته,
لم يسبق أن فعلت ذلك لأي من ملابس باري أو أي من الرجال الآخرين الذين كانت تخرج معهم. فهذا الرجل غير عاديا, ويبدو أنه قدرها.
كان خاتم الخطبة ياقوتة كبيرة مربعة محاطة بالماس وبدا كبيراً علي أصبع فرانسيسكا الصغيرة, لكنه بدا متألقاً بجانب تألق قماش ثوبها, والقرطين المتدليين, هدية أبيها الفاخرة لها,اللذين صمما خاصة ليتلاءما مع الخاتم.
كان مخبرو الصحف مغتبطين, وكذلك الأسرة المالكة ورجال البلاط الذين عرفوا كونراد وهو طفل
استمرت فرانسيسكا تبتسم حتى آلمها فكها, أما كونراد الذي عادت سترته إليه, فلم يفارقها. وكان يتجنب الكثير من الأسئلة, ولكن, بالطبع, كان هناك الكثير منها عليها أن تجيب عليها بنفسها
جاءت إلينا جدته, وكان قفازاها ما يزالان ناصعين, وعيناها باردتين. لم تكونا عدائيتين, وإنما حياديتين منتظرتين.
كانت هنا للحكم علي عروس ابنها التي اختارها, وسألتها الملكة السابقة من دون تمهيد :
_"هل ستذهبين معه إلي مونتاسورو؟ ".
أجفلت فرانسيسكا :
_"حسنا, نعم, بالتأكيد في النهاية ".
قالت الملكة :
_"أعني عندما يأخذ المستشفي المتنقل إلي هناك ".
قالت فرانسيسكا :
_"لم نناقش هذا الأمر بعد...".
قالت الملكة السابقة :"ناقشاه إذن ".
تحركت فرانسيسكا بضيق :
_"شكراً لنصيحتك, ولكن...".
_"كونراد مثل جده, صادق وذكي ومجد في العمل والنوم معه كالأحلام.
شهقت فرانسيسكا واحمر وجهها. وتنهدت الملكة السابقة :
_"المفروض أن يكون جيلكم منطلقاً علي سجيته, ولكن إذا كان فيه عيب, فهو تركيزه علي هدف واحد. هذا ما لم تفهمه سيلفيا. تركته يلاحق أماكن الزلازل دون أن تدرك أن هذا يعني أنه ينسي كل شيء عنها طوال شهور كل مرة ".
".أتظنين أنه سينساني عندما يذهب إلي مونتاسورو؟ ".
_"أطن أن أمام كونراد تجربة جيدة للغاية , إنه يتضايق من العلاقات الحميمة وإظهار الألفة ".
أخذت فرانسيسكا تفكر في سترته حولها, وفي صوته المتهدج وهو يقول"تزوجيني!".
ونظرت إلي حيث كان يقف, كان ظهره إليها, حاني الرأس وهو يستمع إلي رجل أعمال. وعندما شعر بعينيها عليه, نظر إليها وابتسم, والتوى فمها دون وعي منها.....ألا يقوم كونراد بحركات أليفة؟
وأجابتها :"أحقاً؟ ".
فرفعت الجدة حاجباها :
_".قد يكون تغير. فلا تدعي ذلك يثنيك عن التقرب منه ".
_"أحقاً؟ ولماذا؟ ".
_"الأسابيع الأولي من أي خطبة, تكون عادة متأزمة عندما يكون الفريقان سلبيين, وبجانب ذلك..."
وبان الدهاء في عينيها :
_"ألا تريدين أن تذهبي معه؟ إنه طويل أسمر وسيم وكله لك, ألا تريدين أن تري ما يحدث؟ ".
وانحنت بطريقة ملكية ثم تركتها.
بقيت فرانسيسكا خرساء, وعندما عاد كونراد إلي جانبها رآها كذلك.
فسألها باهتمام :"ما الأمر؟ ".
_"إنها جدتك.....
تابع نظراتها وهو يقول بسرعة :
_"ما الذي فعلته جدتي الآن؟ ".
أجابت بغضب :
_"قالت لي, تقريباً, أن أتقرب منك بطريقة حميمة قبل أن
ترحل ".منتديات ليلاس
قهقه ضاحكاً, وعندما استطاع أن يتكلم, قال:
_"لا بد أنك أسأت الفهم. إن جدتي عضو في جمعية"البكارة قبل الزواج".
_"لا.... إنها ليست كذلك. طلبت مني الذهاب معك إلي مونتاسورو و....".
فقال مداعباً :
_"ونتغازل في كل خطوة من الطريق؟ ".
- نعم...أنا....
ثم أدركت ما كانت الملكة السابقة تقوله. إذا كانت تؤمن بالبكارة قبل الزواج, فهي تعني (نامي معه ولكن لا تتزوجيه! لا تفسدي حياة حفيدي)لكن فرانسيسكا تريد أن يحبها.
كل تلك الثقة الجميلة الذهبية تلاشت في ثانية واحدة, وتملكها الارتباك. وشعرت فرانسيسكا بأعضائها ثقيلة كالرصاص.
وابتسمت له متوترة :
_"آسفة. شعرت بإرهاق مفاجئ, متى يمكننا.... أعني يمكنني أن أعود إلي البيت؟ ".
_"يمكننا أن نذهب حين تشائين ".
_"لست مضطراً لتأخذي إلي بيتي بنفسك ".
أمسك بيدها وقال بهدوء :
_"بل سأفعل ".
كانت رسالة الجدةواضحة تماماً : ستستمتعين بوقت رائع. لكنه لن يدعك تتقربين إليه, ولن يحبك.
وكان ذلك ما قاله هو نفسه, عاشق ممتاز, وزوج فظيع.
وهي تريده زوجاً....زوجاً يحبها ويرغب فيها. حاولت أن تقول شيئاً....أن تخبره بشعورها.
وطبعاً, رآها كونراد تتراجع علي الفور, فقال بملل, تاركا يديها :
_"أريحي نفسك, لست مضطرة إلي أن تحاربيني. سآخذك إلي البيت ثم أتركك ".
فقالت :"أنا...".
_"أليس هذا ما تريدينه؟
لم يكن هذا ما تريده. قالت مستوحشة :"نعم".
_"فلنذهب إذن ".
تركها عند باب شقتها, دون أن يعانقها حتى عندما ذهب, وأمضت ليلتها, لأول مرة في حياتها, دون نوم.
علي أن أقوم بشيء ما في هذا السبيل, حدثت نفسها بذلك وهي تجلس في مطبخها, منتفخة الأجفان, في الساعة الخامسة والنصف صباحاً.
كيف سأخبره بأنني اقترفت غلطة؟ لقد بدا مجروحاً تماماً, كان ذلك حين تذكرت بقية رسالة جدته لها, ربما كان هناك شيء ما في تلك النصيحة.
وفي ذلك الصباح بالذات, حالما وجدت الوقت مناسباً, اتصلت برقم تلفون كونراد في كمبريدج, وتركت له رسالة. وكانت قد راجعتها وراجعتها إلي أن حفظتها تماماً, كانت تعني العالم بالنسبة إليها.
(أول مرة تقابلنا فيها قلت أن بإمكانك أن تتخذ في فريقك عضواً دقيقاً في حساباته مثلي. حسناً, ها هي ذي فرصتك قد أقبلت..... أريد أن أذهب معك إلي مونتاسورو ).
منتديات ليلاس
............نهاية الفصل السابع............