أمسك بذراعها قائلاً :
_"أبقي معي يا طفلتي, وسأجعلك تجتازين كل هذا ".
رأت نفسها تصدقه. وبدأ ذعرها يتبدد, وعندما وصلا إلي الفندق الفخم حيث قاعة الرقص, بدأت الكاميرات تعمل حالما أخرجت قدمها العالية الكعب من سيارة الليموزين المستأجرة لهذه المناسبة.
بذلت فرانسيسكا جهدها كيلا تجفل وتخفي عينيها من وهج كاميرات التصوير, وكيلا تعبس. وهمس كونراد في إذنها :
_"تمسكي بي فأنا أعرف كيف أتعامل مع هذا ".
وضع ذراعه حولها, ثم صعدا معاً الدرجات المنخفضة وهو يوزع ابتساماته علي الكاميرات حوله,وتصاعدت الأصوات-انظري إلي هذه الناحية, يا عزيزتي-امنحينا ابتسامة-من صنع ثوبك؟.
رفع يده يطلب منهم السكوت فهمدت الأصوات.
قال :
_"أشكركم لاهتمامكم بشأننا, لكننا, أنا والآنسة هيلير, هنا الليلة, لمناصرة تمويل مستشفيات مونتاسورو. هذه هي القصة الحقيقية, وهذا ما نحن ملتزمين به حقاً. أليس كذلك يا حبيبتي؟ ".
ونظر في عينيها باسماً,أحب المصورون ذلك, وهذا طبيعي, أنها الصورة التي كانوا يحاولون الحصول عليها منذ أدركوا فرانسيسكا هاربة من الأمير كونراد والدموع علي خديها, ووجدت فرانسيسكا نفسها متكئة علي كونراد.
وإذا به يستدير نحو المصورين الذين كانوا يصيحون طالبين قبلة ويهز رأسه باسماً :
_"آسف يا شباب, هذا عمل يلزمه انفراد تام ".
تبع ذلك صياح بالموافقة, واشتدت ذراع كونراد حول فرانسيسكا ثم همس في أذنها :
_" ابتسامة سعيدة أخيرة لما حولك ثم نخرج من هنا......".
لم يكن عليهما أن يضعا حداً لذلك. فقد كان مستخدمو الفندق متدربين تماما علي ذلك, هذا إلي أن سيارة ليموزين أخرى كانت تقف خلفهما, وهكذا هربا إلي قاعة الرقص بشكل حسن.
قال كونراد :
_"عمل جيد. لا أحد كان سيفعل ذلك بشكل أفضل. أبقي معي تصبحين أميرة رائعة ".
ضحكت فرانسيسكا, لكنها كانت ضحكة جوفاء,لم يكن لديها وقت للشعور بعدم الكفاءة لذلك, علي كل حال, إذ سرعان ما كانت تركع للملكة السابقة أنجليكا. كانت قد تدربت علي الركوع, ولكن ما يزال عليها أن تركز انتباهها, وعندما نهضت وجدت الملكة السابقة تلبس قفازين طويلين أبيضين, وبدت أظافر فرانسيسكا الحمراء وقحة بالمقارنة.
وتمتمت :
_"يا لها من غلطة ".
لكن كونراد تابع نظرتها ثم ضحك :
_"زينة أصابعك؟ أنسي ذلك. جدتي سيخضر لونها حسداً, فهي, منذ عرفتها, لا تنفك عن قضم أظافرها ".
ثم جرها معه في القاعة. وبين الاستماع للناس الذين كانوا متلهفين للفت انتباه كونراد إليهم, وبين التحدث إلي أناس لم تعرفهم قط من قبل, نسيت شكوكها. لم يسمح لها الوقت بالشعور بأنها زائفة, وعندما جلسا إلي رأس المائدة. كانت تشعر بأنها أمضت نصف حياتها صديقة لكونراد. كان شعبياً بشكل ملحوظ, وليس فقط من النساء ذوات العيون الملتهبة, كما كانت تخاف.
قالت امرأة فضية الشعر جالسة أمامهما وهي تميل إلي الأمام تفضي إليها :
_"يا له من فتى حبيب! ما أحسن أن نراه وقد نسي سيلفيا أخيراً ".
قطب الرجل الجالس إلي يسار فرانسيسكا وقال :
_"كونراد رجل حسن, وممتاز في تسجيل الاهتزازات الأرضية. سمعت أنه سيلقي محاضرة في مؤتمر المهندسين الدولي في الخريف ".
فسألت فرانسيسكا :
_"ومن هي سيلفيا؟ ".
فقال جارها لا يريد أن يتخلى عن موضوعه:
_"ومن الشرف الكبير لمن ليس مهندساً, أن يطلبوا إليه ذلك ".
فنظرت إلي المرأة فضية الشعر :
_"سيلفيا؟ ".
فتنهدت المرأة :
_"اه يا عزيزتي. أظنهم لا يتحدثون عنها, هذا ما كانت الأسرة تدعو زوجته علي الدوام, زوجته السابقة الآن, طبعا, الأميرة "ماري إلينا",لكن أمه كان أسمها إلينا أيضاً وبعد أن قتلت مع أبيه لم يشأ أحد أن يتذكر ذلك. وهكذا نادوها دوماً باسم سيلفيا".
جمدت فرانسيسكا في مكانها. وقالت بعد فترة بدت لها ساعات طويلة :
_"آه, زوجته السابقة طبعاً ".
كيف لم تعلم بذلك؟ كيف لم يخبرها أحد بذلك؟ لا أبوها ولا أمها. وفوق كل شيء, كيف لم يخبرها به كونراد؟ وشعرت وكأن الثلج يغمرها من كل الجهات,جلست تستمع إلي الخطب الرسمية, مخدرة الجسم,وعندما أعلن فيليكس أن وقت الرقص قد حان, صفقت كالبقية, وفمها متيبس من الابتسام.
جاء كونراد في الحال, ومد يده إليها باسماً, وقد بدت عيناه خضراوان,آه, كان واثقاً منها للغاية, كما رأت فرانسيسكا, وكان هذا شرخاً صغيراً في الثلج الذي يغمرها, وكانت تعلم أنها, إذا ذاب الجليد, ستثور غضباً, ربما من الأفضل أن لا يذوب الجليد إلا بعد أن يخرجا من هنا إلي مكان منفرد حيث يمكنها قول كل شيء.
منتديات ليلاس