كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رأته فيفيان يختفي بين الجموع وكادت تخور أرضاً , غاري كان عالمها كله , منذ اللقاء الأول ,تستيقظ كل صباح وتفكر فيه , وفي المساء تنام وهي تتذكر أبتسامته الساحرة.
وخلال أيام قليلة , وضبت حقائبها وركبت الطائرة عائدة الى أنكلترا ,كم جاهدت وتألمت كي تحاول أن تنساه! وهنا, في هذه الساحة المكتظة بالناس , بعد أربع سنوات , أغمضت فيفيان عينيها: لو شاهدت غاري في هذه اللحظة بالذات , لأرتمت بين ذراعيه.
منتديات ليلاس
وبالرغم من كثرة السواح .من النادر أن تتنزه أمرأة وحدها في طنجة , بدأ الناس يضايقونها , ورجال مشكوك بأمرهم يرمقونها بالنظرات المغازلة , فقررت أن الوقت قد حان لأكمال طريقها والعودة الى كوديا.
عندما دخلت الى البهو كانت الفيللا ما زالت مضاءة , فصعدت الى غرفتها بسرعة وخلعت ملابسها ودخلت الى فراشها.
ومنذ ذاك أصبحت النهارات أقل مشقة على أحتمالها ,لكنها كانت دائماً متوترة الأعصاب عندما تضطر أن تلعب شخصية لوسي أتجاه روبرت أو عندما تتحدث الى ترانت , وكانت تنتظر المساءات بفارغ الصبر , أذ من الممكن أن تلتقي بغاري , لم تنخدع , فالسنوات الأربع الطويلة لم تنجح في محو ذكرى هذا الرجل من خيالها.
ومن ثم كبر الأمل في قلبها وراحت تمشط المدينة بحثاً عنه , ولا أحد كان يراها عندما تخرج أو عندما تعود , خلال العشاء كان عليها أن تبذل جهداً لأخفاء تلهفها وقبول سيكارة ترانت مع الحفاظ على هدوئها , وما أن يخرج صاحب المكان , ويمر نصف ساعة على ذهابه , حتى تخرج من المنزل للبحث عن عازف السكسفون .
جالت في شوارع طنجة العريضة وفي مكاتب السياحة وفي غاليريهات الفنون وجميع المطاعم , مرة أو مرتين خاطرت في الذهاب الى جادة باستور وألقت نظرة على بهو فندق الرياض ,وعندما تشعر بالتعب , كانت تجلس على أحد مقاعد الرصيف حيث تجد صعوبة في تفحص المارة لأنها كانت بأستمرار تتلقى تحرشات الشبان الوقحين , أنها تشعر بقرب أكثر من غاري في الشوارع الصغيرة الضيقة في المدينة وخاصة في الكاسبا.
لم يسبق أن دخلت وحدها الى الكاسبا , كان صديقها غاري يعشق هذا الحي المعروف بجدرانه السميكة وقصوره القديمة وممراته المتعرجة , كان يأتي بها دائماً الى هناك للتنزه برفقته.
وذات مساء أرتدت قميصاً وردياً وتنورة من الكتان الخفيف وزينت وجهها ليكن منظرها جيداً وراح قلبها ينبض بقوة وأسرع من العادة: هل هذا حدس داخلي؟
وصلت الى الكاسبا بعد وقت طويل لأنها لم تكن تعرف الطريق جيداً وأخطأت مرات عديدة في أختيار الطريق المناسب , ولما أجتازت جدران الكاسبا القديمة خففت خطواتها ,ففي الشوارع الضيقة بعض البغال المحملة بأكياس النعناع الطازجة المعدة لدخول السوق في الغد ,ر ائحة القرفة وأكباس القرنفل والبابريكا والصعتر تصدر من الدكاكين الصغيرة , الصبيان ذوو العيون السوداء الواسعة والأجسام النحيلة يتعلقون بأبتهاج في ثياب الفتاة , في الممرات تمر النساء المحجبات , والرجال يجلسون على سلالم الفنادق , بجلاليبهم العريضة , وعماماتهم يحللون بأبتسامتهم العريضة مشاكل الكون.
*****
يتبع..
|