كاتب الموضوع :
Toleen
المنتدى :
رجل المستحيل
تكملة للرواااااااية
:7_5_131: [COLOR="Red"]2- جاسوس بالفطرة..[/ COLOR]
شعرت (منى توفيق) بالملل, بعد أن انقضت ساعات ثلاث وهي تراقب اللاعبين, الذين ينقلون قطع الشطرنج في بطء وروية, فاستدارت إلى (أدهم), وفتحت فمها لتتكلم, ولكن عينيها توقفتا على ملامحه الجديدة التي صنعها تنكره البارع, كان قد حول عينيه السوداوين إلى لون أزرق كالسماء الصافية وأضاف إلى وجهه الوسيم بعض التجاعيد القليلة أسفل عينية, وحول فمه, وشاربا ً كثا ً تحت أنفه يكاد يغطي فمه, وأعاد شعره إلى الوراء وصبغ فودية باللون الأبيض, واشتركت حلته الأنيقة باهظة الثمن في منحه مظهر رجل الأعمال الثري, الذي تجاوز الأربعين ببضع سنوات والذي حضر بصحبة سكرتيرته الشقراء الحسناء لمشاهدة مباراة الشطرنج
في ( هامبورج).
وبغم هذا التنكر البسيط, إلا أن ملامح ( أدهم) تغيرت تماما ً ولا حظت (منى) هذا التغير وهي تتأمله في إعجاب ثم همست:
- هل تعلم أنك ستبدو أكثر وسامة, حينما يتقدم بك العمر يا (أدهم)؟
ابتسم (أدهم) ابتسامة شاحبة, وقال وهو يومىء برأسه إلى رجل طويل القامة رياضي القوام, يجلس على بعد أمتار قليلة منهما:
- هذا هو خصمنا في لعبة الشطرنج الكبرى يا (منى).
استدارت عينا (منى) إلى رجل أصلع ذي الأنف المائل على حين تابع(أدهم) قائلا ً:
- إنه يدعى( إيزاك) ضابط مخابرات في (الموساد) وهو يقيم في ( ألمانيا الغربية) بصفة دائمة ويدير ملهى ليليا ً يمتلكه ( الموساد), من أجل الإيقاع بالعرب الذين يقيمون هنا أو يأتون للدراسة أو العمل, ومهنته هي محاولة تجنيد أي منهم للعمل لحساب دولته.
ابتسمت (منى)وهي تقول:
- يبدو أنك تعلم كل شيء عنه.
هز (أدهم ) كتفيه ومط شفتيه وهو يقول:
- إن له ملفا ً ضخما ً في أرشيف مخابراتنا يا (منى).
عادت (منى ) تتأمل اللاعبين ولكن الملل لم يلبث أن سيطر عليها مرة أخرى فالتفتت إلى (أدهم ) وسألته:
- كيف ستقابل (شريف) أمام ( إيزاك) ؟
ضحك (أدهم ) ضحكة قصيرة وقال في لهجة تنم عن الاستهتار والثقة:
- لا عليك يا عزيزتي سيتم كل شيء طبقا ً لقواعد اللعبة.
سألته في دهشة:
- أية لعبة؟
أجاب وابتسامته تزداد اتساعا ً:
- لعبة الشطرنج, وشطرنج المخابرات يا عزيزتي.
****************
أحاط عدد من الرواد بـ(شريف) وهو يبتسم في سعادة ووقار بعد أن نجح في الفوز على خصمه الفرنسي, وصعد إلى الدور قبل النهائي, وسرعان ما تخلص ممن حوله وتحرك نحو الغرفة الخاصة التي أعدتها له إدارة المباراة حينما استوقفه (أدهم) ومد يده يصافحه قائلا ً في لهجة رصينة وباللغة العربية:
- أهنئك يا سيد (شريف), لقد كنت رائعا ً في مباراتك الأخيرة.
تأملت (منى) (شريف), كان شابا ص في الثالثة والعشرين من عمره نحيل الوجه والجسد طويل القامة له شعر مجعد كثيف وأنف طويل ويرتدي منظارا طبيا ًأنيقا ً ولقد بدا هادئا ًمتماسكا ً وهو يصافح (أدهم) قائلا ً في ابتسامة أنيقة:
- - أنت مصري يا سيدي كم تسعدني مقابلتك هنا.
ابتسم (أدهم) وضغط حروف كلماته, وهو ينظر في عيني (شريف) مباشرة, قائلا ً:
- لقد حضرت خصيصا ً من أجلك يا سيد (شريف).
لم يبد على (شريف) أنه قد فهم شيئا ً من عبارة (أدهم)ولكنه ابتسم وهو يقول:
- أشكرك يا سيد........؟
قدم (أدهم) نفيه قائلاً:
- (أحمد صادق) مهندس ورجل أعمال مصري.
وفي تلك اللحظة سمع الجميع صوتا ً ناعما ً يقول باللهجة المصرية السليمة:
- دعني أصافحك يا عزيزي ( شريف), لقد أسعدني فوزك للغاية.
استدار الجميع إلى مصدر الصوت, فطالعهم وجه(إيزاك) الذي ارتسمت فوقه ابتسامة منافقة وهو يمد يده إلى (شريف), وتوقعت (منى) أن يصافحه( شريف ) إلا أنه دس كفيه في جيبي سرواله وقال في هدوء دون أن تفارقه ابتسامته:
- أشكرك يا سيد ( إيز....) أقصد يا هر ( فريدريش).
ثم أشار إلى (أدهم) قائلا ً:
- أقدم لك المهندس ( أحمد صادق), من مصر... لقد حضر خصيصا ً لمشاهدة المباراة.
تألق بريق عجيب في عيني(إيزاك) وهو يتفرس في (أدهم) بنظرة فاحصة, وتهجمت ملامحه لحظة, ثم لم تلبث أن لانت وهو يمد يده لمصافحة (أدهم) قائلا ً:
- كم تسعدني مقابلتك يا سيد (أحمد) فأنا أتوق لمقابلة مصري.
سأله (أدهم) في هدوء:
- أنت تتحدث اللهجة المصرية بطلاقة تثير الدهشة يا هر ( فريدريش), أأنت مصري؟
ابتسم (إيزاك) قائلا ً:
- أنا نصف مصري يا سيد (أحمد), ولقد ولدت في مصر وأقام والدي عناك حتى بلغت الثانية عشر من عمري, أما اسم ( فريدريش) هذا فهو مكتسب بعد إقامتي الطويلة في ( هامبورج).
ثم عاد يتفرس في ملامح (أدهم ) لحظة قبل أن يردف:
- وسنلتقي كثيرا ً قبل مغادرتك ( هامبورج) يا سيد (أحمد).
صافحه (أدهم) و(منى) مرة ثانية, ثم انصرفا في هدوء, على حين بقى (إيزاك) يتحدث مع (شريف) في هدوء, ولم يكد (أدهم) و (منى) يبتعدان حتى ابتسم (أدهم), وقال في لهجة تنم عن إعجابه الشديد:
- هذا الشاب عبقري يا (منى), أنه موهوب.
تطلعت إليه (منى) في دهشة وقالت:
- كيف أمنك أن تحكم عليه يا (أدهم) ؟ إنك لم تلتق به سوى لحظات.
أطلق (أدهم) ضحكة ساخرة قصيرة وقال في لهجة مرحة:
- لقد حدث الكثير في هذه اللحظات يا عزيزتي لقد حركنا أول قطع الشطرنج تحت أنف (إيزاك) وبصره ألم أقل لك إن(شريف) ه ذا جاسوس بالفطرة؟
|