المنتدى :
الارشيف
ولاية العهد في العصر الأموي (41هـ/661م-132هـ/750م) , دراسة
تتناول هذه الدراسة موضوع ولاية العهد في الفترة الأموية والجهود التي بذلها الأمويون من اجل الوصول إلى طريقة تنتقل من خلالها السلطة من خليفة إلى آخر بصورة سلمية، في ظل عدم وجود دستور واضح لنقل السلطة في الفترة التي سبقت خلافة الأمويين، والتي شهدت أحداث الفتنة الأولى ومقتل الخليفة عثمان (ت35هـ-655م)، وما تلاها من اختلاف على اختيار الخليفة، وعدم حصول إجماع على خلافة علي (ت40هـ-660م)، إضافة إلى المساعي التي بذلها الأمويون من اجل إيجاد دولة أموية الطابع لا ينازعهم فيها أحد.
وقد تعرضت الدراسة للنمط النبوي في الحكم والذي استمد شرعيته من الوحي والبيعة، وتناولت موضوع الخلافة من حيث معناها اللغوي والاصطلاحي، وفي القرآن الكريم، ودلالة هذا المفهوم والذي عنى حينا النيابة عن الله وحينا آخر النيابة عن رسول الله (ص)، كما تطرقت إلى نظام الحكم زمن الراشدين، وكيف اختلفت الأنماط التي تولى من خلالها الراشدون الخلافة، حيث أسفرت نقاشات السقيفة عن اختيار أبى بكر (ت13هـ-634م) لتولي الخلافة، في حين وصل عمر (ت23هـ-643م) إلى الخلافة بناءً على تعيين أبو بكر له، وتولى عثمان الخلافة بعد أن اختير من قبل مجلس الشورى الذي عينه عمر لهذه الغاية ووضع لهم آلية الاختيار، في حين وصل علي إلى الخلافة نتيجة للاختيار الذي تم في ظروف خاصة أملتها أحداث الفتنة، ومن ثم فقد الإجماع على بيعته بعد أن ادعى معاوية أحقيته بالخلافة والمطالبة بدم عثمان، وصولا إلى مقتل علي وتنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية وبداية الحكم الأموي.
وتم التطرق إلى مفهوم الولاية والعهد في اللغة والاصطلاح، والى الغايات التي من اجلها أوجد الأمويون نظام ولاية العهد، إضافة إلى أهم الشروط التي توخاها الأمويون في أولياء عهدهم، وأبرزت الجهود التي بذلها معاوية ابن أبي سفيان (ت60هـ-679م) من اجل اخذ البيعة لابنه يزيد (ت64هـ-683م) من بعده، والعقبات التي سعى لتذليلها من اجل إتمام هذا الأمر، حيث شكلت الحجاز موطن المعارضة الرئيسي لهذه الفكرة، لان الحجازيين كانوا لا يرغبون في انتقال مركز السلطة من بلادهم، ويسعون إلى الحفاظ على الدور السياسي للحجاز والذي تراجع مع انتقال الخلافة إلى دمشق. وقد شكل نجاح معاوية بن أبي سفيان في اخذ البيعة لابنه يزيد بولاية العهد بداية لتوارث السلطة عند الأمويين من خلال البيت السفياني أولا والذي انتهى دوره السياسي بتنازل معاوية الثاني عن الخلافة وانتقالها إلى البيت المرواني.
وقد سعى المروانيون للحفاظ على حكمهم من خلال تكريس نظام ولاية العهد بحيث اصبح الخليفة يعين شخصين كأولياء للعهد وفي الغالب كانوا يلجأون إلى عزل إخوانهم من ولاية العهد من اجل تعيين أبنائهم، وهذا فتح المجال للتنافس والصراع على السلطة داخل الأسرة الواحدة، حيث انشغل الأمويون بخلافاتهم الداخلية، مما أدى إلى تراجع مكانة الدولة وضعفها.
وأوضحت الدراسة موقف الحركات الإسلامية المعارضة من ولاية العهد، حيث رصدت موقف كل من الشيعة والخوارج والمعتزلة من الحكم الأموي أولا ومن ولاية العهد ثانيا. فقد اعتبر الشيعة أن الإمامة منصب الهي لا يتم باختيار الناس، واعتبروها وراثة للنبوة، وان النبي (ص) قد نص على إمامة علي بن أبي طالب من بعده، وعلى هذا الأساس اعتبر الشيعة خلافة بني أمية غير شرعية، ورفضوا فكرة ولاية العهد التي جاء بها الأمويون، ولهذا خرجوا عليهم في العديد من الثورات التي استهدفت مؤسسة ونظام الحكم.
ودعا الخوارج الى اختيار الإمام اختيارا حرا، ولم يشترطوا فيه أن يكون قرشيا بل أجازوا أن يكون عربيا أو أعجميا، وبالتالي فقد وسعوا من دائرة الإمامة لتشمل كل المسلمين من كل الأعراق والأجناس، واعتبروا نظام ولاية العهد نظاما غير شرعي، ونظروا للأمويين كمغتصبين للسلطة، ولذلك ثار الخوارج على الأمويين وخاضوا معهم الكثير من المعارك.
وأجاز المعتزلة الإمامة لكل من قام بالكتاب والسنة وقالوا بوجوبها، واعتبروا خلافة بني أمية غير شرعية لاغتصاب الأمويين للسلطة، ورفضوا فكرة ولاية العهد لأنها تتعارض مع طريق الشورى والاختيار التي دعوا اليها.
وتم استعراض مواقف علماء الأمة من ولاية العهد، وكيف عكست الأوضاع السياسية نفسها على مواقف هؤلاء العلماء، وقد بدى التباين واضحا في هذه المواقف سواءً داخل المصر الواحد أو بين الأمصار الإسلامية المختلفة، حيث أيدت مجموعة من هؤلاء العلماء نظام الحكم الأموي ونظام ولاية العهد، في حين عارضت مجموعة أخرى نظام ولاية العهد ورفضت أن تبايع لأولياء العهد، ومالت مجموعة ثالثة إلى المهادنة والدعوة للحفاظ على وحدة الأمة.
لنص كامل ملف PDF
التحميل
|