كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
" أشتريت هدايا لأولاد شقيقتي وإذا كنت لا تصدقني فلن يهمني ذلك "
"أولاد شقيقتك ؟ لديك شقيقة اذن ؟"
" انها أرملة , ولا تستطيع إعاشتهم , إشتريت بعض الملابس والأحذية لهم "
ولمح الدموع تملأ عينيها فأدارت وجهها بسرعة . كيف تستطيع ان توفر للأطفال عطلة ممتعة بدون نقود .
وأحست توني انه يجب عليها ان تتنازل عن عزة نفسها وان تطلب منه ان يقرضها بعض المال ... وعندما همّت بأن تحثه عن ذلك سمعت أصوات الأطفال تقترب ... وفجأة ظهر الصغار الثلاثة في الحديقة يركضون ويصرخون وهم يمارسون لعبة الهنود الحمر !
وصعق داروس انه يواجه عاصفة هوجاء . وسأل روبي الصبي الأول الذي توقف عن الركض .
" ماذا تفعل هنا ؟ أخرج من الحديقة فورا ... أين يقيم هؤلاء الأشرار .
وردت لويس الصغيرة :
"إننا نقيم هنا .... من أنت ؟ هنا بيت خالتي توني"
وكانت لويس لا تقل وقاحة عن أخويها .
"هنا!"
قال داروس هذا والتفت الى زوجته التي تجنبت النظر اليه :
" هل أحضرتهم معك ؟"
ولم تستطع توني الكلام في أول الأمر لكنه أدار وجهها بحركة سريعة وظل ممسكا بذقنها حتى قالت :
"أحضرتهم معي , حتى تستطيع بام ان تستمر في العمل اثناء العطلة المدرسية ... وسوف يبقون معنا ستة أسابيع "
قالت هذا بنبرة تحدي وقد استردت شجاعتها .
بقي داروس صامتا . وكان كل انتباهه منصبا على توني التي وجدت نفسها – رغم تصميمها على مواجهة أي شئ منه – تناضل من أجل الأحتفاظ بقدرتها على التصدي له .
كان الأطفال الثلاثة يغنون في الحديقة وكان ديفيد ينظر الى داروس كأنه هو الذي تعدى على ممتلكاتهم . اما روبي فقد أخرج له لسانه . وأحست توني بالفزع , ونهضت عن كرسيها وطلبت اليهم ان يدخلوا البيت .
ودخل الأطفال الثلاثة الى البيت , وساد الصمت فترة , ثم تحدث داروس في نبرات هادئة خطيرة :
" أريد ايضاحا لذلك من فضلك ؟"
وبللت توني شفتيها وقالت :
" قلت لك إنني احضرتهم معي حتى تستطيع شقيقتي ان تعمل اثناء العطلة المدرسية , ولولا ذلك كان يتعين عليها ان تترك وظيفتها , وهي لا تقدر على ذلك "
وسألها بهدوء :
" هل تحاولين اقناعي بأن بواعثك على هذا التصرف لا تتسم بالأنانية "
" بالتأكيد إنها بواعث غير انانية "
" لا تكذبي ! أحضرت هؤلاء الأطفال لمضايقتي ! إنني لا أفهم لماذا تمارسين هذه المتعة التي تتسم بالسادية ولكنني أحذرك . انك تتعاملين مع الرجل غير المناسب . لست واحدا من الأنكليز التافهين ....."
" وهل تجرؤ على اهانة الأنكليز ؟ إنهم أفضل من أي ناس تعرفهم , وهم أزواج أحسن بكثير منكم ! إنك بالنسبة الي لست سوى أجنبي مغرور , ولن أسمح لك بإهانة الشعب الذي انتمي اليه .... ويجب ان تكون حريصا فيما تقول في المستقبل"
كان وجهها ساخنا ويداها منقبضتين ولم تسترد هدوءها عندما رأت وميض الدعابة في عيني زوجها . وقال لها :
"اسمحي لي يا توني ان اقدم لك نصيحة طيبة . لا تحاولي اختبار قدرتي على الصبر اكثر من ذلك . صدقيني ان صبري لا يمتد إلى الأبعاد التي تتصورينها"
وابتعدت عنه توني وهي تقول إنه ليس زوجها وليس له سلطة عليها. وتهديداته لا تخيفها .ومضت تقول :
"لن أخشاك حتى لو كنت زوجي حقا"
وكانت تعني ما تقوله برغم أنها اعترفت لنفسها بعد لحظات من التفكير ان هذا الأجنبي الأسمر يستطيع إثار المتاعب لها .
حقا انها لا تخشى شيئا. انها لم تحس بالخوف عندما واجهت الموت . ولذلك فمن غير المحتمل ان تفقدها تهديدات هذا الرجل ما تتمتع به من ثبات .
وبعد فترة من الصمت قال داروس :
"وهكذا فانا لست زوجا حقيقيا لك ؟ أخبريني ما الذي تقصدينه فعلا بذلك ؟ أذكر ان زواجنا كان قانونيا "
كان داروس يهزأ بها , وظلت صامتة , لم تكن كلماتها كافية للرد عليه , وتصورت ان توجيه صفعة اليه سيجعلها اكثر ارتياحا ... واستطرد داروس قائلا :
"انا زوجك فعلا , من سوء حظي , ولولم يكن شقيقك سائقا فاشلا لما حدث شئ من هذا"
وكاد غضبها يحطم كل الحدود , وقالت :
"كيف تجرؤ على توجيه اللوم لأخي , إنك لو لم تكن تحب جدك بهذا الولع المجنون لما حدث كل ذلك . هذا الرجل يجب ان يحتجز في مستشفى المجانين "
ودهشت توني عندما ضحك داروس قائلا :
"وهكذا وصل بنا الحال الى ان نتبادل الشتائم وانت تقولين إننا لسنا متزوجين"
وتغيرت نبرة صوته وهو يقول :
"لكنك لم توضحي لي ماذا تقصدين عندما تقولين إننا لست زوجا حقيقيا لك؟"
" انت تعرف جيدا ما أعنيه "
"من السهل جدا تصحيح هذا الوضع , وتذكري ما حذرتك منه ... لا تثيريني أكثرمن ذلك"
وجف حلقها وحاولت توني ان تهدئ من نفسها . وتذكرت ان اليونانيين من اكثر الشعوب ميلا الى الغزل والحب , وان زوجها لا يختلف كثيرا عنهم , ولذلك يتعين عليها ألا تجازف بشئ فقد يصبح وجود زوجة معه بمثابة إغراء لا يمكن مقاومته
ذات يوم .
وقالت بصوت يشوبه الخضوع :
" أفضل ان اذهب الى الأطفال , انهم ينتظرون الشاي "
ورد داروس في نبرة حاسمة :
"شاي في الثانية بعد الظهر ؟ لن يبقوا هنا ... هل
تفهمين ذلك ؟"
وقفز قلبها ولكن ما لبثت ان هدأت وقالت في تحد :
"لكنهم أقربائي وسوف يبقون هنا , آسفة لأحداث تغيير في نمط حياتك الروتيني الهادئ , لكن حاجة شقيقتي أعظم من حاجتك"
ورد في إصرار :
"سوف تبعدين هؤلاء الأشقياء من هنا وبسرعة"
واتجه الى الباب .
قالت :
"هذا مستحيل حتى لو أردت أنا ذلك , فليست هناك أموال لنفقات سفرهم"
واستدار داروس بهدوء ونظر اليها وهو لا يصدق :
" هل حجزت لهم تذاكر ذهاب فقط ؟"
"لم تكن لدي أية اموال لحجز تذاكر العودة , ولم يكن لدى شقيقتي أي مبلغ للمساهمة في ذلك"
وارتسمت ملامح الغيظ على وجهه وهو يقول :
"لديك خمسة آلاف جنيه مدخرة في مكان ما , استخدمي بعضا منها"
وفي هذه اللحظة تركها واتجه الى الحديقة تاركا اياها تفكر فيما دار بينهما , واعترفت توني رغما عنها بأن كلماته أثرت فيها . وأدت الى اشاعة المخاوف في نفسها , والى الأعتقاد بأن جميع خططها للإنتقام منه لا يحتمل ان تنجح .
............نهاية الفصل الرابع..........
|