كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وشعرت توني بالتوتر حتى قبل ان يتكلم وقال :
"انك لن تحصلي على نفقات الرحة الجوية مني . لديك المبلغ الذي تتقاضينه شهريا . وإذا كنت تعتزمين القيام بزيارة لأنكلترا , فالمفروض ان تدخري لهذه الرحلة , لا يا فتاتي , ينبغي ألا تطلبي نقودا مني أبدا "
وأحست توني بإهانة بالغة وحدقت في هاتين العينين القاسيتين وقالت:
"أبدا ... ولكنني أعتزم السفر "
ووضع يده على فمه حتى لا يتثاءب وقال :
" سافري بكل ارتياح إذا استطعت ذلك "
وأثارت الحركة غضبها وصرخت قائلة :
" ولكنني لن استطيع رؤية والديّ إذا لم تعطني المال "
لم تضع توني في اعتبارها ابدا انها ستواجه صعوبة في ذلك . وكانت تعتقد ان الحصول على المال منه جزء رئيسي من خطوتها للأنتقام .
واستطردت قائلة :
" أرسلت ردا على رسالتهما مؤكدة اعتزامي زيارتهما "
وأضافت وهي ترتعد غضبا :
" ويتعين عليك ان تعطيني مالا "
وظل داروس ملتزما الصمت في فتور . ومضت توني تقول في نبرة أكثر هدوءا :
" ليس لدي مال على الأقل ليس هناك ما يكفي لتغطية نفقات الرحلة الجوية "
كان داروس قد التقط تمثالا صغيرا قيما .
وأخذ قطعة نادرة من التحف التي لديه محاولا الظهور بأنه لا يهتم بشئ , وانه لن يقبل مزيدا من النقاش . وضريت توني الأرض بقدمها , لكن سرعان ما ندمت على هذه الحركة الصبيانية عندما رأت عينيه تنتقلان من التمثال في يده وتتطلعان اليها في احتقار شديد .
وشعرت توني بالغضب لأن هذا الرجل القاسي يستطيع ان يحتقرها ويشعرها بالمهانة وقالت في حدة :
" لديك أموال كثير , مأئة جنيه ليست شيئا بالنسبة اليك "
ونظر اليها ودمدم في نبرات متكاسلة ولكن خطيرة :
"كوني عاقلة يا توني , لا تتبعي هذا الأسلوب معي , عندما اقول شيئا أعني ما أقول .. انني ارفض إعطاءك المال..... وهذه هي كلمتي الأخيرة "
واحست توني ان مشاعر الغضب ستخنقها.لكنها تمالكت نفسها وهي تقول في حنق :
"ولكنها ليست كلمتي الأخيرة, وعدت والديّ بأنني سأزورهما . وسوف أفعل ذلك , إنهما يتطلعان إلى رؤيتي , ولن أخيب رجاءهما"
"إذن عليك ان تستخدمي بعضا من مال التسوية الذي صممت ان تحصلي عليه"
"لا أستطيع ! أقصد انني لن ألمس هذا المال"
كانت توني قد أرسلت ذلك المبلغ إلى الخارج وكانت تأمل ان تساعد والديها في التغلب على الإفلاس.
وبدا الغضب على داوس . كانت في نظره طماعة بخيلة وهذا ما يتماشى تماما مع رأيه في النساء الأنكليزيات.
ورد داروس وقد بدا عليه الملل:
"في هذه الحالة ليس هناك خيار لك إلا ان تتنازلي عن عطلتك"
واعترفت توني في نهاية الحوار بعد هذه العبارة القاطعة منه أن خططها للأنتقام منه سوف تواجه بعض المصاعب , نظرة واحدة الى ذلك الفم والفك جعلتها متأكدة ان زوجها لن يلين , ولو كان ذلك حتى من اجل ان تبتعد عن وجهه لفترة ما.
واحّمرّ وجهها بالغضب وخيبة الأمل .
كانت النتيجة الوحيدة انها أضافت لمحة من الرضى إلى ذلك الوجه المتغطرس . وغادرت الغرفة بسرعة , وكانت تفكر " اذا كان داروس قد امتنع عن دفع نفقات الرحلة الجوية الى انكلترا , فكيف ستحصل منه على النفقات الباهضة لرحلاتها الأخرى التي كانت تعتزم القيام بها . لابد من إيجاد طريقة لأرغامه على ذلك"
وفي اليوم التالي , حجزت تذكرة لرحلتها الجوية في شركة الطيران في رودوس وبعد ان سلّمها الموظف تذكرتها قالت :
"أرسل فاتورة الحساب الى زوجي"
وابتسمت ثم اخرجت بطاقة داروس وقدمتها للموظف , ونظر الموظف في احترام بالغ , وقال :
"بالتأكيد يا سيدتي "
وبعد يومين كانت توني في برمنغهام مع والديها , ومن هناك اتجهت الى دوريست لتلتقي بشقيقتها وأولادها .
وقالت شقيقتها :
"انه شئ رائع ان اراك , انك تبدين في حالة طيبة , دهشنا جميعا عندما سمعنا بزواجك , لابد انه كان الحب من اول نظرة.حدث ذلك بسرعة , ما رأي والديك في هذا الزواج؟"
كانت توني تستمع الى استفسارات شقيقتها وهي ترى مظاهر الفقر التي تحيط بالمكان الذي تقيم فيه . لاشك انها تواجه متاعب كبيرة في تربية صغارها الثلاثة , فامشكلة انها لا تلقى أي مساعدة حتى من والديها .
وردت توني :
"كانا سعيدين بزواجي"
الواقع ان هذا كان صحيحا , فقد كانت توني تتمتع بالحكمة والأتزان ولم يتصورا لحظة واحدة ان زواجها لن ينجح .
"انني احسدك"
كانت توني تشعر ان كل أفكار بام ما زالت ترتبط الآن بزوجها فرانك الذي توفي وهو في الخامسة والثلاثين ضحية الجلطة الدموية. كان زوجا رائعا .وكان يحبها كثيرا .
وسألتها توني :
"كيف حالك , كيف تتدبرين امورك؟"
كانت توني تتحدث الى شقيقتها وهي تحس بالقلق عندما شاهدت بام تقوم برتق جوارب ابنائها التي بدت في حالة غير قابلة للإصلاح.
اعتادت توني ان تقدم لشقيقتها ولصغارها الملابس والهدايا . لكنها كانت تحرص دائما على ألاّ يفهم انها تقدم هذه الأشياء كمعونة لها , وإلا رفضتها بام .كانت لها كبرياء شديدة .
والواقع الهدف من زيارتها لأهلها هو تقديم مزيد من الهدايا لهم . ولم تكن توني تعبأ بكشف الحساب الكبير الذي سيتسلمه داروس قريبا من المتجر بالأضافة الى فاتورة حساب التذكرة الجوية , هذه الأموال كلها سوف تسددها الى داروس . اما الآن فإنها تشعر بالمتعة كلما تخيلت الصدمة التي سيصاب بها داروس وهو يتسلم كشف الحساب . لابد انه سيعترف بهزيمته . حان الوقت لينزل هذا المتغطرس من برجه العالي .
|