كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الجبهة الهادئة
..........................
وخلال الأيام القليلة التي تلت ذلك كانت توني تشعر بالغيظ بينما كان رد فعل داروس مجرد نفاد الصبر الذي يتسم بالملل .
ويبدو أنه استسلم نهائيأ لفكرة جعلها زوجة حقيقية له ...
وكانت توني غالبا ما تتذكر ذلك المشهد فى بيت جده ... عندما أحس داروس بالاحباط لفكرة الزواج منها باعتبارها الحل الوحيد للمشكلة حيث انفجر غاضبأ وقال"
(بحق السما...ماذا أفعل بامرأة كهذه فى البيت ؟)
والآن يبدو أنه راغب فى الابقاء عليها بقية حياته ، ولكنها الرغبة ، الدافع الذي يتعذر كبته لا متلاكها. لا شك أن هذه الرغبة تشغل اهتمامه الوحيد بها. كانت توني تنظر إليه وهما يتناولان العشاء وتتساءل لماذا أصبح ذهنهأ مرتبكأ على هذا النحو؟ كان يوم عيد فى كريماستي حيث ولدت ماريا. وكان البيت كله مضاء بالشموع .
وكانت توني تعجب من نفسها كيف يسمح داروس بكل هذه البهجة . إن شخصا له مثل طباع جده كان ينبغي أن يكون وثنيأ.
وقال داروس وهو يضحك بدهشة :
"كم هو قليل ذلك الذي يعرفه كل منا عن الآخر يا توني. ولكن من الآن سوف نكتشف بعضنا البعض . أنت مثلأ. إنك تثيرين حيرتي".
وردت عليه بسرعة :
"لكني كنت جذابة الليلة ".
ووافق قائلأ في نبرة ودية :
" إنك جذابة بالتأكيد، قررت منذ فترة بعيدة أنني سأكون سعيدأ جدا معك . منذ تحذيري إليك الذي تجاهلته بدون روية "
واحمر وجهها خجلأ. كان الجو شاعريأ سلميأ. وشعرت توني أنها تأمل لو أن حديثهما لم ينقلب كعادته إلى الشجار.
وقالت توني:
" قلت إنني أثير حيرتك ... ما الذي تقصده بذلك "
وانتظر داروس حتى انصرف خادمه وأغلق الباب ثم قال وهو يبتسم:
"إننى مدين لك بالاعتذار بالنسبة لمسألة تشاريثوس . لماذا لم تنف عنك الاتهام الذي وجهته اليك ؟
وشعرت بشيء يسد حلقها وفاجأت داروس عندما قالت :
"لقد أهنتني مما جعلني أثشعر بالغيظ ولذلك تركتك تفكر أنني لست فاضلة ..."
"أهنتك إنني لا أكاد أصدق أنني تسببت في إهانتك ".
وتمنت لو أنه لا يستعمل الطريقة المتشككة معها. وقالت :
"إنك لا تحب الانكليزيات ، أليس كذلك ؟".
"إنني لا أحبهن أبدأ ".
"ومع ذلك يهمك أن تكون متزوجا من إحداهن ؟ إننا لا نستطيع أن نفسخ الزواج الآن كما تعرف ".
وقال وهو يرمقها بنظرة غريبة في ضوء الشمعة الخافت :
" أعرف بالطبع . وكما قلت لك وجدت أنك فاتنة "
وقاطعته في غضب :
"وهذا يكفي للرجل اليوناني..."
" لست يوناني ..." .
" الا يضايقك ان تكون نصف انكليزي ؟"
وضحك داروس ورفع حاجبيه :
" فات الوقت الذي أغضب فيه بسبب زواج والدتي من انكليزى".
ثم نظر إليها طويلأ وقال :
"ولكن ... لماذا قدم لك هذا الشيك يا توني؟"
وخفق قلبها، لا شك أن قصة الشيك تثير غضبه .
"بعت خاتمي لتشاريثوس ..."
ونظر إلى أصبعها. كانت تضع الخاتم في أصبع يدها اليسرى كخاتم الخطوبة . وسألها:
" بعت خاتمك ؟ ولماذا أراد تشاريثوس أن يشتري خاتمك ... ولماذا رغبت في بيعه ؟"
"لأنني لا أمتلك نقودأ بالطبع ".
ومرت لحظة صمت رهيبة قبل أن يسألها داروس في ذهول : «وهل جعلت تشاريثوس يصدق أنني أمنع عنك المال ؟"
" لم يحدث هذا عن عمد، كنت أعتزم بيع الخاتم لبائع مجوهرات في رودوس ... ولكن تشاريثوس لم يسمح لي
بذلك ".
"لم يسمح لك بذلك ؟"
وتساءل في دهشة:
" إلى أي مدى يفرض عليك سيطرته ؟ "
"لا تسيء فهمي ياداروس ، لا أريد أن نتشاجر".
"انك تتجهين إلى الشجار ، إنك لن تنسي أبدأ... ماذا تقصدين بجعل أحد جيراني يعتقد أني أمنع عنك المال ؟".
" قلت المسألة كانت مجرد صدفة ، رأى بائع المجوهرات خاتمي وعرض علي شراءه ، وكان عرضه مغريأ جدأ، وهكذا خمن تشاريثوس أنني لا أمتلك أموالأ..."
وصمتت فترة ثم استطردت قائلة :
"هذا كل شئ .. عرض تشاريثوس أن يشتريه ... و امل أن أسترده ذات يوم ".
" انك لخسيسة ... باستطاعتي الآن أن أخنقك بيدي... وأستمتع بذلك ... أتشهرين بي في كل أنحاء الجزيرة ، وتجعلين الكل يعتقد أنني أمنع عنك المال ...".
" تشاريثيوس لن يقول كلمة واحدة لأي شخص ... ولماذا يقول ؟".
ورد داروس بعنف :
" والدته أكبر كاشفة للأسرار الشخصية في الجزيرة ".
"ربما عرفت السيدة ليونيتي الآن بالقصة ، ولا شك أنها ستروجها مع إضافة مبالغات كثيرة إليها".
وشعرت توني أن صبرها نفد فقالت :
" لا أعتقد أن السيدة ليونيتي سوف تبالغ في سرد القصة ، إنك تقول ذلك الآن لأنك تشعر بالغضب, أنا متأكدة أن تشاريثوس لم يذكر هذه القصة لوالدته ... وحتى لو قالها لها... فإنها لن تجرؤ على ترويجها أبدأ".
ومرت لحظة صمت ، وكان داروس يتناول طعامه وهو يرمق توني بنظرة أثارت وميضا في عينيها وقال :
"لا بد أن تستردي هذا الخاتم فورأ صباح غد، وإذا فعلت مثل هذه الأمور مرة أخرى سوف أكسر عنقك".
ولم تعد توني تحتمل أكثر من ذلك . فانفجرت غاضبة وقالت : "كل هذه التهديدات بالعنف ! لا تنسى انني تقاتلت مع جدك !".
"ما الذي تقصدينه بأنك تقاتلت معه ؟ وصلت أنا ووالدتي قبل أن تتاح له الفرصة للاعتداءعليك ... انتزعت أنا الخنجر
منه ..."
" إنك لا تعرف كثيرأ عما حدث ... ظللت أتشاجر مع هذا المجنون عشر دقائق كاملة قبل أن تصل ..."
ونسي غضبه وطلب منها أن تروي له كل شي بالتفصيل
روت له توني ما حدث مع جده .
وبدا الندم والأسى على وجهه وقال :
" هل هذا صحيح ؟ ولماذا لم تقولي شيئا. لماذا لم تطلبي شرابأ أو غير ذلك....".
" اطلب؟ كان ينبغي عليك أن تقدم لي شيئأ. كان اهتمامك أنت ووالدتك منصبأ على جدك فقط وعلى كيفية إبعاده عن السجن . ناضلت وناضلت أدافع عن نفسي ولو لم أكون قوية لقتلني فى ثوان بعد أن هاجمني".
ولاحظت توني . أن الوصف الذي أوردته لهذا المشهد مع جده جعله يشعر بالغضب من نفسه ، وبادرها بقوله :
" ان ما قلته مفاجأة كاملة لي يا توني، ظننت أننا وصلنا في اللحظة التي بدأ فيها يهاجمك . لم تكوني قريبة منه عندما كسرت الباب واقتحمت الغرفة ".
وراقبها باهتمام وهي تقول :
"سمعتكما... ورغم ذلك استطعت أن أدفعه بعيدأ على الأريكة على أمل أن تدخلا قبل أن يتمكن من مهاجمتي مرة أخرى".
" ولكن لم يبد عليك أنك كنت في محنة وقتها".
" لم تحاول حتى أن تنظر الي ... وكما قلت كان اهتمامكما منصبأ على جدك ... كانت والدتك تقول له ( لن نسمح لك بالدخول في مشاكل ) ولكنها لم تعبأ بي..."
وسكتت توني وراح داروس ينظر إليها بعينين ضيقتين . وقال : "هل قالت أمي ذلك ..."
"ربما أكون مخطئة ... ولكنها قالت شينأ بهذا المعنى".
"بالانكليزية ! "
"بالطبع ... لا بد أنها قالتها بالأنكليزية "."
"لا بد أنها قالتها بالانكليزية ... بعد أن استنتجت أنك لا تفهمين اليونانية !".
وقبل أسبوع من موعد عودة الأطفال إلى بلدهم ، تلقت توني رسالة من والدتها تحمل أنباء خطيرة ، ومرة أخرى وجدت توني نفسها في موقف يتطلب منها أن ترسل إلى شقيقتها بعض المال .
وقالت لداروس وهي تتناول معه طعام الافطار :
"أصبح ضروريأ لشقيقتي أن تجري عملية جراحية "
وكان الاهتمام باديا على وجه داروس وهو يسأل :
"هل هي خطيرة ؟"
والدتي لم تقل ذلك في رسالتها، ولكن يبدو أنها لا تريد أن تقلقني، يا ترى ما الذي ستفعله بام ؟ الأطفال سيعودون الأسبوع المقبل ".
وترددت توني بعض الوقت في أن تفصح لداروس عن الفكرة التي تدور في رأسها. لقد أصر داروس من قبل على أن تستعيد خاتمها واعطاها بعض النقود لكنها تلقت منه في الوقت نفسه محاضرة ، وتهديدأ، وكانت هادئة جدا وخائفة منذ ذلك الحين ، وأخيرأ تجرأت وقالت :
"أعتقد أنه من الأفضل أن أبقى فى انكلترا فترة من الوقت لأهتم بالأطفال هل توافق "
ورد فى حدة :
"تبقين ... ولكنك لا تقيمين في انكلترا؟"
وكانت توني على وشك ان تقول له إنه لا يستطيع ان يمنعها من ذلك كل ولكنها امسكت عن القول لسببين، الاولى انها تعتمد تماما على امواله ، والثاني انها مدينة له لما قدمه للاطفال من مأكل ، وملبس , ومتعة , .. لقد استمتعوا باجازه رائعة ولم يبخل عليهم بشيء، وقالت توني:
" لإن بام تحتاج المساعدة ياداروس ..."
" ألا تستطيع والدتها ان تبقي الاطفال لديها؟"
كان يقرأ رسالة ولكنه نحاها جانبا ووجه كل اهتمامه إلى توني!
" أتوقع انها تستطيع ذكرت لي فى رسالتها ان الامر يستوجب ذلك "
ولكن توني اوضحت لزوجها وضع والديها التجاري، وكيف انه يتعين عليهما ان يكرسا كل وقتهما للمتجر ليوفرا اجر المساعد. وانه على والدتها ان تاخذ الأطفال معها في بيتها بسبب بعد بيت بام ... إلا ان هذا التنظيم قد يسبب ايضا بعض المتاعب لان الامر يستلزم نقل الاطفال إلى مدينة اخرى كما ان بيت
والدتها فيه غرفتا نوم فقط ......
منتديات ليلاس
|