قد توهـب السطور ما لا توهبه الحياة
وقد تبدي الكلمة المكتوبة مكنـون النفس وترسم تشكيـل الحـس
نعم إنها حقيقية لا ينكرهـا سامع ولا يخفيها عالم
حينما تمسك بالقلم تتصارع فيك قـوى مشاعرك أي قوة تحركـه؟!
أي قـوة تمنح المرونة مـداده وتصهر جامـد مادته؟!
أي قوة تغلب على النفـس وتنهكها وتنزفها حروفـها وكلماتها؟!
أي مشاعـر تثـور لها دماؤك وتهتـز لها غصـون حياتك ويسكـن عنـدها ضعف الإنسانية؟!
حينما تمسك بالقلم فإنك تـوهب لساناً جريئاً فصيحاً عقلاً مفكراً
هو عقلك وقلباً خافقاً هو قلبك ودماً جائلاً هو دمك ونفـساً تصيب وتخطئ
هي نفسك فإنك توهـبه كل ما يجسده لتشكله إنساناً كامـلاً يحمل اتجاهاتك
ونوازعك وميولك وثغراتك يحمل منك السطـح والمضـمون ويكاد يحمل
أصلك لتكون أنت معه الصورة
حينما تمسك بالقلم إنما يمسك بك آسرك فلا تتـركه حتى يتركك هو
وقد أجلى جوهرك وأخلى لوحـة نفسك من خطـوط متعـرجة ضاقـت بها
خطوطك المستقـيمة فأضفى من نور الحقيقة على ملخص ما بداخلك على
عقـب ما أثر فيك ودفعك إليـه كما المستغيث موضحاً فطرتك وخصالك
الأصلية عن غيـر ترتيب أو قصد منك ولا يعني ذلك أن القلم يسلبك إرادتك
ويفقـدك وعـيك لكن الحقيقة أنك بدافـع من إرادتك وبكامل وعيك تجـسده
شخصاً من ذاتك ليعبـر عنـها وينقلها في صدق وشفافية ويسجـل بخطوطـه الزاهيـة طبعك
وانطباعك في الحياة مهما اقتصرت كلماتك على موضوع ما أثاره انفعال
ما فإنه وإن كتب كلمة يحملها في زوايا حروفها اتجاهات ذاتك وإن رسم
خطـاً يحمله في امتداده انحناءات شخصيتك
القلم شريـان حيـاة نابـض بكيـان من أمسك بـه حاملاً أمانـة التبليـغ
وصـادق في أدائها إنما للقلم حيــاة