كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عيدكم مبارك جميعا وكل عام وأنتم بألف خير وتقبل الله طاعتكم
يا الله قربوا نعطيكم العيديات :)
نهار مبارك يارب وغمر الله قلوبكم الطاهرة بالرحمة بالسعادة
.
الجزء القادم لا أعلم كتى بالتحديد سأعلن عنه فور عودتي من سفري
وسيكون في أحد أيامنا المعتادة نفس الوقت..
.
الآن الجزء 61
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والستون
يقف أمام باب مجلس الحريم المطل على الحوش..
يعرف هذا البيت جيدا.. فهو من بناه.. ويحفظ كل تفاصيله..
التي حاول تناسيها منذ علم أنها سكنت قريبا منه..
طوال الأشهر الستة الماضية وهو يحاول تجاهل حقيقة سكناها بجواره..
حتى حين يخرج من بيته يدور للجهة الأخرى لم يعبر ولو لمرة واحدة من أمام بيتهم مباشرة
خوفا أن يلمحها خارجة في سيارة مغيمة بالسواد..
حتى الجد جابر.. غالبا هو من يأتي لمجلس زايد لأنه يشعر بالضيق من الجلوس في البيت
فيمر كل يوم بعد عودته من صلاة العصر.. ويبقى حتى يذهب لصلاة المغرب..
ثم يعود لبيته..
لذا لم يضطر أن يضغط على أعصابه.. وهو يتجاهل وجودها قريبة هكذا..
ومع ذلك في أحيان كثيرة كان يقول لنفسه ليلا وهو يستعد للنوم
"هل لو أرهفت السمع قليلا سأسمع صوتها يعبر الحوائط؟؟"
كان وجودها جواره رغم كل محاولات التجاهل متعب إلى حد كبير لمشاعره وذكرياته..
فهو يؤمن أنه لم يبق لسواه سوى الذكريات!!
هذه المرة لم يضع مطلقا في باله أي احتمال أنه سيراها...
فهو اتصل بكاسرة مباشرة حتى تكون من تفتح له الباب..
لذا حين فُتح الباب.. دخل بثقة وعفوية.. وهو يسلم بنبرته الواثقة الفخمة..
ليجد أن من فتحت له الباب سيدة متشحة تماما بالسواد ومعها خادمة كانت تضع صواني القهوة والشاي على الطاولة وتقف عندها..
عــــــرفــهـــا..!!
عـــــــــــــرفــــــــهــــا!!
وعرف من هي... وآه من هذه المعرفة ما أقساها!!
أي كارثة.. مصيبة.. فاجعة.. كاسحة.. كل مسميات الصدمة للصدمة هذه لم تخطر له ببال!!
"لماذا ترتكبين هذه الجريمة في حق عمكِ يا كاسرة؟؟
أأتي لأصلح بينك وبين زوجكِ
فيكون جزائي أن تذبحيني؟؟
المرة الماضية لم أستطع احتمال رؤية طرف أناملها
فكيف وهي تقف أمامي هكذا؟؟؟ كيف؟؟"
لم ينظر مطلقا ناحيتها وهو يختار له أقرب مقعد للباب ويجلس عليه.. وهو يغلف كل مشاعره -التي احترقت فجأة- بالبرود قدر ما استطاع..
ولكنها لم ترحمه وهي ترد السلام بصوتها الرخيم..
ثم تهتف باحترام جزيل: حياك الله يا أبوكساب..
بنتك بتجيك الحين.. والله لا يقصر خطوتك ويكبر قدرك مثل ماكبرت قدرها..
حينها كاد يقسم أنه انتفض بعنف قارص وهو يشعر بلسعة باردة حادة كسهم مسموم اخترقت أذنه من ناحية لتخرج من الناحية الأخرى..
لم يكن يريد أن يسمع صوتها مطلقا.. كان يخشى من تأثير الصوت عليه
أما أن يقلب مواجعه أو ينسفها..!!!
فإذا به يقلبها كإعصار هائج..مجنون لا يرحم من يعبر عليه!!
مازال الصوت هو نفسه كما سكن في روحه..
هو نفسه .. نفس البحة الناعمة ولكن..أكثر نضجا وعمقا وهدوءا وأنوثة..إلى درجة تثير الصداع..
ولكنه بات خاليا من روح تمردها المتعجلة على الدوام التي كانت تأسره وتغيظه في ذات الوقت..
لتسكنه روح عمق مختلفة مسكونة بأنوثة لم تُخلق إلا لها وحدها..
أنهت عبارتها وخرجت.. لتتركه مبعثرا خلفها.. لم يستطع حتى أن يرد على ترحيبها..
بل وصف (التبعثر) لا يمكن أن يرتقي ليصف حالته أبدا..
هل يُقال حين تتفجر الروح إلى أشلاء لا عدد لها.. مجرد تبعثر؟!!
هل يُقال حين تقتحمك كل ذكرياتك الأثيرة بقوة آلاف القنابل النووية.. مجرد تبعثر؟!!!
هل يُقال حين ترى كل أحلامك تتضاءل وتتقزم أمام مجرد همسات.. مجرد تبعثر؟!!
إن كان يصح أن يُقال ذلك عن حاله ويوصف ذلك بالتبعثر..
فهو إذن تبعثر ملايين المرات ودون توقف!!!!
" ألوم الولد الصغير على اندفاعه
وأنا الشيبة القاضي ماني بقادر أتحكم في انفعالي؟!!
أشلون شكلي قدامها
وأنا حتى ماتحفيتها ولا سألتها لو كاسرة قالت لها شيء مثل ماهو مفترض؟؟
ليتني ماجيت..
ليتني ماجيت..!!!"
بعد أقل من دقيقة عادت مرة أخرى.. لتصدمه صدمة أشد من الأولى..
فهو توقع أنها انجزت مهمتها في ذبحه.. فلماذا عادت إذن؟؟
"لماذا عادت؟؟ لماذا؟؟
أ لم يكفها مافعلته بي؟؟
ماعاد بي شيء يحتمل وجودها أبدا!!"
كاسرة دخلت خلفها.. وهي تتجه لزايد لتقبل رأسه ثم تجلس جواره وهي تهمس باحترام:
أمي من كثر ماهي زعلانة عشان كساب تبي تقعد تساعدك عليّ..
حينها كانت مزنة تتوجه لتجلس في الناحية الأخرى..
زايد شعر بالفعل أن ريقه جاف.. وأن الكلمات كلها هربت منه..
كره لأبعد حد أن يكون هو.. زايد المتحكم المسيطر في هذا الموقف... موقف الضعف..الذي لا يليق به أبدا!!
شد له نفسا عميقا وهو يستعيد سيطرته على الموقف!!
فهذا نتاج فترة متطاولة من التدرب على التحكم في أعصابه في أقسى المواقف وأعقدها..
ليهتف بحزم السيطرة على الأمور : زين يأبيش دام حتى أمش مهيب راضية على سواتش
منتي بمكبرة قدري وقدرها وترجعين لبيتش..
ولو كساب مضايقش بشيء أنا بأخذ لش حقش منه.. أنتي تعرفين غلاش..
وتدرين أكثر أني وش كثر أوصي كساب عليش..
بس مايصير يأبيش الرجّال طلع وأنتي في البيت يرجع ما يلقاش..
همست حينها كاسرة بحزم مخلوط باحترامها العظيم لزايد:
قدرك أنت وأمي على رأسي.. بس ماظنتي إنه يرضيك أنه قدرك وقدرها يغصبني على حياة ما أبيها..؟!!
حينها تكلمت مزنة بثقتها البالغة الراقية: زين الحين أنا وعمش موجودين
أنتي بنتي وهو أبيه..
قولي لنا السبب..
ما يصير يأمش تهدمين حياتش كذا وماتبين حد يتدخل..
كساب ماشفنا عليه شيء يحدش تطلعين من بيتش..
ودامش ماتبين تكلمين.. فالحق الحين عليش مهوب عليه...
شعر زايد بصداع فعلي يمزق دماغه بمطارق لا ترحم
"هل هذه تتكلم أم تغرد؟؟
كيف أحل المشكلة وأنا عاجز عن التركيز هكذا؟؟"
كاسرة بذات الحزم الرافض لإعطاء مبررات: يمه اسمعيني أنتي وعمي
أحيانا ترا ما يكون فيه سبب ينقال..
صدقوني أنا وكساب مابيينا مشكلة فعلية
بس ماصار بيننا توافق.. ليش تبون تغصبوني أو حتى تغصبونه؟؟
ماتدرون يمكن لا رجع من السفر تلاقونه مستانس أني أنا فكيته من شري..
حينها هتف زايد بحزم وهو مازال يتجاهل النظر بكل قوته لبقعة الضوء والتشتيت الجالسة في الطرف الآخر أمامه..
لا يعلم كيف يستطيع التوفيق بين كلام مهم يجب أن يقوله.. وإحساس قاهر بانعدام التركيز يتجمع في المكان:
زين يأبيش ليش تسلبينه حقه إنه يعبر عن رأيه..
دام تقولين مابينكم مشكلة.. ارجعي لبيتش.. ماراح أقول الحين
بس لا رجع من سفره يلقاش قدامه مثل ماكنتي وراه يوم سافر..
تفاهمي أنت وإياه وتأكدي أني معش طول الطريق..
بس لا تخلين العزة بالأثم تأخذش..
كان زايد يتكلم ويتكلم ويتكلم بطريقته الخاصة البالغة الحزم والفخامة
بينما مزنة تنظر له من خلف فتحات نقابها الشديدة الضيق
بالكاد تظهر رفات رموشها التي لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها وهو يتجاهل النظر لها..
فيكفيه مافعله به صوتها.. لن يحتمل رؤية (زولها) حتى!!
كانت تنظر له وتبتسم رغم حساسية الموقف..
فهذه هي المرة الأولى التي تراه يتكلم بعد ثلاثين عاما!!
حتى المرة الماضية حين جاء لأخذ كاسرة كانت هي معتصمة بالباب
هو لم يرفع صوته بالسلام وكل حواره كان مع كاسرة..
وسبب رغبتها بالإبتسام.. أنها ترى أمامها كم تغير.. تغير جذري شكلا ومضمونا.. حتى أسلوبه في الكلام تغير 180 درجة..
فأين زايد الهجومي الحاد غير اللبق.. من هذا الفخم الأنيق والواثق الذي تشعر بروح سيطرته تحيط المكان بإحكام من حوله..؟؟
كإحساس..زايد الآن كما كان قبل ثلاثين عاما.. مجرد جار وابن جماعتها تربطها به المودة العامة.. ولم تحمل له أبدا مشاعر خاصة..
كانت وهي مراهقة تشعر بالغيظ منه.. ولم توافق على الزواج منه لأنها شعرت أنه يريد فرض سيطرة عليها هي ترفضها..
بعد ذلك تحولت المشاعر لمشاعر احترام عميق وهي ترى تواصله مع والدها
ولا تأخذه أبدا مشاغله المتزايدة عن وصله وخصوصا مع معرفتها بمحبة والدها له
ولكنها وهي تراه الآن لا تنكر أنه يستحق فعلا مشاعر الإعجاب التي يثيرها في الجميع..
فهي كانت سابقا تستغرب كيف استطاع زايد المتهور العنيد طويل اللسان أن يحقق كل هذه النجاحات..!!
الآن.. آن لها ألا تستغرب أن من له هذه الطريقة المقنعة المبهرة في الكلام لابد أن ينجح..
لا تعلم كيف إن ابنتها مازالت لم تقتنع حتى الآن..
رغم أن في ابنتها كثير من عنادها ولكن السنوات هذبتها ومنحتها الحكمة..
ولو كانت هي في موقع ابنتها من تستمع لزايد لكانت تعود معه لبيتها الآن..
زايد تعب فعلا من محاولة إقناع كاسرة التي كانت مصرة تماما على موقفها
حينها وقف وهو يهتف بحزم: تعبتيني يأبيش وماهقيت إني مالي خاطر عندش كذا
كاسرة همست بجزع حقيقي وهي تقبل رأسه: محشوم فديتك.. بس ظني إنك صرت أكثر واحد يعرفني في ذاك البيت
وماظنتي يرضيك أكسر نفسي عشان أرضيك..
زايد قبل جبينها وهو يهتف لها بمودة عميقة: أنا رايح يأبيش عمرة الليلة
وبأدعي لكم ربي يصلح بينكم
بس طلبي مني شي واحد..
لا جا كساب يبي يكلمش.. لا تصدينه.. طالبش يأبيش تقعدين معه وتتفاهمون...
حينها همست كاسرة في داخلها بألم: (لا تخاف مهوب جاي.. أصلا هو يبيها من الله..)
ولكنها أجابته بمودة: أنت تأمر.. والله لا ياتي لأقعد معه ونتكلم..
بس لا تهقا أني رديتك وأني بأرجع معه.. قدرك أكبر عندي من كل قدر..
زايد غادر وهو يشعر أنه يريد أن يهرب فعلا.. يشعر ن جسمه خلا من الطاقة تماما..قدماه بالكاد حملتاه للخارج..
يبدو أنه سيحتاج بالفعل إلى الذهاب للعمرة مع ابنه التي جاءت في وقتها لتبرد بسكينتها جروح قلبه التي انفتحت على اتساعها
ليُذر عليها كل ملح العالم!!
كان يعلم أنه يستطيع أن يضغط على كاسرة أكثر من ذلك لو استخدم كل ذكائه وقدرته على الإقناع..
ولكن هذا هو كل ما استطاعه حتى لا يبدو بمظهر مزري أمامها..
يا الله لماذا جاءت مع ابنتها لماذا؟؟
ماذا استفاد غير اشتعال الحرقة والمرارة في جوفه.. وفشله في الوساطة التي جاء لها..؟؟
لو أنه على الأقل نجح في وساطته كان سيقول أن حرقته المتزايدة التي تكوي جوفه جاءت بنتيجة..
لا يعلم كيف مازال لها كل هذا التأثير الأسطوري في ذاكرته رغم مرور كل السنوات؟؟
كيف لم يخفت تأثير وجودها في المكان كما لو أنها شمس تحرق كل ماحولها..؟؟
تماما كما كان يشعر بها وهو يراها تعبر الطريق أو تقف أمام الباب وهي صغيرة..
ليجد كل شيء حولها بهت.. تماما كما الشمس تُبهت ماحولها!!
"يبدو أن مزنة ستبقى حسرة مرة في قلبي حتى أموت!!!"
خلفه كانت مزنة تهمس بغضب وهي تخلع عباءتها وتجلس: أنتي مافي وجهش سحا
حتى جية عمش مالها قيمة عندش..
ماحتى كبرتي قدره وهو جايش عاني لين مكانش..؟؟
حينها استغربت مزنة وقلبها يتهاوى وهي ترى كاسرة جلست جوارها
لتحتضن خصرها وهي تضع رأسها على كتفها وتهمس بحزن:
بس يمه طالبتش.. بس.. حرام عليكم كل واحد يضغط علي من ناحية..
أنا بروحي تعبانة وماحد راضي يرحمني..
مزنة احتضنتها وقلبها كما لو كان سيتمزق ألما من أجل ابنتها وهي تهمس بحنان:
يأمش نبي مصلحتش.. كساب والله العظيم مافيه مثله.. أنا أعرفه زين يأمش
يعني ما أظنه شين لدرجة أنش ماتطيقين تعيشين معه..
ولو فيه طبايع ماتعجبش.. المرة تقدر تغير رجّالها بصبرها عليه..
ولو أنتي ماتحبينه...
ترا الحياة الزوجية تستمر بالمودة حتى لو ماكان فيها حب بمفهومكم يا الشباب..!!
حينها تدفقت كاسرة بألم وهي تشدد احتضانها لخصر أمها ودفنها لوجهها في ثنايا صدرها:
كساب مهوب شين.. أدري.. والله العظيم مهوب شين..
أما على الحب؟؟
أنا مهوب بس أحبه.. أنا أموت فيه ومن أقصاي
ولو فيه شيء فوق كذا فهو حبي له.. ارتحتي يمه!!
بس يمه ما ابي أعيش معه.. ما أبي..
تكفين يمه.. كفاية تسوين علي حصار..
انا بروحي متضايقة حدي إنه عمي زايد طلع زعلان..
مزنة صمتت وهي تمسد شعر كاسرة بأناملها..
ورأس كاسرة يرتخي على كتف أمها وهي تمنع نفسها ان تبكي.. رغم حاجتها الماسة لذلك..
ومزنة تقرر أن تتوقف تماما عن الإلحاح على كاسرة.. حتى حين..!!
فهي لم تتوقع أبدا أن كاسرة قد تعبر عن حبها له بهذه الطريقة ثم تقرر تركه..
هناك شيء قد لا تفيد فيه الوساطات..
شيء بينهما ولن يحله سواهما!!
ولكن مع ذلك مزنة ستنتظر عودة كساب قبل أن تنزل معه بكل ثقلها..
فهذا الشاب أصبح قريبا جدا من روحها..
وهي تعوض فيه كثيرا من مشاعرها التي كانت لمهاب..ويسد فراغا ما في حياتها..
فهو بعيدا عن كونه زوج ابنتها..كان كثيرا ما يزورها هي..
وبينهما تفاهم كبير رائع...
تراه أكثر من مذهل.. ويعجز أيا كان على عدم الإعجاب بشخصيته ورجولته ولباقة حديثه وإتساع أفقه..
فلماذا ابنتها عاجزة عن رؤية كل هذه المزايا.. لماذا؟؟
************************************
عاد للبيت بعد صلاة العصر.. بعد أن تغدى في بيت أهله..
لم يصعد للأعلى..
ولكنه يشعر أن البيت ساكن تماما.. حتى ابناه لم يراهما اليوم..
نادى إحدى الخادمات وسألها عن نجلا والأولاد..
فأجابته أنهم ذهبوا جميعا مع سميرة حوالي الساعة الثانية والنصف..
استغرب..سميرة تأخذهم بعد عملها وتذهب أين..
وكيف تخرج نجلا بدون أذنه.. يعلم أنها حتى لو كانت غاضبة فيستحيل أن تذهب دون أن تستأذن لو حتى برسالة هاتفية..
أ يعقل أنها عادت لبيت أهلها؟؟
اتصل بنجلا ولم ترد.. واتصل مرة أخرى لترد عليه سميرة.. سلم باحترام ثم سألها عن نجلا..
سميرة همست بتردد: نجلا تعبانة شوي وجبتها المستشفى الأهلي عشان يسوون لها فحوص شاملة..
حينها تفجر قلق صالح: أشلون تعبانة والبارحة مافيها شيء؟؟؟
ووش ذا التعب اللي يستلزم فحوص شاملة؟؟
تدرين... خلاص أنا جايكم الحين؟؟
لم يستغرق سوى عشرين دقيقة ليكون واقفا بجوار سميرة.. التي شعرت بالحرج من وقوفها مع صالح في الممر.. بعد أن اتصل بها لتواجهه خارجا..
حتى يعلم منها ما الذي حدث قبل أن يرى نجلاء
كان صالح يتفجر قلقا حقيقيا وهو يسأل بأنفاس مقطوعة:
نجلا وش فيها؟؟
سميرة شرحت له باختصار ودون تعمق عن حالة نجلا..
ليجيب حينها بغضب متفجر: وليش ماقالت لي أنا يوم إنها صار لها كم شهر وهي تعبانة؟؟
سميرة أجابته بحرج: إسأل روحك يابو خالد.. أنت اللي عايش معها المفروض إن التغيرات ذي ما تمر عليك..
والحين دامك جيت.. اسمح لي بأكلم رجالي وأروح..
نجلا داخل في الغرفة هذي وأنا اسمح لي..
سميرة غادرت بالفعل لصالة انتظار أخرى حتى تهاتف تميم ليحضر لأخذها فهي لا تستطيع البقاء مع صالح..
بينما صالح لم يستطع صبرا وهو يطرق الباب ويدخل..
حين دخل كانت تتمدد على السرير وعليها لباس المستشفى وعباءتها جوارها..
ويسحبون منها عدة زجاجات من الدم..
بعد أن أصرت سميرة أنها لابد أن تبقى الليلة في المستشفى حتى ينتهون من نتائج الفحوص..
نجلا حين رأت صالحا.. رغما عنها تغرغرت عيناها بالدموع..
صالح دار من الناحية الأخرى بعيدا عن الممرضة.. ليشد على كف نجلا بقوة وهو يهتف بعمق: أفا يام خالد.. ترا مافيش إلا العافية
لا توسوسين بشيء الوسوسة من عمل الشيطان..
نجلاء حينها بدأت تبكي: بس أنا ما أسوس.. والله العظيم ما أوسوس..
لا تقول إنك ما لاحظت أشلون أنا متنت مع أني ذبحت روحي ريجيم
لا تقول إنك مالاحظت أشلون مزاجي على طول متعكر وأقل شيء يضايقني..
أما عاد اللي ماقلته لك إنه حتى دورتي الشهرية مختبصة مرة وحدة..
وعقب ذا كله تقول لي لا توسوسين..
صالح شد على كفها بقوة أكبر وهو يذوب لها حنانا: حتى ولو.. هذي كلها أعراض اختلال في الغدة
بس يعطونش علاج ينظم عملها بتكونين زينة.. السالفة بسيطة لا تكبرينها يالغالية..
نجلا أجابت بحزن عميق: خير إن شاء الله خير..
*************************************
ركبت جواره وهي تشير بالسلام.. أشار لها بالسلام ردا عليها
ثم أشار: شأخبار أختش؟؟
أشارت بقلق: مابعد طلعت نتائج الفحوص..
ثم أشارت بتردد: تميم أبي أروح لبيت هلي عشان عيال نجلا.. أمي ماتقدر عليهم كلهم.. ونجلا يمكن تمسي في المستشفى..
لا ينكر أنه شعر بضيق عميق.. فهي نادرا جدا ما باتت عند أهلها..
وهو اعتاد على وجودها لأبعد حد.. لا يتخيل أنه قد يبات الليلة دون إحساسه بعذوبتها تحيط المكان..
ومع ذلك هز رأسه موافقا..
وهو يتجه لبيت أهلها..
حين وقفا في باحة البيت.. كانت تستعد للنزول حين شد على كفها..
انتفضت وهي تنظر له وتشير بيد واحدة: تبي شي؟؟
شد على كفها بقوة أكبر ثم أفلتها وهي يشير ببساطة مهمومة: لا..
سميرة لا تنكر تصاعد دقات قلبها لأبعد حد..
تصرفاته باتت توترها كثيرا لدرجة القلق وهي تشعرها بالتحفز لعجزها عن فهمه..
كانت تشعر أنه يريد أن يقول شيئا ولكنها لم تمنحه الفرصة وهي تنسحب هاربة..
حين دخلت لداخل البيت وصلت رسالة لهاتفها.. كانت منه:
" يعني عشان اسمك على القلب منحوت
معاد تسأل صاحبك كيف حاله؟؟ "
سميرة ألقت الهاتف على الاريكة كما لو كان سيلسع يدها..
ثم جلست بعيدا عن الهاتف كما لو كان الهاتف وحشا مرعبا وهي تضع كفها على قلبها لتهدئ دقاته:
أنا أقول الرجّال استخف رسمي..مافيه شك..
بروحي كنت أسخن يوم أقرأ مسجات صويلح لنجول..
أشلون الحين والمسج لي!!
يمه يمه يمه.. حرمت أفتح مسجات منه....
**********************************
" خوش وقت يروحون فيه علي وزايد للعمرة
عشان نكسبش عندنا"
مزون تلبس زايد الصغير وهي تجلس على الناحية الأخرى من السرير وهي تبتسم:
إيه تبون تشغلوني خدامة عند زايد الصغير.. ألبس وأغسل..
عفراء بابتسامة أمومية: يا النصابة.. توش متهادة مع جميلة من فيكم اللي تبدل ملابسه وأنتي اللي فزت..
مزون تضحك: أنا فزت لأن جمول أصلا ماصدقت تشوفني تبي تتسبح..
خبرش الدلوعة لو ما تنقعت في الماي المعطر على الأقل نص ساعة.. بتجيها حساسية..
وبعدين أنا فزت المرة اللي فاتت.. ذا المرة المفروض مرتها.. والأخت صار لها أكثر من ساعة فوق..
عفراء بحنان موجوع: زين مزونتي روحي طلي عليها.. ترا حالها مهوب عاجبني..
وحاسة إنها داسة عني ضيقتها..
يعني من عقب حالتها الهستيرية يوم طلقها خليفة سكتت مرة وحدة عقب ماولدت..
أنا دارية إنها كاتمة في نفسها عشان ما تضايقني.. تكفين خليها تفضفض لش شوي.. مهوب زين تكتم في نفسها..
مزون تضع زايد الصغير بين يدي خالتها لترضعه وهي تقبل رأسها وتهمس بمودة عميقة: حاضرين يالغالية.. ولا تحاتينها..
مزون طرقت الباب بخفة.. ودخلت لتجد جميلة مرتبكة.. تنهض عن السرير وهي تحاول إخفاء وجهها ومازال روب الحمام عليها..
وهي تهمس بصوت محتنق: دقايق مزون بس أستشور شعري وألبس ملابسي وأنزل لكم الحين..
مزون تقدمت منها وهي تشدها لتجلس معها على السرير وتهمس بحنان:
أدري أنش كنتي تبكين.. مافيه داعي تدسين.. شوفي وجهش وعيونش بس..
حينها دفنت جميلة وجهها في كتف مزون لتنتحب بوجع عميق: بأموت يامزون بأموت..
ماهقيت خليفة يسوي فيني كذا.. ماهقيت أني ممكن أهون عليه كذا..!!
مزون بحزن: ياقلبي ياجميلة أنتي اللي حديتيه يسوي كذا..
جميلة بين شهقاتها: لا ماحديته... أنا عطيته الخيار.. وهو ماصدق يخلص مني..
أنا كنت أقول له كذا وأنا بأموت من الرعب إنه صدق يبيعني..
بس مابغيت أعيش حياتي معه وأنا حاسة إني خيار هو مجبور عليه.. حدته عليه الشهامة وأني بنت عمه المريضة..
بغيته يختارني الحين بكامل اقتناعه.. بس هو ماصدق.. ماصدق.. قال جاته من الله..باعني وبرخيص..
حينها همست لها مزون بنبرة تهدئة: زين دامش تقولين إنه بايعش.. خلاص ليش تبكين عليه كذا؟؟
جميلة مازالت تنتحب: هذي عشرة طويلة.. ثمان شهور وهو مستحملني ومستحمل غثاي.. تعودت عليه فوق ما تتخيلين..
وهو يا مزون.. طيب وحنون فوق ما تتخيلين..
تمنيت لو أقدر أرد له شوي من جميله علي.. قلت لا اختارني بإرادته والله لأخليه أسعد رجّال في العالم..
بس.. بس...
مزون ترفع وجهها وتمسحه بحنان ثم تهمس بحزم رقيق: بس يا قلبي لا تبكين
الوجه الحلو هذا ما انخلق عشان يبكي..
أصلا أنا محتاجتش تروحين معي ننقي شبكة علي ودبلته..وشوي هدايا لمرته..
تدرين الملكة صارت وحن مشغولين مع خالتي في المستشفى..
الليلة نروح للأماكن القريب.. وبكرة الصبح من بدري نكمل..
ونروح لهم في الليل بكرة..
جميلة تمسح وجهها: ماعليه مزون اسمحي لي ما أقدر أخلي أمي حايسة مع زايد..
مزون تبتسم: فديت حس المسئولية ياناس.. لا تحاتين أمش عندها بدل الخدامة أربع..
أنا اللي محتاجتش الحين!!
***************************************
القلق يلتهم روحه.. وهما ينزلان للأسفل بعد أن أصرت الدكتورة ..
أنه لابد أن تعمل نجلاء تلفزيون..
بينما قلق أشد سوداوية ومرارة يلتهم روح نجلا.. هل تكون مصابة بشيء في الرحم تريد أن تتأكد منه الطبيبة؟؟
نجلا طوال نزولهما للاسفل ويدها ترتعش بعنف في يد صالح التي تشد عليها بقوة وهي تكثر من الدعاء وقراءة القرآن..
وصالح يطمئنها إنه لا داعي للقلق.. رغم أنه يكاد يموت قلقا..بل يكاد ينتهي من شدة احتكام قلقه.. وهو يحاول إبعاد الأفكار المؤذية عن باله..
أ يعقل أن تكون مريضة وهو طوال الأشهر الماضية كان يحرق أعصابها؟؟
حتى لو لم تكن مريضة كما يدعو ويتمنى
فهي كانت تعاني لوحدها من هواجسها دون أن يشاركها سوى بالصراخ عليها وتأنيبها في كل وقت..
يا الله كم هو نادم على كل هذه الشهور التي جعلها تعاني بسببه دون أن يخفف عنها..!!
شد على يدها أكثر وهما يقتربان.. ويكثر الدعاء في قلبه..
وهو يشعر بندم عميق يُغرق روحه على كل دقيقة سمح لنفسه فيها أن يجرح مشاعرها!!
حين وصلا.. وتمددت نجلاء على السرير..
شجاعة صالح كلها ذهبت وهو عاجز عن تقبل الفجيعة إن حدثت..
هتف لنجلا بحنان عميق: أنتظر برا؟؟
شدت نجلا على يده بقوة وهي تهمس بجزع: لا لا.. تكفى لا تخليني..
الطبيبة جلست من الناحية الأخرى وتبتسم وهي ترى علائم الرعب والتوجس على وجهيهما..
الطبيبة مررت الجهاز على بطن نجلاء من الأسفل.. بينما وجهيهما يزدادن امتقاعا..وهما ينظران للشاشة الضخمة أمامهما..
الطبيبة رفعت درجة الصوت من الجهاز ليسمعا بما أن الصورة لم تظهر بعد..
صالح هتف بجزع: وش ذا الصوت..؟؟
مع أنه سبق أن سمعه ولكن شدة جزعه وخوفه على نجلاء ألغى كل التركيز من مخيلته..
بينما نجلا اختنقت تماما وغامت عينيها وهي تشعر بانهيار حقيقي موجع
وهي تتعرف فورا على الصوت..
لتظهر الصورة حينها واضحة على الجهاز..
ليصرخ صالح بصدمة كاسحة: جنين..؟؟؟
ابتسمت الطبيبة: ليه ماسمعت دقات قلبه؟؟...وشوفت عينك قربت كل أعضاءه تكتمل.. شوف رأسه وايديه ورجليه..
أنا بس حبيت أعرف المدام أي شهر.. لأن الدم ماوقف معها فهي مش عارفة الحمل بالتحديد كان متى..
لكن على الجهاز مبين.. المدام دخلت الشهر الخامس قبل يومين.. والجنين سليم الحمدلله..
والمدام كمان سليمة وكل تحاليلها ممتازة.. وحالة استمرار نزول دم بعد الحمل طبيعية مادامت لا تتجاوز الحد..
نجلاء أدارت وجهها ناحية صالح وهي تدفن وجهها في عنقه وتنتحب بصوت مسموع
حينها وقفت الدكتورة لتغادر وهي تشد الستارة عليهما..
ليزداد نحيب نجلاء ارتفاعا.. صالح ضمها بكل حنان وهو يهمس بتأثر عميق:
الحين ليه تبكين يا الخبلة.. هذا أنتي سليمة وحامل بعد..
شددت احتضانها لعنقه ونحيبها يزداد ألما وهي تهمس باختناق: مبسوطة يا صالح مبسوطة..
صالح هتف بألم السعادة الحقيقية: أجل لو زعلانة وش بتسوين؟؟
هذا أنتي اختصرتي أربع شهور من الحمل يعني شهور الوحم..
عشان ماتصدعيني وتقولين مشتهية لبن العصفور وإلا ما أدري ويش..
***************************************
عاد إلى غرفته الليلة في وقت مبكر لأنه كان لديه عدة رسائل إلكترونية مهمة لابد أن يرسلها قبل الغد..
لم يجدها في الغرفة.. ولكنه وجد الغرفة مرتبة بعناية بالغة.. وتفوح برائحة عطرة مميزة..
ثم حين فتح الخزائن وجد ملابسه كلها قد اُعيد ترتيبها بدقة أكثر عناية وتفوح منها رائحة عود ثمين مركز..
مطلقا لا يمكن أن يجد على جوزا أي ممسك من هذه الناحية.. فهي طيلة الأشهر الستة الماضية كانت تبالغ في اهتمامها بكل هذه التفاصيل..
ولكن لا يعلم لماذا شعر اليوم أن هذا الاهتمام ليس عفويا بل متقصدا حتى يلاحظه.. وهاهو لاحظه.. فماهي خطوتها التالية؟؟
كان مستغرقا في العمل على حاسوبه حين دخلت وهي تحمل حسن النائم على ذراعيها..
حينها قفز بجزع حقيقي.. وهو يلقي الحاسوب دون تفكير لا يعلم أين ألقاه..
ليتناول حسن منها وهو يهتف بغضب مكتوم:
أنتي صاحية؟؟ الولد ثقيل.. وأنتي توش في الشهر الثاني وطالعة من المستشفى وهم معطينش إبر تثبيت..
تبين تسقطين أنتي وإلا وش تبين؟؟
حينها أجابت بألم عميق: يهمك يعني؟؟
عبدالله باستنكار وهو مازال يحمل حسن: نعم؟؟
جوزاء تجاوزته وهي تهمس بذات الألم العميق: تدري إنك حتى ماقلت لي مبروك على حملي؟؟
عبدالله بذات نبرة الاستنكار: نعم؟؟
حينها همست بسكون: ممكن لو سمحت تحط حسن على سريره عشان ألبسه بيجامته.. نام بدون مايقول لي إنه بينام..
عبدالله توجه لغرفة حسن ليضعه على السرير وجوزا وقتها كانت تستخرج لها ملابس داخلية وبيجامة حتى تستبدل ملابسه..
وضعتها على السرير ثم توجهت للحمام لتحضر بعض الماء الدافئ في إناء وفوطة صغيرة لتمسح جسد حسن بما أنه نام قبل أن تحممه
كان عبدالله يراقبها وهي تقوم بعملها بكل دقة وتفاني.. حين وصلت لإلباسه ملابسه.. شدها عبدالله وهو يهتف بحزم:
خلاص أنا بألبسه كفاية عليش ذا كله وأنتي مدنقة..
جوزا بجزع عفوي: لا والله ماتلبسه وأنا قاعدة صافة يدي..
عبدالله بحزم: بس جوزا اقعدي خلاص..
جوزا لم تجلس لكنها انسحبت بإرهاقها وعادت لغرفتها بينما عبدالله أكمل إلباس حسن الغارق في نومه
وهو يحركه بخفة ثم يتولى هو مسئولية تحصينه بالأذكار..
ليعود بعد ذلك لجوزا التي كانت تستحم في الحمام..
عاود تناول حاسوبه.. ليكمل عمله المبتور..
حينها خرجت وهي تلتف بروبها وتسأله بسكون وهي تستدير لإخراج ملابسها:
تبي عشا؟؟ ماظنتي إنك لحقت تتعشا في المجلس دامك جاي بدري كذا..
أجابها بسكون مشابه: ماني بمشتهي.. كنت مع واحد من الربع في كوفي عقب المغرب
وكلنا كيك مع القهوة وسدت نفسي..
ثم أردف بذات السكون: ومبروك
أجابته وهي مازالت توليه ظهرها بنبرة حزن عميقة: مالها طعم بالضبط مثل ماقلتها!!
حينها وقف وتوجه ناحيتها ليمسك بخصرها وهو يديرها ناحيته ويهتف بعمق:
لا تصيرين سخيفة لأنش عارفة أني مبسوط ومستانس..وفوق ما تتخيلين..
أجابته بذات نبرة الحزن الشفاف وهي تزيل يديه عن خصرها: مبين واجد إنك مبسوط!!
*************************************
" سميرة يأمش روحي لبيتش.. نجلا جات وخذت عيالها من زمان"
سميرة برفض: خلاص يمه بأنام عندكم.. أنا استأذنت تميم ورخص لي..
أم غانم باستغراب: بس يامش بكرة عندك دوام.. أغراضش كلها معش..؟؟
سميرة لأنها كانت قد قررت أنها ستبات..
فهي طلبت من وضحى إرسال حاسوبها وأوراقها التي كانت قد أعادتها معها حين أنزلوها في بيت نجلا اليوم ظهرا..
لذا أجابت والدتها: إيه يمه كلها معي..
لكنها يستحيل أن تخبر والدتها عن السبب الحقيقي لرغبتها في عدم العودة لبيتها
وهي تحتضن هاتفها بين يديها وتقرأ رسالة تميم الأخيرة ربما للمرة الألف..
بعد أن قرأت كل واحدة من الاربع السابقة التي وصلتها الليلة لألف مرة أيضا ربما..
" يا ويلش يا وضحى لو كنتي اللي قلتي لتميم
أني وحدة خبلة والمسجات تأثر علي
فأشلون والمسجات منه هو!!
لا حول ولا قوة إلا بالله هذي الليلة قاعد يلعب بي كنه يلعب بكورة"
وهي في أفكارها انتفضت مع رنة الرسالة السادسة
شعرت بالصداع وهي تهمس داخلها: الرجال هذا استخف وبيجنني معه..
فتحت الرسالة وشعورين متضادين يمزقانها تماما.. اللهفة لمعرفة المكتوب والخوف منه:
" إن قلت احطك داخل العين.. عييت***خايف يحول الرمش بينك وبيني
وان قلت احط بداخل القلب لك بيت***صعب علي اخفيك عن نظرعيني
ودي اشوفك كل ما اصبحت وامسيت***ممساك في قلبي وصبحك بعيني "
حينها ألقت سميرة الهاتف جوارها.. ودفنت وجهها بين يديها وهي تنخرط في بكاء رقيق عميق..
تشعر أنه يضغط على أعصابها ومشاعرها كثيرا.. والمشكلة أنها لا تستطيع مواجهته لأنه يضغط بطريقة غير مباشرة..
والدتها قفزت بجزع لتجلس جوارها ووهي تسأل بقلق:
سميرة يأمش.. تميم مزعلش في شيء؟؟
سميرة دفنت وجهها في كتف والدتها وهي تهمس بصوت باكي: لا والله يمه..
بس أنا مضغوطة شوي..
لم ترد أن تكذب عليها بشيء وفي ذات الوقت لم ترد أن تخبرها بشيء خاص بها هي فقط ولن تتفهمه والدتها..
والدتها احتضنت كتفيها وهي تهمس بحنان: تعبانة يأمش من الشغل.. قدمي على إجازة..
سميرة بذات الصوت الباكي: خير يمه.. خير..
***********************************
" عمرة مقبولة يبه.. وتقبل الله طاعتكم"
زايد يلتفت لعلي وهو يلف إحرامه ليستر الجزء العلوي من جسده النحيل
وهما خارجان من عند الحلاق ويبتسم: وعمرتك وطاعتك مقبولة إن شاء الله
ثم أردف باهتمام عميق: أشلون نفسيتك الحين يأبيك؟؟
علي بشجن إيماني عميق: مافيه حد يأتي هنا ونفسيته ماترتاح.. الله لا يحرمنا زيارة بيته..
زايد بذات الاهتمام: ودعيت من قلبك..
علي بذات الشجن الإيماني: والله العظيم دعيت ودعيت ودعيت من أقصاي..
الله لا يخيبني.. قلبي احترق من يومين
وش بيصبرني باقي العمر..؟؟
زايد يهتف في داخله بألم هو يملأ عينيه من علي:
"يصبرك اللي يصبر أبيك..
ثلاثين سنة مافتر لساني وأنا أدعي ربي في كل صلاة إنه ينسيني إياها
وما نسيت..
لكن ذا المرة مادعيت إلا لك.. أنا استحملت واتحمل
مافرقت علي المواجع عقب ذا السنين كلها..
لكن أنت بغيت تموت من يومين..
يأبيك لا تحرق قلبي عليك..
طالبك ياربي وأرجاك ماتحرق قلبي عليه وأنا واقف قدام بيتك وجايك عاني
فلا ترد دعوة من نصاك"
علي ابتسم وهو يهز كتف والده: يبه وين رحت؟؟
زايد انتفض بحزم: هنا يأبيك هنا..
يا الله خلنا نروح الأوتيل نرتاح ماعاد باقي على شروق الشمس إلا شوي..
*********************************
" يا الله.. أحلى صباح ذا الصباح مر علي من زمان"
نجلاء تبتسم وهي تنفض الفراش ثم ترتبه وهي تنظر لصالح الذي نهض للتو:
إيه اشتكي اشتكي... يعني أنا نكد من زمان..
صالح يميل ليقبل كتفها ثم يتوجه لتناول فوطته ويهتف بسعادة حقيقية:
نكدي علي على كيف كيفش... أنا كلي حلالش..
نجلاء مازالت تبتسم وهي تكمل الترتيب: هذا كله تبي بنية يعني؟؟
صالح بمودة عميقة: بنية صبي اللي بيجي من الله حياه الله.. المهم أنش زينة وبخير..
يا الله كم يبدو هذا الصباح مختلفا لهما كليهما..!!
مشرق شفاف مغلق بسعادة شفافة..
بعيدا عن الهم غير المعروف المؤلم الذي غمر الأشهر الماضية..
روح طاهرة نقية ساكنة تغمر المكان تماما كروح الجنين الذي يسكن أحشائها..
الذي جاء كالسحر ليعيد كل الأمور إلى أفضل من نصابها حتى!!
كم يبدو كل شيء تافهما حقيرا أمام نعمة الله عز وجل وهو يمنح روحهما السكينة ويغمرهما بفضله!!
************************************
" عبدالله قوم..
خلاص أنا جهزت الريوق تحت عند أمي صافية"
عبدالله نهض وهو يفتح عينيه على وجهها المرهق.. هتف بصوت ناعس:
رجاء جوزا لا عاد تسوين شيء..
أساسا الريوق عند أمي أشكال وألوان على كل حال.. ومسوينه الخدامات من صبح..
مافيه داعي تسوين شيء..
جوزا بذات النبرة الساكنة الحزينة وهي تنهض من جواره:
ليه ما تبيني أسوي لك شيء؟؟ أو ماتبي مني شيء؟؟
عبدالله اعتدل بشكل كامل ليشدها ويعيدها جواره ويهتف بنبرته الحانية التي افتقدتها خلال اليومين الماضيين إلى درجة الوجع:
جوزا اشفيش كل شيء تفهمينه بالمقلوب..
أنا بس ما أبيش تتعبين نفسش.. أنتي بروحش تعبانة..
حينها أدارت وجهها للناحية الأخرى حتى لا يلمح دموعها..
حينها أدار وجهها ناحيته ليقبل عينيها المبللة بألم اشتياق موجوع ويهتف بعمق متجذر:
مثل ماتكرمتي علي بمرة وحدة وذوبتي قلبي بكلمة..
أقول الله لا يحرمني من عيونش.. ياكثر ما تطعنين في ذا القلب ولا كفاش..
حــيـنـهـا..
دفنت وجهها في صدره وهي تنتحب فجأة بطريقة جنائزية فعلية كما لو أنها تكتم هذا الدمع في قهر روحها منذ دهور..
بكت كما لو أنها لم تبكِ مطلقا قبل ذلك..
ثم بدأت تلكم صدره بكل قوتها وهي تنتحب بجنون:
أنت نذل وحقير وأنا أكرهك.. أكرهك..
تدري أني أكرهك..
شدها ليحتضنها بقوة ووهو يهدهدها كما لو كان يهدهد طفلة:
خلاص خلاص...أششششش... أدري أنش تكرهيني.. وأنا أستاهل..
مازالت تنتحب بهستيرية كل ألم الذكريات ومرارتها.. ووجهها مدفون في صدره:
لا ما أكرهك.. أحبك.. بس أنت ماتستاهل..
أجابها وهو مازال يحتضنها ويبتسم بألم: أدري بعد!!
مازالت تنتحب وتهذي بكلمات مبعثرة: لا.. أنا أحبك.. بس أنا اللي ما أستاهل حتى أني أحبك عشاني أنا نذلة وحقيرة..
عبدالله يشدد احتضانها أكثر وهو مازال يهدهدها ويهتف بألم عميق.. عميق.. عميق:
لا عاد هنا ما أسمح لش.. أنا لو رضيت تقولينها لي.. ما أرضى تقولينها لنفسش..
مازالت تنتحب وهذيانها مستمر وكلماتها تتناثر بين شهقات نحيبها:
وكذابة بعد.... وممثلة.. أنا ما استخدمت.... مانع حمل أساسا..
وكنت بأموت... لو ما حملت..وكنت خايفة.... إنك تملل مني وتخليني..
وأنا زعلانة.... لأنك منت بفرحان بحملي..... مع أني كنت بأموت من الفرحة يوم دريت..
أبي ولد بعد.. وأبيه يشبهك مثل حسن.. أبي أجيب عيال واجد.... وأبيهم كلهم يشبهونك..
وأبي أكمل دراستي.. وأبي عبدالرحمن يقوم لأني اشتقت له واجد..
وأنا أحبك.. والله العظيم أحبك.. وما أتخيل حياتي من غيرك..
تكفى لا تخليني.. لا تخليني.. والله العظيم حياتك من غيرك ماتسوى..
أنا من قبلك ميتة وأنا حية..
أنهت عبارتها لترفع رأسها قليلا وهي تطوق عنقه بذراعيها وتدفن وجهها بين عنقه وكتفه
وتستمر في النحيب من أقصى نقطة مدفونة في روحها..
عبدالله بدأ يشعر أن قلبه يؤلمه فعلا وهو يُعتصر فعلا بقوة كاسحة من فيض المشاعر المتفجر غير المتوقع..
يؤلمه فعلا وهو يحتضن خصرها بقوة ويهتف بألم شجن عميق:
أنا كنت خايف إنش أنتي اللي تخليني.. وأنا اللي كنت حاس إن حياتي بتنهار يوم فكرت أنش بتخليني..
ولو أنت تحبيني شوي أنتي عارفة إن حبي لش ماله قياس..
ووالله العظيم أني كنت متشفق على حملش أكثر منش بس ما أبي أضغط عليش..
جوزا حينها صمتت عن الكلام ولكنها لم تصمت عن البكاء الذي تحول لأنين موجوع مثقل بشهقات خافتة وهي تتعلق بعنقه أكثر..
كما لو كانت تخشى فعلا أن يتركها..
وعبدالله يضمها لصدره أكثر وهو يدفن رأسه في طيات شعرها ويتنفس بعمق..
وألم قلبه يتزايد لفرط سعادة ماعاد يحتملها..
كان يحتضنها بكل قوته ويأسه وكأنه لا يريد إفلاتها أبدا لأنه يخشى أن يكون في حلم جميل طال اشتياقه له وهو لا يريد أن يصحو من هذا الحلم أبدا.. لا يريد..
لن يحتمل أن تمنحه كل هذا الفيض من خصوبة المشاعر ثم تعاود جره على أرض جفائها البور..
حسن قاطع فيض المشاعر وهو يقفز على السرير معهما ويهتف وهو يفرك عينيه بنعاس: وس فيه؟؟
سويتو ازعاز ماخليتوني أنام..
أنا زعلان عليكم ومابي أروح روضة..
حينها شدت جوزا حسن بينها وبين عبدالله وهي تحتضنهما كلاهما وتنتحب بشكل أشد..
عبدالله خلص حسن برقة وهو يهمس بألم: فكيه شوي.. الولد انخنق وهو مهوب فاهم شيء!!
************************************
سميرة تنتظر قدوم تميم ليأخذها لعملها رغم أنها أرسلت له رسالة إنها ستذهب مع سائق بيت أهلها..
ولكنه أرسل لها رسالة رفض قاطع..
كانت سعيدة جدا أنها أخيرا ترى منه رسالة رسمية بعد أن أرهقها البارحة برسائله غير الرسمية إطلاقا..
وهي في الانتظار وصلتها رسالة منه ظنته يخبرها أنه في الخارج.. ففتحتها بعفوية:
" من أمس وقلبي خفقته ماهي بخير ..من يوم غابت عن سمايا بروقك
يومين وهمومي بقلبي طوابير ......وأنت الوله ما يبلل عروقك
كانه بخل ؟حول علي الفواتير!..وكانه ثقـل ؟الله يلين خفوقك !
أنا برا.. ياقلبي "
سميرة همست بغيظ مخلوط بأنفاسها المقطوعة تماما من سببه وهي تضع هاتفها في الحقيبة:
دمك خفيف ياولد..
وقلبي بعد؟؟.. الحالة صارت مستعصية عندك!! الله يشفيك..
حين خرجت.. وركبت جواره بتوترها الغريب هذه الأيام.. سلمت بإشارة ساكنة..
ثم التفتت خلفها لتلقي التحية على وضحى ليتحول التوتر إلى صدمة..
وهي تشير بجزع: وين وضحى؟؟
أجابها ببساطة: عندها موعد اليوم الصبح.. أمي ودتها وعقبه بتجيبها هي للمدرسة..
توترت أكثر وهي تهمس لنفسها بتذمر وبصوت مسموع: والله مهوب بعيد إنك بعد اللي مسوي ذا الحركة !!
حينها أشار لها بإبتسامة: تراني حتى لو أنا ما أسمع.. أدري لو كان اللي جنبي يتحلطم.. أحس بالذبذبة..
سميرة شعرت بالخجل الذي تفجر لخجل أشد وهو يشد يدها ليحتضنها في كفه بقوة ثم يفلتها وهو يشير بتقصد:
انبسطتي البارحة وأنتي مخليتني بروحي ماقدرت انام حتى..؟؟
حينها انفجرت سميرة وهي تشير بانفعال: أنت ليه تسوي فيني ذا كله؟؟ حرام عليك
هز كتفيه ببساطة باسمة وهو يحرك السيارة: ليه أنا وش سويت؟؟
حرام يعني أعبر عن شوقي لش؟؟
***********************************
" الدحمي.. إلا أنت وش تحب تأكل دامك دب كذا؟؟ وحتى الغيبوبة ماضعفتك..
لأنه من الحين أقول لك إذا أنت تبي تاكل شيء من ورا أيديني
استعد لشيئين.. أما الريجيم وإلا التسمم..
أنا فاشلة في المطبخ.. وترا مهوب ذنبي.. أمي ماعلمتني
وتبيني أتبرأ من أمي ماعندي مانع... أهون علي من أني أتعلم أطبخ "
صمتت عالية قليلا ثم همست بتردد خجول:
عبدالرحمن.. لو مسكت يدك بس..
بتعصب علي وتقول إني قليلة أدب؟؟
تدري لو عليّ أنا.. خاطري أسوي أكثر من كذا.. لا تنصدم وتقلب وجهك وتقول هذي مافي وجهها حيا
لأنه المشكلة أني مستحية ومن قلب وإلا ماكان خليتها في خاطري..
بس الحين صدق صدق خاطري أمسك يدك بس..
عادي يعني ماراح تزعل؟؟
وأيضا لشدة استغراقها في الثرثرة والارتباك والنظر لوجه عبدالرحمن لم تنتبه إلى تغير مؤشراته الحيوية..
دون أن تعلم أن هذه ليست المرة الأولى ولا الثانية ولا حتى الرابعة..
فهو خلال الأسبوعين الماضيين بدأت مؤشراته الحيوية تتغير أحيانا مع حديثها..
فرغم شدة اهتمام أهله به إلا أنهم لم يكونوا يوجهون له حديثا مباشرا
أو يشعرونه أنه مخلوق حي كما تفعل هي.. بحديثها الحماسي وكأنها تتحدث لإنسان متفجر بالحياة..
كان يسمع أحاديثهم من بعيد ودون تركيز كالهذيانات.. وكثيرا مايسمع تلاوة والده للقرآن
التي كانت تعمق سكينته وسكينة روحه وهو يتمنى لو تنتهي هذه الحياة ليرتحل إلى جوار ربه..
فهو كان بالفعل في غيبوبة عميقة سيطر فيها عقله الباطن تماما الذي رفض عودته للحياة بعد أن شهد بنفسه موت صديق عمره..
كان يحاول أن يصل له وهو يسمع حشرجة صدره التي علم يقينا أنها لحظات انتزاع الروح..
ولكنه حين وصل له بصعوبة وهو يشعر أن جسده يتمزق من الألم كان مهاب قد فارق الحياة..
كان هو من أغلق عينيه وتشهد عليه.. قبل أن يدعو ربه بصدق موجوع أن يأخذه معه لأنه لن يحتمل الحياة بعده..
حتى وهو في غيبوبته كان يدعو الله بذات العمق أن ينهي هذا العذاب الطويل..
حتى دخلت هذه المخلوقة الغريبة حياته.. بداية لم يعرف من هي.. وهو يسمع ثرثرة كثيرة لا يفهم أكثرها..
ولكنها كانت تتحدث له من قرب وبشكل مباشر وكل حديثها له.. عرفها..
فهي عرفته بنفسها.. واعتاد عليها بسرعة..
في البداية كان عاجزا عن التركيز
ولكنه بعد ذلك بدأ يركز معها ومع حديثها وهو يلتقط كل ماتقول..
وبدأت تجذبه لعوالمها الملونة المرفرفة المليئة بالحياة.. بدأ يشعر فعلا أن هناك حياة خلف أسوار سكون جسده..
تعرف على أخبار كل من تربطهم به علاقة وهي تشعره كم مضت الحياة بالناس بعده..
ثم بدأ يتعرف على وقت زيارتها ويتلهف لها بطريقة لا واعية..
ولكن مازالت حرقة مهاب أكبر بكثير من أن يقرر عقله الباطن إطلاق إساره...
عالية حاولت بالفعل أن تمسك بيده لكنها فشلت لشدة خجلها ثم همست بتأفف:
تدري عبدالرحمن أنا وحدة جبانة وما أبي أمسك يدك خلاص..
الظاهر أني خايفة أمسكها وتقوم تأكلني..
خلك أنت لين تقوم وتمسك يدي.. ياويلك ماتمسك يدي..وتبوسني بعد أول ما تشوف وجهي..
مهوب أنا قاعدة أسوي لك غراميات وأنت راقد ومكبر المخدة وبعدين كله على الفاضي..
نظرت لساعتها همست بتأفف: أف وأف وأف.. مسرع يمر الوقت..
ابيك مهوب ماخذ يوم إجازة واحد يعني ويريح شيباته شوي؟؟؟
**************************************
انتفض بشدة وهو يشهق بعنف وزايد يهز كتفه ليوقظه
قبل صلاة الظهر ليصليا في الحرم ثم يطوفان قبل المغادرة للمطار..
ثم اعتدل جالسا وهو يشد له أنفاسا صعب عليه سحبها ليكح بشكل متقطع..
زايد ناوله كأس ماء وهو يربت على كتفه ويهتف بهم عميق:
بسم الله عليك يأبيك بسم الله
ثم أردف بهم أعمق: علي أشلون ممساك ؟؟
علي يحاول الوقوف بتوازن رغم شعوره بدوار خفيف وهو يهتف باحترام:
زين جعلني فداك..
زايد بذات نبرة الهم العميقة فمايراه في هذا الفتى من ألم يجرحه لأبعد حد:
تكذب علي وأنا ممسي معك وسامع بنفسي..!!
علي بجزع عفوي: وش سمعت؟؟ والله ماقلت شيء!!
زايد بشجن وجع عميق: تون يأبيك.. طول ما أنت راقد وأنت تون..
ونينك ذبحني.. ونين موجوع..
حرام عليك يأبيك تسوي في روحك كذا..
حينها همس علي ببساطة مغلفة بعمق إنساني متجذر:
ليه يبه؟؟ هو الشيء ذا بيدي..؟؟
وإذا على الونين.. من شابه أباه فما ظلم..
وعلى الأقل يبه أنت عندك اسم تون به.. البلا اللي حتى اسمها مايعرفه..
سنين يبه وأنت تون باسمها وما مليت ولا عجزت..
مستكثر علي الونين الحين...؟؟
زايد بصدمة كاسحة حقيقية زلزلت كيانه وقلبت كل شيء فيه:
انا أون باسمها؟؟ مستحيل.. مستحيل
علي بنبرة بدأ الحزن يغلفها: تبي أقول لك اسمها عشان تصدق؟؟ أو تبيني أقول لك من هي لأنه صار عندي توقع..
تدري يبه ..عقب ما كبرت شوي.. صار يجيني إحساس مثل الموت
يا ترى أمي كانت تسمعك وأنت تون باسم غيرها؟؟
بس عقبه ريحت نفسي بأحد ظنين.. تكفى لو كانت إنك ماتغيرها في بالي..
قلت لنفسي إنها لو كانت تسمعك كان مستحيل تسكت عليك..
والثاني قلت يمكن إنها حب عقب أمي.. لأني ماسمعتك تون باسمها إلا عقب موت أمي بسنة..
زايد مازال يهز رأسه رفضا.. وكل مافي باله هي وسمية.. وسمية فقط!!
هل تجرأ على جرحها بهذه الطريقة المتوحشة؟؟ مستحيل مستحيل..!!
يحاول أن يريح وجعه بظن ابنه الثاني.. أنه لم ينادي باسمها إلا بعد وفاة وسمية
بما أن علي يقول إنه لم يسمعه إلا بعد وفاتها بسنة..
وعلي كان الوحيد الذي ينام معه أحيانا حتى قبل وفاة وسمية..
زايد بذات الصدمة: ومن بعد اللي سمعني أون باسمها غيرك؟؟ يمكن الحين فضيحتي الكل داري بها..
علي بنبرة شجن عميقة: ماظنتني حد.. لأنه ماحد كان ينام معك في غرفتك حتى لا سافرنا غيري..
كساب ومزون كل واحد منهم في غرفة..
مرة وحدة كنا كاشتين وأنا وكساب سهرانين وانت امسيت.. كساب استغرب وقال: أبي وش يقول؟؟
بس أنا قلت له إنك تنادي باسم مزون.. وعقبه رحت وقلبتك بشويش على جنبك الثاني عشان ما تون.. وعشان ماينتبه هو إنك تدعي حد غير مزون..
زايد شعر بضيق عميق التهم روحه.. من كل ناحية..
سيموت فعلا لو أن وسمية كانت تسمعه وهو بجوارها وينادي غيرها.. سيموت!! سيموت!!
وكيف أنه حمّل هذا الفتى الصغير سره وهو مازال طفلا حرص على هذا السر وكتمانه..
ثم بعد ذلك أورثه دائه نفسه.. هذا القلب الذي حينما يحب لا يعرف أنصاف الحلول..
ولكنه مازال يقول أنه غير علي.. هو كان ومازال قادرا على الاحتمال..ومابقي له من مزنة هو محض ذكرى..
ولكن قلب علي الشفاف المغرق في الشفافية وروحه التي لا تعرف التلون لن تحتمل.. وقلبه يحترق بهذه الطريقة..
زايد هتف بحزم: يا أبيك خلك مني.. أنا سالفة غبّرت وكل السالفة مجرد ذكريات ماقدرت أنساها..
لكن أنت مستحيل أخليك كذا..
خلاص فاضل بأتفاهم معه.. وأعرف أشلون أرضيه..
لكن مستحيل أخليك كذا قدام عيني.. قل لي أي شيء عنها.. ونخطبها أول مانرجع الدوحة..
علي بحزم رقيق: يبه خلنا ننزل الحرم ومانضيع الوقت.. قلت لك البنت ذي خلاص مستحيل أخذها..
زايد بحزم أشد: زين بنعجل بعرسك.. ماتدري يمكن لا عرست تطيب نفسك منها..
علي برجاء: يبه طالبك ماتحل الغلط بغلط.. مرتي مالها ذنب في حالتي عشان نعاقبها بها..
خلني شوي يمكن أنسى وألا أتناسى بروحي.. وخل البنية تدرس براحتها لين تتخرج..
ووعد علي أتزوج إن شاء الله أول ما تتخرج مرتي...
**************************************
" هلا والله مزون ياحياش الله.."
مزون بمودة: هلا والله كاسرة.. أشلونش اليوم؟؟
كاسرة بذات المودة: طيبة طاب حالش
مزون العائدة للبيت بعد أن انتهت من تغليف هدايا عروس علي كانت تحادث كاسرة على الهاتف وتهمس برقة:
كاسرة تقدرين تروحين معنا بيت عمتش عقب المغرب..؟؟
خبرش خالتي نفاس.. وأنا وجميلة مستحين نروح بروحنا.. ونبيش تروحين معنا..
كاسرة بأريحية: أكيد أقدر.. عقب المغرب بتلاقوني جاهزة أنتظركم..
كاسرة أغلقت الهاتف وهي تنهض لتلبس نقابها وتهمس لفاطمة: فطوم تبين أوصلش للبيت؟؟
فاطمة تقف وهي تهمس بمودة: لا فديتش.. أصلا أبو العيال بيجيبهم وبنطلع نتغدى برا..
إلا أخت رجالش وش تبي فيش؟؟
كاسرة بحزم: قولي مزون.. أو لو بغيتي أخت كساب... بلاها رجّالي..
فاطمة تضحك:صدق خبلة.. وهو رجّالش حتى لو ماقلت..
كاسرة بثقة: تبيني أروح معها هي وجميلة لبيت عمتي.. أكيد يبون يودون لشعاع شبكتها..
حينها همست فاطمة بخبث: خاطري أشوف جميلة ذي اللي خلت كاسرة على سن ورمح تولع غيرتها..
أجابتها كاسرة ببساطة حازمة: حلوة وتجنن وجذابة جدا.. العين ما تمل من شوفتها.. وحتى طولها وجسمها يجنون إلا خيال..
وشعرها يجنن مع إنه قصير واجد.. وبشرتها كأنها حليب بعسل من كثر ماهي حلوة..
مع أني يوم شفتها كانت تعبانة وبدون ميكب كلش..
كفاية عليش كذا؟؟
أجابتها فاطمة بخبث لطيف: أفهم من ذا المعلقة اللي وش طولها إنها أحلى منش يعني؟؟
كاسرة بثقة: مافيه حد أحلى مني.. ولا حتى يقرب من مستواي..
بس على قولت الشيخ كسّاب.. لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع..
يمكن تكون هي ذوقه.. وشايفها أحلى.. بكيفه مايهمني..
فاطمة تستعد للمغادرة معها وتضحك: كذابة عودة!!
**********************************
"عبدالله اشفيك تأخرت؟؟
شوي ويأذن العصر وأنت مابعد تغديت"
عبدالله باستعجال: هذا أنا جاي في الطريق عشر دقايق وأكون في البيت..
ثم أردف بابتسامة: وبعدين عبدالله حاف كذا.. مافيه حبيبي.. قلبي؟؟
جوزا ابتسمت: ماسمعت إن العجلة شينة..
عبدالله يبتسم: والله في حالتنا مااسمها عجلة.. صار اسمها مشي السلحفاة..
عبدالله أغلق الهاتف ومازالت ابتسامته الدافئة مرتسمة على وجهه..
يحاول أن ينظر لكل شيء في الكون بإيجابية.. حتى مقابلة الطبيب التي أخرته عن العودة للمنزل يحاول ن يأخذها من جانبه الإيجابي..
يتذكر اتصال الطبيب المسئول عن حالة عبدالرحمن به وطلبه أن يحضر حالا لمقابلته..
عبدالله تفجر قلقه وهو يجلس أمام الطبيب: عسى ماشر؟؟
الطبيب بمهنية خير إن شاء الله.. أنا طالبك بخصوص عبدالرحمن..
عبدالله بقلق أشد: وش فيه عبدالرحمن؟؟
الطبيب بذات النبرة المهنية: أنا بصراحة ماحبيت أتكلم مع أبوه عشان ما أعطيه أمل ولا أحطمه.. وأنا شايف بنفسي حالته..
عبدالله تزايد قلقه: ليه شاللي صاير..؟؟
الطبيب بهدوء: عبدالرحمن صار له أسبوعين والاجهزة المتصلة به تسجل تغيير متذبذب في إشاراته الحيوية..
عبدالله بذات النبرة القلقة: وهذا وش معناه؟؟
الطبيب بذات الهدوء: أحد شيئين.. أما أنه ممكن يصحو من الغيبوبة... أو..
إنه هذي أيامه الأخيرة..
عبدالله قفز وهو ينحني على مكتب الطبيب ويهتف باستنكار: نعم؟؟
الطبيب بذات المهنية: يا أخ عبدالله أنا اخترت أكلمك أنت بالذات
عشان عارف إنك ممكن تفهم علي.. وتتهيأ للي بيصير على فرض إنه ممكن يصير..
في حالات الغيبوبة اللي بدون سبب عضوي مثل حالة عبدالرحمن
قبل حدوث تغير كبير بفترة تبدأ تظهر مؤشرات طفيفة على تغير في المؤشرات الحيوية
الحين فيه حالتين متوقعة تاليا: أما إنه يصحى.. أو لا قدر الله يموت..
وعبدالرحمن قضى فترة طويلة في الغيبوبة.. احنا ماندري لو كان يسمع أي أصوات أو عنده استجابات للمؤثرات الخارجية..
ولو صحى احتمال كبير يكون يعاني أما من تخلف عقلي أو شلل جسدي.. ويمكن يعاني منها كلها.. لأنه العقل والجسد قضوا فترة سبات طويلة وصعب يستعيدون نشاطهم السابق..
عبدالله بجزع: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وش ذا الفال يادكتور؟؟
الدكتور بذات المهنية الهادئة: أنا أهيئك لأسوأ الاحتمالات بس..
وبالنسبة لافضل الاحتمالات.. بالنسبة لحركة الجسد أنا شايف إن أبوه كان مهتم كثير بهذه الناحية
لدرجة إنه كان يجيب مدلك زيادة عن مدلك المستشفى.. ودائما يحرك كل مفاصله.. فممكن نتوقع إنه لو صحى يتحرك بس بيحتاج لفترة قبل يستعيد الحركة بشكل طبيعي
أما بالنسبة للنشاط العقلي ما أقدر أفيدك لحد مايصحى..
لأنه لو ماكان يسمع إطلاقا ولا عنده أي استجابة خارجية.. فاحتمال التخلف وارد بشكل كبير..
عبدالله حينها هتف بحزم: وحن إن شاء الله مؤمنين إن الله رحمته أوسع من كل شيء..
وأنا إن شاء الله متوقع قريب أسمع خبر إنه صحى وهو سليم إن شاء الله..
حينها أجابه الطبيب بابتسامة: إن شاء الله..
والحين أبي أقول لك على إجراء أنا قررت أسويه..
أنا لاحظت إنه تغير المؤشرات يصير عند عبدالرحمن خلال فترة معينة محددة
تقريبا بين الساعة 11 الصبح و3 ونص العصر..
وهالشيء غريب فعلا...
عشان كذا أنا بأخلي ممرضة تلازمه خلال هالوقت.. عشان نشوف شنو اللي يحفز النشاط عنده.. عشان نحلله.. يمكن نستفيد منه..
كان هذا حوار عبدالله مع الطبيب الذي قرر ألا يخبر به أحدا
فهو لا يستطيع مطلقا أن يمنحهم أملا قد لا يكون حقيقيا
فأهله لن يحتملو أبدا أن يفجعوا بعد أن تأملوا أملا شاسعا كهذا...
***********************************
بعد خمسة أيام..
.
.
" سمور أشفيش.. من يوم جيتكم وحالش مهوب عاجبني
سرحانة وذا التلفون مايرن رنة مسج إلا كنه راكبش عفاريت"
سمير تهمس في داخلها : هذا اللي كان ناقصني.. دقة ملاحظة كاسرة..
ياشيخة ارحميني.. كفاية أخيش لاعب في حسبتي..
لا عاد ليلي ليل ولا نهاري نهار..
والمشكلة ليته بس يصرح وش يبي كان ارتحت..
خله يقول لي أنا زفت غلطان وأبي الرضا وأتغلى عليه شوي..
وإلا يقول لي أنا مليت منش وأبيش تفارقين لبيت هلش..
لكن مسجات ولمسات غير مقصودة وأنا أدري إنها مقصودة
وهدايا وورد وعزومات عشا.. وفي النهاية يبين إنه ملاك مايبي شيء النصاب...
تعبت والله العظيم تعبت.. خلاص بأنفجر منه...
حينها قررت سميرة أن تقلب الطاولة على كاسرة حتى تبعدها عن حالتها وهي تهمس بتخابث:
تدرين قبل شوي وأنا جايه من بيت هلي.. شفت سيارة كساب داخلة حوشهم..
زمان عن شوفة الحلوين...
شعرت بألم عميق.. عميق جدا.. فهي كانت تترقب عودته بقلق روحي عارم منذ أيام بعد أن تأخر في رحلته ثلاثة أيام أكثر من موعد عودته مما زاد من قلقها عليه..
وإن كان عاد..
ليصبح قريبا.. فهي لابد أن تعتاد على هذا الوجع المر الجارح في غيابه..
همست بثقتها المعتادة: حياه الله على بيته..
سميرة بابتسامة: التئل صنعة... على قولت خالي هريدي
وأنتي اللي اخترعتي الصنعة..
***********************************
قبل ذلك بقليل..
" علي فديتك وين بتروح؟؟
توك جاي!! "
علي باستعجال وهو يتأكد من ترتيب مظهره في المرآة: فيه وفد جاي بأكون مع المستقبلين..
مزون بقلق: علي حبيبي هالك نفسك في الشغل وبزيادة.. مع أنك المفروض تأخذ راحة مع ذا المرض اللي ما عاد صحيت منه..
علي بشجن: خليني أشتغل يأخيش وألهي نفسي.. لو قعدت وأرتحت على قولتش بأموت من الهم..
مزون بحنان: أنت تدور الهم لنفسك بدون سبب.. يأخي عيش سنك شوي..
اطلع مع ربعك وانبسط... ماركبك الهم غير ذا الشغل اللي مايخلص..
علي يبتسم لها بمودة صافية وهو يخرج: خير خير إن شاء الله...
بعد دقائق
كانت مزون مستغرقة في مشاهدة برنامج ثقافي حين سمعت الصوت القوي الحاني:
السلام عليكم ..
حينها قفزت وابتسامتها تتسع وهي تتلقاه بقبلاتها واحضانها:
هذا اللي قال أربع أيام صارت أسبوع بدون حتى ماتدق تلفون تطمني عليك
لولا إن أبي قال لي إنك كلمته وإلا كان استخفيت..
كساب يجلس وهو يهتف بمودة: وهذا أنا جيت.. لا نقص مني يد ولا رجل..
وتأخرت غصبا عني..
مزون همست بمودة صافية: أشلونك فديتك عسى ماتعبت..
كساب بابتسامة: أبد..
مزون برقة: تتقهوى؟؟
كساب بمودة: لا بأطلع أشوف كاسرة وأتسبح
ثم أردف نبرة غامضة باسمة: وفيه عقب سالفة صغيرة أبي أخذ رأيش فيها
وعقب بأروح لخالتي.. تروحين معي؟؟
حينها همست مزون باختناق وهي تراه يقف فعلا: كاسرة مهيب فوق.. عند بيت أهلها..
كساب بعفوية: عادي بأتصل لها تجي..
مزون باختناق أكبر: كساب أنت ماكلمت مرتك طول الأسبوع اللي فات؟؟
كساب بنبرة غضب: ليه أنا كلمتش يعني؟؟
ماقدرت أكلم حد.. يالله قدرت أكلم ابي وقلت هو بيبلغكم..
مزون حينها همست بنبرة عتب: يعني أنت حتى ماسألت عنها؟؟
مرتك راحت لبيت أهلها زعلانة..وأبي حاول يرجعها بس هي مارضت..
حينها تفجر غضب أسود قاتم في كل تفاصيل وجهه: نعم؟؟ زعلانة؟؟
********************************
" عالية يأمش.. لمتى وأنتي رابطة رأسش كذا..؟؟"
عالية تضغط رأسها وتهمس بإرهاق: يمه الصداع ذبحني.. والبنادول ماعاد فادني..
أم صالح بقلق: تدرين لازم تسوين أشعة على رأسش.. وش ذا الوجع اللي مايشيله البنادول..
عالية باصطناع: يمه يمكن أسناني أو أذاني فيها شيء.. عشا كذا جايني صداع..
أم صالح بقلق: زين بكرة لا تروحين الدوام.. بأروح أنا وأنتي مع فهد للدكتور
عالية تهمس لنفسها بهم " حتى لو رحت الشغل وش الفايدة؟؟
ذا المقرودة قاعدة تحرسه.. والمشكلة إنها عربية
والله لا تفضحني لو شافتني أوطوط عنده
شكلي لازم أغير الأدمان أخليه كابتشينو أحسن من وجه عبدالرحمن الدب"
مرهقة عالية تماما وهي تشعر بفراغ عاطفي ونفسي كبير بعد أن تولت ممرضة حراسة عبدالرحمن خلال الفترة التي كانت تزوره فيها
وبالطبع توقفت عن زيارته لأنها تعلم أن الممرضة ستسأل من تكون..
فكرت أن تتهور وتزوره بعد أن تخلع البالطو الأبيض على أساس إنها أحدى قريباته..
ولكنها لمعرفتها بحب الممرضات بشكل عام للثرثرة الودودة والعربيات منهن بشكل خاص..
علمت أن أن الممرضة قد تخبر شقيقات عبدالرحمن وأمه أو والده بزيارتها لو على سبيل تبادل أطراف الحديث..
تشعر بالفعل أن حالتها مزرية وهي لم تعتد أن تكون فاقدة السيطرة هكذا..
وهي تقرر أنها لابد أن تحاول علاج نفسها من هذه الحالة بأي طريقة!!
*************************************
كانت توشك على الاستحمام لتبرد جسدها قليلا.. لأنها شعرت منذ معرفتها بعودة كساب بحرارة عارمة اجتاحت جسدها..
يا الله هاهو يعود ليقلب موازين حياتها من جديد.. وعلى كل حال يجب أن تعتاد على ذلك لأنها لن تتراجع عن رأيها..
منعها من ذلك رنين هاتفها.. تناولت الهاتف لتكون صدمتها الهائلة في الاسم المضيء على الشاشة..
لم تتوقع أبدا أنه قد يفعلها ويتصل.. توقعت أن تكبره سيمنعه تماما..
أو ربما لم يعلم بعد أنها رحلت.. ولأنه لم يجدها في البيت اتصل يبحث عنها..
لا تنكر أنها استغربت أنه لم يتصل بها الأسبوع الماضي إطلاقا..
لذا ظنت أنه لابد علم بمغادرتها للبيت..
تركت الهاتف يرن حتى انقطع.. فهي غير مستعدة أبدا لسماع صوته..
ليس لأنها خائفة...أبدا.. ولكن لأن الشوق أضناها تماما..
وهي يستحيل أن تتراجع عن قراراها بعدم العودة إليه..لذا لا تريد ألما هي في غنى عنه..
وصلتها رنة رسالة.. رسالة أثارت صدمتها بشكل أشد.. لم تتخيل أن كساب سيفعلها وبهذه السرعة!!
شعرت أنه لابد وهو يطبع هذه الرسالة كسر لوحة مفاتيح الهاتف لشدة غضبه:
" انزلي تحت يا الجبانة..
أنا في مجلس الحريم مع عمتي مزنة..
انزلي خلينا نتفاهم يأم التفاهم
زين يا البرنسيسة أنا أوريش التفاهم على أصوله
انزلي بس "
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|