بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباح المودة يا أهل المودة
نهار موفق ومغمور برحمات الرحمن ورضاه
.
ما أبي أطول عليكم لأن بارت اليوم طويل وتعبني
بس فيه شوي تساؤلات أو ملاحظات
.
حلاقة جوزا لشنب ولحية عبدالله
تدرون بنات أنا أتحسب للملاحظات الذكية
عشان كذا توقعت البعض يقولون أشلون عبدالله ما حس بها..
لاحظوا أني قلت إنها حلقت بس أجزاء من الناحية اليمين
الناحية اللي هي كانت نايمة عليها.. يعني ماتعمقت في الحلاقة ولا حلقت كل شيء..
الشيء الثاني اللي خطر ببالي عقب إنه البنات أكيد ظنوا إنها حلقت له بموس عادي
عاد أقول يمكن هذا غلطي إني ما وضحت..
لكن بنات تذكروا أن جوزا كم مرة تحلفت له وقالت له أوريك..
يعني تخطيطها للحلاقة ليس تخطيط مرتجل.. خذت أقرب موس وحلقت له
لكن أكيد إنها جابت موس بروفنشال عشان مايحس فيها
هذي كانت الفكرة اللي برأسي.. ظنيتها وصلت لكم.. بس الغلط غلطي إني ماوضحت أكثر
تدرون بنات أنا توقعت ملاحظة ثانية
إنه زين إنه الموس مانزل شوي وقص رقبته.. لأنه الموس البروفنشال حاد جدا جدا ..
يعني مسحة صغيرة على خده بتشيل الشعر بدون مايحس بأي شيء أبد
تدرون بنات وأنا أكتب هالموقف قلبي عورني..
لأني ما أتخيل مرة تسوي كذا لرجالها مهما كان زعلها عليه..
هذا شنب الرجال ولحيته تطير فيها رقاب..
لكن أنا حبيت أجيب هالموقف بالذات عشان أجيب لكم وين وصلت كراهية جوزا
ووين وصل حلم عبدالله ومحبته لها
.
.
الشيء الثاني
فيه بنات تسائلوا هل ممكن إن كاسرة وكساب قاعدين يمثلون على بعض لين يرجعون الدوحة
أقول لكم كاسرة لا.. كاسرة واضحة جدا أمامكم وأنا قاعدة أبين لكم أشلون تتدرج مشاعرها بالتفصيل
لكن كساب ما يمثل لكن يخطط.. غموضه مقصود.. وانتظروا عليه شوي..
.
اليوم بارت عاصف مثل ماقلت لكم
على الأقل من وجهة نظري.. يمكن مايكون كذا من وجهة نظركم
لأنه هذا البارت بيحوي تحول كبير في العلاقة بين عفراء ومنصور
ثم بيكشف لكم بعد ذلك عن إحساس مخبأ عند كاسرة
ثم ينتهي بقفلة خاصة شوي ويمكن مُنتظرة من زمان
.
إليكم
البارت التاسع والأربعون
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والأربعون
ربما تكون هذه المرة الرابعة التي تُعيد فيها ترتيب غرفتها..
والمرة العاشرة التي تعيد فيها تعديل الزينة على وجهها.. ووتتأكد اكتمال فتنتها وانسياب فستانها..
تريد أن يكون كل مايراه أمامه على أحسن هيئة..
وتريد أن تجد لها شيئا تلتهي فيه قليلا..
فهي عادت لبيتها من بعد صلاة العصر ..رغم أنها تعلم أنه لن يعود قبل العاشرة ليلا..
بدا لها هذا اليوم غاية في الطول ولا يريد أن ينقضي أبدا..
رتبت ثم أعدت العشاء ثم تأنقت.. وبخرت البيت كله لعشرين مرة..
ومازال لم يصل حتى الآن!!
رغم أنها أرهقت نفسها بالتفكير اليومين الماضيين..
ولكنها حتى الآن لم تصل لقرار.. وكأن كل شيء معلق حتى يعود منصور..
فكل التفكير متعلق به!!
وكل الحياة متعلقة به!!
وكل شيء يبدو باهتا ولا قيمة له أمامه ومقارنة به!!
كلما حاولت أن تقسي تفكيرها قليلا حفاظا على حياتها العملية وقراراتها الشخصية..
يعود ليتحكم بها قلبها الرقيق ليذكرها أن هذا الرجل أعطاها من المشاعر التي لم تكن لأحد قبلها..
أعطاها المشاعر التي لم تعرفها هي إلا معه هو فقط!!
ذكرها أنها أنثى.. وأشعرها بأنوثتها وهو يحتويها بحنانه ورجولته!!
قد لا يكون هو الاحتواء الذي أرادته.. بالطريقة التي أرادتها..
ولكن الحياة لا تعطينا كل شيء..
والآن يكفيها من الحياة منصور.. فالحياة كلها لا قيمة لها بدونه!!
كانت هذه أفكارها التي أخرجها منها سماعها لصوت سيارته يدخل الباحة..
قفزت بلهفة لتنظر عبر النافذة..
وعيناها تراقبانه بلهفة عميقة.. وهو يوقف سيارته.. ثم ينزل منها متجها للبيت بخطواته الواسعة الواثقة..
" يا الله.. اشتقت لك..
اشتقت لك فوق ما تتخيل!!"
شعرت أن الثوان التي.. تمر كأنها ساعات متطاولة
حتى رأته يدخل بهدوء خطواته الواثقة الصارمة..
وقــفــت..
كانت تنظر له بتعمق كأنها تريد أن تروي ناظريها منها..
تأثرها يتعاظم وهي تتذكر أنه تزوج لثلاث مرات.. ومع ذلك لم تكن مشاعره لأحد سواها!!
هذا الرجل العظيم المعتد بذاته إلى أبعد الحدود.. لم يسكب مشاعره إلا بين يديها!!
ألقى السلام بنبرة جافة..
فردت عليه بنبرة مثقلة دفئا: وعليكم السلام وهانيك مازرت..
رد عليها بذات النبرة الخشنة الجافة التي يخاطب فيها مجنديه حينما يريد إشعارهم بالذنب:
هانيش خير وعافية..
اقتربت لتتناول منه غترته.. ولكنه تناولها بنفسه وهو يلقيها على المقعد ثم يجلس في مكان بعيد عنها!!
بينما كل ماكان يريده أن يدفنها بين ضلوعه التي أضناها الشوق..
أن يُشبع رئتيه الملهفوتين من دفء رائحتها/ أكسجينه للحياة..
اعتصم بصمته الفخم.. بينما كان يحترق من رغبته أن يسألها..
كيف هي؟؟ وهل اشتاقت له كما اشتاق لها؟؟
هل عجزت عن النوم كما عجز هو عن النوم الأيام الماضية؟؟
وهل مازال زايد الصغير يتعبها كما يفعل والده؟؟
همست له برقة مصفاة وهي تقترب لتجلس جواره: أجيب لك عشا؟؟..
فأجابها بخشونة: تعشيت مع زايد في الطريق..
تنهدت.. مازال حتى الآن لا يعرف أنه باللين سيحصل على كل مايريد
همست بمصارحة عذبة: عادك زعلان؟؟
أجابها بحزم: أنا ماسك روحي بالغصب...
فمافيه داعي تفتحين الموضوع عشان ما أضايقش..
أجابته بحزم رقيق: لو مافتحناه اليوم فتحناه بكرة..
حينها تفجر غضبه المكتوم: كل اللي سويتيه غلط في غلط.. أول شيء تعانديني في سالفة الشغل..
ثم تسكرين على روحش في غرفة كنش خايفة مني..
ثم عقبه تطلعين من البيت وأنا راقد بدون ماتعطيني خبر..
الغريب أنه وهو يتدفق بحمم غضبه كانت هي تبتسم بشفافية بالغة الحميمية..
رغما عنها.. ليس في ذهنها سوى أنها تريد أن تخبره كم تحبه!!
حتى وهو يبدو كطفل غاضب منهمر بصراخه !!
استمر في غضبه الحازم المشتعل: ليش تبتسمين ؟؟ لذا الدرجة كلامي يضحك؟؟
تفجر استغرابه وهي تمد أناملها لتمسح على عارضه وهي تهمس بذات الابتسامة الشفافة وهي تنـزف مشاعرها الصافية بين يديه
لا يمكن أن تصبر أكثر عن همس كلماتها بين يديه..
فهي بحاجة بالفعل لإخباره بمدى حبها له.. تعبت من هذا الغضب العقيم وتريد انهائه:
تدري إني أحبك..
حتى وأنت زعلان أحبك..
حتى وأنت معصب أحبك.. حتى وأنت عاقد حاججك أحبك..
الغريب.. المؤلم.. الجارح لأبعد حد أن الذي حدث أن منصورا عقد ناظريه بعتب غاضب:
قربنا نكمل شهرين متزوجين.. عمرش ماقلتي لي ذا الكلمة
كنت منتظرها من شفايش فوق ما تتخيلين..
لكن إنش ترخصينها عشان تسوين اللي في رأسش.. هذا اللي ماهقيته منش ياعفرا..
ظنش يوم بتقولينها لي.. بأسلم لش.. واقول أنا عصاش اللي ماعصاش..
لا يابنت محمد.. لا.. أنا منصور آل كساب.. ماني من اللي يفرون رأسهم بكلمتين تلعبين فيها علي!!
حينها تغيرت ملامح وجه عفراء وانطفئت ابتسامتها الرائعة كقنديل ذوى فتيله وهي تهمس بكلماتها المبعثرة كأنها تبصقها ألما:
تدري منصور.. حتى الرد خسارة فيك..
لكن خلني أقول الكلمتين اللي في خاطري!!
ما أدري يا حضرة العقيد متى بتعرف أني مرتك.. ماني بجندي عندك..
ما ادري متى بتعرف إنه حياتنا مهيب معركة أنت اللي لازم تفوز فيها..
تدري منصور.. أنا خلاص رفعت الراية البيضاء.. أنت معركة خاسرة بالنسبة لي..
خلاص نمشّي اللعبة حسب قواعدك..
أنت الذكي الحويط اللي ماحد يقدر يخدعك ولا يفرض شروطه عليك!!
أنت المنتصر.. وأنا الخسرانة..
والخسران لازم ينسحب من من أرض المعركة..
**********************************
" خليفة كنك تأخرت الليلة؟؟
قوم روح لشقتك نام.. بعد أنت عندك بكرة موعد بدري مع دكتور الأسنان
عساه يلقى حل لأسنانك اللي كل يوم ضاربة عليك!!"
خليفة يبتسم: بأروح الحين..
ودكتور الأسنان اتصلت عليه وأجلت الموعد..
جميلة بتساؤل: ليه يعني؟؟ أنت قاعد الحين على المسكنات..
خليفة بهدوء: ماأجلته مرة وحدة.. أجلته للعصر..
عشان ولد خالتج اتصل لي ويقول إنه ياي يزورج بكرة الصبح هو ومرته قبل يردون الدوحة..
جميلة نظرت ليديها بسكون: كسّاب!! ما توقعت أبد هذه الزيارة منه..
أكيد عمي زايد هو ملزم عليه يزورني..
خليفة بتلقائية: حياه الله.. متولهين نشوف أي حد من الدوحة..
جميلة بتساؤل به نبرة الهم: يعني منت بزعلان منه عشان تصرفاته السخيفة معك
يوم جا المرة اللي فاتت مع أمي؟؟
خليفة ابتسم: لا طبعا.. وليش ازعل.. أنا أصلا كنت عاذره..
لو حد يدوس على طرف أخواني أنهشه..
هو كان متضايق عشان أخوه.. وهذي سالفة راحت خلاص..
جميلة بهمس يزداد هما كأنها تحادث نفسها: الله يستر من ذا الزيارة..
تدري خليفة.. أنا أشوف كساب بالضبط مثل أخي الكبير مثلي مثل مزون
و من كثر مامزون تحب كساب وتهتم في رأيه وزعله..انتقلت لي نفس العدوى..
كسّاب شين إذا عصب.. ويوجع يوجع واجد..
وجرحه لا جرح ما يبرى!!
خليفة لم يرتح مطلقا لما قالته.. ولكن بما أنه ورد في كلماتها الكلمة السحرية التي أراحت باله (مثل أخي)... فهو لن يشغله باله بالبقية المقلقة..
وقف خليفة ليربت على كفها وهو يهتف بحنان: لا تهتمين من كسّاب ولا غيره دام أنا يمج..
****************************************
تأخر في العودة.. ومازالت تنتظر.. اتصلت به ولم يرد على اتصالها..
حينما عاد.. لم تتحرك من مكانها وهي جالسة..
دخل وسلم ثم جلس قريبا منها..
حينها همست كاسرة بهدوء تخفي خلفه عتبها العميق منه:
كسّاب عاجبك اللي سويته؟؟
كسّاب مفترض إنه حن شخصين ناضجين ونعرف نحل مشاكلنا..
يعني تطلع وتخليني.. واتصل لك ماترد علي.. ليه هذا كله؟؟
كساب أسند ظهره للخلف وأغمض عينيه وهتف بهدوء عميق:
المشكلة كاسرة أنش منتي بعارفة وش كثر أنا زعلان ومتضايق من غلطهم في مشروع الوالد..
أنا كنت أبغي فورة عصبيتي تنتهي.. خفت عليش منها..
أنا إذا عصبت أحاول أهرب بعصبيتي لأني أصير مخلوق مرعب..
أنا طلعت وخليتش عشانش مهوب عشاني..
كاسرة حينها وقفت وجلست جواره لتربت على كفه الساكنة على فخذه وهي تهمس بعمق:
وأنا ما أبيك تهرب مني ..
حقك علي أني أخفف عنك واشاركك..
لم يكتفِ بكفها فقط!!
شدها بخفة ليضع رأسها على صدره ويحتضنها بكل حنان وهو يهمس لها من قرب:
لا تطلبين ذا الشيء مني ..عشانش بعد.. مهوب عشاني
لأني إذا عصبت ما أعرف المشاركة ولا التفاهم..
فعلا كاسرة إذا شفتيني معصب لا تحاولين أبدا تناقشيني ولا توقفيني..
لأنه أنتي اللي بتكونين المتضررة الوحيدة..
أنا أعرف أشلون أفرغ عصبيتي بطريقتي وأرجع أروق...
كاسرة طوقت خصره بذراعيها وهي تهمس بنبرة عميقة أقرب للحزن:
معنى كذا إنه عصبيتك بتكون دايما حاجز بيننا..
شدد احتضانه لها كأنه يريد إدخالها بين ضلوعه وخصوصا أنه بدأ يشعر بارتعاشها
الذي رغما عنها يذيب شيئا غافيا دافئا في روحه:
مافيه حد خالي من العيوب.. ماتقدرين تتعايشين مع عيوبي يعني؟!!
كاسرة بذات النبرة العميقة: تدري كساب.. لو العصبية هي الحاجز الوحيد اللي بيننا.. كان مقدور عليها
لكن أنت ماتقصر في الحواجز .. كل يوم تحط واحد جديد..
******************************
" عفرا عيب عليش
رجعي أغراضش.. تبين تفضحينا تالي ذا الليل.."
عفراء تمسح دموعها المنهمرة رغما عنها..
لم تكن تريد أن تبكي أمامه.. لم ترد أن تبدو بهذا الضعف والانهيار..
ولكنها وصلت منتهاها منه.. قد لا يكون سبب غضبها منه الآن بالسبب المقنع لمغادرتها بيتها..
ولكنها بالفعل ماعادت تحتمل المزيد.. مرهقة تماما من الوحم.. وهو لا يرحمها مطلقا..
تفكر كيف ستكون حياتها معه مستقبلا..مع تسلطه حتى في أبسط الأمور.. كيف سيكونان غدا أمام أولادهما!!
بقدر ماهي تحبه.. بفدر ماهي تحتاج للاحساس بالاحتواء الندي.. وهو يعاملها ككفء له..
وليس كمجند تحت أمرته يجب عليه تقديم فروض الطاعة والولاء
ثم يختمها بالتشكيك في محبتها الخالصة له.. وكانها على استعداد لبيع مشاعرها مقابل أهدافها..
هل هناك امتهان للمشاعر أكثر من ذلك؟؟
تريد أن تبتعد عنه وعن بيته قليلا..
ربما هي في داخلها ماعادت تستطيع تقبل حياة لا يكون منصور فيها..
ولكنها لا تستطيع النظر لوجهه الآن ولا حتى البقاء معه تحت سقف واحد..
لم ترد على تأنيباته الحازمة وهي مستمرة في وضع ملابسها في حقيبتها..
ليصل منصور إلى منتهاه منها ويتفجر غضبه حين اتصلت بعلي وهي تقول بصوت مختنق:
علي تعال يأمك.. أبيك تأخذني الحين..
لينتزع هاتفها من يدها وهو يصرخ فيه بصوت مرعب يجمد الدماء في العروق:
ياويلك ياعليان.. إن شفتك جاي بيتي.. والله لأقص أرجيلك..
ثم ألقى بهاتفها أرضا بكل قوته ليتهشم إلى قطع متناثرة..
عفراء انهارت على الأرض وهي تنتحب : حرام عليك اللي تسويه فيني.. أنا مرتك ماني بسجينتك..
كان ينظر لها وقلبه يتمزق بمعنى الكلمة.. يتمنى لو جلس جوارها على الأرض
وأخذها بين أحضانه.. وطمئنها أن كل ماتريده سيحدث..
ولكن لتبقَ فقط إلى جواره.. فأي حياة باردة كريهة ليست هي فيها !!
ولكن كبرياءه المقيت منعه.. وهو يقف كتمثال حجري وأنفاسه تعلو وتهبط..
لم تمر حتى عشر دقائق حتى تفجرت أمواج غضبه فعلا
وهو يسمع صراخ شقيقه زايد بصوته الجهوري الحازم المثقل بالغضب وهو يطرق بقوة على باب غرفته مباشرة:
عفرا.. البسي عباتش وتعالي.. أنا أبيش هنا..
منصور فتح الباب ووجهه المحمر المحتقن يتفجر غضبا:
مالحد منكم حق يدخل بيتي ويطلع مرتي بدون رضاي..
زايد يتفجر غضبا أشد: أص ولا كلمة.. وش حادك على الفضايح تالي ذات الليل..
وش فيها لو كنك خليت الولد يجيب خالته من سكات.. لين تحلون مشاكلكم الصبح إذا راحت حزة الزعل..
بس أنت في رأسك حب(ن) ماطحن..
ثم أردف زايد بذات النبرة المتفجرة غضبا وهو يشير خلفه: علي ادخل جيب خالتك..
علي تقدم وهو يشعر بحرج فعلي مما يحدث أمامه بين شخصين اعتبرهما دائما نموذجين عظيمين للبشر..
شخصان يكن لهما كل الحب والتقدير..
ولكن خالته تبقى شيئا مختلفا .. وإحساسا أكثر اختلافا.. لذا رغم شعوره بالحرج إلا أنه تقدم دون تردد..
ولكن منصور وقف بطوله الفارع أمام فتحة الباب
علي همس باحترام: عمي لو سمحت وخر.. بأجيب خالتي
منصور هتف بحزم مرعب: تبي تدخل.. اذبحني أول..مرتي مهيب طالعة من هنا..
ليتفاجأ بصوت عفراء الجزع من خلف الباب: أبو كسّاب تكفى اخذ علي وروح لبيتك
أنا ورجَالي نحل مشاكلنا.. هي ساعة شيطان وراحت لحالها.. وانا الغلطانة..
زايد بنبرة تزداد غضبا: عفرا اطلعي قدامي ذا الحين.. لا تطولينها وهي قصيرة
يبي يراضيش.. يأتي يراضيش في بيتي.. عقب مايعرف السنع..
ما حدش على أنش تتصلين بعلي تالي ذا الليل إلا شيء(ن) كايد..
اطلعي ذا الحين قدامي.. ماني بطالع من البيت من غيرش!!
رجلي على رجلش!! خلصوني..
عفراء بصوت مرتعش بدا يظهر فيه أثر البكاء الواضح: تكفى يأبو كساب مالي خاطر عندك..
طالبتك تأخذ علي وتروح.. أنا أصلا غلطانة أني اتصلت في علي..
طالبتك جعلني الاولة ماتردني.. أنا ومنصور بنتفاهم بروحنا..
وأبو زايد أصلا مستحيل يضيمني..
زايد بصوت يحاول مغالبة غضبه فيه: أنا ما أنا برايح بانزل وأقعد تحت..
وأنتظركم اثنينكم تنزلون لي ذا الحين.. ونتفاهم..
زايد بالفعل انسحب وعلي خلفه ووجهه محمر من شدة الحرج والغضب لكل ماحدث أمامه..
منصور بقي متصلبا في مكانه وهو يسمع نشجيها القادم من خلف الباب المختلط بكلماتها المبتورة:
فضحتني في أبو كساب.. حياتي كلها وأنا عايشة في بيته عمره ماسمع صوتي مرتفع ولا سمع صوت بكاي.
فضحتني فيه.. فضحتني..
ثم اختفى صوتها ونشيجها.. بينما هو بقي واقفا في مكانه وهو يشد أنفاسه بعمق..
عاجز عن التفكير والتصرف المنطقي.. يخشى أن يغلق الباب الآن وينفجر غضبه فيها بينما كل مايريده أن يُشعرها كم هي ثمينة عنده!!
ولكنه ختاما أغلق الباب فهو مجبر أن ينزل هو وإياها الآن لزايد حتى ينتهي من هذه المشكلة السخيفة!!
لينصدم بل يُفجع أنها تجلس على الأرض رأسها مسند لحافة الباب..
وفاقدة للوعي..
منصور بسرعة ودون تردد.. تناول عباءتها.. ولفها بها.. ونزل ركضا بها يحملها بين يديه وهو يضمها بكل قوته لصدره..
ليُصدم زايد وابنه بالمنظر.. وهو يركضان خلفه وزايد يتوعد بغضب مدمر:
والله ماعاد ترجع عفرا لبيتك ولا عاد تعرفها..
منصور لم يستمع لأي شيء فهو في عالم فجيعته الخاص
(ماذا فعلت بها؟
ماذا فعلت بها؟)
مددها على المقعد الخلفي وانطلق بسيارته بسرعة هائلة دون تفكير..
وخلفه زايد وابنه في سيارة علي..
***************************************
"زين لقينا ذا المحل عاده مفتوح واشترينا منه..
بس هو بروحه يكفي.. ماشاء الله كبير وفخم وكل شيء فيه"
كساب يضع الأكياس جانبا ويهتف بنبرة فخمة واثقة:
المحل هذا قعد مفتوح لاني اتصلت في صاحبه وطلبت منه ينتظروننا شوي
وإلا هم المفروض سكروا قبل ساعة من وصولنا..
كاسرة ترفع حاجبا وتنزل آخر وتهمس بنبرة تهكم:
طبعا وأنت تموت لو ماطلعت في صورة اللي يمشي العالم على كيفه..
كساب يهز كتفيه وهو يهتف بحزم: لا مشيت العالم على كيفي ولا شيء
هذا بيزنس إز بيزنس.. علاقات شغل ومجاملة..
كاسرة حينها تنهدت وهي تخلع عباءتها: طيب بنت خالتك ماجبنا لها شيء..
عادي نروح لها كذا بدون هدية لها..
كساب بنبرته الحازمة الطبيعية: بنت خالتي مريضة.. بكرة ناخذ لها ورد وشكولاته..
وعلى العموم هي تحب الاكسسوارات والعطور والمكياج.. وما أعتقد إنها بتستخدم شيء منها الحين..
حينها تصاعد الضيق في روح كاسرة رغما عنها وهي تهمس باستغراب:
ماشاء الله عارف ذوق بنت خالتك بكل تفاصيله!!
كساب بذات النبرة الحازمة التلقائية: جميلة لين قبل سنتين وأنا أحيانا أوديها السوق مع خالتي..
أكيد أعرف ذوقها لأني بعيني أشوف اللي تشتريه..
ثم أردف بخبث وهو ينتبه لاستغرابها : تدرين..أموت عليش وأنتي غيرانة!!
حينها هتفت بنبرة باردة: قلت لك الغيرة هذي في أحلامك.. بس أنا استغربت..
أنا أشك يكونون أخواني عارفين اللي أحبه بذا الدقة!! بينما أنت عارف بنت خالتك وش تحب..
حينها هتف كساب بتلاعب خبيث: وجميلة بعد تحب من الألوان.. الوردي ليش إنها دلوعة..
وتحب من العطور أي عطر في غرشة ملونة .. أقول لش.. ذوق دلوعات..
حينها وقفت كاسرة وهي تهتف بغضب: لا عاد هذا تقليل مقصود لاحترامي ماراح أسمح لك فيه..
أنهت عبارتها وهي تستعد للمغادرة لأنها شعرت أنها ستنفجر.. وهي لا تريد مطلقا أن تظهر بمظهر من لا تستطيع السيطرة على انفعالاتها..
ولكنها فوجئت بكساب يمسك بها وهو يشدها ناحيته ويمسك بخصرها وهو يهتف بنعومة مقصودة:
وأنتي تحبين من الألوان الأخضر الغامق..
وتحبين من العطور اللي داخل فيها ريحة الصندل.. أشك حتى أنش تعرفين ذا الشيء..
أنا عرفت عنش ذا الأشياء من عشرة أسبوعين.. ماتبين أعرف عن جميلة اللي عاشت عمرها كله معنا..
حينها رفعت كاسرة عينيها لتنظر إلى عينيه وهي تهمس بعمق:
كسّاب أنت ليش تحب تضايقني كذا !!
مد يده ليمسك بذقنها وهو يهتف بذات النبرة الناعمة المقصودة:
وأنتي ليش ماتبين تعترفين أنش غيرانة؟؟..
كاسرة أفلتت من بين يديه وهي تهمس بغضب : لأني ماني بغيرانة.. ومافيه سبب يخليني أغار..
وإذا أنت مفكر إن هذا سلاح تستخدمه ضدي.. فانا ممكن أستخدم نفس السلاح..
وأذوقك طعم الغيرة.. واعتقد أني عندي من المؤهلات اللي يخدمني!!
قالت هذه العبارة لمجرد إغاضته.. فيستحيل مطلقا أن تفكر مثل هذا التفكير المريض..
ولكن هذا الكساب بات يثير جنونها إلى أقصى حد..تريد أن تثير جنونه قليلا !!
تريد أن ترد له الصاع !!
عاود كساب شدها ناحيته بقسوة وهو يهتف بذات قسوة لمسته:
والله لو سويتي ذا الشيء.. او حتى خطر ببالك..
أو حتى فكرتي فيه مجرد تفكير.. تدرين وش بأسوي فيش؟؟
كاسرة تحاول التفلت من قبضته دون فائدة وهي تهمس ببرود حازم: وش بتسوي يعني..؟؟
كساب بحزم بالغ وعيناه تطلقان شررا مرعبا: بـأذبـحـش..!!
***************************************
كانت مستغرقة في النوم حين رن هاتفها.. أزاحت حسن الصغير عن ذراعها حتى تستطيع النهوض وتناول هاتفها..
كان هو المتصل.. عبدالله.. كان بودها ألا ترد..
ولكنها لا يمكن أن تترك فرصة لإشباع غضبها المتزايد عليه فيه..
أجابت بعصبية: نعم؟؟ هذا وقت حد يكلم فيه يا الأجلد؟؟ (الأجلد= الذي لا لحية له ولا شنب)
انفجر عبدالله ضاحكا: حلوة الأجلد ذي!ّ اجلد ببركاتش ياهانم..
ثم أردف بعمق وخفوت: لا تلوميني لو أزعجتش.. ميت أبي أسمع صوتش بس..
لا وهو فيه بحة النوم كذا.. ذبحتيني!! والله العظيم ذبحتيني!!
اشتقت لش حبيبتي!!
جوزاء بذات العصبية: سبق لي وقلت لك أني ما أداني الكذب..
وحضرتك متصل علي ذا الحزة عشان تصدعني بكذبك..
عبدالله بابتسامة: أول مرة أشوف وحدة كذابة ما تداني الكذب!!
جوزاء همست باستنكار شديد وهي تخفض صوتها حتى لا توقظ ابنها: أنا كذابة!!
عبدالله بتلاعب: إيه كذابة ونص..
ثم أردف بنبرة خافتة عميقة مقصودة ينغم نبراتها: تقولين ما اشتقتي لي.. مع أني سامع أنفاسش تقول إنها اشتاقت لي..
وسامع دقات قلبش تقول إنها اشتاقت لي..
جوزاء باستنكار أشد وهي تخفض صوتها أكثر: أنت شيء من اثنين
يا استخفيت...يأما ما تسمع عدل..
والاحتمال الأول والله العالم هو الأقرب للصحيح..
لأنك لو تسمع عدل.. متأكدة بتسمع كلام عكس اللي تقوله..
عبدالله بنبرة أعمق: ماعلي من كلام لسانش.. علي من كلام قلبش..
جوزاء ببغض: أنت بتطولها وهي قصيرة.. خلصني..تبي شيء.. أو خلني أنام..
عبدالله يعدل المخدة وراء ظهره ويهتف بيقين بنبرة مدروسة: إيه بطولها لأنها طويلة..
وانتي بتقعدين تسولفين معي لين الصبح!!
جوزاء بصدمة: نعم؟؟ ومن قال لك عندي استعداد أستحمل مغثتك للصبح؟؟..
عبدالله بنبرة غريبة خليط من حزم شديد وحنان عميق:
اليومين اللي فاتوا كنت زعلان عليش.. وماكلمت مع أني الشوق ذابحني من يوم طلعت من الدوحة..
لكن شأسوي غلاش أكبر من كل شيء..
والحين كل ليلة بكلم وبتقعدين معي لين الصبح.. وإلا أشلون باستحمل ثقل ذا الأيام.. وأنا بروحي هنا.. ما أعرف حد ولا حد يعرفني..
جوزاء بتصميم: آسفة ماعندي استعداد أضيع ليلي عليك حتى لو مافيني نوم
عبدالله بتصميم أشد: هذا أمر مني لش وغصبا عنش تسولفين معي مهوب رضاش.. وإلا نامي وأنا غضبان عليش..
مهوب ذا كله أساسا من تحت رأسش.. أبعدتيني من هلي ومنش ومن حسن
وأنا مابعد شبعت منكم..
جوزاء بغضب: أنت ليش تسوي فيني كذا؟؟.. ليش ترجع وتمسكني من يدي اللي توجعني..؟؟
عبدالله بنبرة مقصودة: زين إنه فيه لحد الحين شيء ممكن يجبرش تسوين شيء ماتبينه..
حينها همست جوزاء بنبرة مقصودة: زين دام تبينا نقعد نسولف للصبح.. خلنا نجيب سالفة تأخذ ذا الوقت كله..
قل لي وش كنت تسوي السنين الأربع اللي غبتها وأنت تقول للناس أنك ميت..
يعني ما أعتقد أنك كنت فاقد الذاكرة وكنت تشتغل نجار وإلا زبال..
عبدالله بنبرة مشابهة: بأقول لش كل شيء بس مهوب الحين.. في الوقت المناسب..
جوزاء بغضب: مكتوم: ومتى الوقت المناسب؟؟
عبدالله ببساطة حازمة: أنا اللي أحدده مهوب أنتي!!
عبدالله يخشى أنه إن أخبرها الحقيقة أن تتخذها عذرا للهرب منه أو طلب الطلاق..
فهي تكرهه.. ونحن حينما نكره شخصا نسيء الظن في كل تصرفاته..
ومهما شرح لنا دوافعه وأسبابه فنحن لن نرى إلا الجانب السلبي..
وعلى العكس حينما نحب شخصا ما.. فأننا من نبحث له عن المبررات ونجد نفسنا مجبرين على مسامحته!!
من أجلنا قبل أن يكون من أجله..
وهذا هو ما ينتظره!!
أن تحبه أولا!!
لتجد هي له العذر قبل أن يسوق هو لها الأعذار!!
****************************************
" مافيش حاجة خطيرة خالص..
هو شوية إرهاق.. وهي ئالت لي إنها ليها يومين بترجع كل حاجة بتأكلها
وجسمها مافيهوش سوائل..
أدي الحكاية كلها.. مافيش داعي للئلئ
أنا هسيبها يومين عندنا عشان نتطمن عليها"
كانت الطبيبة توجه الخطاب العملي الودود للرجال الثلاثة الذي كانوا يقفون أمامها بملامح مرهقة متحفزة..
حينما أنهت خطابها غادرت وتركتهم في مكانهم أمام باب غرفة عفرا..
ليهتف زايد بحزم وهو يوجه الخطاب لعلي: علي روح جيب أختك تقعد عند خالتها.. ولا تروعها عليها..
ثم أردف بحزم أشد وهو يوجه الحوار لمنصور:
وأنت شد الستارة على مرتك
وخلنا ندخل داخل.. مانبي نتفاهم في السيب قدام العالم.. (السيب=الممر)
منصور دخل وشد الستارة.. قلبه متخم تماما بالأسى!!
يشعر أن جسده مفتت من قلقه عليها..
كان يريد أن يلتف ليراها..يريد أن يشبع عينيه منها.. يريد أن يضم كفيها لصدره.. يريد أن يطمئن برؤية محياها..
ولكنه قبل أن يفعل ذلك.. فوجئ بصوت زايد الحازم:
خلاص أدخل؟؟
منصور بضيق: ادخل..
لأول مرة ورغم محبته الكبيرة لزايد.. لأول مرة لا يريد أن يراه.. يريده أن يغادر ويتركه معها لوحدهما..
لا يريد أن يتدخل احد بينهما.. بأي حق يتدخلون بينهما؟؟
هي حبيبته هو؟؟ روحه هو؟؟ زوجته هو؟؟
فأي حق لهم هم ليتدخلوا بينهما؟؟
زايد دخل ليقف هو ومنصور بين الستارة والباب وهو يهتف بحزم:
اسمعني يامنصور.. عفرا بتروح لبيتي عقب ما تطلع من المستشفى..
منصور برفض قاطع: أرجوك زايد ما تتدخل بيني وبين مرتي..
أنت أخي الكبير وعلى عيني ورأسي.. بس مرتي بترجع بيتي.. وما لاحد دخل بيننا..
زايد بغضب مكتوم حتى لا يزعج عفراء النائمة: اخص واقطع.. إلا شكلك يامنصور نسيت إني أخيك الكبير وتحسبني أصغر صبيانك
اسمعني عدل حكي ياصلك ويتعداك.. صحيح أني حلفت إنها ماعاد ترجع لك بس هذي حزة شيطان..
عفرا مرتك وأم ولدك.. بس أنت والله العالم مزعلها زعل(ن) كايد
وأنت يوم خذتها.. خذتها من بيتي..
فعفرا بترجع لبيتي.. وأنت بتجي تعّذر لها وتأخذ بخاطرها وتشوف اللي يرضيها في بيتي وقدامي..
عقب ذاك لو هي بغت ترجع.. ترجع بكيفها.. وأنا الله يسامحني على الاستعجال في الحلوفة بأدفع كفارة واصوم بعد..
منصور بحزم بالغ: آسف يازايد.. قلت لك ما لحد دخل بيني وبين مرتي..
وأنا ماني بمعتذر وأنا ماسويت شيء خطأ..
وعفرا بترجع لبيتي أنا..
لم يعلما كلاهما أن هناك طرف ثالث لم يكن نائما.. وكان يستمع بكل وجع العالم ودموعه تنهمر بغزارة
(لذا الدرجة أنا رخيصة عندك يا منصور؟!
مستكثر علي تكبر قدري قدام زايد عقب ما فشلتني فيه؟!
يا الله يا منصور.. وش ذا القسوة؟!! وش ذا القسوة؟!)
قاطع جدلهما الدائر صوتها الضعيف القادم من خلف الستارة: أبو كساب..
انتفض الاثنان في وقت واحد.. وشتان بين شعورهما.. شعور زايد بالحمية..
وشعور منصور باللهفة..
هتف زايد بحزم: هلا والله.. آمريني!!
عفراء بحزم رغم ضعف صوتها البالغ: قول لأخيك يتوكل لبيته.. وأنا إذا طلعت من المستشفى رجعت للبيت اللي كان ضامني ذا السنين كلها..
الظاهر مالي بيتي غيره..
منصور يكاد يجن وهو يهتف بصدمة: وش ذا الكلام يأم زايد؟؟
وبيتش؟؟ تخلين بيتش؟؟
دموعها بدأت تسيل رغما عنها وهي تهمس بذات النبرة الحازمة الموجوعة:
البيت بيتك جعلك تهنا به.. أنا أبي أرجع لعيال أختي.. وكل واحد يدور راحته..
منصور بعتب عميق: أفا عليش يأم زايد.. أفا عليش..
الحين وش بيتي ووش بيتش..
وأبد ولا يهمش.. البيت بكرة أسجله باسمش.. وعديني ضيف عندش..
عفراء بنبرة قاطعة رغم أنها شعرت أن ماستقوله سيمزقها: منصور.. أرجوك روح لبيتك.. قلت لك أنا بأرجع لبيت بو كساب..
حينها شد له منصور نفسا عميقا وهتف بحزم: وكم تبين تقعدين هناك؟؟
عفراء بذات نبرتها الحازمة: على الأقل لين أولد وعقبه نتفاهم!!!
منصور باستنكار غاضب: نعم؟؟ نعم؟؟يا ســلام!!
معنى كذا أكثر من ست شهور.. هذي عمرها ماصارت في التاريخ
مرة تأخذ راحة من بيتها ست شهور؟؟
أنتي صاحية وإلا مجنونة؟؟
ثم تغير صوته لقسوة موجوعة: وإلا عـايـفـة؟؟
عفرء لم تجب عليه وهي تضع ذراعها الحرة الخالية من أسلاك التغذية على وجهها
وتسيل دموعها بصمت..
بينما زايد يهتف بحزم: خلاص سمعنا مافيه الكفاية..
أمش معاي بلا فضايح.. مزون الحين بتجي مع أخيها!!
منصور غادر معه ودون يراها.. شعر أنه أحرج نفسه أكثر كثيرا في سبيلها دون أن تهتم هي به..
موجوع منها ومجروح لأبعد حد.. وهي تحرجه بهذه الطريقة أمام شقيقه وابنائه..
وتدخلهم في مشاكلهما الخاصة..
" تبين سنة ياعفرا؟؟
اخذي سنة.. سنتين..
براحتش!! "
*************************************
" يعني ما أشوفش ملهوفة على شوفة عروس ولد خالتج؟؟"
جميلة هزت كتفيها بلا مبالاة: أنا ما أعرفها عشان أتلهف على شوفتها..
هذي مجرد زيارة مجاملة ثقيلة عليهم اثنينهم..
يعني عرسان في شهر العسل.. معذورين.. ماحد راح يتشره عليهم لو ماجاو وزاروني..
حينها ابتسم خليفة: ترا بعد ولد خالتج هذي مع احترامي له.. دمه ثجيل مرة وحدة.. وشايف نفسه..
هزت جميلة كتفيها بابتسامة طفولية: حرام عليك.. دمه ثقيل يمكن.. بس شايف نفسه لا.. مع إن شكله يعطي كذا..
خليفة بهدوء: بس وايد كلف على نفسه شوفي الورد والشكولت اللي وصلنا اليوم الصبح..
وايد ستايل ومبين عليه غالي..
جميلة قطبت حاجبيها وهي تهمس بحزن شفاف غزا قلبها: تكفى لا تذكرني بسلال الشكولاته الله لايردها..
وهما في حوارهما.. رن هاتف خليفة.. همس بعد أن أنهى الاتصال: كاهم برا.. غطي ويهج.. بس بيسلم عليج من عند الباب..
جميلة غطت وجهها بشيلتها.. بينما خليفة خرج ليقف مع كساب خارجا
ودخلت كاسرة لتقف في الزاوية..
كساب هتف بنبرته الحازمة الطبيعي: مساش الله بالخير جميلة.. بشريني منش؟؟
أشلونش الحين!!
جميلة همست بطبيعية: الحمدلله.. أحسن بواجد..
أنت أشلونك؟؟ وألف مبروك زواجك..
كساب بهدوء حازم: االه يبارك فيش.. تبين شيء؟؟.. قاصرش شيء؟؟
جميلة بنبرة عفوية وربما حملت رائحة التقصد: مشكور.. الله لا يخليني من خليفة
ما يخلي شيء يقصرني..
اتسعت ابتسامة خليفة وسعادة بريئة غمرت روحه وهو يسمع جميلة ثم يغلق الباب وينسحب مع كساب للجلوس في الاستراحة..
بينما كاسرة حين أُغلق الباب تقدمت وهي تخلع نقابها.. لتقف جميلة للسلام عليها..
جميلة لا تنكر تصاعد ضيق عميق في روحها وهي ترى حُسن كاسرة وتألقها..
عروس بالفعل.. متألقة..متأنقة كما يُفترض من عروس..
ضيق ذكرها بحالها.. هي أيضا مازالت تعتبر عروس.. ولكن شتان بين العروسين!!
تتذكر حالها قبل مرضها.. كان يُضرب المثل بتأنقها البالغ واهتمامها المبالغ فيه بزينتها..
كن صديقاتها يقلن لها: (خاطرنا نشوف كشختش وأنتي عروس إذا هذي كشختش الحين..)
وهاهي عروس.. خالية من أي مظاهر توحي بذلك..
إحساس مر بالنقص والحزن غزا روحها المثقلة..
وهي تتذكر كيف كانت.. وكيف أصبحت!!
تمنت في داخلها لو أن كاسرة لم تزرها.. فهي ليست في حاجة للاحساس بمزيد من المرارة والنقص!!
كانت هذه الأفكار تدور في رأس جميلة في الثوان القليلة التي تلت خلع كاسرة لنقابها..
بينما كانت كاسرة تهمس برقة وذوق احترافيين: أشلونش جميلة؟؟
جميلة بسكون حاولت أن تدفع فيه بعض الحماسة: ياحيا الله عروستنا..ألف مبروك
أنا طيبة.. أنتي أشلونش؟؟
كاسرة بذات النبرة اللبقة: الله يبارك فيش.. وأناالحمد لله تمام.. إن شاء الله أنش الحين أحسن؟؟
جميلة بذات النبرة الساكنة: أحسن.. ألف مبروك زواجش..
بشريني من هلش؟؟ أختش وضحى وش أخبارها.. تخرجت ذا الفصل.. صح؟؟؟
كاسرة ابتسمت بشفافية عند ذكر أختها: إيه فديتها تخرجت.. وطلبوها للتوظيف بعد..
وعقبالش إن شاء الله..
جميلة بحزن: الله يعين.. الفصل اللي فات اعتذرت.. والفصل اللي بيجي بعد طلبت من البنات يقدمون لي اعتذار..
هذي سنة راحت من عمري..
كاسرة بنبرة مؤازرة: هانت كلها كم شهر وترجعين..
جميلة حينها هتفت بذوق: والله كلفتوا على نفسكم واجد في الورد والشكولاته..
كاسرة بابتسامة: أنا أصلا متفشلة منش.. كان ودي إني جبت لش شيء.. هذا مهوب قدرش..
حينها ابتسمت جميلة وهمست بعفوية: يا بنت الحلال وش تجيبين..
هذي هدية كساب عادها في يدي..وأنتي وهو واحد
قالتها وهي تشير للساعة الثمينة التي في يدها.. حينها بالفعل اشتعلت كاسرة بضيق فعلي وهي تنظر للساعة الثمينة التي كانت يسار جميلة..
كانت أغلى بكثير من الساعة التي جاءتها مع شبكتها.. مع أن الساعة التي جاءتها كانت ثمينة جدا..
ولكن ساعة جميلة بدت أكثر من مسمى ثمينة بكثير.. بعلامة التاج التي تدل على ماركتها الفارهة ..
والتماعة أحجار الألماس الكثيفة المتراصة التي كانت تخطف الأبصار ..
إحساس كاسرة تجاوز الضيق لشعور أعمق وأكثر مرارة..
ليست محدودة التفكير لتغضب من هدية أهداها لابنة خالته وقبل أن يتزوجها أيضا..
ولكن ساعة بهذه القيمة المهولة حتى وإن كان كساب مقتدرا.. تدل على المكانة المهولة لمن اُهديت الساعة له..
جميلة بذات الابتسامة العفوية: مع أني كان من المفروض أكره ذا الساعة
لأن كساب جابها لي رضوة لأنه زعلني زعل كايد
بس من الغبي اللي ممكن يكره ساعة مثل هذي؟؟
حينها تصاعد ضيق كاسرة للذروة..
(الهدية رضوة لها بعد..
لو راضاني عن كل مرة زعلني فيها خلال ذا الأسبوعين بس بهدية مثل ذي
كان أنا الحين مليونيرة)
ورغم إحساسها الذي خنقها ولكنها هتفت بابتسامة محترفة غاية في الود:
عليش بالعافية.. تجنن في يدش..
جميلة حين أنهت عبارتها السابقة شعرت أنها قد تكون تجاوزت حدودها.. ولكنها عادت لتطمئن مع رد كاسرة المريح اللبق
لم تشعر أبدا بالجنون المسعور الذي أثارته بعبارتها..
كانت كاسرة تريد أن تمد يديها لتضغط على جانبي رأسها الذي شعرت به يتفجر من الصداع..
ليست غبية لتعلم أنها تغار.. وأن هذا الشعور المؤلم اسمه (الغيرة)
والتي بلغت أقصى درجاتها عندها..بل هي تعلم يقينا مهما أنكرت ظاهريا
أنها تغار عليه منذ يومها الاول معه..
بل أنها خلال الأسبوعين الماضيين كادت تجن من الغيرة وهي تراه يبالغ في التأنق كلما خرجا.. وأعين النساء تلاحقه..
بينما هي تدعي أنها لا تلاحظ أو لا تهتم.. بينما هي كانت تحترق في داخلها حتى الترمد..
وهاهي اكتملت عليها اليوم بلقاء جميلة..
فهل هذه هي نتائج دعوة صديقتها فاطمة عليها التي دعت عليها أن يبتليها الله بالغيرة على زوجها ردا على غرورها الدائم؟؟
حينما كانت كاسرة تتفاخر أن من تغار هي من تخشى على زوجها أن يرى أجمل منها..
ولكن هي واثقة أنه لن يرى أجمل منها حتى تغار!!..
وهاهي الآن تغار.. وتغار.. وتغار.. وتغار.. حتى أبعد مدى تغار عليه..
شعور مؤلم وجارح لمن هي مثلها.. في ثقتها بنفسها.. في قوة شخصيتها.. في جمالها الذي لا يتكرر
فهل يعاقبها الله على غرورها حين يجعلها تعاني من هذا الإحساس المر الجارح لأنوثتها وجمالها..؟؟
ولكنها على كل حال يستحيل أن تُشعر كساب بأي شيء..
فهو حريص على إثارة غيرتها بينما هي تخبره أنها لا تغار.. فكيف حينما يعلم أنها لا تغار فقط.. ولكنها تكاد تُجن من الغيرة عليه!!
ومن ناحية أخرى.. يستحيل أن تضع نفسها في موقع ضعف!!
ولكن رغما عنها...تزداد مرارة السؤال في روحها:
"هل الغيرة دليل حب؟؟... أم محض تملك!!"
************************************
" خالتي بس اشربي شوي شوربة.."
عفراء تشير بيدها بضعف وتهمس بخفوت: بس يأمش خلاص..
مزون باهتمام بالغ: بس شوي فديت قلبش..
عفراء تهز رأسها رفضا وتهمس بضعف: يأمش قومي جهزي أغراضي.. واتصلي على سواقتي خلها تجي.. نطلع من المستشفى..
مزون باستنكار: وش تطلعين... الدكتورة تقول بكرة تطلعين..
عفراء بنبرة نفاذ صبر مرهقة: يأمش لا تراديني.. وش فرق اليوم من بكرة؟؟
ثم أردفت بألم: والشيء الثاني كساب واصل بكرة الصبح ماأبيه يجي وانا في المستشفى ويعرف السالفة يتمشكل مع عمه..
تعرفين الاثنين كبريت وما يتفاهمون..
وبعدين مايصير يجي البيت هو ومرته ماحد منا فيه.. وأنا والله العظيم أحسن..
مزون بنبرة حذرة وهي تقف لتبدأ في جمع الأغراض: عمي اتصل فيني كم مرة اليوم.. يسأل عنش بشكل غير مباشر..
ثم انحدر صوتها بألم: كسر خاطري حاسته مثل اللي مضيع له شيء ويدور له..
تخيلي عمي منصور كسر خاطري!!
عفراء بألم أعمق: مزون يأمش.. لا تهقين أني أرخصت عمش.. عمش غلاه ما ينحكى به..
بس كذا يأمش أحسن.. قرب عمش يستنزف الواحد لين آخره..
وأنا أساسا تعبانة ومافيني أستحمل...
****************************************
" طول الرحلة وأنتي متضايقة من شيء
ممكن أعرف وإلا سر؟؟"
كاسرة بهدوء متمكن وهي تستوي جالسة في السيارة التي تنقلهم من أرض المطار لمبناه: مافيني شيء مرهقة بس..
كساب بنبرة حازمة: أنا مارضيت حد يستقبلنا.. قلت مافيه داعي نزعج أحد الصبح بدري كذا..
وشناطنا بأعطي أوراقها واحد من موظفيني هو بيجيبها لأنه احنا بنصلي الحين ثم بنطلع الحين فورا.. ما ابي أتاخر
سيارتي بيجيبها لي واحد من سواقين الشركة لأني بأروح الشركة.. وأنتي بترجعين مع سواقة خالتي..
كاسرة بصدمة: نعم؟؟
ما تبي ترجع معي؟؟.. أشلون تبيني أدخل بيتكم بروحي..؟؟
حتى من باب الذوق عيب عليك!!
تو الناس على الشركة الساعة الحين خمس ونص الصبح!!
كساب بحزم عملي: لا تسوينها سالفة.. مكان شركتي هنا قريب من شارع حمد الكبير.. يعني 5 دقايق من المطار..
لكن لو بأوديش للبيت أبي لي ساعة.. ثم ساعة ثانية لين أرجع..
وأنا طالبهم كلهم لاجتماع الساعة 6 الصبح..
لازم أنكد عليهم شوي!!
كاسرة بحزم بالغ: وتنكد علي بعد !!..
كساب عيب عليك اللي تسويه..
أنت لو مارجعتني بنفسك.. اسمح لي.. ماراح أروح لبيتك.. بأروح لبيتنا..
ماراح أهين نفسي وأنا داخلة بيتك بروحي عقب ماحذفتني واحنا عادنا في المطار..
كساب بحزم: سوي اللي تبينه.. إذا خلصت شغلي تفاهمنا
*************************************
" كاسرة؟؟ أنتي جيتي؟؟ والا انا أتحلم"
تنحني لتقبل جبينه للمرة الثانية وتهمس بمودة مصفاة قريبا من أذنه:
جيت فديت قلبك..
فتح عينيه بتثاقل وهو يمد يده.. أمسكت يده بلهفة وهي تشده بحنو لتجلسه ثم تقبل ظاهر كفه الضخمة التي احتفظت بها بين يديها..
هتف بشجن عميق: الحمدلله على السلامة يأبيش.. ماكن في الدوحة حد عقبش..
حتى النفس ثقيل من عقبش.. أنا أشهد أني فقدتش.. وأني اشتحنت.. (فقدتش= افتقدتكِ)
مالت لتقبل كتفه وهي تهمس بنبرة تذوب حنانا: أصلا لو ما فقدتني بأزعل..
مزنة تقف وهي تستند للباب وعلى شفتيها ابتسامة مثقلة بالشجن:
ها أجيب لكم قهوة تقهوون؟؟..
الجد يشير بيده: إيه جيبيها خلي بنتي تقهويني.. القهوة مالها طعم عقبها..
مزنة غادرت بينما الجد يسأل كاسرة باهتمام: وين رجالش يأبيش؟؟
كاسرة بهدوء متمكن: يبه الوقت مبكر ذا الحين.. راح وعاده بيرجع يسلم عليك..
الجد بذات النبرة المهتمة: أربش مستانسة يابيش ومرتاحة مع كساب؟؟
كاسرة بذات الهدوء المتمكن: الحمدلله فديتك.. من الله في خير..
تدخل الخادمة بالقهوة تتبعها مزنة.. التي جلست على الأرض بجوار القهوة..
كاسرة برفض: والله ما تصبينها.. أنا باصب
قالتها وهي تنزل من جوار جدها.. لتجلس جوار والدتها.. وتشد القهوة ناحيتها..
حينها همست مزنة بصوت منخفض حازم: وش السالفة يا بنت بطني؟؟
كاسرة تحاول ادعاء عدم الفهم: أي سالفة يمه؟؟
مزنة بذات النبرة الحازمة المنخفضة: جيتش ذا الحزة.. وأنتي كنتي قلتي لي قبل أنش بتروحين لبيتش وعقبه بتجينا..
ولا تكذبين علي يا بنت..
كاسرة بهدوء وهي تجيبها بصراحة مُعدلة ودون أن تضخم الأمور
فهي لا تريد مطلقا أن تبدو بمظهر المظلومة أو مكسورة الجناح.. فهذا الدور لا يليق بها:
كسّاب عنده شغل ضروري ماقدر يأجله.. وأنا استحيت أروح لبيته بروحي
فقلت له أني بأجي هنا وهو بيأتي يأخذني عقب..
مزنة نظرت لها وكأنها تريد أن تسبر داخلها لتكتشف ماداخلها ليقاطع نظراتها هتاف الجد: أنتي سجيتوا مني.. وين قهوتي؟؟
**************************************
" يالله .. وأخيرا أنتي هنا.. ماني مصدقة
ما تتخيلين وش كثر اشتقت لش"
كانت هذه عبارة وضحة التي قالتها وهي تجلس جوار كاسرة وتحتضن ذراعها
رغم أنها لها أكثر من ساعة منذ نزلت لتتفاجأ بوجود كاسرة جالسة مع والدتها في الصالة..
ليطير النعاس كله من عينيها ويحل مكانة سيول من الدموع وهي تنزل ركضا لتلقي بنفسها بين ذراعي كاسرة وهي تبكي بحرقة..
كاسرة تربت على ذراعها التي تحتضن ذراعها وتهمس بمودة صافية: وأنا اشتقت لش بعد ما تتخيلين وش كثر..
وجبت لش بعد هدايا وش كثر.. ياالله عشان تكشخين في الدوام..
كاسرة التفتت على أمها وهي تتسائل: يمه امهاب متى بيجي؟؟
مزنة بمودة: الليلة إن شاء الله..
حينها ابتسمت كاسرة: زين أني قابلت تميم.. قبل يروح لشغله.. ويعني ربعه في الشغل إلا يحرقونه مسجات يجيهم..
ماخلوه يقعد معنا شوي!!
ثم أردفت باهتمام: يمه وش أخبار تجهيزات عرس تميم؟؟..
مزنة بتلقائية: خلاص يأمش كل شيء جاهز الله يتمه على خير..
.
.
بعد صلاة الظهر.. وهو لم يتصل بها حتى!!
أي زوج هو هذا الزوج؟!!
هل هو ابتلاء من رب العالمين لاختبار مدى تحملها وصبرها..؟؟
كانت تريد أن تتمدد قليلا حين رن هاتفها..
رقم بالغ الفخامة والتميز بتسلسله الفاخر!!
اعتدلت جالسة والرقم يضيء على الشاشة للمرة الثانية..
مثل هذه الأرقام لا تتصل خطأ..
ردت بحذر حازم وهي تتخذ نبرتها العملية الواثقة: نعم؟؟
أتاها الصوت الرجولي الفخم الفاخر كرقمه تماما: مساش الله بالخير يأبيش..
أنا عمش زايد..
كاسرة شعرت بصدمة حقيقية لم تتخيل ولو لحظة أنه قد يتصل بها.. توقعت أنها ستراه حينما تذهب للبيت
ردت باحترام جزيل: هلا والله يبه.. وش ذا الساعة المباركة اللي سمعت صوتك!!
أجابها بنبرته الواثقة الفاخرة: أدري أني مقصر يأبيش.. كان لازم أني كلمتش يومكم في جنيف.. بس أنا قلت خلكم تأخذون راحتكم..
أجابته بذات نبرة الاحترام العميقة: ما يلحقك قصور يبه!!
ليفاجأها فعلا بقوله الحازم: زين يأبيش انزلي لي.. أنا انتظرش تحت في الحوش..
أنا دريت بالحركة السخيفة اللي سواها كساب.. وجاي أخذش بنفسي.. وكساب دواه عندي..
مزون وخالتها ينتظرونش من الصبح.. ومسوين لش غدا.. وهم حتى استحوا يكلمونش من سحاهم من سوات كساب..
حينها تمنت كاسرة أن تنشق الأرض وتبتلعها.. لم تكن تريد مطلقا أن يلاحظ أحد أن هناك شيئا غير طبيعي بينها وبين كساب..
ولكن تصرفات كساب تجعل الأعمى يلاحظ.. فكيف بمن هم ليسوا عميان؟!!
قد يكون في حضور عمها بنفسه لأخذها رد اعتبار حقيقي لها..
ولكن كيف ستركب معه لوحدها.. وهي من كانت تعد العدة لهذا اللقاء..
لو أن كسابا موجود.. أو حتى أحدا من أهله وهي ترى زايدا للمرة الأولى..
كانت رهبة اللقاء قد خفت قليلا.. ولكن أن تراه لوحدها؟!!
ليست خائفة مطلقا.. ولا يوجد سبب لتخاف.. ولكنها هيبة زايد..
الرجل الذي رسمت له في خيالها الآف الصور.. والذي تشعر بهيبة لقائه حتى نخاع النخاع..
نزلت ركضا لوالدتها وهي تلبس عباءتها على عجالة وتهتف بنفس مقطوع:
يمه عمي برا جاي يأخذني..
مزنة أجابتها ببساطة: اطلعي لعمش.. لا تعطلين الرجال..
كاسرة برجاء حقيقي قلما سمعته مزنة منها: يمه تكفين البسي عباتش واطلعي معي.. بس لين أسلم عليه..
مزنة باستنكار: نعم!! وليش إن شاء الله؟؟
لا تقولين لي خايفة منه.. عاد ما يلبق عليش كلش..
خلصيني يا بنت بلا دلع.. وروحي لعمش.. عيب تنقعينه على الباب..
كاسرة برجاء أشد.. استغربته مزنة أشد الاستغراب: يمه تكفين.. تكفين..
ماتوقعت أني أول مرة بأشوفه.. بأشوفه بروحي.. ما تتخيلين وأشلون هايبة شوفته..
لو تميم هنا كان خليته يطلع معي..
يمه البسي عباتش ووقفي عند الباب بس.. تكفين يمه.. ما طلبت منش شيء..
تكفين..
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.