السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الخير ياوجوه الخير الباهية
صباح السعادة المختلفة التي قفزت من ليلاس إلى قلبي هذا الصباح
أي مفاجأة كنتم تخبئونها لي بعثرت مشاعري سعادة وجذلا طفوليا؟؟
أشكركم أهل ليلاس على تطويق عنقي بهذا الجميل
وأتمنى أن أكون استحق المسمى والتكريم
واستغل الفرصة هنا لأهنئ صديقتي الغاليتين العذبتين المبدعتين حد السما
أقدار وشارمي
وأهنئ نفسي لأن الله جمعني بهما ومعهما
.
.
عبرنا مرحلة مضت وكم أنا سعيدة بكل هذا الجذب والتعارض والاختلاف
أشعلتم الحماسة في عروقي
لن أكثر الثرثرة عليكم اليوم.. أعاني من صداع مؤلم منذ البارحة <<< رحمكم الله من ثرثرتها<<< هذا كله ولم تثرثري؟!!
.
اليوم موعد جديد مع مرحلة جديدة
نتعرف اليوم على عائلة جديدة ومثيرة
والبارت القادم نتعرف على العائلة الأخرى ليكتمل عقد شخصيات بين الأمس واليوم حتى حين
اليوم نرى ردة فعل الجد على مهاب وتأثير ذلك على كاسرة الذي سيرينا وجها جديدا لها
تمهيدا لجزئها الخاص في البارت القادم
كما سنراها اليوم وهي تخبر وضحى برأيها في عبدالرحمن
نتعرف على ما حدث لعلي بعد عقد قران جميلة
كما سنعرف هل ستذهب عفراء مع ابنتها أو لا.. والأسباب
.
.
إليكم
.
.
الجزء السابع
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء السابع
"تضربني يبه؟!!
ما عمرك سويتها حتى وأنا بزر
تضربني وأنا رجّال في الثلاثين"
" ويوم أنك رجّال موجعك أني ما حشمت الثلاثين سنة اللي فاتت من عمرك
أجل اللي فات من عمره أكثر من 90 سنة ولا له حشمة ولا قدر.. وش يقول؟؟"
كاسرة المبهوتة من صدمتها لهول ماحدث أمامها تحاول أن تقف على الحياد
وتجد نفسها مجبرة على الإشاحة بنظرها حتى لا تقابل نظر مُهاب..
ومشاعر متضادة تصطرع في أعماقها
وجع.. انتصار.. خيبة.. ومن المؤكد كثير من الألم المتزايد الذي جثم على صدرها..
لم تكن تريد مطلقا أن تختبئ خلف جدها ليأخذ لها بحقها
ولم تكن حتى تتوقع أبدا أن هذا الرد الحاد الموجع قد يكون ردة فعله على مهاب
لو كانت تعلم كان يستحيل أن تتصل بمهاب وتطلب منه القدوم لمقابلة جدها..
لا تنكر أنها شعرت بشيء يشبه السعادة وهي ترى جدها يصفع مهابا
قد لا تكون صفعته بقوة صفعة مهاب لها ولا حتى نصفها
فالجد عاجله بصفعة قدر ماسمحت له قوته وضعف بصره بينما كان مهاب ينحني عليه ليقبل رأسه
ولكنها تعلم أن ألم الصفعة النفسي أكثر بكثير من الألم الجسدي
وعلى الطرف الآخر أيضا لا تستطيع منع نفسها من الإحساس بكثير من الألم الثقيل الوطأة .. وهي ترى أخيها الأكبر في هذا الموقف
وهو يؤخذ على حين غرة وبدون توقع وبهذه الصورة المهينة التي لم تعتد على رؤية مهاب المهاب فيها
(ينحني على جده ليقبله
فيعاجله بصفعة!!!)
قد لا يكون فعليا شعر بأي قوة لهبوط الكف الذاوية على خشونة عارضه
ولكن هذا على كان على مستوى القياس الجسدي الاعتيادي
ولكن على المستوى الروحي
كان الألم غائرا لأبعد حد
كما لو أن والدك يضربك لأنك ضربت أبنائك
والأبشع لو كان أولادك يشاهدون
كيف ستستطيع بعدها النظر لأولادك؟!!
كيف سيستطيع بعدها النظر لكاسرة؟!!
هتف مُهاب بحزم دون أن ينظر ناحية كاسرة: كاسرة اطلعي برا وسكري الباب وراش
ربما في موقف آخر كانت كاسرة لترفض ولكنها الآن شعرت أنها تريد لها سببا للهروب منحه لها مهاب
لذا انسحبت بصمت مثقل بوجع شفاف غير مفهوم وهي تغلق الباب وراءها
مُهاب جلس بجوار جده ثم التقط كفه وقبلها
ولكن الجد انتزع كفه بحدة في الوقت الذي كان مهاب يهمس باحترام:
يبه يوم أنك يوم دعيتني ناوي تضربني.. كان على الأقل قلت لكاسرة تروح لحجرتها
وعقبه سو فيني اللي تبي إن شاء الله تذبحني..
يبه كاسرة بالذات يالله قادر احكمها أشلون عقب ماضربتني قدامها
الحين قويت رأسها علي.. وهي أصلا رأسها قوي..
الجد بثبات غاضب: ضربي لك ما يعيبك.. لكن يعيبك ضربك لأخياتك اليتامى
وكاسرة منت بعاجز فيها
وأدري إن كاسرة على غلاها عندي يمكن تحد الواحد على ضربها
بس وضيحى وش سوت عشان تضربها
مهاب بهدوء نادم: اللي صار يبه.. غلطت وضربتهم وأنا بحل الموضوع ومالك إلا الرضا
طالبك ما تشيل بخاطرك علي..
الجد بعمق: أمنتك الله يا امهاب ماتضيم حد منهم.. أنا شيبة رجلي في القبر
سمعي ثقيل وشوفي ثقيل وحركتي يا الله يا الله
ماعاد باقن لي الا ذا الحشمة.. احشمني في بنياتي..ترا مايهين المره إلا الرخمة
وانت منت برخمة ياأبيك.. إلا رجّال وشيخ الرياجيل
لا تقهرهم ولا تغصبهم على شيء ما يبونه..
ترا ذي وصاتي لك.. والوصات ثقيلة يأبيك
مهاب بعمق مشابه وهو يميل على رأس جده ليقبله: أبشر يبه.. أبشر
****************************
بيت آخر في الدوحة
أسرة أخرى.. هم آخر !!
تتمدد على سريرها.. بطنها على السرير.. تستند على كوعيها لتقرأ في مجلة..
وساقاها الملفوفتان في بنطلون بيجامة زهرية تتلاعبان ذهابا وعودة
كانت مستغرقة تماما في القراءة.. لذا لم تنتبه لمن دخل حتى شعرت بقوة ضربته على ساقها تلاه صوته الغاضب:
كم مرة قايل لش ذا السدحة ما تنسدحينها والباب مفتوح.. هذا أولا
ثاني شيء الحين عقب صلاة الظهر وأنتي عادش لابسة بيجامتش..
لو إبي اللي داخل عليش الحين وش كان سويتي؟؟
توقفين قدامه وأنتي متشنقطة بذا السروال؟؟
حينها قفزت الشابة ليتناثر شعرها المصبوغ بالأشقر الداكن على كتفيها في لفات طبيعية حول صفحتي خدين ناصعي البياض لدرجة الإشراق
وهي تنفخ في جيبها وتهمس بطريقة مصطنعة:
يالله سكنهم مساكنهم... هما بيطلعوا أمتى دول على قولت أمي.. صبيت قلبي يا غنوم
حينها هتف غانم بجدية: كم مرة قايل لش غنوم ذي ما أبي اسمعها... نعنبو صار عمري 27 احترميني شوي
حينها همست بخوف مصطنع: يمه خوفتني... شوف يدي أشلون ترجف... شوفني خلاص بانهار.. بانهار... خلاص انهرت!!
قالتها وهي تلقي بنفسها على السرير وتخرج لسانها كله للخارج وتغمض عينيها في إغماء مسرحي مضحك
حينها ابتعد غانم خطوة وهمس بقرف باسم: أقرفتيني .. دخلي لسانش يا الوسخة..
حينها همست وهي مازالت على نفس الوضعية ولسانها يتدلى للخارج: أنا مغمي علي.. أشلون أدخل لساني...
ابتسم غانم لجنون شقيقته ثم قال بجدية: قومي سميرة.. بدلي ملابسش وانزلي لأمي.. محتاسة مع البزارين.. جننوها..
حينها قفزت سميرة وصاحت بغضب حماسي مضحك:
أما أمك هذي غريبة..
اللي مثلها المفروض تقول يالله حسن الخاتمة... مهوب يوم صار عمرها خمسين رايحة تجيب بزرين على آخر عمرها
والمشكلة ماعاد فيها حيل تبزي... اخذي ياسميرة وابزي..
جابت أول شيء القرد صويلح.. قلت يالله خطأ مطبعي.. ما نشره على الشيبان
لكن عقبها على طول ترجع وتحمل وتجيب السحلية مهاوي... هذي عاد متقصدة هي وشايبها...
ومن زين الانتاج بعد.. صدق انتاج شيبان مخبطين... شواذي يلوعون الكبد...
قال بزران قال... هذولا آفات..
حينها انفجر غانم بالضحك: وهذا كله شايلته في قلبش يا حرام...يا مظلومة...
حينها ابتسمت سميرة: إيه وش عندك اضحك.. على طقم السنون اللي يلمع هذا
ولا ابتسامة نجم سينما
غانم يضحك: الله أكبر يأم عيون...
سميرة بمرح: عدال يا غنوم... ترا كله إلا سنون تركيب.. وش بأنظل عاد
ثم أردفت سميرة بخبث لطيف وهي تخفض صوتها وتلتصق بغانم: إلا غانم صدق صدق..
اللي تكسرت سنونك عشانها .. تستاهل إنك تهاد عشانها.. ويكسرون بظمك الشين بعد؟؟؟
حينها أبعدها غانم عنه بغضب: كم مرة قايل لش ذا الموضوع ما تفتحينه... الشرهه علي إني علمتش.. المفروض خليتها هدة شباب وبس... وما قلت لش السبب
سميرة باستجداء مرح: غانم حبيبي.. غنومتي تكفى... بأموت أبي أدري..
شوف كم لك معلمني ثلاث وإلا أربع سنين يمكن... والله ماحد درا
بس أبي أدري هي حلوة تستاهل إن غنوم الجنتل يحوسون وجهه عشانها...
تكفى فضول بنات... تهون عليك سميرة حبيبتك
حينها غادر غانم دون أن يرد عليها.. ليقف عند الباب ويهمس بحزم:
لا تأخرين على أمي... محتاسة بين الاثنين وماعندها حد من الخدامات... بسرعة انزلي...
بعد دقائق تنزل سميرة لتجد والدتها تحمل الصغيرة ذات الأشهر الثلاثة على ساقيها..
والصبي الذي أكمل عامه الأول للتو تهزه على مقعده الهزار وصراخه يتعالى..
سميرة تنحني لتقبل رأس والدتها ثم تتناول صالح من مقعده لتجلسه في حضنها
وهو تحتضنه بحنو وتوزع قبلاتها على وجهه ويديه وهي تهمس بحب شاسع :
(يا لبي قلبه.. يهبل ياناس.. من وين ياكلونه ذا السكر ذا) وهي تتناسى كل شتائمها في الأعلى قبل دقائق
همست والدتها بتعب عميق: زين جيتي.. تعبانة خالص...هلكوني
سميرة برقة: والخدامات وينهم؟؟ غانم جايب لش ثنتين حق البزارن بس.. وما تخلينهم حتى يمسكونهم..
أم غانم بإرهاق: دول لسه لحمة حمراء.. أزاي أخلي الخدامات يبزونهم
حينها انفجرت سميرة ضاحكة: أما عاد يمه (أزاي يبزونهم) ذي... مافيها حيلة على قولت حمد السعيد..
ابتسمت أم غانم بتعب: الله يا بت.. لازم تعزربي بس..
انفجرت سميرة بضحك هستيري: (تعزربي؟؟) بس يمه تكفين... بطني.. بأموت
"شوي شوي لا تموتين على روحش بس"
التفتت سميرة لمصدر الصوت الباسم .. التفت لناحية الباب الذي يؤدي للمطبخ الخارجي
حيث دخلت شابة لتنتزع جلالها ويظهر وجهها المحمر من حرارة الجو
ابتسمت سميرة: هلا طماطة هانم أنتي ما تشبعين من قعدة المطابخ..
ما ألوم صويلح طردش من بيته... تقابلين المطبخ أكثر ما تقابلينه
ابتسمت الشابة: أقله يوم رحت للرّجال مافشلت روحي.. بيضت وجهه في كرايمه وعزايمه
أما أنتي الله يخلف على اللي بتاخذينه ما تعرفين حتى تسلقين بيضة
لاعبت سميرة حاجبيها: بأسوي له كل يوم بديكير ومنيكير ويحمد ربه
الشابة انحنت على والدتها وأخذت الصغيرة من يدها وهمست بحنان:
يمه روحي أنتي نامي.. شكلش منتهية من التعب.. ولا تحاتين صلوح ومهاوي
أم غانم بتردد: وعيالش يمه؟؟
الشابة بحنو: عيالي اليوم عند إبيهم ومهوب جايين الا في الليل
ثم ابتسمت: وبعدين عيالي صاروا شيبان أصغرهم عزوز قرب يكمل خمس سنين..
أم غانم غادرت تسحب قدميها لغرفتها القريبة التي نقلتها للطابق السفلي بعد أن أصبحت عاجزة عن صعود الدرج بشكل متكرر
بينما همست سميرة بخبث وهي تميل على أختها: وش عندش راضية على أبو العيال.. خليتيه يأخذ الشباب طول اليوم
همست الشابة بغيظ: ياختي ما أبيه يلاقي سبب يدقدق علي (خليهم معي شوي) وانا عارفة إنه يتلكك عشان يكلمني بس..
قلت لخويلد يقول له إنهم اليوم بيقعدون معه لين في الليل
حينها همست سميرة بمرح: ياحرام على الحركات يا ويلي يا ويلي
ثم أردفت بابتسامة أكبر: اما يا نجول خسارة اسم اخي صلوح اللي سميناه على رجّالش
رفعت نجلاء حاجبا وأنزلت الآخر: والله يا حبيبتي ما سميتوا صالح عشانه رجّالي.. لكن عشانه عاجبكم
وبعدين يا حبيبتي ترا سماوة أبو خالد لحد الحين واقفة في حوشكم وهي اللي توديش وتجيبش
سميرة تضحك: يه يه يه.. بتذلنا عشان رجالها عطانا سيارة سماوة عليه..
هذا أصلا أقل شيء يسويه.. يحمد ربه سمينا ذا القرد عليه.. قصدي الغزال
(قالتها وهي تدير وجه صالح الصغير ناحية نجلاء وتعتصره بين سبابتها وإبهامها)
نجلاء بغضب رقيق: هدي صلوح يالخبلة.. آجعتيه..
وبعدين لا عاد تقولين رجّالي.. ما أحب تذكريني
سميرة تهز كتفيها: ويعني ولو ما قلت رجّالش.. بيغير من الوضع شوي.. لا هو اللي طلقش.. ولا أنتي إلا رجعتي
نجلاء بحزم موجوع: مصيره يمل يطلقني..
سميرة بهدوء مختلف عن شخصيتها الصاخبة: يا خوفي يتزوج وهو معيي ومعند ما طلقش..
همست نجلاء بضيق شعرت به يكتم على أنفاسها فجأة: يعني سمعتي سالفة إنه يبي يتزوج؟؟
سميرة بهدوء : سمعت مثل ما سمعتي...
إنه يخطب جوزاء أرملة أخيه.. أخت اشعيع بنت فاضل
نجلاء بضيق متزايد تحاول كتمانه: غريبة إن صالح مانفذ وتزوجها أو تزوج غيرها .. لأن صالح ما يقول شيء إلا هو بيسويه فعلا
لكن هي أو غيرها ما يهمني.. المهم يطلقني قبل ما يتزوج
سميرة تبتسم: ماظنتي يطلقش.. أنا عمري ما شفت رجّال يحب مرته مثل ما صالح يحبش..
نجلاء بحزن عميق: أمحق حب يعرفه صالح.. وش الحبيب اللي يعاير حبيبه في الطالعة والنازلة..
سميرة انتفضت بغضب حاد مفاجئ: أمي تاج رأسه هو وهله وطوايفه.. أمي مهيب عيارة
نجلاء بضيق عميق عميق: أكيد سميرة أمي مهيب عيارة.. بس لما يكون هو قاصد يعايرني ويهيني مستحيل أسكت..
تخيلي بكرة كل ما يعصب يقول لي قدام عيالي يا بنت المصرية..
لما كان يقولها على سبيل المزح.. مثل: خذتي هالحمار والبياض من خوالش المصريين.. كنت عادي أمشيها ولو أني ماعندي خوال
بس صار كل ما يعصب علي يقول لي يا بنت المصرية.. كن مالي أب أو مالي اسم..
يعني مافيه يا بنت راشد ولا يا نجلاء ولا يأم خالد.. بنت المصرية وبس
ثم بدأ صوت نجلاء بارتعاش: يعني ما حشم أني بنت عمه ولا أم عياله.. ولا عشرتنا ذا السنين اللي فاتت كلها..
خلاص مافيني أستحمل والله مافيني...
عاد كله ولا عيشة مع رجال ما يحترمش ويحترم هلش.. حتى لو هو يذوب في الأرض اللي تمشين عليها
سميرة ترفع عينيها لغانم الذي ينزل الدرج بثبات حازم وتهمس بخفوت:
اقصري السالفة.. غانم نازل... لو درا ، مهوب بعيد ييتيم عيالش.. مجنون ويسويها
**************************
بعد صلاة العصر..
خليفة يتجهز للسفر وهو لا يعلم حتى إن كانت تأشيرته ستنتهي في الغد كما وعده زايد
يشعر كما لو أنه مخلوق آلي يتحرك بدون أي احساس
هاهو يضع ملابسه في حقيبته.. يشعر كإحساس ضائع في لجة محيط مرعب
فهو اعتاد دائما على التخطيط الدقيق.. والارتجال يربكه
حين قرر الوقوف في وجه زايد كان مخططا بسيطا سينتهي برفض جميلة له ولكنه في ذات الوقت سينتهي بنوع من الرضى النفسي له
لأنه استطاع أن يجعل غيره يشعر بما شعر به
وغريب هو الإنسان الذي يجد في سلواه في رد الأذى عن نفسه أن يمارس ذات الأذية في حق الآخرين
ولكن هاهو الآن رجل متزوج ومسؤول عن فتاة مريضة حمّلته والدتها مئات الرجاءات المبللة بالدموع:
تكفى ياخليفة يأمك.. جميلة اختارتك حتى علي أنا
اختارت ريحة إبيها فيك.. تكفى ما تخذلها
جميلة مريضة واجد ووضعها صعب.. والحالة النفسية أهم خطوة في العلاج
تكفى ماتخليها دقيقة ولا تحسسها بالغربة..جميلة عمرها مافارقت حضني دقيقة
وتراها من رقبتي في رقبتك..
تكفى يامك..
تكــــفى..
تـــــــــــكفــــى
صدى صوتها يتردد في كيانه المثقل.. ليختلط مع صدى صوت الطبيبة التي راح يستوضح منها عن مرض جميلة بالتفصيل
ليزداد ضياعا على ضياعه..وارتباكا فوق ارتباكه:
جميلة مصابة بمرض فقدان الشهية العصبي anorexia وفي مراحل متقدمة من المرض ووضعها متدهور
يعني يأخ خليفة وبما أنك زوجها خلني أصارحك
إن أم زوجتك تأخرت كثير في علاجها يعني المفترض على الأقل 6 شهور من بدء المرض تجيبها عندي لكن هي جابتها بعد سنة
لأنها اعتقدت انه هذا مجرد ريجيم تعمله بنت مراهقة..
بينما بعد الست شهور فكرة النحافة تصير هوس عند المريض..ومهما نحف يظل يعتقد انه يحتاج للمزيد
وبعد ذلك تأخروا في السفر لمصحة للحالات المتدهورة واللي انا لي زمان انصح فيها
الآن انت قدامك مشوار صعب.. لأنه جميلة نفسها لازم يكون عندها رغبة قوية للعلاج وهالشي مش موجود..
جميلة لحد الآن مقتنعة إنها تعاني من السمنة وترفض الأكل ..
ولازم أصارحك إن 70 بالمئة من العلاج بيعتمد عليك بما أنك الوحيد اللي بتكون معاها..
لازم تمسك العصا من النص تشد عليها عشان الأكل.. وفي نفس الوقت تكون حنون عليها..
ولازم تزرع فيها رغبة العلاج وتقنعها انها الآن نحيفة بطريقة ماتعزز الأنوثة عندها لكن تسلبها
ولازم تقنعها إنك تحب الجسم المليان.. وماتحب الوحدة الهزيلة بهالشكل
حينها انتفض خليفة بجزع: أنا؟؟
الدكتورة أكملت بابتسامة: أيوه أنت.. لأنه بما أنك زوجها ..
فأكيد هي تبي تكون حلوة وجذابة في عيونك.. فلازم تعزز هالشيء عندها
الشيء الثاني وعشان تكون على بينة.. مرض فقدان الشهية في مراحله الاخيرة يؤدي لتوقف الدورة الشهرية
وفعلا دورة جميلة متوقفة من أكثر من 7 أشهر.. ورحلة العلاج راح تكون طويلة فعلا..
وبتستغرق وقت أطول لرجوع الدورة الطبيعية وهالشيء يمكن يأثر على الحمل حتى في حال شفاء جميلة إن شاء الله
كان وجه خليفة يتلون بشتى الألوان والطبيبة تتحدث وهو يسب نفسه على إدخال نفسه في كل هذا..
حتى وصلت الطبيبة لموضوع الحمل ليمتقع لونه تماما ويهمس بحرج:
أي حمل يا دكتورة؟!!.. خليها الحين ربي يشافيها على خير.. ولكل حادث حديث
وهاهو يستعيد كل هذا في ذهنه وهي يرتب ملابسه بذات الآلية الرتيبة دون حتى أن ينتبه لدخول شقيقه جاسم عليه:
"خليفة يأخوي من جدك هاللي سويته؟!!
أنت في كامل قواك العقلية
البنية يقولون لك تعبانة ويمكن تموت
كان خليت ولد خالتها هو اللي ياخذها
السالفة مافيها لعب"
نظر خليفة لجاسم نظرة خالية من الحياة وهمس بسكون :جاسم اسكت عني
ثم أردف بضيق: الله يلعنك يا أبليس..والله ما أدري وش هببت..وش هببت؟!!"
جاسم يجلس على السرير وهو يشبك يديه أمامه بقلق: خليفة لو ماتت البنت عليك وانتو بفرنسا لا قدر الله
أشلون تقدر تحط عينك بعين أبو كسّاب اللي قعد ساعة عقب الملكة يوصيك عليها جنه معطيك قطعة من يوفه...
والله العظيم أني ظنيت انه مزوجك بنته موب بنت عمنا
خليفة بقلق مشابه: لا تفاول ياجاسم إن شاء الله ما نرجع الا وهي مثل الحصان
جاسم بحزم: خليفة لا تاخذك العزة بالأثم.. طلق البنت وخل أهلها يسافرون معاها مثل ماكانوا مقررين
انتفض جسد خليفة بعنف ليقذف بالقميص الذي كان بيده داخل الحقيبة بحدة وهو يلتفت بغضب لجاسم:
شنو شايفني عشان أسوي جذيه.. حرمة؟!!
يمكن غلطت في تهوري.. بس خلاص جميلة صارت حرمتي.. وأنا الحين اللي مسئول عنها
ومستحيل أتنازل عن مسؤلياتي لأحد.. ومستحيل أصغر نفسي قدام الرياييل..
جاسم يقف وهو يهمس بحزم: أنا بريت ذمتي خلاص وأنت بكيفك..
*****************************
"اشعيع ومرض.. سكري الدريشة لا أحد يشوفش"
شعاع تلتفت لجوزاء وهي تهمس بملل: ليت حد يشوفني بس
خير شر ماعاد تشوفين في ذا الشوارع حد مزيون.. يا سواق بنغالي والا هندية طاقة من بيت أهلها
الظاهر وقفوا عن تصنيع المزايين على حظي..
جوزاء تجلس ابنها على حجرها وتهمس: زين يالزينة اللي تدورين المزايين ليش مادة البوز؟؟
شعاع بحماس غاضب: وضوح الكلبة ماترد على تلفوناتي
جوزاء تهز كتفيها: وخير ياطير ماردت.. وش حارقش أنتي؟؟
شعاع بغضب لطيف: أشلون خير ياطير... باموت أبي أعرف وش رأيها في خطبة عبدالرحمن ؟؟
جوزاء بسخرية: رأيها؟؟ تحب يدها مقلوبة اللي جاها واحد مثل عبدالرحمن..
غير عن أخلاق عبدالرحمن العالية وكونه دكتور جامعة..عبدالرحمن حتى على مستوى الزين أحلى منها..
شعاع بابتسامة: ماخذة مقلب قي أخيش.. ترا عبدالرحمن ماشيء حاله .. مهوب ذابحة الزين ترا
ثم أردفت باستغراب: بس أنتي صدق ما ينعرف لش توش اليوم الصبح تقولين وضحى أحسن من أختها المعقدة
يعني ماعجبش يوم خطب الحلوة ولا عجبش يوم خطب العادية..
جوزاء تضحك: عادية؟!!.. تحبين تخففين المسميات.. وضحى مهيب حلوة أساسا
حينها انتفضت شعاع غضبا: وضحى مافيها قصور.. وزين أخلاقها يغطي على كل عذاريبها.... هذا لو فيها عذاريب!!..
ثم تهورت شعاع في غضبها وهي تصرخ: وهي أساسا أحلى منش وأخلاقها أحسن من أخلاقش.. وما أسمح لش تغتابنيها
جوزاء انتفضت بغضب كاسح: أنا يام لسان.. أنا ياقليلة الأدب؟؟ تطولين لسانش علي عشان بنت خالش..
شعاع بذات الغضب: بنت خالي مهيب هنا ترد عن نفسها.. وإلا أنتي بس تبين تعذربين في الناس
لا كاسرة عاجبتش ولا وضحى عاجبتش... عشانش وحدة معقدة وتبين تطلعين عقدش في الناس
حينها مدت جوزاء يدها لشعر شعاع وأنشبت أناملها فيه وشدته بقسوة:
والله لا عاد تطولين لسانش علي لا تشوفين شيء مايسرش... وو.....
كانت شعاع تصرخ بألم وهي تحاول تخليص شعرها من براثن جوزاء
وكانت جوزاء مازالت ستتكلم وتسب وتصرخ فشعاع جاءت على وجيعتها تماما
حتى شعرت باليد الصغيرة التي تضربها والصوت الباكي: ماما خلي شاشا خليها
لتنتفض بعنف جازع وتفلت شعر شعاع وهي تنظر ليديها برعب كالمذهولة ثم تحتضن صغيرها:
بس حبيبي أنا آسفة.. كنت ألعب مع شاشا حبيبي
بينما تأخرت شعاع للزواية تبكي..
حين أسكتت جوزاء ابنها.. اقتربت منها وجلست جوارها وهمست بحنان انقلبت فيه من النقيض للنقيض.. حنان ولّده صغيرها حسن:
آسفة شعاع آسفة سامحيني ياقلبي
ولكن شعاع تأخرت للخلف.. بينما جوزاء قرصت خدها برقة: خلاص اشعيع انتي بعد طلعتيني من طوري
شعاع بين شهقاتها: يعني تبين أخليش تأكلين في لحمها وأسكت..أنتي تعرفيني ما أسكت على الغلط
جوزاء بجزع: ياكبرها عند الله... استغفر الله استغفر الله... خلاص يا بنت الحلال أخر مرة أجيب سيرة حد.. ماقصدت شيء والله العظيم
ثم أردفت بمودة صافية : أنتي عارفتني.. يالله عاد مايهون علي زعلش
آخر مرة أخر مرة صدقيني..
سكتت شعاع وهي تضع رأسها على كتف شقيقتها استجابة لمد جوزاء ليديها لها.. وهي تعلم أنها لن تكون المرة الأخيرة كما تقول
لن تكون الأخيرة!!
حتى وإن كانت لا تقصد كما تقول.. فهي ستقول.. ثم ستندم.. ثم ستقول.. فتندم
في دائرة لا تنتهي من التناقضات التي تغضب جوزاء نفسها قبل أن تغضب غيرها..
فهذا دأب جوزاء بشخصيتها المتقلبة العصية على التفسير
والتي ظهرت بشكل مركز بعد حادثة وفاة زوجها الغريبة!!
********************************
"كاسرة يأمش.. روحي شوفي وضحى..ماطلعت من غرفتها من صبح..مع إن امهاب جاني وتعذر مني ويقول إنه أرضاها
فليش ما نزلت.. وحتى الغداء ما تغدت.."
كاسرة بابتسامة: كفاية أنا تغديت معش..
كاسرة تجاوزت ضيقها كلها من صفعة مُهاب لها صباحا.. فجدها اقتص لها منه.. وأراحها من التفكير بوسيلة للتنكيد على مُهاب ومعاقبته
ولكنها طبعا لم ولن تخبر أحدا بما حدث.. ربما كان السبب الأبرز أنها بطبعها كتومة لأبعد حد..
وربما لأنها لم ترد إثارة غضب والدتها..
وربما لانها في عقلها الباطن ترفض فكرة إهانة مُهاب ونشر خبر إهانته
وربما لانها شعرت أنها في ذات اللحظة التي ارتاحت فيها عادت لتتضايق من أجله..
مزنة بضيق: قومي يا بنت.. تبين تقارنين وضيحى اللي كل شيء يحز بخاطرها بوحدة مثلش وجهها بليته..
كاسرة مازالت مبتسمة: أفا يام امهاب.. أفا.. الدعوة خاربة...
الحين هذا انضربت معها.. ولا حد عبرني.. ولا حد رضاني
لكن أبشري بأروح لأم دميعة أشوف علومها
كاسرة وقفت للتوجه للأعلى.. بينما وصلها صوت والدتها الحازم:
إياني وإياش توجعينيها بالحكي.. أعرفش إذا بغيتي تصيرين مغثة.. صرتي أكبر مغثة..
التفتت لها كاسرة وهي تكاد تصل أسفل الدرج ومازالت تبتسم:
تدرين يامزنة.. مالي خاطر أزعل عليش.. بس ما يضر نسجلها في الدفتر.. يمكن نعتازها بعدين
كاسرة صعدت للأعلى بخطوات هادئة حتى وصلت لباب غرفة وضحى.. طرقت الباب بهدوء وحزم ثم فتحت مباشرة..
لتتفاجئ أن وضحى تجلس على مكتبها منخرطة في الاستذكار
كاسرة هتفت بسخرية: ماشاء الله الأخت تدرس.. ومخلية أمي قلبها ماكلها عليش
وضحى رفعت عينيها بعتب عميق وساخر في ذات الوقت: والله ماحد طل علي ولا سأل عني..
وبعدين حنا في آخر الكورس وامتحاناتي خلاص ماباقي عليها شيء.. وأنا كورس تخرج
وش تتوقعين أسوي.. أتحزم وأرقص يعني؟!!
كاسرة أنزلت حاجبا ورفعت الآخر وهي تميل شفتيها بسخرية: عشتو.. وتنافخين بعد
والله ظنتي إن أخيش حبيب قلبش هو اللي معطيش طراق مهوب أنا ولا أمي
وضحى بذات السخرية: والله امهاب جعل يومي قبل يومه.. جاني وراضاني وسمّح خاطري
حينها اقتربت منها كاسرة بغضب.. لتنكمش وضحى قليلا وهي تشعر أن كل شجاعتها التي حاولت تجميعها تبخرت
همست كاسرة بغضب خفيض وهي تقف فوق رأس وضحى:
أنتي شنو جنسش؟؟ لعب عليش بكلمتين.. وقولي بعد إنش بتوافقين على عبدالرحمن أبو تمبة
وضحى تفرك يديها وهي تنظر للكتاب بين يديها وهي تقرر اتخاذ استراتيجية أخرى..
لتهمس لكاسرة باحترام مدروس تماما غذت به غرور كاسرة: هل تشوفين فيه عيب؟؟
حينها تنهدت كاسرة بارتياح لأنها شعرت أن زمام الأمور عاد ليديها وتراجعت لتجلس على طرف السرير قريبا من وضحى
وهمست بهدوء حازم: عبدالرحمن بنفسه.. مافيه عيب أبد..
بس أنا ما أحب حد يجبرش على شي أنتي ما تبينه أو منتي بمقتنعة فيه
حينها همست وضحى باستجداء تمثيلي بارع لا تقصده مطلقا..
ولكنها طريقة تعرف أنها تنفع مع كاسرة التي تكره أن يعاندها أحد.. وإذا رأت أن من أمامها يستسلم فهي تتنازل عن كثير من حدتها:
زين كاسرة.. ويوم أنه مافيه عيب أبد.. ليش ما وافقتي عليه؟؟..
وهل ياترى لو أنا وافقت عليه.. الموضوع بيضايقش؟؟؟
حينها ضحكت كاسرة برقة: أتضايق وليش أتضايق؟؟ من جدش ذا السؤال..
طبعا مستحيل أتضايق وهذي إجابة السؤال الثاني.. وإذا كان هذا سبب رفضش له تكونين غبية
أما إجابة السؤال الأول فعلا عبدالرحمن مافيه عيب عندي إلا عمره.. أشوفه صغير واجد علي
وضحى باستغراب شديد وهي تعرف للمرة الأولى سبب رفض كاسرة لعبدالرحمن:
صغير؟؟!! وواجد؟؟ عبدالرحمن عمره 31 سنة يعني أكبر منش بخمس سنين!!
حينها ابتسمت كاسرة: أنا واحد أقل من الاربعين ما أبي
وضحى بدهشة عميقة: كاسرة أنتي صاحية؟؟ وحدة في جمالش وشخصيتش وش يحدها تأخذ شيبة؟!!
اللي مثلش تحط رجل على رجل وتختار في أحسن الشباب
كاسرة بذات الابتسامة: واحد في الأربعينات ماينقال له شيبة.. لكن ينقال رجّال.. ثقل ورزانة وشخصية تبلورت خلاص..
ثم أردفت وهي تقف بالقرب من النافذة وتنظر للخارج:
تدرين وضحى.. أنا أدري إن شخصيتي قوية.. لكن في ذات الوقت ما أبي شخصيتي تطغى على شخصية اللي بأتزوجه..
لو خذت لي شاب صغير.. صدقيني أنا اللي بأفرض عليه كل شيء أبيه
لكن لو خذت رجال عدى الأربعين.. رجّال شخصيته مكتملة ومتبلورة من سنين.. صعب أفرض عليه شيء...
وهذا هو اللي أنا أبيه... رجّال صدق..
وضحى وقفت بجوارها وهي تنظر معها للخارج وتهمس باستنكار رقيق:
أفكارش غريبة صريحة... كم شاب في الثلاثينيات أو حتى العشرينيات شخصيته قوية ومستحيل حد يفرض عليه شيء
الحين امهاب مثلا توه ثلاثين.. تعتقدين إنش تقدرين تفرضين عليه شيء؟؟
كاسرة ببساطة: شخصية امهاب غير.. وظروفنا كانت غير..
امهاب اضطر يتحمل المسئولية وهو صغير.. وذا الشيء قوى شخصيته
وخصوصا مع تربية أمي اللي هي بعد كانت غير
وضحى عاودت الجلوس على مكتبها وهي تهمس بالاحترام المدروس إياه:
بصراحة كاسرة كلامش مهوب مقنع.. اسمحي لي
حينها التفتت كاسرة لها وهمست بهدوء: مهوب لازم تقتنعين المهم أنا مقتنعة
وثاني شيء انزلي لأمي شوي.. أمي تحاتيش
ثالث شيء إذا أنتي مقتنعة بعبدالرحمن وكنتي تبين ترفضينه عشاني.. فخلي منش ذا الخبال.. وسوي اللي أنتي مقتنعة فيه وبس وماعليش من حد
أكملت كاسرة عبارتها وانسحبت بهدوء لتغلق الباب خلفها..
بينما توجهت وضحى لتستبدل ملابسها وتنزل لوالدتها وكثير من الأفكار تزدحم في خيالها
وهي تشعر براحة عميقة لجلسة المصارحة الغريبة بينها وبين شقيقتها..
فهذه المرة كانت من المرات القليلة التي تفتح كاسرة قلبها وتحكي مابداخلها!!
**************************
بعد صلاة المغرب
في سيارة كسّاب التي تطوف شوارع الدوحة دون هدف
"كسّاب ولا عليك أمر.. اصفط عند أول محل سفريات بتلاقيه"
كسّاب باستغراب: ليه محل سفريات؟؟
علي بهدوء: بأحجز على أول طيارة طالعة الليلة من الدوحة.. بأرجع لشغلي..
كسّاب باستفسار: واشدراك انك بتلاقي لك حجز على جنيف الليلة وبذا السرعة؟؟
علي بذات الهدوء: لو مالقيت لجنيف طلعت للنمسا وإلا ألمانيا وإلا إيطاليا
ومنها بالقطار لجنيف.. معي تأشيرة شنغن لكل دول الاتحاد الأوربي
كسّاب بتساؤل لم يقصد منه شيء فعلا: وليش مهوب لفرنسا.. جنيف على حدود فرنسا على طول ..
انتفض علي بخفة: فرنسا لا.. ما أبي أروح لفرنسا
حينها انتفض كسّاب بغضب: يعني هربان؟؟ لمتى ذا الهروب يا علي.. لمتى؟؟
متى بتقعد وتواجه
علي بذات هدوءه الساكن: إذا أنا هربت برا ديرتي.. فأنت هربت وأنت فيها
لا تقعد تفلسف علي يا كسّاب
لأني الليلة آخر واحد محتاج فلسفة.. أنا بس أبي أختلي بنفسي
*******************************
انتهى عشاء للرجال في مجلس فاضل بن عبدالرحمن.. غادر الجميع..
حتى أبو عبدالرحمن نفسه استاذن وترك الشباب ليسهروا بعيدا عن أعين ورقابة "الشيّاب"
بقي فقط عبدالرحمن ومُهاب وتميم..
تميم يريد المغادرة.. ولكن لأنه هو من أقل مُهاب بسيارته لا يستطيع أن يتركه
بدأ يشعر بالملل وبمرارة غريبة والشابين الأكبر منه ينخرطان في حديثهما الخاص والصاخب ليتناسيا وجوده
ورغم ضيقه من ذلك إلا أنه في احيان كثيرة يتمنى ان يتناسيا وجوده كليا..
فتلك الإشارات التي تشبه الصدقات التي يمنون بها عليه من وقت لآخر تؤذيه أكثر مما تسعده
يشيرون له يسألونه عن رأيه في مباراة المنتخب بالأمس.. أو ربما حدث سياسي اليوم..
فيشير لهما إشارة مجاملة قصيرة ردا على مجاملتهم
ثم يعود غارقا في الصمت الساكن بعيد عن ضجيج كلماتهم
تناول هاتفه المحمول ليلتهي به.. وحتى لا يشعرهم بملله المستحكم..
حينها التفت عبدالرحمن لمهاب وهمس بمرح: يالله قوم توكلوا لبيتكم
مهاب بابتسامة: أفا... هذي طردة أنت ووجهك؟!!
عبدالرحمن بابتسامة مشابهة: تميم شكله زهق وحن حابسينه معنا..
ثم أردف (بعيارة): وبعدين تميم هو اللي ولد خالي.. وإلا أنت حيا الله أخ ولد خالي
مهاب يضحك: لا يا مسود الوجه ذي أخرتها.. صدق مافيك خير
ثم أردف بمرح: تلاقي ولد خالك مستعجل يبي يروح لوضحى يصب علومه عندها.. ماحد يفهم له مثلها.. واليوم مابعد عطاها علومه
حينها همس عبدالرحمن بدفء مَرح: لا يكون بكرة أخيك كل شوي ناط عند مرتي ومزعجنا
تنحنح مُهاب بحرج وقفز لموضوع آخر ولكن في ذات الاتجاه:
أنت عارف إن تميم يبي يتزوج بس الوالدة مهيب راضية الله يهداها
لم يفت ذكاء عبدالرحمن قفزة مُهاب الذكية لموضوع آخر.. لكنه قرر أن يتجاوز هذه المرة وحاول أن يهمس بطبيعية:
وتميم يعني يعرف وحدة معينة في نفس حالته عشان كذا مصمم عليها
قطب مُهاب جبينه: وين يعرف الله يهداك... هو مقرر يسأل أو يستعين بخطابة لو وافقت أمي..
عبدالرحمن باستغراب: خطّابة؟؟؟
ابتسم مهاب: إيه خطّابة...
ثم أردف بسخرية: ليه يعني أنت تعرف حد عندهم بنت نفس حالة تميم.. وفي نفس الوقت تناسبه؟!!
صمت عبدالرحمن لدقيقة كأنه يفكر ..ثم همس بعمق: من حيث أني أعرف... فأنا أعرف
*************************
بيت زايد آل كسّاب
وقت متأخر من ذات الليلة
يدخل كسّاب إلى البيت وهو ينتزع غترته عن رأسه ويلقيها على أقرب مقعد بتعب
يعبر الصالة الواسعة ليتجه للأعلى.. كان مرهقا بالفعل ومستنزفا نفسيا وجسديا
لذا لم ينتبه للجالس الذي عبر من أمامه تماما
"صحيح إني قصير.. بس مهوب لدرجة إنك ما تشوفني"
استوقفه الصوت الحازم الذي لم يخلُ من رنة غضب
تنهد كسّاب بعمق.. فأخر شيء تمنى أن ينهي به هذه الليلة المريعة هو والده
تراجع وهو يهمس باحترام: مساك الله بالخير يبه
زايد بغضب: ماعاد هو بمسا قده صبح يالشيخ
تنهد كساب وهو يحاول أن يجيب بتهذيب: يبه الله يهداك من متى تحاسبني على التأخير..
زايد بذات الغضب: ليه كبرت على المحاسبة.. وأخيك الثاني وينه؟؟ مهوب معك؟؟ ليش تأخر هو بعد؟؟
كساب تنهد للمرة الألف: اللي أخرني هو علي.. لأني وديته المطار.. وطيارته توها طارت..
زايد بجزع لم يستطع اخفاءه: وين راح؟؟
كساب بنبرة لا تخلو من سخرية مبطنة موجوعة: رجع لشغله.. وشو له يقعد!!
زايد بصدمة غاضبة متوجعة: وبدون حتى مايقول لي ولا يسلم علي؟؟
كساب بذات النبرة الساخرة الموجوعة: يبه أنت مشغول اليوم في ملكة خليفة اللي بديته على ولدك..
زايد بنبرة حازمة: اقصر الحكي يا ولد وتلايط
كسّاب بغضب: لا ماني بقاصره..يعني حتى الحكي نغص به وما نحكي..
هذه المرة من رد بسخرية هو زايد: ومن متى وأنت تحب تأخذ وتعطي معي.. يوم تشوفني تركبك السكون
كسّاب يتجاهل تعريض والده لينظر له بنظرة مباشرة ويهمس بنبرة ذات مغزى:
يبه.. علي يوم بغى جميلة.. بغاها لأنها تربت في بيته وقدام عينه ولأنها بنت خالتي اللي مثل أمنا
لأن جميلة في وضعها الحالي تعتبر كارثة على أي زوج..
عــــدا..........
لو تموت ويورثها
فانت إسأل نفسك وش اللي يخلي خليفة هذا يتزوجها؟؟
فكّر في ذا السؤال زين... ومثل ماكان ذنب علي في رقبتك.. ترا ذنب جميلة وأي شي بيصير لها في رقبتك بعد
ألقى كسّاب بعبارته المسمومة وانسحب صاعدا تاركا زايد يزأر كأسد مجروح بعد أن أثارت كلمات كسّاب مخاوفه التي تخنق روحه:
صدق إنك تربية منصور.. لسانك سم مثله
ما تعرفون تقولون كلمة خير
كساب يهمس بهدوء ملغوم وهو يصعد: ماحد رباني غيرك طال عمرك
عاود زايد الجلوس لينتزع غترته ويلقيها جواره بغيظ وقهر
يمرر أصابعه عبر خصلات شعره بإرهاق
كل المشاعر الكثيفة التي تثور في أعماقه كالبراكين انزاحت أمام شعور مرّ بالوحشة
كم هو مشتاق لهذا الفتى الذي غادر دون أن يزرعه في أحضانه
ليخزن في روحه بعضا من عبق رائحته علها تصبره على البعد
كيف يذهب ويكون آخر ما رآه منه ظهره يخرج مقهورا مثقلا بالأسى
ويجد زايد نفسه ممزقا بين رغبته في اللحاق به
وبقاءه مع أحمد وأبنائه للتناقش في التفاصيل
كانت الأولى هي الرغبة والثانية هي الواجب
لينتصر الواجب على الرغبات
ويبقى هو ممزق الروح معلقا بين خوفه وحزنه..
خوفه على جميلة وعلي.. وحزنه عليهما!!!
*******************************
مهاب يدخل إلى غرفته بعد أن عاد من سهرته مع عبدالرحمن التي طالت طويلا
بعد أن سمح لتميم أن يعود للبيت لوحده على أن يوصله عبدالرحمن بعد ذلك
لا ينتبه لضيف لطيف يقبع على سريره.. لأنه خلع ملابسه وتوجه للحمام مباشرة ليتوضأ ويصلي قيامه أولا
حين توجه لسريره ليتمدد.. وجد وردة جورية بيضاء تتمدد على مخدته وتحتها بطاقة بيضاء
ابتسم وهو شبه متأكد من صاحبة البطاقة..
تناول البطاقة
"والله العظيم إني ما اشتكيت منك لجدي
وإني ركبت نفسي الغلط بعد
ووالله مهوب هاين علي اللي صار لك مع جدي
بس تدري.. أنت تستاهل..
يعني تعتذر لوضحى وما تعتذر لي..
أظني إني انضربت مثل ماهي انضربت
وإلا هي أختك وأنا لا ؟! "
اتسعت ابتسامة مُهاب..
يعلم أن هذه طريقتها في الاعتذار
ولطالما وجدت طرقا أكثر غرابة ..
المهم ألا تعتذر بنفسها.. أو حتى تقترب من مفهوم الاعتذار
مازالت ابتسامته مرتسمة وهو يتناول هاتفه ويرسل لها
" آسفين طال عمرش
حقش علينا
أي أوامر ثانية ياصاحبة السمو؟؟"
******************************
مستشفى حمد
الوقت بعد منتصف الليل وقبل صلاة الفجر
"بس خالتي فديتش.. ذبحتي روحش بكا.. عيونش ورمت"
همس مزون الحنون المختلط بعبراتها المكتومة وهي تمسح على كتف خالتها التي لم تتوقف عن البكاء منذ عقد قران جميلة
عفراء تهمس بصوتها الذي تغير من كثرة النحيب: بأموت يامزون.. بأموت.. أشلون أخليها تروح بروحها.. أشلون؟؟
حاسة روحي بتطلع من مكانها
مزون بعتب رقيق: بعد أنتي ياخالتي سكرتيها من كل صوب.. خليفة الحين عبارت ولدش.. وش فيها لو رحتي معه؟!!
رفعت عفراء عينيها المحمرتين لتنظر لمزون بحدة: لا مهوب ولدي..
ولدي اللي كسروا بخاطره وخلوه يهج من الدوحة مجروح وحزين..
ابتلعت مزون عبرتها التي وقفت في حلقها وماحصل لعلي يعود لذاكرتها بعنف يائس..
ولكنها حاولت تجاوز كل هذا وهمست بثبات:
علي رجّال.. وبيعدي ذا كله.. لكن جميلة محتاجتش ياخالتي.. لا تخلينها..
عفراء بحزن مرير: يمكن أحسن لها تروح من غيري.. ويمكن هذي خيرة ربي لها اللي خلاها تاخذ خليفة... عشان أهون وما أروح معهم..
مزون باستغراب عميق: أشلون تقولين كذا يا خالتي؟؟
عفراء همست بمرارة شعرت بها تمزق حنجرتها: الدكتورة كثير كانت تعاتبني إني السبب في تدهور حالة جميلة..
وإني بدلالي لها خربتها وما أرضى يشدون عليها في العلاج
وأصلا الدكتورة أساسا كانت تقول لي أنتي لا تروحين معها.. بس طبعا أنا رفضت.. وكان مستحيل أخليها
بس يوم صار اللي صار... خلاص هذي خيرة رب العالمين... وأنا مالي إلا الصبر والدعاء لوجه الكريم
#أنفاس_قطر#
.
.
.